العيد الثامن لثورة 21سبتمبر.. اليمن يفاجئ العالم باقتدار الثورة في “8 أعوام”
ترسانة الصواريخ الباليستية تنمو وتتعاظم كمّاً ونوعاً وتتطور حجماً ومدىً ودقةً وتُفرض معادلات إقليمية
تقرير/ عبدالرحمن عبدالله
وجَّهت القوات المسلحة من خلال الاستعراض العسكري الذي أقامته بمناسبة العيد الثامن لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر رسائل مكثفة ومركزة باتجاه دول العدوان، ومن خلال الاستعراض كرست معادلات حربية جديدة ومتفوقة.
ومِن أكبر ميادين العاصمة الحصينة صنعاء، ميدان السبعين، فاجأت القوات المسلحة اليمنية أصدقاء وخصوم اليمن بعرض عسكري غير مسبوق، وعكَست قدرتها على إعادة بناء أكبر وأهمّ مؤسّسة دفاعية يمنية في ظلّ استمرار العدوان والحصار.
الأهم في الاستعراض هو ما كشف عنه من مفاجآت متعددة في مجال الصناعات العسكرية، وفي هذه المادة نتحدث عن الصواريخ الباليستية.
اقتدار ثمانية أعوام من عمر الثورة
ضاعفت اليمن من الأهمية الاستراتيجية لأنظمة الصواريخ الباليستية التي تعتبر ردعا استراتيجيا فاعلا، وسلاحا وازنا في الحرب، ومنذ بداية العدوان وضع قائد الثورة استراتيجية حرب النفس الطويل بادئا بوضع برنامج لصناعة الصواريخ البالستية، انطلقت من إعادة تأهيل المتوفر القليل من الصواريخ، ثم التفعيل الأمثل للاستخدام للصواريخ التي كانت موجودة في مخازن الجيش، وتنفيذ ضربات نوعية مسدّدة، مقابل ذلك الاستفادة من هذه المنظومات في إعادة تصنيعها وحتى تطويرها يمنيا.
لم يسبق أن استخدمت الصواريخ الباليستية بفعالية وأداء كما استخدمها المجاهدون في اليمن، أما الاستفادة من التقنيات وتطويرها أيضا فهي ميزة نادرة، وصولا إلى صناعة سلاحٍ يمنيٍّ نوعيٍ وازن، كرّس معادلة ردع تتجاوز الحرب الحالية مع تحالف العدوان إلى تكريس قوة كبيرة تصبُّ في مصلحة الأمة كلها.
في ديسمبر 2017 عرضت المندوبة الأمريكية بقايا صاروخ يمني ضرب قاعدة عسكرية ومطارا في الرياض، وعرضت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، حينها قطعة الصاروخ الذي انفجر حينها وألحق أضرارا بالقاعدة والمطار السعودي، وقالت إن الصاروخ الذي أُطلق على الرياض قصير المدى، لكنه خطير إذا استُخدم على أهداف كالعاصمة السعودية، كان الصاروخ حينذاك هو بركان، الذي تطور وصار اليوم بأجياله الثلاثة منظومة باليستية بعيدة المدى.
منذ ذلك الحين جرت في النهر مياه كثيرة، تعززت الترسانة البالستية من الصواريخ لليمن، زادت أعداد الضربات حتى اشتعلت منشآت أرامكو مرارا، في بداية العام نفذت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير ضربات عنيفة على أبو ظبي ودبي، واستهدفت قاعدة الظفرة الجوية الأمريكية الفرنسية في أبو ظبي، ومنشآت صناعية وحيوية أخرى في مدن دويلة الإمارات التي كانت حينها تصعد وتيرة الحرب في شبوة، حدث أن قام العالم ولم يقعد تحت وطأة الضربة الأولى التي أسميت عملية إعصار اليمن الأولى، ثم تلتها العملية الثانية فالثالثة، عمليات مثلت تحولا هاما في مسار الحرب العدوانية، الصاروخ الذي استخدم حينها كان «ذو الفقار» الذي كُشف عنه خلال الفترة.
لقد أضيف إلى بركان وذي الفقار بعيدات المدى صواريخ بعيدة المدى أكثر دقة وأبعد مسافة، وأقوى تدميرا، ومنه (حاطم) الذي يحمل رؤوسا عدة بقوة تفجيرية كبيرة كشف عنه وعن ست منظومات صاروخية جديدة في الاستعراض العسكري الذي أقيم بمناسبة العيد الثامن لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.
عرضت القوات المسلحة في الاستعراض العسكري لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر خمس عشرة منظومة من الصواريخ الباليستية المتوسطة وبعيدة المدى استعرضتها القوات المسلحة في العرض العسكري الأضخم، ومن بين خمسين صاروخا باليستيا من 15 منظومة صواريخ، أزاحت الستار عن ست منظومات صاروخية باليستية ومجنحة جديدة بعيدة المدى لأول مرة يكشف الستار عنها في الاستعراض العسكري، ومن المناسبة الثورية، ومن الظرف السياسي والعسكري، أرادت اليمن إرسال رسائل وتكريس معادلات عسكرية واستراتيجية من الاستعراض الصاروخي الذي شهد أيضا استعراضا لطائرات مسيرة وأسلحة بحرية ودفاعات جوية وصناعات برية أخرى.
قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م كان لدى اليمن عدد محدود من الصواريخ البالستية التي أكل الدهر عليها وشرب، وكانت معطوبة جراء الإهمال وسوء التخزين، ولأسباب أخرى تتعلق بالهيمنة الخارجية التي ركزت جهدها على تدمير القدرات الصاروخية لليمن.
حين بدأ العدوان على اليمن كانت ألوية الصواريخ ومخازنها هي الهدف الأول للحرب، وفي الأيام الأولى للحرب تكررت المؤتمرات الصحفية لأحمد العسيري الناطق حينها باسم تحالف العدوان وهو يتحدث عن تدمير القدرات البالستية رغم محدوديتها، حتى أعلن بعد شهرين التدمير الكامل لكافة القدرات البالستية الموجودة في اليمن، لكن اليوم بعد سبعة أعوام وأشهر من الحرب، تستعرض اليمن ترسانة باليستية متطورة وكبيرة تجعل منها الدولة الأولى في المنطقة في امتلاك الصواريخ وصناعتها.
أنظمة صاروخية جديدة
كشفت اليمن عن خمس عشرة منظومة صواريخ باليستية، منها ست منظومات جديدة، تتنوع هذه المنظومات التي عرضت بين مديات متوسطة وبعيدة المدى، وهناك أجيال متعددة داخل كل منظومة، علاوة على تمكنها من تطوير الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب بل وعملت على مراحل صاروخية متقدمة تعمل بالوقود الصلب بقطر كبير.
ومن واقع الاستعراض العسكري، فإن الترسانة الصاروخية للجيش اليمني تتمثل في:
أولا- الصواريخ الباليستية والمجنحة التي كشفت القوات المسلحة الستار عنها لأول مرة في الاستعراض العسكري بمناسبة العيد الثامن لثورة 21 سبتمبر.. وستدخل المعركة القادمة.
1.صاروخ حاطم دخل الخدمة مؤخرا صاروخ أرض – أرض، صاروخ جديد أنتج ودخل الخدمة مؤخرا وتم تجربته على أهداف بعيدة، وهو صاروخ باليستي بعيد المدى وسيكون له دور حاسم في الحرب.
- صاروخ فلق بعيد المدى، وهو صاروخ باليستي أرض – أرض يحمل عدة رؤوس دقيقة الإصابة، كشفت عنه القوات المسلحة في العرض وهو صاروخ جديد تم تجربته مؤخرا.
- قدس 3 المجنح، وهو صاروخ مجنح كروز من الجيل الثالث لصواريخ قدس المجنحة، وكشف الستار عنه للمرة الأولى وهو صاروخ باليستي أرض – أرض بعيد المدى إصابته للأهداف بدقة عالية ومداه بعيد.
- صاروخ كرار، صاروخ باليستي جديد دخل الخدمة مؤخرا أرض – أرض، متوسط المدى يعمل بالوقود الصلب يتميز بدقته العالية.
- صاروخ البحر الأحمر صاروخ باليستي –أرض- بحر، وهو من الصواريخ الجديدة التي أزيح الستار عنها لأول مرة في العرض العسكري، وهو صاروخ مهم يستطيع ضرب أي هدف في البحر الأحمر أو في خليج عدن أو في البحر العربي، وهو الصاروخ الذي أشار إليه الرئيس المشاط في خطابه بالعرض العسكري “وعد الآخرة” وقال إننا قادرون على ضرب أبعد نقطة في البحر من أبعد إطلاق في البر.. هذا الصاروخ تم تجربته مؤخرا وتم إنتاج أعداد هائلة من هذه الصواريخ.
- الصاروخ الاستراتيجي الجديد صاروخ المحيط، وهو صاروخ أرض – بحر، جديد كشف الستار عنه لأول مرة في العرض العسكري، وهو صاروخ باليستي استراتيجي بعيد المدى مطور من صاروخ قاهر.
ثانيا- الصواريخ التي عرضت في الاستعراض وسبق الكشف عنها واستخدامها في الحرب.
7.صاروخ توشكا، صاروخ باليستي متوسط المدى روسي الصنع استخدمته القوات المسلحة في ضربات عديدة أبرزها ضربة صافر التي استهدفت التجمعات الإماراتية في صافر بمارب في العام 2015، وضرب مقرات القيادة العسكرية لتحالف العدوان في ذباب في العام نفسه والتي قتل فيها قائد قوات التحالف حينها، وضباط وقادة عسكريون تابعون لتحالف العدوان.
- صاروخ سعير، صاروخ باليتسي دقيق الاستهداف متوسط المدى أرض – أرض له دور بارز وحاسم في جبهات القتال. وكانت له ضربات مؤرقة في جبهات القتال خصوصا في جبهة مارب وجبهات الحدود، ونفذت القوات المسلحة عمليات ضرب قواعد السعودية في نجران وجيزان وعسير بهذا الصاروخ.
- صاروخ قاصم 1 دخل الحدمة قبل حوالي عام ونصف وكانت له ضربات منكلة ومسددة بالأعداء، وهو صاروخ أرض – أرض باليستي دقيق الإصابة وهو صائد التجمعات المعادية.
10.صاروخ قاهر إم 2 كان له دور بارز في المعركة، وهو صاروخ أرض أرض باليستي له دور حاسم في المعركة، متوسط المدى يعمل بالوقود الصلب والسائل وقد نفذت مئات الضربات بهذا الصاروخ.
- صواريخ قدس المجنحة «كروز» وهي قدس1 صاروخ قدس2 صاروخ قدس3.
- منظومات بدر بأجيالها الثالثة بدر1 وبدر2 وبدر 3، وهي منظومات صاروخية جرى استخدامها في المعارك لكن القوات المسلحة أزاحت الستار في الاستعراض عن الجيل الثاني صاروخ «بدر2» الجيل الثاني من صواريخ بدر، قصير المدى ويعمل بالوقود الصلب، وصواريخ بدر كان لها دور فاعل في تدمير قواعد عسكرية معادية، وفي استهداف منشآت العدو في القواعد العسكرية في نجران وجيزان وعسير وخميس مشيط.
- صاروخ بركان 2 من الصواريخ الباليستية المعروفة التي استخدمتها القوات المسلحة مرارا في قصف الرياض وعواصم دول العدوان وينبع وكان له دور بارز في عمليات توازن الردع ومنها عملية سبتمبر 2019 التي أحرقت منشآت بقيق وخريص.
- ذو الفقار هذا الصاروخ الباليستي استخدم في ضربات عديدة نفذتها القوات المسلحة، وأهمها عمليات إعصار اليمن الثلاث، وضرب قاعدة الظفرة في أبو ظبي والمصفح والمطار واستهداف دبي، في العمليات الثلاث كان ذو الفقار هو الصاروخ الذي نفذت به العمليات.
تطورات في التوجيه الدقيق والمدى
منذ عام 2015، تم دمج ميزة أخرى هي التوجيه الدقيق النهائي الذي أصبح يمتلك إمكانيات أكبر. ومن خلال استخدام صاروخ بركان بعيد المدى، وسعير وبدر متوسط المدى التي امتازت بدقة الإصابة، باتت اليوم كل المنظومات تتمتع بقدرة عالية على الإصابة والتهديف.
وأظهرت الضربات الصاروخية خلال الفترات الماضية قدرات متطورة في التهديف والإصابة لصواريخ اليمن البالستية، ويمكن لصاروخ سعير متوسط المدى إصابة نوبة حراسة صغيرة في إحدى القواعد العسكرية، لكنما كشف في العرض العسكري يضيف الكثير، أكان في الدقة أو في الكم، أو في القوة التدميرية، أو في تلك التي لها رؤوس حربية عديدة، أو في المديات، وكذلك في استخدام الوقود الصلب.
اليمن بلد باليستي متفوق على مستوى المنطقة
من المؤكد أن برامج تصنيع الصواريخ الباليستية وصواريخ «كروز» للقوات المسلحة قد أسفرت عن قيام قدرات دفاعية محترمة؛ أما قوة الردع العسكرية لديها فهي متعددة الجوانب، ومع ذلك، يمكن القول إن قوتها الصاروخية الدقيقة، والقاتلة، وذات المدى الأطول أصبحت الجانب الأكثر أهمية في عقيدة اليمن العسكرية الشاملة.
التركيز الاستراتيجي طويل المدى لقيادة الثورة اليمنية هي على زيادة نطاق الأنظمة العسكرية، وقد يكون من المفيد لدول العدوان أن تعمل سريعا على وقف الحرب على اليمن حتى لا تتسبب باستمرارها في مخاطر إقليمية شاملة.
وفي ضوء ما سبق، فإن اليمن أصبح بلدا باليستيا بامتياز، يتميز على مستوى المنطقة إن لم يكن البلد الأول الذي يمتلك ترسانة صاروخية باليستية تُصنع محليا وبقدرات وطنية وبصناعات متطورة على مستوى المنطقة.
وإذا كان شبح مائة صاروخ أو مائتي صاروخ باليستي كانت موجودة في مخازن الجيش اليمني، يمثل تهديدا لدول العدوان في بداية الحرب، فإن عليها اليوم أن تواجه شبح آلاف الصواريخ المتنوعة والمتعددة والمتطورة، وأن تدرك بأن اليمن لم يعد بحاجة لاستيراد الصواريخ من الخارج، بل باتت مقتدرة في صناعتها بل وفي إمكانية تصديرها وبيعها للحلفاء.
وأمام التطورات والخسائر الكبرى التي يتعرض لها تحالف العدوان، وأمام القوة الثورية الصاعدة في اليمن، لم يعد أمام تحالف العدوان سوى الإدراك بأن استمرار الحرب خطر عليه، وتبعات ذلك كبيرة.
- نقلاً عن الثورة