جيشُنا الوطني.. خصائصُ فريدةٌ تؤهِّلُه ليكونَ جيشاً للدفاع والبناء
منير الشامي
لعل أهم مكسب وأعظم منجز من مكاسب ومنجزات ثورة الـ٢١ من سبتمبر المباركة هو تحقيق الهدف الثاني من أهداف ثورة ٢٦ سبتمبر والمتمثل في بناء جيش وطني قوي ولاؤه لله وللوطن لا لشخص ولا لحزب أَو طائفة، ومهمته حماية الوطن أرضاً وشعباً، والدفاع عنهما وحماية الثورة ومكاسبها، يحمي الشعب كُـلّ الشعب لا فئة بعينها أَو عائلة وحدها، ويدافع عن اليمن ببره وبحره وجوه لا عن كرسي أَو طغمة بذاتها، وهذا بفضل الله وفضل قائد ثورة الـ٢١ من سبتمبر المباركة السيد العلم عبدالملك الحوثي -يحفظه الله ويرعاه- صار حقيقة ماثلة رآها العالم مذهولاً بجيش وطني قوي مدرب ومؤهل ويملك خبرة حربية كبيرة ومهارة قتالية متفوقة أثبتها من واقع معارك ضارية تفوق فيها بمحدودية إمْكَانياته على تحالف دولي ملك أقوى الجيوش وأحدث وأكبر ترسانة حرب أعدت في التاريخ وواجها خلال ثماني سنوات من العدوان على وطننا الحبيب، ويتميز جيشنا أَيْـضاً بأنه جيش تم بناءه وإعداده من الصفر وفق منهجية قرآنية متكاملة خطوتها الأولى هي بناء النفسية القتالية للفرد وإعدادها وفق مبادئ ديننا الحنيف وَقيمه الأخلاقية وغاياته السامية التي شرعها الله وفرضها وأوجبها على الإنسان المؤمن؛ ليتحلى بها عند مواجهة عدوه ويمارسها قولاً وسلوكاً عمليًّا.
أما خطوتها الثانية: فتتمثل بتدريبه وتأهيله ليعتمد على نفسه في إعداد قوته وتصنيع أسلحته وتطويرها ليخوض المعارك بشرفٍ واقتدار معتمداً على نفسه وعلى قدراته الحربية بمختلف أنواعها وشتى مستوياتها ومدياتها، يصنعها بنفسه ويطورها بيديه ذاتياً وبإمْكَانياته الخَاصَّة ودون أن ينتظر الإمدَاد من الآخرين؛ فلا يقع ضحية الخذلان ولا يقبل المساومة في أي وقت؛ وهذا ما أصبحت عليه اليوم قواتنا المسلحة.
ولأنه جيش وطني ولاؤه لله وحده فينبغي أن لا تقتصر مهمته على الدفاع عن الوطن والشعب وحماية الثورة ومكاسبها والمشاركة في الدفاع عن قضايا الأُمَّــة ومقدساتها فقط؛ فهذه مهامه الجوهرية وهي بطبيعة الحال ليست مُستمرّة بشكل دائم بل هي استثناء في الزمن؛ لأَنَّ الأصل هو السلام؛ وبالتالي فاقتصار مهمة الجيش على الدفاع والحماية سيجعل منه جيشاً لا يختلفُ عن أغلب جيوش العالم، وبقاؤه على هذا الحال يعني أنها ستأتي عليه فترات قد يتحول فيها إلى قوة بشرية هائلة تصبح عبئاً على المجتمع، وهذا يعد إهدارا لأهم عنصر من عناصر الإنتاج، وهو عنصر العمل والمورد البشري، وبذلك قد يتحول إلى جيش استعراض ليس إلا؛ وهذا الأمر يتناقض مع المنهجية القرآنية التي يحملها؛ وهو ما أخذته قيادتنا الحكيمة في الاعتبار ووضعت قواعده الأَسَاسية ليكون جيشنا في المستقبل جيشاً للبناء والتنمية الوطنية الشاملة، وأعتقد أنها قد رتبت أهم الجوانب الاستراتيجية التي تمكّن جيشنا من خوض معارك البناء والمشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية والنهوض بالوطن في مختلف مجالات الحياة، والانطلاق نحو بلوغ الاكتفاء الذاتي عسكريًّا وزراعياً واقتصاديًّا وصناعياً وتنموياً، ولعل مشروع رئيسنا الشهيد صالح الصماد، الذي أطلقه في الذكرى الثالثة ليوم الصمود اليمني والذي عنونه بـ”يد تحمي ويد تبني” هو مشروع خاص بالجيش؛ ذلك أن هذا العنوان يجسد شخصية واحدة تحمي بيد وتبني بيد وهو ما كان يقوم به الجيش عندما أطلق مشروعه هذا، فيدٌ كانت تحمي وتخوض المعارك ويدٌ كانت تبني القدرات الحربية وتطور وتصنع الأسلحة بمختلف أنواعها الخفيفة والمتوسطة والثقيلة والاستراتيجية الدفاعية منها والهجومية والتقليدية منها والنوعية حتى بلغ مستويات الاكتفاء الذاتي.
وبذلك ففي حال ما وقف العدوان وانتهت الحرب فَــإنَّ الجيش ينبغي أن يتحول إلى مجال البناء والإعداد والتطوير العسكري والبناء والتنمية المدنية والاقتصادية الشاملة، ولا أشك أبداً بأننا سنرى جيشنا في المستقبل يقود نهضة كبيرة ويدفع بعجلة التنمية في مختلف مجالات الحياة؛ وهذا ما سنراه قريباً بإذن الله تعالى، وَإذَا كان عنوان مشروع الرئيس الشهيد الصماد خلال سنوات الحرب “يد تحمي ويد تبني” فَــإنَّه سيكون بعد توقفها “يد تبني ويد تحمي”.