بيان ثلاثي العدوان
وديع العبسي
لن تتوقف دورة الحياة في هذا البلد بسبب العدوان أو تخرصات وهذيان الأمريكان، ولن تمنع محاولات سرقة مرتبات الموظفين اليمنيين من أن يعيشوا أيامهم وفرحهم، لكنهم يأبون الضيم على أنفسهم، لذلك لم ولن يرضخوا لاستمرار الأجنبي في نهب ثرواتهم ومصادرة حقوقهم في الاستقلال من الهيمنة.
لذلك فإنه مع تجديد بيان ثلاثي العدوان (أمريكا وبريطانيا وفرنسا) للرفض والممانعة بصياغات دبلوماسية، عن صرف المرتبات من ثروات البلاد وبعد تفنيد مغالطات البيان، جاء الرد سريعاً من جبهات القتال على لسان وزير الدفاع وناطق الجيش بأن الجاهزية على أتمها ولم يعد هناك إلا انتظار إشارة البدء.
حينها لن يكون لأحد الانتقاد أو عرض الأمر على القوانين والمواثيق الدولية، لعلم الجميع بأن صنعاء في ذلك الوقت ستكون قد أخذت بكل الأسباب.
أعطت الأولوية للعمل الدبلوماسي، ومارست أقصى درجات الصبر وضبط النفس، فضلاً عن امتلاكها كل الحق في الدفاع عن السيادة على كل ماله علاقة بالوطن، هذا إلى جانب أن صياغات التحذير من نفاد الصبر قد أخذت كل الصياغات التي تتلاءم مع غطرسة العدو، ولم يتبق إلا صياغة الفعل المترجم للقول والمسألة مسألة وقت لا أكثر.
طال الوقت أو قَصُر، فحتماً ستنفجر اللحظة التي لا يريدها الجميع وستعود التفجيرات في الأرجاء الحساسة في صحن السعودية، وسيدخل العالم من جديد في دوامة العجز في الطاقة وارتفاع أسعارها وقد يؤثر الأمر على حجم الإنتاج العالمي من الصناعات المعتمدة على نفط وغاز المنطقة، ومن السذاجة الاستهانة بما يمكن القيام به.
وعندما تتضاءل الخيارات، ويزداد تأثير ارتدادات العدوان والحصار على مستوى حياة المواطن، يكون من الطبيعي اللجوء إلى خيار انتزاع الحقوق بالقوة، من خلال مرحلة الكفاح المسلح ولكن على نحو أرقى وأكثر تأثيراً.
صحيح أن ثلاثي العدوان أمريكا وبريطانيا وفرنسا، لا يستشعرون مقدار سوء المآل كحال السعودية والإمارات اللتين ستعيشان الوجع بصورة مباشرة وستجنيان ثمار هذا الوجع معاناة طويلة، وأكاد أجزم أن اليمنيين لا يتمنون أن يحدث هذا الأمر للدولتين الجارتين إلا بمقدار خضوعهما المتناهي حد التماهي مع الكيانات الأجنبية ومخططاتها للمنطقة.
بيان سفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا الذي أثار الاشمئزاز، لم يكشف فقط عن إصرار هذه الدول على إطالة معاناة اليمنيين، وإنما كشف أيضاً عن مستوى تعاملهم مع المسائل الإنسانية، فضلاً عن الجرأة حد التحلل من «الخجل والحياء» وهم ينتقدون ممارسة دولة لها كيانها القانوني في الدفاع عن ثرواتها من النهب والسرقة.
تحاول هذه الدول دغدغة مشاعر العالم بأن منع «نهب النفط» قد تسبب في تردي الوضع الاقتصادي في المحافظات الخاضعة للتحالف، وقد يكون الأمر كذلك، إلا أن صنعاء لم تطالب بالاستحواذ على عائدات النفط والغاز، وإنما أن يتم توظيف هذه العائدات لصالح الشعب اليمني فقط، وفارق كبير بين مطلب صنعاء ومطلب واشنطن.
في كل الأحوال، فإن خروج سفراء الدول الثلاث بهذا التقرير في هذا الوقت يعني أن هناك عملاً إيجابياً يدور في الكواليس لصالح إنهاء العدوان والقبول بتنفيذ المطالب الإنسانية، فقد جرت العادة أن لا تنعق أمريكا باستفزازاتها إلا في الأوقات التي يجري فيها العمل على التقارب وإنهاء هذا الاستهداف العبثي.