الآثار الإقتصادية لقطع العلاقات بين إيران و السعودية.. حقائق و رسائل
يمانيون../
بعد قطع الرياض لعلاقاتها الدبلوماسية مع طهران على خلفية جريمة إعدام الشيخ نمر باقر النمر على يد سلطات آل سعود والإحتجاجات الواسعة التي شهدتها المدن الإيرانية تنديداً بهذه الجريمة والتي أسفرت إحداها عن إقتحام السفارة السعودية في طهران من قبل مواطنين إيرانيين غاضبين أثيرت تساؤلات بشأن الطرف الأكثر تضرراً من هذه القطيعة من الناحية الإقتصادية.
للاجابة عن هذا التساؤلات ينبغي الإشارة إلى ما يلي:
– لا يتعدى التبادل التجاري بين إيران والسعودية الـ 500 مليون دولار سنوياً، وقد واجهت التجارة البينية بين البلدين عقبات أساسية في السنوات الأخيرة أبرزها إنعدام التنسيق المباشر بين رجال الأعمال في الدولتين، وعدم وجود شحن تجاري مباشر بين الطرفين، وعدم توفر الصورة الواضحة حول حاجات كل منهما للآخر.
يعتمد إقتصاد البلدين بالدرجة الأساس على تصدير النفط والمنتوجات البتروكيمياوية، إلاّ أن الإقتصاد الإيراني هو الأكثر تنوعاً وإزدهاراً في هذا المجال وفق آخر الإحصاءيات.
لا يعتمد أي من الإقتصادين الإيراني والسعودي على أحدهما الآخر، وهذا يعني أن قطع العلاقات التجارية بين البلدين لن يؤثر على أي منهما بشكل مباشر.
تشير الإحصاءيات المتوفرة لدى مؤسسة الجمارك الإيرانية إلى أن الصادرات الإيرانية إلى السعودية بلغت 151 مليون دولار عام 2012، في حين بلغت صادرات السعودية إلى إيران في نفس العام 70 مليون دولار، وهذا يدلل على أن السعودية هي الأكثر إستيراداً للبضائع الإيرانية وليس العكس.
تشير إحصاءيات البنك الدولي إلى أن التبادل التجاري بين إيران والسعودية بلغ 205 مليون دولار عام 2014، وهو لايمثل إلاّ شيئاً يسيراً جداً من الحجم الإجمالي للتبادل التجاري الإيراني مع الخارج.
ذكر معاون وزير التجارة والصناعة الإيراني للشؤون الإقتصادية والأسواق، مجتبى خسرو تاج أن حجم الصادرات الإيرانية للسعودية في النصف الأول من العام الماضي وصل إلى ما يقارب 132 مليون دولار بينما بلغت واردات إيران من السعودية 40 مليون فقط، مبيناً أن أهم الصادرات الإيرانية تتمثل بالمواد الغذائية التي يفتقدها السوق السعودي، بينما الواردات الإيرانية، فكان أغلبها مواد بتروكيماوية يمكن تأمينها من أسواق أخرى بسهولة.
يرغب التجار وأصحاب رؤوس الأموال السعوديين بالإستثمار في القطاع الإقتصادي داخل إيران، في حين لاتوجد مثل هذه الرغبة لدى التجار وأصحاب رؤوس الأموال الإيرانيين للإستثمار في السعودية في هذا المجال.
نجاح إيران في إبرام الإتفاق النووي مع المجموعة السداسية الدولية (أمريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) والذي تضمن رفع الحظر الإقتصادي الذي كان مفروضاً عليها على خلفية أزمتها النووية مع الغرب طيلة السنوات الماضية، ساهم بإلافراج عن ودائعها المالية المجمدة في البنوك الغربية والتي تقدر بنحو 100 مليار دولار شاملة استثمارات في مشروعات نفطية في الخارج علاوة على تحريك التحويلات المصرفية المعروفة بـ “سويفت” بين إيران والخارج، وبالتالي تعزيز التبادل التجاري بين طهران ودول العالم، وفي هذا دليل واضح على أن الاوضاع الإقتصادية التي تمر بها إيران حالياً أفضل بكثير من تلك التي مرت بها خلال سنوات الحظر.
ويعتقد الخبراء إن الإتفاق النووي سيجلب منافع كثيرة للإقتصاد الإيراني على مستوى إحتياطيات النقد الأجنبي والتجارة والإستثمار.
انخفاض أسعار النفط بدرجة كبيرة في الأسواق العالمية أثّر بشكل ملحوظ على الإقتصاد السعودي الذي يعاني من عجز يصل إلى نحو 100 مليار دولار، في حين إعتادت إيران على تذبذب أسعار النفط خلال السنوات الماضية وأوجدت البدائل المناسبة للتعويض عن النقص الحاصل في كمية النفط المصدّر من قبلها إلى الخارج نتيجة الحظر الإقتصادي.
تمكنت إيران من تحقيق الإكتفاء الذاتي في الكثير من المواد الغذائية والإستهلاكية خلال سنوات الحظر، في حين لا زالت السعودية تعتمد على الإستيراد لتأمين هذه المواد من الخارج.
بعد توقيع الاتفاق النووي بين طهران والسداسية الدولية سارعت الكثير من الدول الغربية والعديد من دول شرق وجنوب شرق آسيا الى عقد صفقات تجارية مع ايران ، وهذا الأمر سيعزز بدوره الإقتصاد الايراني دون شك، وعندها لن يكون هناك أي تأثير لقطيعة السعودية أو غيرها من الدول التي دعمتها في هذا المجال كالسودان أو الصومال.
هذه المعطيات وغيرها تشير بوضوح إلى أن إيران تمتلك رؤية إستراتيجية تمكنها من مواجهة التقلبات الإقتصادية التي تتأثر بشكل مباشر بأسعار النفط والتطورات السياسية والعسكرية والأمنية الإقليمية والدولية على خلاف السعودية التي بدت تعاني من التقهقر الإقتصادي بشكل واضح منذ شنّها العدوان على اليمن قبل أكثر من عشرة أشهر، ونتيجة إستمرارها بدعم الجماعات الإرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار في العديد من دول المنطقة لاسيّما سوريا والعراق.