منظومة القطاع الصحي.. آثار كارثية بعد عشرة أشهر من العدوان
تحقيق/ أمل الجندي – رجاء عاطف
إن ما يتعرض له الواقع الصحي في اليمن اليوم بات ينذر بكارثة صحية حقيقية، خاصة في ظل اغتيال أبسط الحقوق الصحية التي كفلها القانون الدولي والمتمثلة في حق المريض في العلاج بدون النظر إلى صراعات أو اعتبارات عسكرية وسياسية، فالحقائق التي سجلتها الأوضاع الصحية في عموم محافظات الجمهورية حقائق كارثية تهدد بانهيار المنظومة الصحية في اليمن..
في هذه المادة الصحفية ناقشت صحيفة “الثورة” ما آلت الأوضاع في اليمن، ومؤشرات عن خسائر القطاع الصحي، على صعيد البنية التحتية، ومعاناة المرضى، وجهود الجهات المختصة في وزارة الصحة السكان في مواجهة العدوان الذي طال كل محافظات الجمهورية، من خلال آليات عمل مواكبة لمستجدات الحرب والعدوان كاستقبال الجرحى وحصر الضحايا وغيرها من القضايا المرتبطة بقطة الصحة العام والسكان.. إلى التفاصيل:
في المؤتمر الصحي الذي عقد منتصف الأسبوع الجاري تكشفت حقائق مظلومية شعبنا لوسائل الإعلام، وذلك بما عكسه من دفق معلومات واقعي لكارثية العدوان على اليمن، وبما تضمنه من مؤشرات الضحايا والجرحى والبنية التحتية لأهم قطاعات الحياة المجتمعية وهي القطاعات الصحية والخدمات وأيضا من ناحية تدمير شامل لكل البنية الاقتصادية والتنموية في اليمن، والذي كان يجب أن تركز الجهات المختلفة منذ اللحظة الأولى على كشفها للرأي العام المحلي والدولي.
هذا ما لفت إليه الدكتور القاسم عباس – عميد كلية طب الأسنان الذي أضاف: أن العدوان استهدف الإنسان اليمني في صموده وقوته والخدمات الصحية وأنها تؤثر بشكل كبير على صمود الشعب وهذا ما أدركه العدوان لذلك تم استخدام هذه الخدمات الأساسية ، مشيراً إلى أن من دواعي المؤتمر إعادة ترميم المنظومة الصحية وإعادة الخدمات الصحية للمواطنين الذين تضرروا بانعدامها إلى جانب اشكالية في تكاليف المواصلات وعدم القدرة على التنقل لتلقي العلاج من محافظة الى اخرى ولذلك يتم السعي لوضع خطوط عريضة لإعادة الترميم وكيفية توصيل هذه الخدمات للمواطن في الريف والمدينة بالإضافة إلى إعادة تنظيم المنظومة الصحية وخدماتها التي تقدم للجرحى لأنهم يشكلون شريحة مهمة جدا.
بيئة لانتشار الأوبئة
وقال القاسم: إن موضوع الدواء هو موضوع إنساني بحت، لافتاً لوجود شريحة كبيرة من مرضى السرطان والغسيل الكلوي والأمراض المزمنة والسكر والاوبئة وغيرها إلى جانب شحة الإمكانات والخدمات الصحية وحسب قوله كل ذلك جعلت بيئة قابلة لانتشار الأوبئة وهنا مناجاة للروح الإنسانية والحس الإنساني لمن حولنا أن يلتفتوا إلى هذا الجانب.
ونوه إلى أن المستشفيات الخاصة هي شريك في المعاناة وضحية من الضحايا بنقص الكوادر والأدوية وشحة الإمكانيات ويجب أن لا نكون جائرين بالحكم عليها بعدم تفاعلها مع المواطنين في ظل العدوان، مشيراً إلى أنها عبارة عن منظومات خاصة فيها عدد كبير من الموظفين وعليها التزامات وبالمقابل هناك عجز وشحة وغلاء في المواد سواء الطبية والأدوية والمستلزمات.
وطالب من الكادر اليمني الذين غادروا البلاد في هذه الظروف الصعبة أن يلتفتوا الى حقيقة المخطط الخبيث الذي يستهدف تدمير بنية اليمن وافراغها من كوادرها وأيضا يشدوا على ضمائرهم أن يكون لديهم حس وطني للعودة إلى اليمن في هذه الظروف لأنها بأمس الحاجة اليهم مناشداً الجهات المعنية بأن توفر لهؤلاء الكوادر البيئة الحاضنة والجاذبة لهم في اليمن.
خدمات ملموسة
من جانبه قال الدكتور محمد الشعيبي – عضو اللجنة الصحية في الاتحاد العام بالغرفة التجارية: أن القطاع الصحي يعتبر من أكبر القطاعات المتضررة على المستوى العام والخاص حيث تضرر بنزوح أو خروج الكوادر الطبية الأجنبية واليمنية من اليمن بشكل كبير جداً وعدم وجود الأدوية وعدم السماح باستيرادها مؤملا أن ينجح المؤتمر وما عقد من أجله.
وعن الخدمات التي قدمها القطاع الخاص للمواطنين في ظل العدوان أكد الشعيبي: بأن القطاع الخاص يقدم خدمات طبية كثيرة بما هو ملموس في الواقع كما يغطي كافة المحافظات في الجمهورية والمدن بينما القطاع الطبي العام تأثر جدا لعدم وجود الكوادر أو خدمات طبية صحية في معظم المحافظات او المناطق الريفية بينما وفر القطاع الخاص الجزء الأكبر حيث غطى في مجال الخدمات الصحية والطبية ما يقارب من 90 – 50% من المناطق التي لم تغط في القطاع العام وقمنا بدورنا بعمل وطني في الوقت الراهن.
وحول التنسيق بين القطاع الخاص والعام فيما يخص معالجة الجرحى والمصابين من العدوان أشار الشعيبي إلى وجود غرف مشتركة للتواصل مع القطاع الطبي العام وغرفة عمليات ممثلة بوزارة الصحة والتوجيه باستقبال الحالات الحرجة المتضررة نتيجة العدوان او نقلها وتحويلها من كلا الطرفين ومن ثم يتم استقبالها للعلاج مجانا.
متمنيا أن يتعاون المجتمع الدولي بفك الحصار الجائر على بلادنا وخاصة لدخول الأدوية والمستلزمات الطبية لأن الخدمة الصحية لا يجب حصارها نهائيا كون البلد لازال بسيطا في تقديم مثل هذه الخدمات..
غياب المنظمات
الدكتور نشوان العطاب- وكيل وزارة الصحة للطب العلاجي ، أوضح من ناحيته: بأنه تم تقييم الدعم الدولي خلال المؤتمر الصحي اليمني الذي للأسف لم يتم حضور أي منظمة إليه بسبب علمهم بأن المؤتمر يحمل شعار العدوان ويتحدث عما يقوم به العدوان السعودي الأمريكي على اليمن حيث اعتبرت هذه المنظمات أنه مؤتمر سياسي، وأستطرد أنه لا يخفى أن غياب المنظمات وسكوتها عن العدوان بالرغم من أنها تعرضت للقصف له أسباب تحمل في طياته الكثير من الدلالات والتساؤلات إلا أنه سوف يتم تقييم هذه المنظمات حتى في غيابها ليرى العالم مدى المهزلة التي تقوم بها المنظمات وما هو دورها الصحيح.
وأكد العطاب أن هناك خللاً في الدعم الدولي المقدم حيث لم يتم شراء أي سيارة اسعاف من قبل أي منظمة بالرغم من أن العدوان دمر أكثر من 50 سيارة اسعاف بسبب القصف المباشر كما سيتم التطرق الى الوضع القائم حاليا بعد مرور 11 شهراً على العدوان في الصحة وما قامت به وزارة الصحة خلال فترة العدوان وما قامت به المنظمات وماذا قدمت وما هي أولوياتنا واحتياجاتنا في المرحلة القادمة وستحدد أهداف وبالتالي توصيات ستتعاون وزارة الصحة مع الشركاء لتنفيذها.
قلة إمكانيات
القطاع الصحي الحكومي لم يكن وحده في مرمى طائرات العدوان الغاشم على اليمن، بل طال القطاع الخاص والقطاعات الإنسانية كمستشفيات الإغاثة في صعدة وغيرها من المحافظات أو المستشفيات الخاصة في صنعاء وغيرها.. ناهيك عن المنشآت الصحية الخاصة الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.. هذا ما أشار عبدالإله الحرازي- المدير التنفيذي لمستشفى القاهرة عضو اتحاد المستشفيات الخاصة، مؤكداً أن الوضع الصحي في المستشفيات الخاصة والعامة على حد سواء الأن يمثل كارثة حقيقية في البلد حيث اصبح هناك فئات أخرى وهم الجرحى والمعاقين يحتاجون الى رعاية جادة وحقيقية لتخفيف نسبة الضرر التي قد حلت بهم بسبب العدوان ، وأضاف أن المؤتمر الأول للسياسات الصحية الطارئة خص أعمال الطوارئ وترتيب وتنظيم امكانيات البلاد لمواجهة الأحداث القائمة بما في ذلك الخراب والدمار والاعتداءات الجائرة على رديفا رئيسيا للقطاع العام وقد كان كذلك منذ 2011 وحتى 2015 حيث بني الاتحاد بتجربة قاسية جدا استطاع خلالها تجاوز الأزمة والمساهمة بفاعلية للوصول الى افضل مستوى من مستويات تقديم الخدمات الصحية والإخلاء الطبي أثناء الكوارث والحوادث والقصف.
ودعا الجميع إلى مد يد العون فالمستشفيات بحاجة إلى مواد غذائية ودوائية فكثير من البرامج الطبية شارفت على التوقف وخاصة الأمراض المزمنة كالسرطان والغسيل الكلوي حيث أصبحت هذه الفئات المستضعفة تعاني من ضغط شديد وأصبح المرضى يتساقطون الواحد تلو الآخر بسبب قلة الامكانيات.
وضع كارثي
الدكتور تميم الشامي – الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة ومنسق العلاقات الدولية بالوزارة، أوضح أنه تم من خلال المؤتمر المنعقد توصيف الحقيقة والواقع التي يحاول العالم تجاهلها رغم وضوحها وعدم تحريك أي ساكن ضد هذا العدوان، واليوم وفي هذه اللحظة التاريخية والاستثنائية التي تمر بها بلادنا وفي مرحلة هي الأصعب وظروف هي الأحلك على كل المستويات وبالأخص على الوضع الصحي والإنساني الذي أصبحا يمثلا كارثة واقعية في البلد بسبب الحصار المجحف والعدوان الآثم على اليمن أرضا وإنسانا وما خلفه من انهيار ودمار وتشريد.
حيث قاموا بمناقشة هذا الوضع الإنساني والمنظومة الصحية والقطاع الصحي بشكل عام وكل الآثار الكارثية التي أنتجها العدوان، والقضايا ذات الصلة في محاولة لعرض الوقائع بالأشكال القائمة والأسباب والحلول المقترحة.
وقال: لما كانت الحاجة اليوم إلى تعاون دولي على الرغم ان اليمن ليس بحاجة الى استعانة منهم وانما هو واجب الانسانية لانهم تواطئوا مع العدوان فيجب تقديم ما عليهم مما نهبوه من ثروات هذه الأرض ومع ذلك لم يتم حضورهم لانهم يعلمون أنهم لا يقدمون شيئاً لهذا البلد.
إحصائيات
واستعرض الشامي كل الجوانب والكوارث التي تعرض لها القطاع الصحي والقطاع الإنساني من خلال ورقة العمل التي قدمها بعنوان اثار العدوان السعودي الأمريكي على الوضع الإنساني والمنظومة الصحية في اليمن تحت نقطتين رئيسيتين هما وضع كارثي على الوضع الإنساني ووضع كارثي صحي وذلك من خلال احصائيات بداية من الخسائر البشرية التي وصل اعدادها من الاطفال الشهداء الى ما يقارب 1400 شهيد و 2300 جريح و1800 جريحة من النساء و 1200 شهيدة أما الذكور وصل اعداد الجرحى الى ما يقارب 12600 و 4500 شهيد، أما حالات الإعاقة فقد وصل عددها الى ما يقارب 1460 حالة إعاقة جزئية وكلية، وأصبح عدد الاسر النازحة قرابة 383.955 أسرة أما الأفراد فقد وصل عددهم الى 2.353.720 فرداً.
وذكر أن الآثار الكارثية الصحية في أمانة العاصمة فقد وصل اجمالي المنشآت الصحية الى 16 منشأة وفي صنعاء 12 منشأة وفي تعز 27 منشأة وفي إب منشأة واحدة وفي عدن 8 منشآت و6 منشآت في الحديدة و 4 منشآت في ذمار وفي حجة 20 منشأة وفي البيضاء 8 منشآت وفي لحج 20 وفي صعدة 23 وفي شبوة 6 منشآت وفي أبين 2 وفي عمران 3 وفي الجوف 8 وفي مارب 14 منشأة.