القضية الفلسطينية بين ثوابت الدين ومتغيرات السياسة
خالد موسى
قال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ * قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ * وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ * وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ .
تعريف الثوابت لغة
الثوابت جمع ثابت والثابت : هو الشيء الدائم المستمر الذي لا ينقطع ولا يتغير ولا يتبدل وهو الحق الذي يطمئن له القلب خاصة إذا ما قامت البراهين والإدلة على صحته.
الثوابت الفلسطينية: يعرف أحدهم ثوابت القضية الفلسطينية قائلا:هي الحقوق الدينية والتاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني وللأمة الإسلامية في أرض فلسطين التي لا تقبل التبديل أو التغيير ولا تسقط بالتقادم ولا يملك أحد أن يتنازل عنها أو عن أي جزء منها.
الثوابت الدينية المتعلقة بالقضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية
فلسطين أرض إسلامية باركها الله تعالى بقوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾، هذه الأرض المقدسة التي تحمل الهوية الإسلامية اختارها أئمة الكفر لتكون هدفا استراتيجيا لمآرب خبيثة ومشاريع كبرى تخدم مصالح الدول الاستعمارية
وحتى يصل المستعمرون إلى مآربهم ويحققوا أهدافهم فإنهم متفننون في المكر ومبدعون في الخداع واختلاق الأكاذيب وإيجاد المبررات والذرائع التي ستوصلهم لنيل مبتغاهم وتحقيق آمالهم والوصول إلى أطماعهم وأمام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ظلم وحصار وحرب إبادة وهجمة صهيونية لتغيير الهوية الإسلامية والعربية وأمام ما تتعرض له القضية الأولى للعرب والمسلمين من تصفية وما وصلت إليه القدس والمسجد الأقصى من خذلان عربي بل وتواطئ من قبل الأنظمة الخائنة والعميلة التي ارتضت أن تختار دور الوسيط والوسيط غير النزيه وأمام التحرك السياسي العربي والعالمي وما أحدثه من تغيير تاريخي سلبي وجوهري إزاء القضية الفلسطينية التي وصلت إلى أسوء مراحلها بسبب غياب القرار العربي وتغييب البعد العقائدي وتغييب حضورها سياسياً وقومياً رغم استحضار اليهود الغاصبين للبعد العقائدي واستقطابها لكل شذاذ العالم ولقطاءهم تحت عناوين وشعارات دينية كبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى الذي تهدده الحفريات وتحاصره الأنفاق ويدنسه الصهاينة ويدخلون باحاته الطاهرة بين الفينة والأخرى على مرأى ومسمع من الأنظمة العربية والإسلامية والشعوب والعلماء وكأن كل ذلك لا يعنيهم ولا يخاطب ضمائرهم ومشاعرهم وهذا ما دعانا لإقامة مثل هذه الندوة للتذكير بهذه القضية وإحياءها وتحريك البوصلة نحوها لعل الأمة والنخب والهيئات والمؤسسات والمراجع العلمائية والفكرية وكل الاحرار في العالم إن بقي منهم من بقية لعلهم يتذكرون تلك الثوابت الدينية والأسس الأسلامية المتعلقة بهذه القضية والتي يمكن تلخيصها فالنقاط التالية:-
1. فلسطين أرض إسلامية مقدسة مباركة بنص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة التي ذكرت رحلة الإسراء إلى المسجد الأقصى مما يدل دلالة كافية على الحق الإسلامي والهوية الإسلامية لهذه الأرض وهذا الشعب وكذلك حديث شد الرحال يؤكد البعد الإسلامي لما ذكرنا كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: »لا تُشَدُّ الرِّحَال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد بيت المقدس«. وقوله : »مسجد بيت المقدس بارك فيه سبعون نبيا « وكذلك الحديث النبوي الذي جمع بين فضل الصلاة وثوابها بين المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى حيث يقول المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم : »صلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه، وصلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما سواه، وصلاة في المسجد الأقصى تعدل خمسمائة صلاة فيما سواه« فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتنازل عن هذا الوصف الديني والعقائدي ولا قبول أن تقبل بتغيير هذه الهوية ولا مجال للتفكير في القبول بالتقسيم السياسي وشرعنة سياسة الأمر الواقع الذي ترعاه وتدعمه أمريكا وبريطانيا وفرنسا ودول الكفر وتروج له الأنظمة العربية العميلة التي تتسابق كوسيط رخيص لترويج القبول بحل الدولتين .
2. الأرض الفلسطينية أرض مغتصبة محتلة من قبل الكيان الصهيوني بدعم بريطاني وأمريكي والمظلومية الفلسطينية للشعب الفلسطيني المسلم مظلومية واضحة وعادلة توجب على الشعوب ونخبهم وفي مقدمتهم العلماء والخطباء والدعاة والحركات الإسلامية المقاومة التحرك الجاد والمسؤول والعمل الدؤوب لنصرة هذا الشعب ومظلوميته بكل الأساليب والوسائل الممكنة والمتاحة.
3. اليهود الإسرائيليون محتلون مغتصبون وقتلة مجرمون يحرم التفاوض معهم ولا شرعية لأي صلح أو سلام معهم (ولا يجوز الاعتراف بكيان لهم على جزء-او شبر واحد –من فلسطين.
4. الجهاد فريضة واجبة لدحر المعتدين وطرد الغاصبين وتحرير الأراضي الفلسطينية كلها.
5. الخيار الجهادي هو الخيار الوحيد لإجبار اليهود المحتلين على الخروج من كامل التراب الفلسطيني.
6. الحكم على من يمد يد السلام لليهود ويقدم لهم مبادرات السلام والصلح والتطبيع بالخيانة الكبرى لله ورسوله والمؤمنين عموما والشعب الفلسطيني خصوصا ويعتبر متواطئاً بل شريكا للمحتل الغاصب.
7. إسقاط التوصيف القرآني على كل عربي مسلم في القمة او القاعدة تولَّى اليهود وتحالف معهم وتصافح مع قادتهم والتقى بهم ليقدم التنازلات وألقى إليهم بالمودة واتخذهم بطانة وسارع فيهم وطلب العزة عندهم وعقد معهم التحالفات وعقد معهم الصفقات ووقع معهم المعاهدات الجائرة والمذلة للإسلام والمسلمين.
8. إسرائيل خطر وجودي يهدد الإنسانية و يحمل حقدا دفينا وتاريخيا للإسلام والقرآن و هي جسم غريب في الوطن العربي المسلم ووليد لقيط لدول الاستكبار العالمي أتت به لأغراض واهداف استعمارية توسعية وأطماع مادية تستهدف ثروات الأمة وخيراتها.
9. لا يجوز أن تحصر القضية الفلسطينية أو تقيد بمصطلحات القضية الوطنية او القومية او الطائفية لأن إطلاق هذه المصطلحات أو التوصيفات تضعف القضية وتوجد الحواجز والتعقيدات التي تخدم الكيان الصهيوني وتصب في تحقيق أهدافه.
10. الصراع مع اليهود صراع عقائدي ووجودي صراع وجود لا صراع من أجل حدود فالشعب الفلسطيني يمثل رأس الحربة والصف أو الجبهة الأولى امام أطماع الصهاينة الغاصبين الذين يسعون إلى إقامة دولتهم المزعومة من النهر إلى الفرات ( ينظر مقالين للمفكر عبد الحي زلوم موقع رأي اليوم)
11. القبول بالمعاهدات المنقوصة وتوقيع المبادرات المخالفة لمحكم القرآن مع اليهود من قبل الأنظمة الرسمية محرمة ومرفوضة جملة وتفصيلا وتعتبر إقرارا للجلاد وتبريرا لجرائمه وباطله يقول العلامة محمد الغزالي: فالمعاهدة المنقوصة اليوم لا تعدوا في حقيقتها أن تكون ميثاقا يعطى اللص الحق سكنى البيت الذي سطا عليه والتجول في غرفاته وردهاته كيف يشاء فهي معاهدة باطلة أصلا وتحليل الحرام لا يقره دين ولاعقل.
12. اعتبر القرآن مولاة الغاصبين المعتدين يهوداً كانوا أو أمريكان وبريطانيين وتقديم صداقتهم وعدم كفاحهم ومواجهتهم وتقديم أي مساعدة لهم والتجسس لصالحهم والعمل لمصالحهم اعتبر ذلك جميعا ارتدادا من الدين ومروقا من الإسلام يقول العلامة محمد الغزالي رحمه الله:إن موالاتهم جرم مضاعف يستتبع عقوبة مزدوجة ومن ثم فالكاتب الذي يعطف عليهم بكلمة والعامل الذي يؤدي خدمة والفلاح الذي يسدي لهم نفعا والحاكم الذي يتيح لهم نفعا ..كل أولئك منسلخ من تعاليم الدين مندرج في غمار المرتدين والمنافقين …. والمسلمون في هذا الزمن مقبلون على عصر طويل من التضحيات والمغارم لينظفوا الوطن الإسلامي الكبير من بقايا الجاهلية الحديثة التي انحدرت إلى ديارهم ونكست ألويتهم …. فأي محاولة لإحداث ثغرة أو إيقاع فرقة يستفيد منها عدو الله وعدونا فهي جريمة نكراء في حق (الجماعة ) وكفران بالله ورسوله والحكم بالقتل في هذه الحالات لا ينطوي على شيء من القسوة بل هو استئصال لشأفة الخونة وتأمين لظهور المجاهدين وثأر لشرف الإسلام وكرامته.
13. اليهود هو الأشد عداوة للمؤمنين وهم العدو الأول بعد الشيطان الرجيم ويمثلون الصف الأول لأبليس في الولاء والشر ومن يقلل من عداوتهم وخطرهم ويسعى لحرف البوصلة عن ذلك فهو منسلخ من آيات القرآن المحكمة وفيه زيغ كبير .
14. اليهود بشر مفسدون معتدون لعنوا على لسان داوود وعيسى بن مريم وهم جسم غريب وحشائش ضاره يجب قطعها واستأصالها لتبقى الأرض الفلسطينية أرض إسلامية مباركة.
السر في أن يكون الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
كان لبني إسرائيل التفضيل الكبير والنعمة الإلهية العظيمة قال تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ وكانت أرضهم المقدسة أرض النبوءات والبركات والوحي المنزل على عشرات الأنبياء لكنهم خانوا الأنبياء واستكبروا وقتلوا بعضهم كما قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴾ فلما كفروا بنبوءات النبيين وتنكروا لفضله وجحدوا نعمته وانحرفوا عن مسار التوحيد وخالفوا الأنبياء استحقوا اللعنة من الله الأبدية من الله وسقطوا من عينه وخرجوا من دائرة الاصطفاء الإلهي وتحولت القيادة الروحية للمشروع الإلهي من ذرية إسرائيل إلى ذرية إسماعيل قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم : »إن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، فأنا خيركم نفساً ونسباً « فاتجهت النبوة إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكان هذا التحول والانتقال نقطة فاصلة ومحطة فارقة واختبارا حساسا للأمم ومراجع الديانات وحملة الشرائع لا سيما اليهود الذين جحدوا وكفروا برسالة النبي العربي محمد رغم معرفتهم ووعيهم بقدومه فاستحقوا مع اللعنة الغضب الإلهي قال تعالى : ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ * بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.
ورغم كل المكائد والدعايات والتلبيسات والسعي الماكر من اليهود إلا أن إرادة الله تمت والنبوة التي حملها وبلغها إبراهيم وإسماعيل ويعقوب ها هو يحملها ويبلغها الرسول الخاتم محمد وها هو الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى يقع بإذن وتدبير من السميع البصير ليكون تتويجا لعهد جديد تنتقل فيه النبوة و الإمامة والقيادة والمسؤولية إلى النبي العربي وأمته وتلغي صفحات التاريخ اليهودي المليئ بالمخالفات والفساد والعدوان والتحريف للوحي والتنكر للنعم وها هي بركة المسجد الأقصى وما حوله تشد الرحال إليها مهما تجمع اليهود واحتشدوا ومهما تحالفت معهم دول الكفر وقوى الضلال التي تسعى لإطفاء نور الله وظلم شعب وخداع أمة تحت دعاوى ومبررات واهية لا يتلقفها إلا الجهلة والسذج.
اليهود ومنطلقاتهم التوراتية التلمودية المحرفة ( نداء الدين اليهودي)
يزعم اليهود الغاصبون والصهاينة المحتلون أن لهم حقا تاريخيا وإرثا دينيا في فلسطين والقدس ويسعون لإقامة دولتهم المزعومة وعاصمتها القدس كما يصرحون بذلك على القنوات بكل وقاحة وجرأة ويرى كل مسلم تلك الطقوس اليهودية التلمودية التي يمارسها اليهود وكم شاهدنا الجنود الإسرائيليين وهم على الدبابات والطائرات وأمام حائط البراق وهم يقرأون التورارة المحرفة التي أقنعتهم ودفعتهم لاجتثات الشعب الفلسطيني وتهجيره وارتكاب أبشع المجازر وقتل الأطفال الرضع والصبيان وإحراقهم وقتل النساء الحوامل وتصفية الشبان والشابات لمجرد التوجس والظن كل هذا له خلفيته وأيدلوجيته العقائدية التي نشأ وشب عليها هؤلاء الشواذ واللقطاء وهذا ما يجهله أو يتجاهله كثير من المسلمين وما لا يريد أن يعرفه الكثير منهم حتى لا يقوموا ويتحركوا بمسؤوليتهم وهنا لا بد من ذكر بعض المنطلقات اليهودية والعقائد التلمودية التي يعتبرها اليهود دافعا وحافزا لتحقيق الحلم اليهودي المتمثل في طرد الفلسطينيين وتهجيرهم أو قتلهم وتصفيتهم من الوجود ولا بد من معرفة وفهم العقلية والخلفية العقائدية لليهود حتى نكون على بصيرة من عدونا وحذر مما يخطط له وما يعتقده ويسعى لتحقيقه تحت عناوين عقائدية وشعارات توراتية تلمودية محرفة وواهية ويمكن تلخيص المنطلقات اليهودية في عدة نقاط منها:-
1. يزعم اليهود أن التوراة هي من تدفعهم إلى الهجرة إلى فلسطين والاستيطان فيها واحتلالها والتواجد فيها يقول أحد اليهود المحتلين : (إنني أمتلك ما لدي باسم التوراة واعتراضات العرب لا وزن لها) فالصهاينة الغاصبون يلبسون احتلالهم لباس الدين ويجعلون من التوراة ملهما لهم.
2. يزعم اليهود المحتلون أن الأرض الفلسطينية أرضهم بناء على نصوص التوراة حيث يقول أحدهم : (إن اهتمامي الرئيسي منصب على عودة الشعب اليهودي للإقامة بأرضه وإذا كان العرب يرون أن نصوص التوراة ليست سببا كافيا لحق الملكية فليست هذه مشكلتي).
3. يدعي اليهود أن احتلالهم لفلسطين وعودتهم إلى بيت المقدس هو بأمر من الله حيث تقول إحدى المستوطنات واسمها (مريم لوينجر): (إن علينا أن نطيع أوامر الله الذي طلب منا العودة إلى الأرض المقدسة).
4. يستحضر اليهود الغاصبون نصوصا دينية منسوبة للتوراة والتلمود يبنون عليها سياستهم وتحركاتهم ومواقفهم العملية مع الإسلام والمسلمين وإضافة إلى ما ذكر سابقا يمكن ذكر بعض النصوص من كتبهم المتداولة بين أيديهم والتي يدّعون من خلالها أن فلسطين كانت ملكا لبني إسرائيل خاصا بهم حيث يذكر الإصحاح الثامن زكريا قائلا: (هكذا قال رب الجنود : هــأنذا أخلص شعبي من أرض المشرق ومن أرض مغرب الشمس ,وآتي بهم فيسكنون في وسط أورشليم ويكونون له شعبا وأنا أكون لهم إلها بالحق والبر).
كان لا بد من الإشارة إلى المنطلقات الإيدلوجيية لليهود الغاصبين ليدرك كل مسلم البعد العقائدي والخلفية الفكرية للعقلية الصهيونية التي تحرص على تجذير وغرس البعد الديني وإقناع المهاجرين إلى الآراضي الفلسطينية به.
وكذلك لنواجه منطلقاتهم الدينية المحرفة والباطلة بالثوابت الدينية او القرآنية المحقة التي نستطيع من خلالها مقاومة هؤلاء المحتلين ونستحق التأييد من الله والعون .
فإذا رفعوا التوراة وقرأو التلمود فعلينا أن نرتل آيات القرآن ونستقرأ سيرة الحبيب المصطفى مع يهود بني قينقاع وقريضة والنظير .
النداء القرآني المغيب في معركة الوجود والمصير مع الصهيونية العالمية.
يقول كبراء الصهاينة ويستشهدون بعبارات تلمودية ويستحضرون مصطلحات دينية عقائدية ويمارسون طقوسهم ويحترمون شعائرهم ويستجيبون لنداء التوراة أما المسلمون اليوم فللأسف يبتعدون عن قرآنهم وكتاب ربهم.
المتغيرات السياسية العربية والدولية تآمرها على الثوابت الدينية الفلسطينية
القضية الفلسطينية ومظلومية الشعب الفلسطيني وحقوقه المغتصبة في حالة غياب تام ونسيان كامل ومتعمد على المستوى السياسي والإعلامي وعلى مستوى النخب العلمائية والمؤسسات والجمعيات باستثناء مؤتمر يعقد هناك أو تصريح خجول هنا فلم تعد القضية الفلسطينة في الصدارة لم تعد هي الخبر الأول والهم والمأساة الأولى لم تعد القضية الأولى والمركزية والمحورية لأمة المليار ونصف المليار مسلم.
غابت أو غيبت تلك التظاهرات المليونية عندما نرى تدنيسا للأقصى واستباحة من اليهود لباحاته وتهجما عليه وحين نشاهد اغتيالا لقائد فلسطينيي أو ضربا لطفل وانتهاكا لحرمة امرأة فلا نرى ذلك الاهتمام والتناول.
آلاف الأسرى والأسيرات صاروا منسيين وأصبحت معاناتهم وآلامهم وأحزانهم لا تعني الشارع العربي وإعلامه والمنابر الإسلامية في خطب الجمعة.
الحفريات الإسرائيلية التي تهدد المسجد الأقصى والتغيير شبه التام للهوية الإسلامية والعربية واستبدالها بالهوية العبرية.
كل ما سبق ذكره لم يعد أمرا هاما وتطورا خطيرا بل صار مألوفا وروتينا وعاديا في عقل النخب السياسية والدينية وعقول الشعوب العربية والإسلامية إلا من رحم الله ووفق.
وهذا التغير كله والتراجع الكبير سببه تفكك وتصدع وتباين القرار العربي وتواري النظام العربي الرسمي أمام المتغيرات السياسية على الساحة العربية والإقليمية وضعف النظام العربي الرسمي ومسارعة النخب السياسية للتعامل الإيجابي مع المشاريع والمبادرات الأمريكية التي تصب في المصالح الأمريكية وتنفذ أجنداتها وأهدافها .
المتغيرات السياسية يصنعها النظام الرسمي العربي ممثلا بولاة الأمر أو الحكام والملوك الذين سمحوا للنظام العالمي لا سيما الأمريكي أن يتدخل في شؤون الأمة وقضاياها وتغيير مسارتها العادلة إلى مسارات تفاوضية جائرة ترضخ لانصاف الحلول وهذا الانبطاح والتواطئ الرسمي الذي انعكس سلبا على الثوابت الدينية والمسلمات الإسلامية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية حيث تماهت مواقف المؤسسات العلمائية وخفتت وكذلك داهنت كثير من الشخصيات العلمائية التي كان لها صيت وحضور إعلامي بل أصبحت مبررة ومشرعنة لسياسة الأمر الواقع ومدافعة عنها ولا يخفى على المتابع موقف وكلام الشيخ القرضاوي إبان ثورات الربيع العربي وهو يتكلم عن سوريا قائلا: أمريكا أخيرا نشكرها على كل حال وننتظر المزيد سمحت ببعض الأسلحة غير القتالة تعطيها للسوريين ….. أمريكا تخاف على إسرائيل إن الناس تنتصر في سوريا (بعدين) يذهبوا إلى إسرائيل (منين) جبتم هذا الكلام تخاف على إسرائيل من نسمات الهواء العليل.
لم تفعل كما فعلت في ليبيا حينما وقفت مع الليبيين لتدافع عنهم يجب على أمريكا أن تقف وقفة الرجولة وقفة لله وقفة للخير والحق ولو مرة أنتهى كلام القرضاوي من أحد خطبه في قطر.
إن الحضور السياسي الهش والتبعية المطلقة المذلة من قبل هذه الأنظمة للسياسة والتوجهات الامريكية وغياب الدور والتحرك العلمائي والدعوي أضر بالثوابت الفلسطينية وهذا يشير إشارة واضحة إلى أن الغياب أو التغيب المتعمد لهذه القضية المحورية والمركزية ونسيان مظلومية شعب وتهجيره قد أدى إلى أن القضية الفلسطينية وكأنها قد نسخت ونسيت من عقول النخبة الدينية كما هو الحال مع النخبة السياسية وهذا يستوجب من الخطباء والدعاة وأحرار الأمة إحياء هذه القضية وإعادتها للصدارة والواجهة من جديد واعتبارها قضية القضايا والقاسم المشترك لتوجيه العداء لأشد الناس عداوة للمؤمنين كما قال تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾.
تعيش الأمة تيهاناً وانحراف فضيعا وانقلابا على القيم والمصطلحات حيث صار الملايين من أبناء الإسلام والعروبة يسمي الخائن وطنيا والعميل سياسيا محنكا والأجنبي المحتل محررا كما هو الحال مع الواقع السوري واليمني حيث جاء سفهاء الأحلام بمصطلح التحرير للعواصم العربية كصنعاء وحلب من أبناءها أما المحتلون الصهاينة الذين يقتلون ويحتلون ويمارسون القتل والاعتقال على مرأى ومسمع من العالم ويهدمون المنازل ويهددون التاريخ والتراث الفلسطيني بمستعمراتهم وثقافتهم فيراهم الكثير حلفاء ومساكين كما هو الحال مع كثير من نخب الخليج السياسية والثقافية والشواهد والأدلة على هذا الانحدار والتراجع العربي والإسلامي كثيرة وموثقة بالصوت والصورة حيث زار وفد من الصحفيين الخليجيين تل أبيب وقال أحدهم على قناة البي بي سي : (حقيقة المجتمع الإسرائيلي تكونت صورة لدى المجتمعات العربية بأن المجتمع الإسرائيلي يعتنق ثقافة الموت ويريد سفك الدماء ومجتمع لا يؤمن بالسلام هذا الكلام للأسف غير صحيح المجتمع الإسرائلي لمست فيه أنه مجتمع يعتنق ثقافة الحياة مجتمع لديه مكاسب يخاف عليها مجتمع فيه ثقافة التعايش مجتمع يريد السلام المشكلة المشكلة بين الطرف الإسرائيلي والطرف الفلسطيني ليست مساحات عندما نحاورنا مع السيد درقود ومع أعضاء الكنيست الإسرائيلي ومع أعضاء مقاتلون من أجل السلام لم يكن الخلاف مع مبادرة السلام العربية هم يقبلون مبادرة السلام العربية في المجتمع الإسرائيلي و من صناع القرار كمبدأ المشكلة هو انعدام الثقة بين الطرفين ولن يكون هناك ثقة بدون حوار).
وهذا التراجع والانحدار أشار السيد حسن نصر الله وهو يتكلم في يوم القدس العالمي للعام الماضي 1437هـ وعندما أشار إلى أن السعودية والإمارات أصبحا في خندق إسرائيل وحليف مع الجبهة الصهيونية قال :في موضوع اليمن، تعبّر اسرائيل عن سعادتها لما يجري من عدوان سعودي ـ أميركي على اليمن، وتعبّر عن تضامنها مع السعودية، ويتحدث مسؤولوها عن لزوم إقامة شراكة استراتيجية مع السعودية ومع دول الاعتدال العربي لمنع التهديد الآتي من اليمن، لأن هناك أناسا يتطلعون إلى اليمن بعيون ومن زوايا مختلفة، ولكن هناك عين اسرائيلية تقول إن اليمن اذا استقل، اليمن إذا أصبح سيدا حرا مستقلاً خاضعا لإرادة شعبه اليمني، فاليمن حكما مقاوم، اليمن حكما جزء من محور المقاومة، اليمن حكما تهديد استراتيجي لإسرائيل، والحرب على اليمن اليوم هي أكبر خدمة تقدمها السعودية لإسرائيل. والاسرائيليون فرحون ومجانا. الموقع الاستراتيجي لليمن على باب المندب، على البحر الاحمر، كل هذا، للذي يقرأ باستراتيجيات المنطقة والعسكر والاقتصاد والأمن والسياسة، يفهم هذا الأمر.