ثورةُ استعادة القرار
يمانيون – متابعات
إنَّ مَن يتحدّث عن ثورة 21 سبتمبر بأنها ثورة مِن أجلِ “الجُرعة” فهو مغرِضُ أَو قاصرُ الفهم، فلم يأتِ موضوعُ “الجُرعة” إلَّا بعد أن أصبح الثوار مرابطين حول العاصمة للضغط على حكومة عبدربه التي كان الثوار قد بذلوا معها جهداً كبيراً للتوصل إلى حَـلٍّ للقضايا التي كانوا يطالبون بها، منها قضية الأقاليم التي حاولت حكومة عبدربه تمريرَها من خلال الضغط على القوى السياسية الفاعلة، ولكن موقفَ الثوار الرافض للأقاليم منع تمريرها.
وَأَيْـضاً قضية تنفيذ مخرجات الحوار الوطني المتفَق عليها والتي كان عبدربه يحاولُ تنفيذَها بانتقائية دون تشكيلِ هيئة الرقابة على التنفيذ، وهذا ما كان يرفضه الثوار، ومنها قضية تشكيل الحكومة بمشاركة الثوار والتي كان عبدربه يراوغُ فيها.
وَإذَا تمعنا في القضايا المذكورة نجدُها مرتبطةً بالسيادة الوطنية واستقلالية القرار، وكانت مواقف عبدربه منها تأتي استجابةً لتوجيهات ورغبات سفراء الدول العشر المسيطرِة على القرار اليمني.
وكانت تلك المواقفُ تتناقضُ مع مصالح الشعب اليمني وسيادته، ونتيجةً لذلك صعّد الثوار من تحَرّكاتهم في الشارع، ولكن حكومة عبدربه ورعاتها من السفراء الأجانب لم يتحملوا تلك التحَرّكات وتمت مواجهتها باستخدام القوة المفرطة التي تسببت باستشهاد عدد من الثوار.
وجد الثوارُ أن حكومة عبدربه ترفُضُ الاستجابةَ لمطالب الثوار، وليس ذلك فقط، وإنما زادت في غَيِّها، من خلال فرض جرعة جديدة على المحروقات دون مراعاةٍ لظروف الشعب السيئة نتيجةَ سياسات الحكومة الخاطئة، وعند ذلك رأى الثوار أنْ لا مناصَ من دخول صنعاء؛ ليس بهَدفِ الاستيلاء على السلطة وإنما لفرض مطالبهم على الحكومة القائمة، وقد وجدت تلك الخطوة ترحيباً كبيراً من مختلف شرائح المجتمع، وتم توقيعُ اتّفاق السلم والشراكة الذي اعتبره الكثيرُ من المتابعين تنازُلاً كبيراً من الثوار، ولكن الدول العشر التي تديرُ الأمورَ من خلف الكواليس كانت ترى أن دخولَ الثوار إلى صنعاء سوف يؤدي إلى الحَدِّ من تدخلاتها في الشأن اليمني ويفقدُها الامتيَازاتِ التي كانت قد حصلت عليها في اليمن خلال الفترات الماضية.
ولذلك فقد عملت تلك الدولُ على إفشال أية محاولة تهدفُ إلى إصلاح أوضاع البلاد من خلال التفاهم بين مختلف القوى اليمنية، وعندما فشلت في ذلك حاولت إجهاضَ الثورة بالقوة ولكنها فشلت أَيْـضاً وما نراه اليوم في اليمن يؤكّـدُ ذلك الفشل.
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي