مخاطرُ الاستخفاف بالسلام في اليمن.. تأثيراتُ الرد ستعُــمُّ المنطقة!
يمانيون – متابعات
تواصلُ دولُ العدوان الأمريكي السعوديّ المماطلةَ وعدمَ الالتزام باستحقاقات السلام وحل المشاكل العالقة، التي سببها العدوانُ على بلادنا طيلة الثماني السنوات الماضية، وفي مقدمة ذلك: صرفُ الرواتب ورفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة.
ووجَّهت صنعاءُ خلال الأيّام الماضية رسائلَ تحذير متعددة، يرى محللون سياسيون وعسكريون أنها تترجم تعثر مسار المفاوضات؛ بسَببِ استجابة السعوديّة للضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة، والتي تدفع نحو رفض تنفيذ المطالب التي تتمسك بها صنعاء على الطاولة وأبرزها صرفُ الرواتب من إيرادات النفط والغاز.
ويؤكّـد المدير التنفيذي لمركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية اليمني، عبدالعزيز أبو طالب، أنه بعد مغادرة الوفد العُماني صنعاءَ مؤخّراً ترقَّبَ الشعبُ اليمني من دولة العدوان أن تفيَ بتعهداتها تجاه الهُدنة والسلام الشامل، وفي مقدمتها المِلَفُّ الإنساني، مُضيفاً أن “الطرف الأصيل في العدوان على اليمن وهو الأمريكي لا يريد السلام، ولا يسعى لتلبية استحقاقاته؛ لذلك لوحظت الزيارات الأمريكية إلى الرياض لعرقلة مسار الحل السلمي وتنفيذ استحقاقات الملف الإنساني، وعليه بدأ العدوّ السعوديّ في التراجع والتنصل، ولوحظ أَيْـضاً تغير خطابه الإعلامي نحو مهاجمة واتّهام صنعاء بعرقلة الحل والتعنت في المطالب حسب زعمه، منوِّهًا إلى أن المسؤولين الأمريكيين يصرحون من حينٍ إلى آخر بأن دفع الرواتب أمر مستحيل؛ لأَنَّهم لا يريدون إحلال السلام، ولا يريدون الخير للشعب اليمني؛ ولهذا فهم كما يصفهم الله تعالى بقوله: (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ ولا المُشْرِكِينَ أنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكم مِن خَيْرٍ مِن رَبِّكم)”.
ويشير إلى أن “أمريكا تقف اليوم حجر عثرة أمام الاستحقاقات الإنسانية للشعب اليمني، لكن تصريحات القيادة الثورية والسياسية والعسكرية في صنعاء تعبر عن تطلعات الشعب اليمني الذي لن يسمح لدول العدوان أن تتهرب من مسؤوليتها تجاه ما تسببت به من معاناة للشعب اليمني، ومن منطلق السيادة والاستقلال كانت تحذيرات الرئيس المشاط بالتحديد موجهة مباشرة نحو العدوّ الأصيل وهو الأمريكي، وَأرست معادلة الأمن المتبادل فلن يكون من المنطقي أن ينعم العدوّ بالأمن على حساب أمن الشعب اليمني؛ وبالتالي فأي تصعيد يتسبب به العدوّ لن يقتصر على اليمن بل سيعم الجميع، كما أنها إشارة لمصر التي ينظر إلى تحَرّكاتها بريبة في توقيتها وخلفياتها”.
ويلفت أبو طالب إلى خطورة المسلك الأمريكي تجاه السلام الإقليمي وسلامة الملاحة والتجارة، منوِّهًا إلى أن “واشنطن لا تزال تحشد القوات البحرية في البحر الأحمر، وأول من سيتضرر هي الشركات”، في إشارةٍ إلى مسؤولية تلك الشركات في الضغط على الجانب الأمريكي بعدم التسبب في نزاع أَو عدم استقرار الممرات والطرق البحرية.
تحذيراتٌ واضحة:
انتظر اليمنيون أن تفيَ دولُ العدوان بتعهُّداتها تجاه الهدنة والسلام الشامل بعد المفاوضات الأخيرة وفي مقدمتها الملف الإنساني، وبالتزامن مع ذلك كثّـفت الولايات المتحدة الأمريكية الطرف الأصيل في العدوان على اليمن زياراتها إلى الرياض للضغط عليها وعرقلة مسار الحل السلمي وتنفيذ استحقاقات الملف الإنساني، وعليه بدأ العدوّ السعوديّ في التراجع والتنصل عما تم الاتّفاق عليه بعد ضغوط “أمريكية” لا تريد السلام ولا تسعى إلى تلبية استحقاقاته.
وفي هذا الشأن يؤكّـد الخبير العسكري العقيد مجيب شمسان، أن “ما يتجلى من خلال المواقف الأمريكية وتحَرّكاتها في المنطقة بأنها لا تريد لليمنيين أن يصلوا إلى حَـلّ أَو أن يتمكّن اليمنيون من انتزاع حقوقهم وتحقيق الانتصار كما هو قائم اليوم من خلال كُـلّ المعطيات الواضحة على الساحة”.
ويضيف شمسان في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أن “الأمريكيين اليوم -سواءً من خلال زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي أَو من خلال زيارة المبعوث الأمريكي وزيارات أمريكية للرياض ما بين سرية وعلنية- يتحَرّكون لإجهاض كُـلّ فرص السلام وإظهار أدواتهم في المنطقة وكأنها خارجة عن إرادتهم بينما هي جزء من المخطّط الحقيقي لعرقلة السلام في اليمن والمنطقة خدمة للمصالح الأمريكية”.
ويؤكّـد أن “تصريحات رئيس الجمهورية المشير الركن مهدي المشاط، كانت واضحة سواءً عند لقائه بالمبعوث الأممي ومقترحاته الجديدة التي حاول أن يطرحها على صنعاء، وتحذيره للعدو بأن أية محاولة للتصعيد أَو التفكير بالانقلاب على ما تم الاتّفاق عليه فَــإنَّ نتائج ذلك ستكون كارثية، وأول المتضررين من ذلك سيكون الأُورُوبيون والأمريكيون”، مُشيراً إلى أن “تداعيات الوضع والرد من اليمنيين لن تقف تأثيراتها وصداها عند حدود المنطقة وسوف تتعداها إلى ما أبعد من ذلك سواءً من حَيثُ طبيعة الأزمة التي يعيشها العالم نتيجة أزمة الطاقة أَو من حَيثُ طبيعة الضربات التي ستوجّـهها صنعاء إلى العمقين السعوديّ والإماراتي”.
ويواصل حديثه: “كانت رسائل المشير الركن الرئيس مهدي المشاط، واضحة لتحالف العدوان بأن اليمنيين لا يمكن أن يقبلوا الاستمرار بهذه الوضعية والتلاعب بالملف الإنساني واستمرار العدوان والحصار واستخدام مثل هذه الاستراتيجية لمماطلة الحقوق الأَسَاسية التي تم الاتّفاق عليها، هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر يبدو أن كُـلّ المعطيات والمؤشرات تؤكّـد أن الأمريكيين لا يريدون لليمنيين أن يصلوا إلى سلام أَو أن تتوقف هذه الحرب على اعتبار أن كُـلّ المعطيات القائمة اليوم من خلال هذا العدوان كشفت أن الصهيوني هو المستفيد من استمرار الحرب”، لافتاً إلى أن “هناك تقارير صهيونية تحدثت في أن استمرار الحرب على اليمن هو الخيار الأمثل؛ كون اليمنيين استطاعوا في ضوء الحرب أن يصلوا إلى قدرات وإمْكَانات عسكرية تمكّنهم من الوصول إلى عمق الأراضي المحتلّة، وتهديد مصالحهم في المياه الإقليمية اليمنية وسط بوابة باب المندب تحديداً”.
ويشير إلى أن “هذا التساؤل الإسرائيلي، سبقه تساؤل آخر حول مسألة: ما الذي يمكن أن يصل إليه اليمنيون في حال توقفت هذه الحرب؟ وهنا كانت كُـلّ مخطّطاتهم هي استمرار هذه الحرب وخلق المبرّرات والذرائع واللعب على كُـلّ الاستراتيجيات لعدم وصول اليمنيين، ومنعهم من الوصول إلى السلام الدائم؛ وهو ذلك السلام الذي يمكن اليمنيين من الحصول على سيادتهم الكاملة وقف هذا العدوان والحصار وكل ما يمكن أن يصل إليه اليمنيون بموجب هذا الصمود الباسل”.
ويؤكّـد أن “كُـلّ التحَرّكات الأمريكية البريطانية الإسرائيلية الصهيونية اليوم توحي بأنهم هم الفاعلون الأَسَاسيون في هذا العدوان، وهم من يعرفون السلام وهم من يتحكمون بأدواتهم في المنطقة وتوجيههم كيف يتحَرّكون، وكيف يتلاعبون بما تم الاتّفاق عليه”، محذراً في كلامه تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي من نفاد صبر صنعاء التي كانت واضحةً في تحذيرات الرئيس المشاط، وتحذيرات أَيْـضاً السيد القائد كانت واضحة، موضحًا أن “القيادة فتحت لتحالف العدوان وللأمريكي وكلّ من لف لَـفَّهم البابَ مشرعاً لكل فرصة يمكن أن تكونَ بصيصَ أمل للسلام؛ ومع ذلك لم نجد الجدية الحقيقية من قبل تحالف العدوان ومن قبل الأمريكي والسعوديّ أَو غيرهم ممن يشاركون في هذا العدوان على الشعب اليمني”.
ويؤكّـد أن “القيادة لا يمكنُ أن تقبلَ باستمرار وضعية اللا حرب واللا سلم، وهناك سقف محدود وعندما ينتهي هذا السقف الذي طرحته على الأمريكي وعلى البريطاني وعلى الأُورُوبي وعلى أدواتهم أَيْـضاً فَــإنَّ النتائجَ والعواقب وخيمة، وأن الخيارات مفتوحة وقواتنا المسلحة في مستوى مطلوب من الجاهزية التامة، الحرب والرد اليمني سيطال أهمَّ الأهداف الحساسة والحيوية، خَاصَّة في ظروف لا يمكن للأُورُوبي أن يتحمَّلَها في ضوء أزمة الطاقة القائمة”.
صحيفة المسيرة / محمد الكامل