64 مليار دولار فاتورة خسارة التجارة باليمن في سنوات الحرب
يمانيون – متابعات
كشف تقرير صادر عن وزارة التجارة والصناعة أن إجمالي الأضرار والخسائر التي لحقت بالتجارة الخارجية اليمنية بين عامي 2015 و 2021 تجاوزت عتبة الـ64 مليار دولار . وحسب التقرير فإن الخسائر تشمل كلا من عائدات النفط و الغاز إضافة إلى عائدات الصادرات النفطية و عائدات الصادرات الخدمية الأمر الذي أدى إلى تقليص فرص العمل والدخل وتفاقم معدلات البطالة والفقر.
وتترك الحرب تداعيات خطيرة على الاقتصاد، إذ تسببت في تهاوي العملة المحلية وارتفاع أسعار الموادّ الغذائية والوقود، وتفاقم معدلات البطالة، وأصبح أكثر من نصف سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، حسب تقارير رسمية.
خسائر اليمن بالأرقام
حسب تقرير وزارة الصناعة و التجارة في العاصمة اليمنية فقد بلغت واردات اليمن من السلع خلال العام 2021، نحو 10.813 مليارات دولار، موزعة على مختلف السلع الغذائية والاستهلاكية والأدوية والمستلزمات الطبية والمشتقات النفطية، وغيرها من المواد الأخرى. فيما تصدرت واردات السلع الغذائية قائمة الواردات بقيمة 3.592 مليارات دولار، تلتها السلع الاستهلاكية بـ1.944 مليار دولار. و احتلت واردات المشتقات النفطية المرتبة الثالثة بقيمة 1.410 مليار دولار، فيما توزعت بقية الواردات على قطاعات الأدوية والمستلزمات الطبية والأسمدة ومواد البناء وغيرها.
وبيّن التقرير أيضاً أن واردات السلع الغذائية تصدرت قائمة الواردات بقيمة 3.592 مليارات دولار، تلتها السلع الاستهلاكية بـ1.944 مليار دولار. ووفقاً للتقرير فإن اليمن يعتمد بشكل أساسي على استيراد معظم احتياجاته الضرورية من الأغذية والمواد الاستهلاكية والأدوية من الخارج، بنسبة تصل إلى 85% بقيمة سنوية تتجاوز 5 مليارات دولار.
و من جهة أخرى، أوضح التقرير أنّ قيمة الصادرات من السلع اليمنية انخفضت بين عامي 2015 و2021، مقارنة بقيمة الصادرات السلعية خلال العام 2014.
وتشكل الواردات الغذائية والمشتقات النفطية حوالي 60% من إجمالي قيمة الواردات السلعية اليمنية من الخارج سنوياً، فيما الـ40% المتبقّية خصصت لاستيراد المنتجات الأخرى
الصعوبات و الخسائر التي يواجهها الاقتصاد اليمني
عانى مستوردون يمنيّون كثر من جراء الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم بسبب عدم تمكنهم من شحن وإدخال البضائع التي اشتروها من الشركات الأجنبية والتي كان بعضها موجودا في موانئ التصدير وجاهز للشحن. كما وصلت بعض البضائع إلى قرب الموانئ إلا أنه لم يسمح لها بالدخول إلى الموانئ اليمنية وظلت لفترة طويلة هناك ما عرض التجّار اليمنيين لخسائر كبيرة تمثلت في دفع تكاليف وغرامات التأخير، وأيضا تعرضت بعض البضائع للتلف بسبب حساسيّتها.
وذكر التقرير أن أهم الصعوبات والمعوقات التي تواجه التجارة الخارجية اليمنية تتمثل في استمرار الحصار البحري والجوي الشامل الذي فرضته دول التحالف السعودي وتسبب في اختلالات كثيرة في حركة التجارة اليمنية.
وقد أدت هذه المعوقات إلى إحجام شركات الملاحة الدولية عن شحن البضائع إلى الموانئ اليمنية وارتفاع تكاليف النقل والتأمين على البضائع، إضافة إلى التوقّف شبه التام لإيرادات اليمن من العملات الأجنبية، وانخفاض تحويلات المغتربين، والتحويلات المالية من الخارج.
الحرب الاقتصادية على اليمن
مارس تحالُفَ العدوان على الشعب اليمني كُـلَّ أساليب الحروب الاقتصادية المحرمة دوليًّا، فالحرب الاقتصادية على اليمن أمريكية بامتيَاز توجّـهها واشنطن نحو كُـلّ خصومها في العالم. و تسعى اليوم دولَ التحالف التي تشن عدوانها على اليمن لجَنْيَ المكاسب غيرِ المشروعة من وراء الحرب الاقتصادية والحصار بعد فشلها في تحقيق تلك الأهداف من خلال الحرب العسكرية وكلّ الممارسات العدوانية التي مارستها بحق الشعب اليمني.
و من الجدير بالذكر، أن الحربُ الاقتصادية لدول التحالف ليست بالجديدة وليست حتى وليدة العام 2015 كما يظُنُّ البعض، فقد ظهرت بصورة جلية قبل العدوان، حَيثُ سعت دول التحالف إلى التضييق على عمليات التحويلات الخَاصَّة وهذا كان واضحًا في ٢٠١٤ أي قبل العدوان بعام، حَيثُ زعزعت استقرار البلاد بالتفجيرات والاغتيالات وقطع شبكات الكهرباء القادمة من مأرب، وهذا أَدَّى إلى انخفاض الناتج المحلي للبلاد بحوالي ١١ %، وبالتالي كانت هذه السنوات السابقة لإشعال فتيل العدوان على البلاد مقدمة لوجود اختلالات اقتصادية تسمح بانهيار سريع بداية العدوان.
و في هذا السياق اتخذت دول التحالف خطوات الحرب الاقتصادية بناء على المعلومات التي كانت تمتلكها عن الاقتصاد اليمني، كانت دول الخليج تحضر اجتماعات الحكومات اليمنية مع صندوق النقد الدولي، وكانت على اطلاع بكل المعلومات عن الاقتصاد اليمني، وهو الأمر الذي يكشف جانباً من الارتهان والارتماء الذي كان ينتهجه النظام السابق في أحضان الدول التي تشن اليوم العدوان على اليمن.
وفي الوقت الذي تعتمد فيه اليمن على أكثر من ٣٤ % من الطلب المحلي على العالم الخارجي، فكان السيناريو المرسوم أن يكونَ هناك شُحَّ في النقد الأجنبي وانخفاض في الناتج المحلي واعتماد على العالم الخارجي، وكُلُّ ذلك سيؤدّي بالتالي للانهيار الاقتصادي قبل الانهيار العسكري، وهكذا أرادوا أن يستعجلوا الانهيارَ لتنفيذ مخطّطهم على نحوٍ سريع.
عندما فشلوا لجأت دول التحالف إلى نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن ونقل نظام المعاملة الدولية “سويفت”؛ بهَدفِ حرمان الاقتصادِ الوطني من النقد الأجنبي واحتياطيات البنك المركزي اللازمة لتوفير السلع الأَسَاسية والسيطرة على القروض والمساعدات الآتية من الخارج إلى جانب استخدام أدوات السياسة النقدية في الحرب الاقتصادية.
ومن آثار ذلك أن قاموا بطباعة العُملة وأُغرقت السوقُ المحلي بها إلى جانب أنها قامت برفع أسعار الفائدة؛ مِن أجلِ زيادة عبء الدين العام وتكاليف الاستثمار وقامت في نفس الوقت برفع سعر الصرف الرسمي إلى حدود مرتفعة حتى ينعكسَ سعرُ الصرف على أسعار السلع الأَسَاسية حين يتم تمويلُها وبالتالي ترتفع أسعارُها.
وإضافة إلى أنها تخلت عن إدارة أعباء الدين العام والذي كان يمثل العبء الأكبر على الموازنة العامة ويعتبر المحرك الرئيسي للجهاز المصرفي حيث تكون عبئاً ثقيلاً على الدولة في صنعاء فإما أن ينهار الجهاز المصرفي وإما أن تتحمل الحكومة أعباءه، وبالتالي تحملت حكومة الإنقاذ في صنعاء أعباء هذا الدين الداخلي وإدارته رغم الظروف التي كانت حاصلة وقتها، حَيثُ كانت تكاليف عبء هذا الدَّين حوالي ٥٠ % من ميزانيةِ الدولة في ظل الظروف السيئة.
و بعد ذلك لجأت دول التحالف إلى تزوير العملة الامر الذي لم يكن من أجل حركة النشاط الاقتصادي كون العُملة الرسمية الموجودة في الاقتصاد تفوقُ احتياجات المجتمع، إلى جانب أن الجزءَ الأكبرَ من السيولة النقدية المتوافرة هي بيد دول العدوان وليست في صنعاء.
والهدف أن يقوم كبار العملاء والمرتزِقة والخلايا النائمة الاقتصادية بسحب النقد الأجنبي من الاقتصاد المحلي. كان هدفهم بهذا الفعل أن يوصلوا اليمن للعجز عن استيراد أي شيء؛ لأَنَّ الاستيرادَ -كما هو معروف- يتم بالنقد الأجنبي. وبالتالي الوصول للانهيار الاقتصادي.
حجز المشتقات النفطية حلقة في الحرب الاقتصادية
بهدف خنق الاقتصاد و الشعب معاً يتم إخضاع السفن المحملة بالوقود للتفتيش الدولي، ومع العلم أن هذا الفعل محرَّمٌ أَسَاساً على المستوى الدولي ، فالوقودُ يدخل في كُـلّ الأنشطة الاقتصادية الصناعية والزراعية والصحية والخدمية وكلّ المجالات. وبالتالي عند حجز تلك السفن ترتفعُ تكاليف تأخير التفريع إلى جانب ما تأخذُه حكومةُ العملاء من إتاوات إلى جانب تكاليف الشحن والتأمين التي تبقى مرتفعة؛ كون مناطق التفريغ ذاتِ خطورة مرتفعة كمناطق حرب وكُلُّ هذه عوامل ترفعُ من تكلفة الإنتاج ومستوى العام للأسعار إلى جانب عمليات النقل والتحميل، وكُلُّ هذا في ظل انخفاض مستوى الدخل. أي السعي لإيصال اليمن لمرحلة الفشل فالدولة عندما لا تستطيع أن توجد أنشطة اقتصادية ستنعدم إيراداتها وستنهار ويصل المجتمع إلى مرحلة عدم التحمل.
قيود مفروضة على الحوالات و المعاملات البنكية اليمنية
تعتبر القيود على الحوالات البنكية الخارجية إحدى وسائل الضغط التي تستخدمُها أمريكا في حروبها مع الدول، كالصين وإيران وسوريا وروسيا وغيرها من الدول، من المفترض أن يتم فتح منافذ أُخرى مع دول شرق آسيا التي تضاهي اليوم الاقتصاديات الكبرى، عوضاً عن أي تعامل اقتصادي مع دول العدوان، لتعويض السوق المالية، فالعديدُ من هذه الدول لا تشترطُ التعامل بالدولار، كما يمكنُ لصنعاء أن تصدِّرَ لهذه الدول بعضَ المنتجات اليمنية التي يمكنُ أن تساعدَ في رفد الاقتصاد الوطني كالعسل والفواكه والخُضار وغيرها.
* المصدر: الوقت التحليلي