مَدَدٌ يا حُسين
عباس السيد
“هيهات منا الذلة” قالها الإمام الحسين ومعه عشرات من أتباعه في مواجهة جيش أموي جرار في واقعة الطف بكربلاء، ولم يأبه لفارق العدد والعتاد .
استشهد الإمام الحسين جسداً، لكنه عاش خالداً بروحه ونهجه ومبادئه، وانتصر بمظلوميته ودمه .
لم تكن عبارته “هيهات منا الذلة “مجرد جملة من كلمات وأحرف، فقد كانت خياره لمواجهة السيف والاستشهاد ورفضه لأن يعيش ذليلاً خاضعاً لسلطة يزيد .
لا يمكن اختزال واقعة الطف واستشهاد الحسين بمكانها وزمانها وأطرافها، وأن نتعامل معها كما يردد البعض جهلاً أو خبثاً “تلك أمة قد خلت “، فنحن هنا أمام شخصية الحسين، من قال عنه الرسول الأكرم: ” حسين مني وأنا من حسين”.
فإذا كانت هذه هي منزلة الحسين بالنسبة للنبي محمد “ص “فهذا يعني أن الدروس والمواقف التي سطرها الحسين في كربلاء تعتبر جزءاً من العقيدة الإسلامية، وليست مواقف وخيارات خاصة بالإمام الحسين .
لم يكن للحسين أهداف شخصية في خروجه إلى كربلاء، وقد أعلن ذلك بوضوح قائلا: “والله ما خرجت أشراً ولا بطراً إنما خرجت لأطلب الإصلاح في أمّة جدّي محمّد”.
وقال أيضا “إن كان دين محمّدٍ لا يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني”.
قدّم الحسين حياته شهيداً في معركة الطف في سبيل نصرة الشريعة المحمّدية، بعد أن حاول البعض العبث بالإسلام وتحريفه عن مقاصده السامية. لم يقدّم الحسين بن علي في العاشر من محرم الحرام نفسه على مذبح الإسلام فحسب، بل قدّم أهل بيته الذين أوصانا بهم رسول الإسلام خيراً. وكلّ أولئك الشهداء تركوا لنا مناهج في الشجاعة والإقدام والفداء والتضحية والإباء.
قدم الحسين حياته في سبيل نصرة الشريعة المحمّدية، بعد أن حاول البعض العبث بالإسلام وتحريفه عن مقاصده السامية.
ما أحوج الأمة الإسلامية في هذا الوقع المزري والمضطرب، واقع تُحتل فيه أرضها وتُدنس مقدساتها وتُسلب قراراتها وتُسرق ثرواتها، ما أحوجها إلى نموذج الحسين بن علي.. نموذج يقولها بلا خوفٍ: لا للفرقة، لا للطائفية والمذهبيّة والجهويّة والعشائريّة والقبليّة، لا لتمزيق الإسلام إلى شِيَعٍ وفِرَق، نعم لمدرسة الرسول الواحدة المتكاملة، نعم للوحدة الإسلامية، نعم لحشد الجهود والطاقات نعم للارتقاء إلى مستوى الأهداف السامية التي أرادها الإسلام لخير البشرية جمعاء .
وما أحوجنا في اليمن خاصة أن نستلهم روح الحسين ومبادئه في مواجهة طواغيت العصر، في مواجهة الحرب والحصار المفروض على شعبنا منذ تسع سنوات .
لم يخضع الحسين لجحافل جيش يزيد وفضل الاستشهاد على أن يحيا ذليلاً تابعاً.
وعلى نفس النهج يسير اليمنيون في مواجهتهم لقوى العدوان السعودي الأمريكي، ولسان حالهم على الدوام: هيهات منا الذلة. الصرخة التي أطلقها ملايين اليمنيين أمس الجمعة في أكثر من 32 ساحة، وفيها يكمن سر الصمود والانتصار ..
هذه هي مبادئ الحسين التي ينهل منها اليمنيون وكل المؤمنين والمستضعفين والأحرار في العالم، فالحسين ليس ملكاً لطائفة، ولا حكراً على مجموعة. ومن يراه كذلك فهو يحاصره ويختزله ويسيء إليه ..
الحسين “من النبي “ونتاج لمدرسة النبوة، المدرسة التي أحدثت تغييراً كبيراً في المنظومة الكونية ..
الحسين الذي قال عنه الزعيم الهندي غاندي : «تعلّمت من الحسين أن أكون مظلوماً لأنتصر».
والذي قال عنه نهرو : «الحسين مناضل الإنسانية الخالد».
وقال عنه ماوتسي تونغ : «استلهمت من الحسين دروب المقاومة».