أهميّةُ الـحـج ودورُه في بناء وتوحيد الأُمَّــة
خــديجـة المرّي
قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُـلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُـلّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، وقال أَيْـضاً في آية أُخرى: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلًا}.
يُعتبر الحجُّ فريضةً من فرائض الله وركناً من أركان الإسلام؛ وذلك من استطاع إليه سبيلاً، كما أنه شريعة من شرائع الله التي تُقوي القلوب لقوله تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} ولما له من دورٍ كبير في بناء الأُمَّــة ووحدتها، ولملمة شملها، والعمل على وحدته صفها، وجمع كلمتها، وتحديد البوصلة العدائية نحو عدوها الحقيقي، والاعتصام بحبل الله وعدم التفرقة فيه لقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جميعاً وَلَا تَفَرَّقُوا}.
وللحج أهميّة كبيرة في حياة الإنسان المؤمن وقيمة هامة جِـدًّا؛ وذلك فيما يجعله قريباً من الله، وشعوره بالافتقار والرجوع إلى الله، حَيثُ يكون شعوره وهو في بيت الله الحرام بأنه أقرب إلى الله، وأنه يرجع إلى الله وهو آمن ومطمئن، ويلتقي هناك بحجاج البيت من كُـلّ فج وصوب لقوله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا}.
وكما تحدث الشهيد القائد السيد/ حُسين -رضوان الله عليه- أن مشاعر الناس هناك كلها دينية، مشاعر توجّـه إلى الله، كُـلّ واحد يشعر وكأنه قد وصل إلى المكان الذي هو قريب من الله جِـدًّا، يثوبون إليها، التقاؤهم المتكرّر هو وسيلة من وسائل بث الهدى والوعي فيما بينهم بطريقة مُستمرّة.
كما أن الحج من خلاله فيه اجتماع كافة المُسلمين من أقصى مشارق الأرض ومغاربها، من جميع البلدان العربية والإسلامية، وتكون رؤيتهم واحدة، وغايتهم واحدة، وعبادتهم واحدة، وإطلاع البعض الآخر بما يعانيه غيره، فهو يُمثل النقطة الأَسَاسية والقُوة الخارقة في بناء وتوحيد الأُمَّــة، بينما يُشكل القضية الخطيرة جِـدًّا بالنسبة لأعداء هذه الأُمَّــة.
فحاول الأعداء طمس هذه الفريضة وإبعادها عنا وعن مشاعرنا؛ لأَنَّهم يُدركون الخطر المُحدق بِهم من خلالها، فهم لا يُريدون أن نكون أُمَّـة مُوحدة، بل يريدون أن نكون أُمَّـة ذليلة ومُستضعفة فيُخططون للسيطرة عليها والاستيلاء على الحج وطمس فريضته، فكل عام يُحاول النظام السعوديّ الصهيوني الأمريكي منعَ فريضة الحج إلا لأجزاء بسيطة، أَو بمُقابل مبالغ هائلة، أَو ذرائع وهمية فاشلة ويصدوننا عنه، ويتمادون في ظلمهم وطغيانهم بكل قواهم، مُتآمرين على مُحاربة الدين والإسلام في كُـلّ زمانٍ ومكان.
ولكن مهما تمادى الأعداء ومهما مكروا لن يستمر مكرهم وتسلطهم، والله هو من سَيُخزيهم ويُعذبهم: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْـمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أولياءهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْـمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أكثرهُمْ لَا يَعْلَـمُونَ}، وحتماً سَنُطهر بيت الله الحرام، ونُطهر كُـلّ شبرٍ فيه من دنس آل سلول والصهاينة وكلّ من والاهم، وسَنرفع راية النصر الأكبر فيه، والعاقبة للمتقين، {وَسَيَعْلَـمُ الَّذِينَ ظَلَـمُوا أي مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}.