تفاصيل تنشر لأول مرة …أسرة لطف القحوم: هكذا عاش الشهيد البطل وهكذا قضى لقاء الوداع ( تقرير )
كتبت/ بتول المنصور :
لطف المجاهد ، لطف المنشد،صاحب الحنجرة الذهبية التي هزت عروش الطغاة ، وألهبت حماس الثوار والمجاهدين .. لكن ماذا عن لطف الأب ، الابن، الأخ ..؟
في زيارة لأسرة الشهيد، نحاول الإجابة عن السؤال، خاصة بعد أن تفاعلت معنا زوجته الزينبية ، وشقيقاته ، وكذلك والدته التي أنجبت هذا الرجل العظيم..
(لطف محمد زيد يحيى القحوم)
أب لأربعة ثلاثة أولاد وبنت (جبريل-كميل -سلسبيل – ذو الفقار)
شهيدنا المجاهد الذي صُعق الجميع بخبر استشهاده رحل بعد خطٍ جهادي طويل …رحل بعد أن نكل بأعداء الله ,و قدم الكثير من التضحيات وبدأ جهاده رغم صغر سنه ,تحمل وجاهد وصبر واحتسب الأجر من ربه .
رحل عن هذه الدنيا وهو في ربيع شبابه ,رحل وهو في العشرينات من عمره ما بين 26-27عاما .
عندما سألت شقيقة لطف عنه وعن صفاته أجابت ماذا أقول أعجز عن وصف أخي ؟
“لطف كان عفويا كريماً متسامحاً كان ذو أخلاق عالية لم يتكبر ولم يجرح أحدا مطلقا”
ثم سألتها متى بدأ لطف انطلاقته الجهادية في المسيرة القرآنية؟ فأجابت :
بدأ من الحرب الثانية في صعدة كان كالنحلة متنقلا بين الجبهات كان عاشقا للجهاد .لم يترك جبهة إلا كان أول المجاهدين فيها ,كانت ((أم لطف)) تصوم بالشهور حين يذهب لطف الى أي جبهة ليحفظ الله لها ولدها ويعيده اليها سالما.
كان إذا رحل للقتال تصوم من حين رحيله إلى أن يعود، وكانت تصوم شهر رجب وشعبان بالنية نفسها ,كان كثيرا ما يتضايق لصوم والدته – من أجله – لأنه كان يتمنى الشهادة وفي آخر مرة رحل فيها (قبل ثلاثة أسابيع) ، جاء ليودع والدته ثم قال لها: -(أماه محجوره بالله لو تحبيني لا تصومي بنية أن الله يحفظني, أمه لو تحبيني تمنيني شهيدا ).وعندها لم تصم أمه لأنه حلفها بالله .
وعندما توجهت بسؤالي الى أخت الشهيد الصغيرة كونها أكثر من خالط لطف لتحكي لي عن أخيها الشهيد البطل، أجابت:
كيف لي أن أصفه وكيف لي أن أتحدث عنه؟
إن طلبت من لساني أن ينطق فهو عاجز ماذا يقول ؟ كلماتي عاجزة عن التعبير حتى القلم الذي كنت أكتب به – أشارت إليه – حتى هذا القلم سيجف حبره إن تحدثنا عن لطف.
زينبية عظيمة تحدثنا عن عظيم
أما زوجة لطف القحوم فقد تحدثت عن الشهيد بالقول:
أولا: أهنئ نفسي وأولادي باستشهاد لطف ,تزوجته منذ قرابة العشرة أعوام ,طوال هذه المدة لم يجرح لي خاطرا حتى بكلمة، كان طائعا لأهله لوالديه ,كان تعامله تعامل القرآن وكلماته كانت من القرآن، كان محبوبا بين الناس بسبب أخلاقه العالية وتعامله مع الجميع بأخلاق القرآن ,كان حريصا جدا على تطبيق برنامج رجال الله …
في آخر كلمة قالها لي قبل رحيله كوني زينبية ,في تلك اللحظات انهمرت دموعي دون أن أشعر فقال لي أقول لكِ كوني زينبية وتبكين ؟؟
أهكذا كانت زينب الحوراء ؟؟ إذا رحلت واستشهدت ماذا ستكون ردة فعلكِ ؟
وقال لي علمي جبريل الجهاد – اجعليه مجاهداً- وبعدها دار بيننا الحديث وفي خضم حديثنا قال (تمني لي الشهادة لا تحرميني من الجنة ..قدمتي إخوانك شهداء ثلاثة منهم .وقدمتِ اختكِ وابنها وقدمتي عمك ….كلهم شهداء وأنا تمني لي الشهادة ان كنتِ تحبينني حقاً).
بعدها قام ليتوضأ وغير ملابسه وصلى صلاة يملأها إيمانا وخشوعا وجعلني أقوم بتعبئة قرون الرصاص حتى يتأكد أني متمنية له الشهادة وبعدها قال:- صوريني ولا تنشريها الا عندما استشهد وكأنه كان يشعر أنه لن يعود وأنها لحظات الوداع.
صورته كما قال لي ولم أنشرها إلا عندما استشهد.
تستطرد: كان لا يحب أن يفرق بين أحد لدرجة أنه كان يساوي بين أولاده وأولاد إخوته في المعاملة ,كان يقول لو تبكوا عليا لما استشهد لا تقبروني ,اتركوا جثتي في الصحراء .إلى أن تقتدوا بالسيدة زينب ثم اقبروني ,كان كتوما وصاحب حس أمني شديد حتى أنني أتذكر بعد زفافنا بأيام فقط ذهب إلى الجبهة (تزوجوا في حرب صعدة ) غاب حينها لمدة شهر كامل وهو مازال عريسا ..لم يمضِ على زفافه سوى أسبوع واحد فقط ,كان همه الأكبر الجهاد ,كان كثيرا ما يغيب في الجبهات أشهرا طويلة, ففي حرب كتاف غاب ما يقارب ثمانية أشهر متواصلة ,كان من السباقين في المواجهات في أي جبهه يكون في الصفوف الأولى ,لكن في إحدى المرات جاء له توجيه من السيد بعدم الذهاب إلى الجبهة .. استجاب لطف للسيد على مضض ومكث في البيت وبعدها أطلق زامله الشهير ردا على السيد عبدالملك ((الشهادة لي شرف والموت غاية)) سيدي عبدالملك عفوا دمايا ..الخ الزامل المعروف وهي من ألحانه وكلمات الشهيد عبدالمحسن النمري وبعدها لم يستطع السيد منعه من اختيار طريق عشقها لطف ,.وانطلق كالأسد الضاري يلقن أعداء الله دروسا في معرفة من هو اليمني ؟
لقاء الوداع
وعندما سألناها عن آخر محطات الوداع، أجابت زوجة الشهيد:
دخل الى المنزل ورأى والدته تبكي على ابن شقيقتها الشهيد ,فقال لوالدته : لا تبكي فالجهاد طريقنا والشهادة غايتنا .والقرب من الله أسمى أمانينا ,ولأول مره يحتضن والدته ويبكي بكاء شديدا.
لطف تعب وجرح لكنه كان صابرا حامداً لله, كان من أول من يلبون نداء الله إلى الجهاد .،.فقد أصيب عدة مرات أبرزها خمس مرات ,في كتاف دماج وفي الحدود (جبل الرميح) وفي الحدود مرة أخرى وفي منطقة القطعة كما أصيب بقنبلة رموها الأعداء باتجاهه لكنه وبكل شجاعة أخذ القنبلة بيده وأراد إعادتها للأعداء فانفجرت في يده ,كان يقول (أنا ما خلقت امسك الميكرفون أنا خلقت أجاهد أنكل بأعداء الله ,أنا ما أنا منتظر لما يدخلوا لي أعداء الله لا وسط بيتي وأموت موت الجبناء ) وقد جرت محاولة اغتياله عدة مرات وفي كل مرة يحاولون اغتياله يفشلون وبعدها يدرك لطف خطورة المرحلة ويتوجه مباشرةً الى الجبهة ، كان كثيراً ما يحكي عن الشهداء ويتأثر بهم.
نال لطف مناه ووصل إلى المرتبة العظيمة التي طالما كان يتمناها ،استشهد لطف مدافعاً عن وطنه عن أرضه ، استشهد وهو يقاتل الخونة والجبناء ،
لطف من كان له أثر وبصمة كبيرة في المسيرة القرآنية ..
رحل لطف لكنه ترك بداخلنا شعلة تجعلنا نثأر من آل سعود ومن أسيادهم ،
رحل لطف القحوم لكنه ترك الآلاف من لطف القحوم وكم من شهداء قد سبقوه إلى جنان الخلد وهم يستسقون من زوامله حماسهم ، ويزداد عشقهم للشهادة وللسعادة الأبدية في ركاب الخالدين.
كانت هذه نبذة بسيطة عن لطف وعن حياته، والعذر منك أيها الشهيد فأنت أعظم من أن تصفك الكلمات وتكتب عنك الأقلام ، فسلام ربي عليك يا لطف والسلام على روحك الطاهرة وهنيئا لك اللحاق بركب الخالدين.