إن يمكروا فمكر الله أكبر
منير الشامي
ثلاث هُدن مدتها ستة أشهر انقضت جميعها انتهت مدة آخر هدنة منها في الـ ٢ من شهر أكتوبر الماضي وها هي ثلاثة أشهر تقريباً تنقضي بعدها عاش اليمنيون أيامها في وضع لا يحسد عليه ولم يرَ خلالها أي جديد ولا مستجد لا اتفاق جديد على تمديد الهدنة ولا عادت الحرب إلى ضراوتها ولا انخفضت فيها معاناة الشعب ولم تَفِ دول تحالف العدوان بأي من الشروط لا شروط الهدنة في فتراتها الثلاث ولا الشروط التي طرحتها قيادتنا الحكيمة للتمديد.
والحقيقة أن دول العدوان تماطل وتراوغ متعمدة تطويل هذا الوضع المأساوي على الشعب اليمني كهدف استراتيجي لها في محاولة يائسة منها علها تحقق شيئاً مما عجزت عن تحقيقه طوال سنوات بترسانتها العسكرية وحشودها الوحشية من كل حدب وصوب.
وقد يبدو الوضع الظاهري لهذا الحال للكثير منا أنه في مصلحة دول تحالف العدوان وأن قيادتنا الحكيمة ووفدنا المفاوض لم يحققا أي مكسب طوال تسعة أشهر وهي الفترة من بداية أول هدنة وحتى هذا التاريخ وهذا غير صحيح جملة وتفصيلاً.
ذلك أن المتأمل اللبيب للواقع وللأحداث ولمجرياتها وللوضع الباطن لهذه الفترة يجد أموراً عجيبة ومكاسب عظيمة حققتها قيادتنا خلال هذه الشهور تؤكد حكمة قيادتنا المباركة وفطنتها السياسية وأنها من تملك السيطرة والتوجيه لمسار المفاوضات لا دول تحالف العدوان وأن سيرها في هذا المسار هو صورة من صور مكر الله الأكبر أمام مكر دول العدوان بقيادة صائبة وفق رؤية ثاقبة من قيادتنا المتوكلة في كل أمورها وقراراتها على توفيق الله وتسديده وأنها من خلال هذا المسار كشفت أهداف دول العدوان التي تسعى إلى تحقيقها واستغلتها لمصلحة اليمن والشعب اليمني فجعلتها تسير في مسار التضييق على نفسها شيئاً فشيئاً وكلما مر الوقت زادت من حصار نفسها من جميع النواحي وهو ما نوضحه فيما يلي:
١- كانت قيادتنا وما تزال تعلم جيداً أن دول العدوان لن تفي باتفاقات وشروط الهدنة ولذلك رمت لها الطعم منذ البداية بموافقتها على رؤية العدوان لشروط الهدنة بعدد محدد لرحلات الطيران عبر مطار صنعاء والسماح بدخول عدد محدد من سفن النفط كل شهر ومع عدم وفاء العدوان بذلك وافقت قيادتنا على ثلاث فترات هدنة لأنها كانت بحاجة للوقت وحصلت عليه خلال فترة الهدنة الثلاث ولمدة ٦ أشهر واستثمرته أكفأ استثمار في مجال البناء والإعداد للقوة البشرية ولأسلحة الردع ونجحت في ذلك بفضل الله ووجهت رسائلها عبر العروض العسكرية المهيبة.
٢- بمجرد أن انتهت فترة الهدنة الثالثة كانت تريد دول العدوان تمديد الهدنة لستة أشهر بنفس الشروط السابقة التي لم تفِ بها إلا أن قيادتنا رفضت وبدأت بفرض الشروط هي فرت بها بشكل طعم أيضاً لدول العدوان وتمثلت بحقوق شرعية للشعب، صرف المرتبات، إطلاق الأسرى، رفع الحصار كلياً عن ميناء الحديدة والحظر عن مطار صنعاء…إلخ، فوصفتها دول العدوان بالشروط المستحيلة والمتطرفة فأصرت قيادتنا على تنفيذها كشرط لتمديد الهدنة وبشكل جدي منها استشعر تحالف العدوان فتحرك بنفسه للتفاوض وحضر السعودي والأمريكي بنفسه للتفاوض برعاية عمانية وأزاحوا المرتزقة من المشهد نهائياً وكلما زادت مماطلتهم زادت قيادتنا إصراراً وعزماً.
٣- في ظل مماطلة العدوان وجهت له قيادتنا ضربة قوية بإعلانها وقف نهب النفط ونجحت في ذلك فزاد الخناق عليه أكثر ومع استمرار مماطلته بدأت قيادتنا برفع سقف شروطها وهو ما تبين خلال لقائها بالوفد العماني خلال الأيام الماضية الذي أتى لعرض آخر مستجدات المفاوضات التي يراعها بصحبة وفدنا الوطني المفاوض وبدلاً من أن ينجح الوفد العماني بإقناع قيادتنا بمقترحات دول العدوان نجحت قيادتنا في إعادة الوفد العماني لإقناع وفد العدوان بقبول شروط بسقف أعلى.
والخلاصة أن قيادتنا في ظل استمرار دول العدوان بالمراوغة ستستمر على هذا النحو في رفع سقف شروطها حتى يصبح الخروج الفوري لقوات الغزاة من اليمن براً وبحراً ودون أي قيد أو شرط وإعادة الإعمار دون شرط أو قيد ودفع التعويضات الكاملة عن عدوانهم خلال فترة محددة وفي حالة عدم استجابة دول العدوان فستشعل حرباً ضارية وستستخدم فيها كافة أوراقها الرابحة والأيام ستروي للعالم هذه المشاهد قريباً.