الانشقاقات تعصف بـ”التحالف السعودي الإماراتي”..الأسباب والتداعيات
يمانيون– متابعات :
منذ بداية العدوان السعودي الإماراتي على اليمن ظهر بشكل واضح أن القوات المسلحة اليمنية التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني في الداخل اليمني متماسكة وموحدة وتعمل تحت قيادة واحدة، فقادة صنعاء يديرون دولة حقيقية وفعالة ويديرون قوة قتالية فعالة للغاية، بينما الطرف الاخر المتمثل بما يسمى التحالف السعودي الإماراتي ممزق بسبب الخلافات والاضطرابات بينهم.
في هذا السياق عادت الخلافات داخل التحالف السعودي إلى الظهور للعلن من جديد، فبعد ثماني سنوات من العدوان على اليمن، تظهر قوى التحالف السعودي أكثر تقهقراً وأكثر بعداً عن تحقيق الأهداف المرسومة لعدوانها، في الوقت الذي تبدو قوات صنعاء متماسكة مع قدراتٍ سياسية وعسكرية أكبر.
وفي هذا الصدد يبدو أن الخلاف بين القوات التابعة للتحالف السعودي تعاني هذه الأيام من تخبط واضح ظهر موخراً إلى العلن وخاصة بعد عدم التواصل إلى تمديد للهدنة في اليمن. الخلاف ظهر موخراً للسطح بشكل علني غير مسبوق حيث صدرت العديد من التصريحات من قادة مجموعات تنطوي تحت مسمى التحالف السعودي، التصريحات أفادت بأن تلك القوات لن تكون جزءا من أي معركة قادمة، وما تجدر الإشارة اليه أن هذه التصريحات أثارت العديد من التساؤلات لدى المراقبين للشأن اليمني بما ستؤول إليه الأمور في قادم الأيام . وما هي السيناريوهات المحتمل حدوثها في داخل التحالف السعودي؟ وهل ستشهد الأيام القادمة انقسامات مماثلة لقوات داخل التحالف على غرار ما حدث خلال الأيام الماضية؟
المجلس الانتقالي الجنوبي لن يشارك في أي معارك مستقبلية
خلال الأيام الماضية أعلنت مصادر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي أنها لن تدخل ابداً في معارك قادمة ضد الجيش اليمني واللجان الشعبية اليمنية التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء، حيث نشرت الصحف الإخبارية أن ” المجلس الانتقالي الجنوبي بعث برسالة جديدة إلى صنعاء بهذا الخصوص”، في هذا السياق قال القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي محمد الغيثي إن المجلس الانتقالي لن يشارك في أي معارك مستقبلية ضد “الحوثيين” قبل انجاز تفاهمات سياسية كثيرة” وأوضح أن على كل طرف في المجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي ان يضع إشتراطاته على الطاولة قبل الدخول في أي معارك جنبا الى جنب ضد قوات صنعاء من جهةٍ أخرى أضاف الغيثي” علينا ان نكون واضحين ونعترف بأن الحوثي مسيطر على الشمال ومجلس القيادة الرئاسي والانتقالي والقوات المسلحة الجنوبية ترفض رفضا قاطعا بقاء الحوثي بمركز السيطرة في الشمال، وأكد الغيثي ان موقف المجلس الإنتقالي الجنوبي هو ان يتفق مع الشركاء في ما يسمى “المجلس الرئاسي” على تحديد مصير القضية الجنوبية قبل خوض الحرب. وقال الغيثي إن تأجيل حل القضية الجنوبية مرفوض وإن الذي لم يتفق عليه في مرحلة ما قبل الحرب لن يتم اعطاؤه بعد تحرير صنعاء “
الانشقاقات تعصف بـ”التحالف السعودي” قوات جنوبية تصل إلى صنعاء.
كشف قيادي بارز في ما يسمى المجلس الانتقالي، الاثنين، وصول قوات جنوبية إلى العاصمة اليمنية صنعاء لأول مرة منذ بدء الحرب.. ونشر القيادي همام فتاح الصبيحي صورة لعدد من افراد وحداته على متن اطقم عسكرية وقد نجحوا بالوصول إلى مدينة الراهدة، الخاضعة لسيطرة قوات صنعاء، مشيرا إلى أنهم ينتظرون وصول وحدات أخرى قبل الانطلاق إلى صنعاء لإعلان الولاء لليمن. والصبيحي واحد من عشرات القيادات الجنوبية المتمركزة في لحج، وقد عبر في تغريدته عن شكره لكرم الترحيب بهم من قبل قوات صنعاء ومن سهلوا وصولهم وعودتهم إلى حضن الوطن. وتعد الوحدات المنشقة عن الفصائل الجنوبية الاولى من نوعها منذ بدء الحرب على اليمن، حيث ظل الامر مقتصرا خلال السنوات الماضية على الفصائل التابعة للإصلاح وطارق صالح. وتزامن انضمام الوحدات الجنوبية مع تصاعد المواجهات على جبهات القتال في الجنوب يحمل مؤشرات سلبية للانتقالي الذي يتعرض لضغط سعودي لتسعير القتال شمالا.
مكامن الخلاف..الأسباب والتداعيات
لا يخفى على أحد أن ما يسمى “المجلس الإنتقالي الجنوبي” وحتى قبل تشكيل ما يسمى مجلس القيادة الرئاسي حاول فرض أمر واقع جديد، من خلال سيطرته الأمنية والعسكرية على بعض المحافظات الجنوبية، فرض سلطة الامر الواقع من جهة المجلس الانتقالي الجنوبي وما قام به الزبيدي في المناطق الجنوبية أثار امتعاض من يسمى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وهنا حاولت السعودية العمل لحلحلة الوضع وإعادة الأمور ليكون مجلس القيادة الرئاسي بديلاً لحكومة الرئيس الفأر عبد ربه منصور هادي، لكن الامور لم تحل وبقي المجلس الانتقالي الجنوبي يعمل ككيان له أهدافه وتوجهاته وحتى دعمه الخاص من بعض الدول مثل الإمارات.
من جهةٍ أخرى يمكن القول إن ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي يرى أن السعودية خذلته ولم تتعامل معه بالشكل المطلوب حيث إن أحد أسباب احتداد الصراعات بين المجلس الانتقالي، ومجلس القيادة الرئاسي، هي التغييرات الواسعة التي طالت بشكل خاص العمليات العسكرية التي جرت في شبوة وأبين. نتيجة ذلك فإن الانقسامات داخل التحالف هي موجودة من البداية ولكن يبدو تلك الخلافات التي كانت بالأصل موجودة وصلت إلى ذروتها.
في الوقت الذي يمر على التدخل العسكري لـ”التحالف العربي” بقيادة السعودية عامه الثامن، ولم يحقق هذا التدخل هدفه المعلَن، وإرساء ما تسمى “سلطة الحكومة الشرعية” من جديد. بدلاً من ذلك، أصبح التحالف السعودي مُفككاً بسبب صراعات المصالح حيث كشفت الانشقاقات الاخيرة التي حدثت والموقف الصادر عن قادة في المجلس الانتقالي الجنوبي ضعف الاستراتيجية لدى التحالف السعودي ومجلس القيادة الرئاسي.
فوصول قوات من المجلس الإنتقالي إلى صنعاء يمكن أن تصيب التحالف بحالة من الشلل وستكون هذه الانشقاقات الاخيرة عاملا إضافيا لتقويض الشرعية التي يدعيها التحالف السعودي في حربه على اليمن. في هذا السياق يبدو أن الأيام والاشهر القادمة مليئة بالأحداث والمتغيرات التي لم تسبق وأن حدث وصول القوات الجنوبية لأول مرة إلى العاصمة صنعاء اربك التحالف السعودي وأصابه بالخوف بأن تكون هناك حالات أخرى مماثلة خلال الفترة القادمة، حيث إن الوقائع والاحداث يوماً بعد آخر تثبت عدم وجود أي شرعية لهذا التحالف.
هل تنجح سياسة صنعاء في إعادة المغرر بهم إلى صف الوطن
تزايدت مؤخّراً وتيرةُ العائدين إلى حضن الوطن من المغرر بهم الذين كانوا يقاتلون في صفوف العدوان والتحالف السعودي الإماراتي ضد أبطال الجيش واللجان الشعبيّة وقد عادوا من جميع الجبهات والنسبة الأكبر جبهات مارب والساحل الغربي والمناطق الحدودية مع صعدة، في مؤشر على أن العدوَّ يعيش في رمقه الأخير، وأن اليمن تتهيّأ للانتصار الكبير.
أما عن أسباب عودة المغرر بهم فهي كثيرة أبرزها المعاملة السيئة من قبل العدوان السعودي الإماراتي، حيث أبدى الكثيرُ من العائدين إلى صنعاء سخطهم جراء ما لاقوه من معاملة سيئة من قبل العدوان السعودي والإماراتي، حَيثُ كانوا يتعرّضون للاستخفاف والاستحقار والمهانة من الجنود والضباط السعوديين والإماراتيين ، في حين لا يتلقى الجرحى العناية الصحية، وتنقطع رواتبهم لشهور عديدة بعكس الذين عادوا إلى صنعاء فهم يعيشون في راحة واطمئنان بين أهاليهم وأسرهم وعوائلهم معززين مكرمين، وأن أنصار الله والسلطات في صنعاء استقبلوهم أحسن استقبال، ورحبوا بعودتهم، وقدموا لهم المساعدات.
جزء آخر من العائدين، عادت به صحوة الضمير بعد مشاهدته للمجازر الوحشية في حق الأبرياء والمدنيين من أبناء جلدته في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية، حيث لم تفرق طائرات الحقد السعودي بين طفل وشاب ورجل وامرأة، وكما يشاهد المغرر به قتل العدوان للأبرياء بالاستهداف المباشر يشاهد قتلهم بالحصار والحرب الاقتصادية. اما مجموعة أخرى من العائدين أرجعوا سبب عودتهم إلى حقد النظام السعودي تجاه من يقاتلون في صفه، فقد تكررت الغارات الخاطئة في حق المقاتلين معه والتهديد المتواصل باستهدافهم في حالة تراجعهم أو انسحابهم، وهذا ما حدث في أكثر من مرة فتحدث البعض أن القتال في صف الخائن موت محقق وخسارة كبيرة
في الختام يبدو أن وصول قوات جنوبية إلى العاصمة اليمنية صنعاء لأول مرة منذ بدء الحرب و إعلان مصادر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي أنها لن تدخل ابداً في معارك قادمة ضد الجيش اليمني واللجان الشعبية اليمنية التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء له دلات عديدة وسيكون له عواقب وخيمة على تحالف العدوان السعودي فالتحالف اليوم يمر بأسوأ حالاته حيث إن الانشقاقات في صفوف التحالف السعودي سيربك التحالف أكثر وسيسقط شرعية العدوان التي طالما حاول التستر بها لاستمرار عدوانه على اليمن، من جهةٍ أخرى فإن عودة بعض الوحدات المسلحة إلى حضن الوطن ربما سيفسح المجال للكثير ممن غرر بهم في صفوف التحالف السعودي للعودة للوطن.
المصدر: الوقت التحليلي