منطلقات “الصرخة في وجه المستكبرين”ودوافعها
يمانيون -متابعات
إن مشروع الصرخة في وجه المستكبرين لم يكن مشروعاً عفوياً أو موقفا ارتجاليا بل كان نابعا من رؤية قرآنية ومن واقع مرير تعيشه أمتنا ومؤامرات رهيبة فرضت على أن يكون هناك موقف إسلامي جاد وقد كانت انطلاقة الشهيد القائد بشكل عام نابعا من استشعاره المسؤولية أمام الله حيث يوضع دوافع انطلاقته في محاضرة (الصرخة في وجه المستكبرين) بقوله: ((ما يفرضه علينا ديننا، ما يفرضه علينا كتابنا القرآن الكريم من أنه لا بد أن يكون لنا موقف من منطلق الشعور بالمسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى. نحن لو رضينا – أو أوصلنا الآخرون إلى أن نرضى – بأن نقبل هذه الوضعية التي نحن عليها كمسلمين، أن نرضى بالذل أن نرضى بالقهر، أن نرضى بالضَّعَة، أن نرضى بأن نعيش في هذا العالم على فتات الآخرين وبقايا موائد الآخرين، لكن هل يرضى الله لنا عندما نقف بين يديه السكوت؟ من منطلق أننا رضينا وقبلنا ولا إشكال فيما نحن فيه سنصبر وسنقبل.
فإذا ما وقفنا بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، هل سنقول: (نحن في الدنيا كنا قد رضينا بما كنا عليه؟). هل سيُعْفينا ذلك عن أن يقال لنا: ألم نأمركم؟ {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} (المؤمنون: من الآية105)؟ {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} (غافر: من الآية50)؟. ألم تسمعوا مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: من الآية103) ومثل قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (107) (آل عمران) أليست هذه الآيات تخاطبنا نحن؟. أليست تحملنا مسئولية؟)).
ومن هنا سنختصر أبرز منطلقات شعار الصرخة في وجه المستكبرين الذي كان من أبرز عناوين المشروع القرآني..
أولاً: الوعي بحقيقة الأهداف الأمريكية والإسرائيلية:
إن تحرك أمريكا إلى منطقتنا ليس أبداً كما يقولون هم: [بهدف مكافحة الإرهاب] |لا| هو: بهدف احتلال بلدان هذه المنطقة، بهدف السيطرة المباشرة على هذه المنطقة، بهدف ضرب هذه الشعوب ضربة قاضية، وكيانات هذه البلدان ضربةً قاضية، بهدف استهدافنا في كل شيء، الاستهداف لنا في: [قيمنا، وأخلاقنا، ومبادئنا، وحريتنا، وكرامتنا، واستقلالنا]، هذا هو الهدف الحقيقي للتحرك الأمريكي.
فإذاً مادام وهذا هو الهدف، فهل من الصحيح لنا كشعوب، وحتى كدول، وحتى كسلطات وأنظمة، هل من الصحيح أن نسكت، أن نتغاضى أو أن نتجاهل هذا التحرك الذي له هذه الأهداف، والذي له هذه المطامع؟ هل من الصحيح أن نتجاوب مع هذا العدو الآتي ليفعل بنا كل هذا، فنقول له: [تفضل، ما الذي تريده منا أن نعمله]؟! ثم هو يخطط لنا ما يساعده على تنفيذ أهدافه؛ فنعمل نحن بأنفسنا، ونتحرك نحن بأنفسنا كما يُريد لنا، في ما يوصلنا إلى النتيجة التي هي لصالحه وليست لصالحنا، بل مضرة بنا، بل تمثل كارثةٌ كبيرة علينا؛ لأن كل ما يمكن أن يوجهنا به الأمريكي في مناهجنا الدراسية، وسياستنا التربوية، وسياستنا الإعلامية، وسياستنا الاقتصادية، وواقعنا السياسي بكله، وفي كل ماله صلة بنا وبشأننا، كل أمورنا، كل ما يمكن أن يرسمه، أو أن يطلبه، أو أن يفرضه، أو أن يحدده، أو أن يلزمنا به، كلها مشاريع تآمرية، كلها أمور ليست في صالحنا نهائياً، مؤداها، نتيجتها، ثمرتها، له هو، وتوصلنا إلى ما أراده لنا هو من: سقوط، وهوان، وذل، وعجز، وضعف، وتفكك، وبعثرة، وانعدام لكل عوامل القوة.
لأن الأمريكي يريد أن يسلب منا كل عوامل القوة (المعنوية، والمادية).
ما يطلبه منا في السياسة التعليمية: هو كل ما يمكن أن يساهم في التضليل، وفي أن يفقدنا الروح المعنوية.
ما يطلبه منا في سيطرته على الخطاب الديني: هو كل ما يمكن في أن يساهم في تضليلنا، وأن يقضي على روح الإرادة والعزة في أنفسنا، والكرامة.
ما يمكن أن يطلبه منا في السياسة الاقتصادية: هو كل ما يساعد على التحكم بنا والسيطرة علينا اقتصادياً.
ما يريده منا في بقية الأمور (عسكرياً، وأمنياً)، في كل المجالات: هو كل ما يمكن أن يعزز من سيطرته المباشرة والقوية، ويساعد على استحكام قبضته علينا. في إطار سياسة خطيرة جداً، سياسة هدامة، سياسة تدميرية، والتجاوب معها حماقة بكل ما تعنية الكلمة، وجناية على النفس وعلى الشعب، جناية على البلد، وعلى الأمة بكلها.
ثانياً: الوعي بطبيعة وأسلوب تحرك الأعداء ومستوى خطورة هذا التحرك:
الأمريكي يتحرك بأساليب معينة، منها: عناوين يجعل منها غطاءً لخداع الشعوب، يعني: أن الأمريكي حرص على أن يستخدم أسلوب الخداع مع الشعوب ومع الأنظمة؛ فيأتي بعناوين، وهو يريد أن يُقنع الآخرين بها [أنا أريد أن أدخل إلى بلدكم، وأتحكم في وضعكم الأمني، والسياسي، والاقتصادي، وأضع لي في بلدكم قواعد عسكرية، وأنتهك سيادة بلدكم، أن يبقى جوكم لطائراتي، وأرضكم لقواعدي العسكرية، وأن أكون نافذاً وحاضراً في كل سياساتكم، وكل برامجكم، وكل خططكم، وكل أنشطتكم، أن أكون أنا الموجه، وأن اكون أنا المعلم، وأن أكون أنا من يحدد، ومن يأمر، ومن يقرر؛ من أجل أن أحارب الإرهاب، وأكافح الإرهاب]، ثم يأتون، فيقولوا له [تفضل…]؛ فيأتي، كان قد وصل به الحد أن يسعى للتدخل حتى في القضاء، وفي الأوقاف، وفي كل الأمور، يعني: يريد أن يتدخل في كل شيء. فإذاً، هو يريد أن يخترق ساحتنا الداخلية، يحرص على أن يسلب منا كل عوامل القوة، وبمساعدتنا نحن: أن نتولى نحن، عملياً، تنفيذ كل تلك الخطوات، التي مؤداها أن نفقد عناصر القوة المعنوية والمادية [اتفضلوا أنتوا اعملوا كذا وكذا وكذا، نفذوا كذا، اشطبوا كل شيء مهم، كل ما يمكن أن يساعد على توعيتكم اشطبوه، كل ما يمكن أن يساعد على تنمية الإرادة الحرة والقوة المعنوية اشطبوه…]، ولكن بأساليب وعناوين ملتفة ومخادعة.( خطاب السيد عبد الملك / بمناسبة ذكرى الصرخة عام 1438هـ).
ثالثاً: الوعي بمتطلبات الموقف لكسر حالة الصمت الرهيب الذي تعيشه الأمة:
وله نتائج مهمة، أول نتيجة لهذا الموقف: الشعار، النشاط التوعوي من منطلق الثقافة القرآنية، العمل لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية…الخ. أول فائدة من الفوائد هي: ، التي أُريد لها أن تفرض على الجميع. لا، لم نصمت, ولن نصمت، هذه نتيجة في غاية الأهمية، ماذا ستكون النتائج لو صمتنا، لو سكتنا، لو تقبلنا كل شيء؟ لتمكن الأمريكي من إنجاز الكثير والكثير من أهدافه بكل بساطة، حتى يجعل من الأنظمة ومن الشعوب هي وسيلة لضرب نفسها بنفسها، ولتنفيذ كل ما يريده منها بكل بساطة.( خطاب السيد عبد الملك / بمناسبة ذكرى الصرخة عام 1438هـ)
رابعاً: مواجهة مكائد الأعداء وفضح ذرائعهم:
هناك أيضاً في ظل هذه المرحلة مرت بنا ذكرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي اعتمدت عليها أمريكا كذريعةٍ تمثّل خدعةً كبرى، واستعملتها كمبرر لاستهداف العالم العربي والإسلامي، وللسيطرة عليه واستحكام قبضتها عليه، هكذا أيضاً تستمر المؤامرة الكبرى، مؤامرة العصر، مؤامرة الفتنة الطائفية حيث يستمر العمل ليل نهار بكل الوسائل والأساليب، وعلى المستوى الثقافي والتعبوي والإعلامي، نشاط مكثف وجهد مستمر في محاولة دؤوبة لإثارة الفتنة الطائفية بين أبناء الأمة الإسلامية ،الوضع العربي العام، انعدام المشروع، حالة التفكك، وحالة التفرّق، حالة الارتهان على مستوى الأنظمة العربية، التطورات أيضاً السلبية في فلسطين المحتلة، واستمرار حالة التخاذل الرسمي والشعبي، إضافةً إلى الخطر المتزايد على الأقصى الشريف، كل هذه الأحداث التي يشهدها عالمنا العربي، وأمتنا الإسلامية، تمثّل دليلاً قاطعاً وشاهداً واضحاً على ضرورة أن يكون للأمة مشروعٌ عمليٌ نهضويٌ يبنيها لتكون في مستوى مواجهة الأخطار والتحديات، ولحمايتها والدفاع عن دينها وحريتها وأرضها وعرضها ومقدراتها واستقلالها.(السيد عبد الملك / خطاب بمناسبة أسبوع الصرخة 1434هـ)
خامسا: ليس هناك من يتحرك بالنيابة عنا:
نحن بغض النظر عن تفاصيل هذا المشروع، عندما نعود إلى واقعنا كمسلمين، كعرب، كيمنيين، نجد أننا مستهدفون، وهناك أخطار كبيرة وحقيقية معلومة ومعروفة، بلدنا مستباح، دماؤنا مستباحة، وليس هناك من يمكن أن يتحرك بالنيابة عنا ليدفع عنا هذا الخطر، الطائرات الأمريكية التي تتحرك بالضربات الجوية وتتنقل من محافظة إلى أخرى لتقتل هناك، ثم تقتل هناك، هل أحد يتخذ موقفاً على المستوى الرسمي العربي والعالمي؟ . ليس هناك ولا في الحد الأدنى حتى على مستوى الشجب والتنديد أو الاستنكار، ما هناك أي موقف أصلا.
تركوا البلد يستباح، يقتل الأمريكيون من شاءوا، متى شاءوا، وأينما شاءوا، وليس هناك حتى على مستوى الاعتراض بأبسط المستويات، تنديد أو شجب أو استنكار، بل هناك قوى ترحب وتشارك، وتتودد أكثر في تشجع الأمريكيين على القيام بما هو أكثر، لم يكفهم ما وصل البلد إليه، هذا الاستهداف وهذه المخاطر الحقيقية على حياتنا، على هويتنا، على أرضنا، على عرضنا، على مقدراتنا، على أمننا، على وجودنا الحضاري، هل يمكن أن ننظر إليها نظر المتفرج؟ هل هذا موقف سليم؟ أو يكفي أن نتجاهلها لتصل بنا أينما وصلت؟ هذا ليس موقفاً لا حكيماً ولا سليماً ولا ينسجم مع الفطرة بحال. (السيد عبد الملك / خطاب بمناسبة أسبوع الصرخة 1434هـ)
سادسا: الوضعيات المهينة التي تعيشها الأمة:
عندما نتحدث أيضاً هو لنعرف حقيقة أننا أمام واقع لا نخلو فيه من حالتين، كل منهما تفرض علينا أن يكون لنا موقف.. نحن أمام وضعية مَهِيْنة: ذل، وخزي، وعار، استضعاف، إهانة، إذلال، نحن تحت رحمة اليهود والنصارى، نحن كعرب كمسلمين أصبحنا فعلاً تحت أقدام إسرائيل، تحت أقدام اليهود، هل هذه تكفي إن كنا لا نزال عرباً، إن كنا لا نزال نحمل القرآن ونؤمن بالله وبكتابه وبرسوله وباليوم الآخر لتدفعنا إلى أن يكون لنا موقف. (الشهيد القائد / الصرخة في وجه المستكبرين)
سابعاً: استشعارٌ للمسؤولية الدينية:
الحالة الثانية: هي ما يفرضه علينا ديننا، ما يفرضه علينا كتابنا القرآن الكريم من أنه لا بد أن يكون لنا موقف من منطلق الشعور بالمسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى. نحن لو رضينا-أو أوصلنا الآخرون إلى أن نرضى-بأن نقبل هذه الوضعية التي نحن عليها كمسلمين، أن نرضى بالذل أن نرضى بالقهر، أن نرضى بالضَّعَة، أن نرضى بأن نعيش في هذا العالم على فتات الآخرين وبقايا موائد الآخرين، لكن هل يرضى الله لنا عندما نقف بين يديه السكوت؟ من منطلق أننا رضينا وقبلنا ولا إشكال فيما نحن فيه سنصبر وسنقبل. فإذا ما وقفنا بين يدي الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، هل سنقول: (نحن في الدنيا كنا قد رضينا بما كنا عليه؟). هل سيُعْفينا ذلك عن أن يقال لنا: ألم نأمركم؟ {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} (المؤمنون: من الآية105)، {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} (غافر: من الآية50). ألم تسمعوا مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا}(آل عمران: من الآية103) ومثل قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (107) (آل عمران) أليست هذه الآيات تخاطبنا نحن؟. أليست تحملنا مسؤولية؟ ألم يقل القرآن لنا: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}(آل عمران: من الآية110)؟ ألم يقل الله لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ}(الصف: من الآية14)؟ (الشهيد القائد / الصرخة في وجه المستكبرين)
الصرخة من البداية إلى الانتشار:
السيد/ حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” أطلق في يوم الخميس الموافق: 17/1/2002م هذا-الذي كان آخر خميس من شهر شوال-موقفه المُعلن، الواضح، الصريح، وكان شعار هذا الموقف، كان شعاره الذي أطلقه في مدرسة الإمام الهادي “عليه السلام” بمران، في ذلك التاريخ، هتاف البراءة
(الله أكبر – الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود – النصر للإسلام)
كشعارٍ يعبّر عن توجهٍ صحيح، وعن مشروع ضمنه تفعيل المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، ضمنه نشاط توعوي كبير في أوساط الشعب، في أوساط الأمة؛ لتوعيتها تجاه المخاطر الكبيرة التي تعيشها، تجاه المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية، وكذلك لإفشال الكثير من الأنشطة المعادية، التي يتحرك بها الأمريكي والإسرائيلي في واقع الأمة، وأيضاً لمواجهة حالة الاستسلام والتدجين، ولكسر حالة الصمت، التي يُراد لها أن تُفرض على شعوب هذه الأمة؛ لأنه أريد لشعوبنا كلها: أن تبقى في مقابل ذلك التحرك الأمريكي والإسرائيلي، أن تبقى صامتة، وأن تبقى تحت حالة الاستسلام، وأن تبقى في حالة جمود، ليس مسموحاً لأحد أن يكون له موقف يناهض الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، يتصدى للحملة الأمريكية، ليس من المسموح لأحدٍ أن يكون له صوت، ولا أن يكون له موقف، ولا أن يتحرك تحركاً مغايراً للموقف الرسمي العربي، الذي اختار حالة الاستسلام، والاستجابة المطلقة للسياسات الأمريكية، والانضواء الكامل تحت الراية الأمريكية، والتقبّل التام لكل ما تريده أمريكا في بلداننا، تحرك هذا المشروع القرآني يشق طريقه مهما كان حجم الصعاب والظروف والتحديات والأخطار. بالرغم مما واجهه على المستوى الداخلي من عدائية شديدة جداً جداً جداً! ومحاربة غير مسبوقة سعت إلى وأده وإنهائه تماماً والقضاء عليه منذ مرحلته الأولى، فكانت البداية هي السجون، ثم الفصل من الوظائف والطرد منها، وتكثفت وتزايدت حالة الاعتقالات، وصولاً إلى الحروب العدوانية الهمجية على مراحل ست، وجولات ست شهيرة ومعروفة، إضافة إلى ما تخللها من حروب متفرقة هنا وهناك، وأخيراً ما يعانيه شعبنا اليمني العزيز من عدوان غاشم وحصار ظالم، كل هذه الحالة العدائية في استهداف هذا المشروع ليس لها إلا هدف واحد، يَصُبُّ فقط وفقط في مصلحة العدو، وترمي إلى فرض حالة الاستسلام والصمت على الجميع كي لا يتحرك أحد، ولا يتخذ أحد أي موقف أبداً. ولكن هذا المشروع المهم بقي وسيبقى قائماً وقوياً وكلما حُورب ازداد قوة؛ لأنه مشروع واقعي صحيح تشهد له الأحداث ، تشهد له الوقائع ، وأولئك الذين يتحركون في الطريق المعاكس لتقديم أمريكا وإسرائيل على أنها صديقة للأمة أو لتدجين الأمة أو في المشاريع الخطأ التي تخدم الأعداء هم الفاشلون وهم المتراجعون أمام واقع الأمة، وهي تزداد وعياً وتدرك طبيعة الخطر وتحس بالمعاناة وتدرك حجم الاستهداف يوما إثر يوم -لأن الشواهد كثيرة والمتغيرات والأحداث كفيلة بأن تقدم أيضا ما يشهد على ما تضمنه هذا المشروع القرآني المتميز من حلول ناجحة لكل مشاكل الأمة .( مجموع خطابات السيد عبد الملك بمناسبة أسبوع الصرخة)
مميزات الصرخة:
شرف عظيم وعمل سهل ومؤثر جداً على العدو.
نعود من جديد أمام هذه الأحداث لنقول: هل نحن مستعدون أن لا نعمل شيئاً؟ ثم إذا قلنا نحن مستعدون أن نعمل شيئاً فما هو الجواب على من يقول: [ماذا نعمل؟]. أقول لكم أيها الاخوة اصرخوا، ألستم تملكون صرخة أن تنادوا:
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
أليست هذه صرخة يمكن لأي واحد منكم أن يطلقها؟ بل شرف عظيم لو نطلقها نحن الآن في هذه القاعة فتكون هذه المدرسة، وتكونون أنتم أول من صرخ هذه الصرخة التي بالتأكيد-بإذن الله-ستكون صرخة ليس في هذا المكان وحده، بل وفي أماكن أخرى، وستجدون من يصرخ معكم-إن شاء الله-في مناطق أخرى:
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
هذه الصرخة أليست سهلة، كل واحد بإمكانه أن يعملها وأن يقولها؟ إنها من وجهة نظر الأمريكيين – اليهود والنصارى – تشكل خطورة بالغة عليهم. لنقل لأنفسنا عندما نقول: ماذا نعمل؟. هكذا اعمل، وهو أضعف الإيمان أن تعمل هكذا، في اجتماعاتنا، بعد صلاة الجمعة، وستعرفون أنها صرخة مؤثرة، كيف سينطلق المنافقون هنا وهناك والمرجفون هنا وهناك ليخوفوكم، يتساءلون: ماذا؟. ما هذا؟ أتعرفون؟ المنافقون المرجفون هم المرآة التي تعكس لك فاعلية عملك ضد اليهود والنصارى؛ لأن المنافقين هم إخوان اليهود والنصارى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ}(الحشر: من الآية11) فحتى تعرفون أنتم، وتسمعون أنتم أثر صرختكم ستسمعون المنافقين هنا وهناك عندما تغضبهم هذه الصرخة، يتساءلون لماذا؟ أو ينطلقون ليخوفوكم من أن ترددوها. إذاً عرفنا أن باستطاعتنا أن نعمل، وأن بأيدينا وفي متناولنا كثير من الأعمال، وهذه الصرخة [الله أكبر/ صرخة الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود – لأنهم هم من يحركون هذا العالم من يفسدون في هذا العالم – / النصر للإسلام] هي ستترك أثرها، ستترك أثراً كبيراً في نفوس الناس. (الشهيد القائد / الصرخة في وجه المستكبرين)
جسدت العداوة لأعداء الله وفضحت أولياءهم:
ما هي الحقيقة التي نريد أن نكتشفها داخل أنفسنا؟ هي: هل نحن فعلاً نحس داخل أنفسنا بمسؤولية أمام الله أمام ما يحدث؟ هل نحن فعلاً نحس بأننا مستهدفون أمام ما يحدث على أيدي اليهود ومن يدور في فلكهم من النصارى وغيرهم؟. عندما نتحدث عن القضية هذه، وعن ضرورة أن يكون لنا موقف هل نحن نُحِسّ بخوف في أعماق نفوسنا؟ وخوف ممن؟ بالطبع قد يكون الكثير يحسون بخوف أن نجتمع لنتحدث عن أمريكا وعن إسرائيل وعن اليهود وعن النصارى. ولكن ممن نخاف؟ هل أحد منكم يخاف من أمريكا؟ لا.. هل أحد منكم يخاف من إسرائيل؟. لا..ممن تشعر بأنك تخاف منه؟ من هو الذي تشعر بأنك تخاف منه؟ عندما تتحدث عن أمريكا، عندما تتحدث عن إسرائيل، عندما تلعن اليهود والنصارى. إذا شعرنا في أعماق أنفسنا بأننا نخاف الدولة فإننا نشهد في أعماق أنفسنا على أن هؤلاء هم ماذا؟ هم أولياء لليهود والنصارى، أي دولة كانت يحدث في نفسك خوف منها فإنك في قرارة نفسك تشهد بأن تلك الدولة هي من أولياء اليهود والنصارى. هذه واحدة.. وإلا ما الذي يمكن أن يخيفني من جانبهم إذا ما تحدثت عن أمريكا وإسرائيل وعن اليهود والنصارى؟؟. ثم لنقل لهم هم, من يمكن أن يدخل في نفس أي واحد منا خوف منهم: ليس من مصلحتكم أن تظهروا للناس بأنهم يخافونكم إذا ما تحدثوا عن اليهود والنصارى، وتحدثوا عن أمريكا وإسرائيل؛ لأنكم وإن قلتم ما قلتم, وإن صنعتم ما صنعتم من مبررات فإن القرآن علمنا أنها ليست بشيء، أنها ليست واقعية، القرآن الكريم قال لنا: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}(المائدة:52).من مصلحتكم أن لا تعززوا تلك الحقيقة في أعماق النفوس من أننا نخاف منكم إذا ما تحدثنا عن اليهود والنصارى، إن أعماق النفوس هو مكمن الحقائق، ففي أعماق النفوس تكون بذرات السَّخط، تكون هناك بذور الحرية، تكون هناك بذور الصرخات التي تسمعونها في وجوه أوليائكم, وفي وجوهكم إذا ما تحركتم لتبرهنوا على أنكم فعلاً كما شعر الناس أمامكم بأنهم يخافون منكم؛ فتعززون في أعماق نفوسهم هذه الحقيقة، التي ليس من صالحكم أن تفهموا الناس بأنها حقيقة, دعوها, ومن مصلحتكم أن تدعوها وهماً، وأن تكون وهماً في نفوس الناس، ليس من مصلحتكم أن يكون من جانبكم أي تحرك، أي حدث لتعززوا هذه الحقيقة في النفوس.وكما قلنا سابقاً: لا تستطيعون أبداً لا تستطيعون أبداً ما دام لدينا – كمؤمنين – إيمانٌ بالله وبصدق قوله هو، أن كل ما ينطلق من عبارات تدل على مسارعة باتجاه فوق أو باتجاه تحت، إلى اليهود والنصارى فإنها تنبئ عن مرض في القلوب، وإن أول من ه دد كل من تنطلق من فمه, أو يتحرك بما يدل على مرض في قلبه، إن أول من هدده هو الله حيث يقول: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}، بل هدد بأن حقائق أمركم ستكشف هناك: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ} (المائدة:53) أليس هذا تهديد إلهي؟. (الشهيد القائد / الصرخة في وجه المستكبرين)
وجهت بوصلة العداء نحو الاتجاه الصحيح:
هي ستترك أثرها، ستترك أثراً كبيراً في نفوس الناس. ما هو هذا الأثر؟. السخط، السخط الذي يتفاداه اليهود بكل ما يمكن، السخط الذي يعمل اليهود على أن يكون الآخرون من أبناء الإسلام هم البديل الذي يقوم بالعمل عنهم في مواجهة أبناء الإسلام، يتفادون أن يوجد في أنفسنا سخط عليهم، ليتركوا هذا الزعيم وهذا الرئيس وذلك الملك وذلك المسئول وتلك الأحزاب – كأحزاب المعارضة في الشمال في أفغانستان – تتلقى هي الجفاء، وتتلقى هي السخط، وليبقى اليهود هم أولئك الذين يدفعون مبالغ كبيرة لبناء مدارس ومراكز صحية وهكذا ليمسحوا السخط. إنهم يدفعون المليارات من أجل أن يتفادوا السخط في نفوسنا، إنهم يعرفون كم سيكون هذا السخط مكلفاً، كم سيكون هذا السخط مخيفاً لهم, كم سيكون هذا السخط عاملاً مهماً في جمع كلمة المسلمين ضدهم, كم سيكون هذا السخط عاملاً مهماً في بناء الأمة اقتصادياً وثقافياً وعلمياً، هم ليسوا أغبياء كمثلنا يقولون ماذا نعمل؟. هم يعرفون كل شيء من خلالهم تستطيع أن تعرف ماذا تعمل إذا كنت لا تعرف القرآن الكريم ماذا تعمل ضدهم؟ والقرآن الكريم هو الذي أخبرنا عنهم، وكيف نعمل ضدهم، فحاوِل أن تعرف جيداً ما يدبره اليهود والنصارى؛ لتلمس في الأخير إلى أين يصل، ولتعرف في الأخير ماذا يمكن أن تعمل. (الشهيد القائد / الصرخة في وجه المستكبرين)
كسرت حاجز الصمت:
لا يجوز أن نسكت. بل يجب أن نكون سباقين، وأن نطلب من الآخرين أن يصرخوا في كل اجتماع في كل جمعة.. الخطباء، حتى تتبخر كل محاولة لتكميم الأفواه، كل محاولة لأن يسود الصمت ويعيدوا اللحاف من جديد على أعيننا. لقد تجلى في هذا الزمن أن كُشفت الأقنعة عن الكثير، فهل نأتي نحن لنضع الأقنعة على وجوهنا، ونغمض أعيننا بعد أن تجلت الحقائق، وكُشفت الأقنعة عن وجوه الآخرين؟!. لا يجوز هذا، لا يجوز. (الشهيد القائد / الصرخة في وجه المستكبرين)
أعاقت مشروع تدجين الأمة لليهود:
نحن نؤكد أن من أخطر ما يعاني منه شعبنا وتعاني منه أمتنا الإسلامية في منطقتنا العربية وفي كثير من أقطار العالم الإسلامي هو حالة التدجين، الدور السلبي الذي تمارسه بعض القوى في تدجين الأمة، وفرض حالة الاستسلام، وتَقَبُّل حالة الهيمنة من جانب الأعداء واستساغتها بما لذلك من عواقب سيئة على الناس في دنياهم وفي آخرتهم هذا هو الخطأ، المخطئ حقاً والذي يسيء إلى أبناء دينه وإلى أمته وإلى نفسه، من يمارس دور التدجين، هو الدور الهدام غير المقبول غير المنسجم لا مع هوية الأمة ولا مع مصلحة الأمة، لا ينسجم هذا الدور التدجيني لا مع مصلحة الأمة ولا مع هوية الأمة، أمّا هذا المسار الممانع، هذا المسار النهضوي، هذا المسار الحُرّ، الذي ينسجم مع هوية الأمة وينسجم مع مصلحة الأمة، فهو المسار السليم والصحيح.(خطاب السيد عبد الملك/بمناسبة ذكرى الصرخة 1434هـ)
المصدر: موقع أنصار الله