المدوَّنة السلوكية.. بين سندان الراتب ومطرقة المذهبية
أيوب أحمد هادي
كما هو ظاهرٌ وواضحٌ للجميع أن هناك عملاً كَبيراً، ممنهجاً ومخطّطاً لأبواق وأدوات تحالف العدوان وطابوره الخامس بالداخل، يعملُ على إثارة وَزرع السخط والاحتقان الشعبي في المناطق الحرة، من خلال تشويه وَشيطنة واتّهام أنصار الله واستهداف أية أعمال أَو معالجات أَو خطوات تصحيحية أَو تنظيمية أَو تطويرية لمؤسّسات الدولة تقوم بها حكومة صنعاء ومسؤولوها، والأداء الخدماتي وَالمؤسّساتي والمجتمعي؛ بقصد الوصول لعمل احتقان شعبي والتمكّن من ضرب لُحمة الصف الداخلي، وإضعافه وتفكيكه، وُصُـولاً إلى افتعال القلاقل وتحريك الشارع وضرب الأمن والاستقرار والفوضى الخلابة… إلخ.
وتلاحظون ذلك من خلال رَدَّةِ فعلهم الهجومية المنظمة التي تلاحِقُ وتتربَّصُ بأي عمل أَو خطوة تتخذُها حكومةُ صنعاء، خُصُوصاً فيما يتعلَّقُ بمجال التصحيح والبناء المؤسّساتي والخدمي والتنموي، ومن ذلك على سبيل المثال، المدونة السلوكية، رغم أنها عبارةٌ عن مدونة سلوكية أخلاقية، تحتوي مجموعة عناصر من المبادئ والقيم التي تتفق عليها وتقر بها كُـلُّ أنظمة وشعوب ومنظمات العالم، تستلزمُ ضرورةَ تحلِّي موظفي القطاعات المؤسّساتية بها أثناء ممارسة عملهم وَأدائهم الوظيفي في خدمة المجتمع.
إلا أنه تم شيطنة وتشويه وتحريف وحرف مسار المدونة الأخلاقية وما تحتويه من المبادئ والقيم إلى مسار عنصري وطائفي ومذهبي كاذب ومخادع، وَأتحدى أي واحد يقدِّمُ أيةَ نقطة أَو عنصر في المدونة يخالفُ أيَّ مبدأ من مبادئ الدين الحنيف أَو الثوابت المجمع عليها في كافة المذاهب الإسلامية، أَو حتى تخالفُ القيمَ والمبادئ التي أقرتها وأجمعت عليها كُـلّ المدونات السلوكية في كافة أنحاء العالم.
وبعد حرف مسار المدونة عنصرياً ومذهبيًّا، قاموا بحرفها سياسيًّا وإدخَال مشكلة الراتب وتوقُّف الراتب وربطها بالمدونة، بمعنى مفاده أن لا بناءَ إنسانياً ولا ارتقاءَ أخلاقياً وقيمياً وسلوكياً للموظف بدون راتب، ليجعلوا من السموِّ النفسي والأخلاقي والروحي ارتباطًا ماديًّا، وهذا خداع وتضليل وتزييف وتدجين للحقيقة، فكم يا ذات ونفس المشكلة تعانيها بلدانُ ودولٌ عربية وغربية للعديد من السلبيات والقصور والاختلالات في الأداء السلوكي الوظيفي المؤسّساتي وكم يا مسلسلات وأفلام تابعناها كانت تتطرق لتلك المشكلات والسلبيات القائمة في مؤسّساتهم الخدمية، وهم يستلمون كاملَ حقوقهم المالية، ورغم ذلك لم تعالج تلك الاختلالات ولا السلبيات السلوكية ولا حتى ساعدت بأي ارتقاء لأي أداء وظيفي.
وحتى عندنا في بلادنا قبل توقف الراتب، وأثناء ما كان الموظف يستلم كامل مستحقاته المالية، هل كان الأداء الوظيفي للمؤسّسات الخدماتية على أرقى مستوى أم هو ذلك السلوك والسلبيات والمشكلات ذاتها براتب أَو بدون راتب!؟ لنكُن منصفين.
القصدُ أن الوعيَ والبصيرةَ في هذه المرحلة ضرورةٌ حتميةٌ للارتقاء بالمجتمع وتجنُّبِ الانزلاق خلفَ مخطّطات العدوّ الذي يستخدمُ كافةَ أنواع حروبه ضدنا من حرب ناعمة إلى حرب دعائية وإعلامية ونفسية وثقافية وفكرية وسياسية.