أكذوبة ديموقراطيتهم تحت أقدام «مكارثيتهم»
عبد الكريم الوشلي
أكثر من2500 كِتاب تم منعها في أمريكا عام2022م..
هذا بعض ما يحدث اليوم مُسقطاً أهمَّ أقنعة الإجرام الأنيق و”المتمدن” الذي يعربد في أرجاء الكوكب منذ عقود طويلة، بشتى أشكاله العدوانية الهيمنية المشؤومة ..
لأسباب عنصرية وأخرى سياسية ..يتم فرض حصار على الكتب والمنتجات الأدبية ويُضيَّق على حركة النشر والتأليف، في بلد «الديمقراطية» الأول.. أمريكا ! .
والظاهرة تشهد تنامياً وفق ما تلحظه وسائل إعلام أمريكية وغربية.. ومعظمُ ضحاياها الكُتاب والأدباء غير البِيض في الولايات المتحدة، بل حتى البيض تلاحق هراوةُ الرقابة نسبةً لا بأس بها من كُتابهم..
ضحايا «المكارثية» الأمريكية الجديدة المستيقظة على وقع صخب الدعاية السياسية الإعلامية المروِّجة لحملات قمع الشعوب وأحرارها.. بذرائع الديموقراطية وحقوق الإنسان! ..يُعَدُّون اليوم بالآلاف..شعراء، كُتاب، روائيون.. إلخ.. ولمن قد يتساءل عن كُنه مصطلح «المكارثية» فهو يُطلَق على ما شهدته الولايات المتحدة في خمسينيات القرن الماضي من حملات قمع ومطاردات مسعورة للأقلام الحرة التي سارت في اتجاه معاكس لرياح صانع القرار في البيت الأبيض، خصوصا في المجال الأدبي، وكان عَرَّابُ هذه الموجة القمعية ومُوقِدُ سُعارها السيناتور الأمريكي البارز في لجنة «الأمن القومي» حينها جون مكارثي، ومن أبرز ضحاياها الروائي الأمريكي الشهير أرنست همنجواي، الذي من بين أعماله الأدبية والروائية الكثيرة.. كان الصيت الأكثر ذيوعا لروايتيه: (الشيخ والبحر)، و(جبال كالمنجارو)..
في فرنسا، أيضاً تتسلل عدوى الداء القمعي ذاته، وإنْ على خجل، عبر ما بات يُقلق الكتاب والأدباء من تضييق رقابي على دور النشر وأصحاب الأقلام التي تحلق خارج سرب الطغمة النيولبرالية الحاكمة.. كما دُهش العالم- المأخوذ بسحر قيم التمدن والتحضر الغربي المحلقة في فضاءات الدعاية والتبجح ليس إلا ! قبل أشهر قليلة- بسحب مقالة من موقع صحيفة فرنسية مشهورة، بأمر من الرئيس الفرنسي نفسه، لأن المقالة لم تكن ملائمة لطقسه النفسي ومزاجه السياسي !
وما وراء الأكمة الكثير والكثير من شواهد السقوط المروع لادعاءات الغرب الكاذبة في مجالات حرية الرأي والديمقراطية وحقوق الإنسان، وغيرِها من مزاعم التسلط الغربي العنصري العدواني الفج، ومدافنِ مصداقيته المروعة.. ولا عزاء لكل المخدوعين والمنخرطين في فيالق التلميع للوجه الغربي القبيح..الذين يحار المرؤ في توصيفهم وتكييف مواقفهم ، ويتساءل عن الوقت الذي سيُلقون فيه مباخرَ الشيطان من أيديهم، إن لم يحدث هذا اليوم ..حيث الحقائقُ باتت من النصوع والجلاء، بما لايسمح بأي قدر من التغافل والتجاهل وإغضاء العيون..
إذْ يستشري الداء العنصري الهيمني الغربي الصهيوني المستكبر كالداء في عالَمنا مخلِّفا، منذ عقود طويلة، ندوبا وجروحا لا يسهل اندمالها .. ندوبا تشوه وجه الحياة البشرية وتطلق أيادي الشر والفتن والعدوانات والاحتلالات ونهب الحقوق والثروات في كل مكان.. وصولا إلى الروح والثقافة والمعتقد، التي يحاول فيها أولئك المستكبرون وعلى رأسهم أمريكا فرضَ أجنداتهم الزائغة والمنحرفة على بقية الشعوب، جاعلين من الشذوذ والجنوح والتفلت الأخلاقي والقيمي طوطما عاليَ السقف في قداسته المعتسِفة، ووثنا لا بد من الجثو عند قدميه..!
فمتى يستيقظ النائمون في العسل..؟!