(نص) كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام 1444هـ -2022م
يمانيون../
أَعُــوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَــنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَاْلَمِيْنَ، وَأَشهَـدُ أنْ لَا إِلْهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُهُ وَرَسُــوْلُه خَاتَـمُ النبيين.
اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ.
وَاْرْضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنْتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصَّالحِيْنَ وَالمُجَاهِدِيْنَ.
أيُّها الإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ.
الْسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
وعظَّم اللهُ جرنا وأجركم في ذكرى استشهاد الإمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب “عليه السلام”.
في هذهِ الذِّكْرَى التَّاريخيةِ المهمَّةِ، التي من المهمّ أن نستفيدَ منها من واقع ما نُعانيه كأمةٍ مسلمة، فاستذكارُنا للتاريخ وللأحداث التاريخية مما نحتاجُ إليه، بالنظر إلى واقعنا، وما نواجِهُهُ من تحدياتٍ وأخطارٍ، وما نعيشُه من مِحَنٍ ومَآسٍ ومعاناةٍ كبيرة، نحتاجُ إلى الاستفادة من الأحداثِ التاريخيةِ فيما يزيدُنا وعياً، وبصيرةً، ويقيناً، وعزماً، وقوة إرادَة.
وصلتُنا كأمةٍ مسلمة بتاريخنا هي صلةٌ حتمية، من حَيثُ صلةِ الأُمَّــة بشكلٍ عام برموزها، ومن حَيثُ صلتِها الثقافية والفكرية، ومن حَيثُ تأثير الأحداث نفسها التي حصلت في تاريخ الأُمَّــة في مستقبل الأُمَّــة.
ومن أبرز الأحداثِ في تاريخ الأُمَّــة، ومن أهمها، ومن أكثرها تأثيراً، تأثيراً شاملاً، تأثيراً على المستوى الثقافي والفكري والعملي، من أبرز هذه الأحداث: نهضة الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ” واستشهاده، وذلك من جوانب متعددة، الأهميّة الكبيرة لهذه النهضة في تاريخ أمتنا الإسلامية، والتي يشهدُ لها اهتمامُ الكتب التاريخية بها، الكتب التاريخية لمختلف مذاهب الأُمَّــة، واتّجاهاتها الثقافية والفكرية، بالذات القديمة، المصادر المعتبرة لدى أطياف الأُمَّــة فيما مضى، أعطت اهتماماً توثيقياً كَبيراً لنهضة الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ”، وكذلك ما كان لهذه النهضة والثورة من أثرٍ كبير في الواقع، امتد في واقع الأُمَّــة على مدى الأجيال.
فهذه النهضة التي لها أهميتها من جوانب متعددة، بالنظر أولاً: إلى شخصيةِ الإمامِ الشهيدِ زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ”، فهو سليل بيت النبوة، أبوه الإمام زين العابدين، وسيِّد الساجدين: علي بن الحسين، وجده سبط رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، جده الإمام الحسين بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ” سبط رسول الله “صلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى آله”، وما عُرِفَ به الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ” في أوساط الأُمَّــة بشكلٍ عام بمختلف اتّجاهاتها الثقافية والفكرية، بمختلف أطيافها، ما عُرِفَ به من مكانته العظيمة، معروفٌ بمقامه العظيم على المستوى العلمي، والثقافي، والأخلاقي، والقيمي، وهو المعروف بين الأُمَّــة في ذلك العصر بحليف القرآن؛ لعلاقته الوثيقة بالقرآن الكريم، بكتاب الله تبارك وتعالى، علاقة العلم، والمعرفة، والعمل، والالتزام الأخلاقي والإيمَـاني، الارتباط الوثيق الذي يشمل كُـلّ شيء: كُـلّ ما يمثل أهميّة في علاقة الأُمَّــة، وعلاقة الإنسان المؤمن بكتاب الله تبارك وتعالى.
ومن حَيثُ طبيعة القضية التي تحَرّك؛ مِن أجلِها الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ”، وكذلك من حَيثُ مظلوميته، وحجم تلك المظلومية، كُـلّ هذا جعل لهذه النهضة موقعها البارز، والكبير، والمتميز، والحاضر في كتب التاريخ، وفي أحداث التاريخ، وفي مسار أحداث التاريخ، التي أثَّرت في واقع الأُمَّــة على امتداد أجيالها.
الإمامُ الشهيدُ زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ” في نهضته تميزت تلك النهضة بوزنها وأهميتها على المستوى الأخلاقي والقيمي والمبدئي، فهي نهضة يستند فيها إلى كتاب الله تبارك وتعالى، إلى مبادئ وقيم هذه الأُمَّــة الإسلامية، المبادئ الأصيلة، وهي تمثل الامتداد للنهج المحمدي الأصيل، وهي نهضةٌ سعى من خلالها إلى إنقاذ الأُمَّــة من الاستعباد، والإذلال، والاضطهاد، وسعى لإنقاذ الأُمَّــة من حالة الاستسلام والخنوع في ظل وضعٍ كارثي تعيشه الأُمَّــة آنذاك نتيجةً لاستحكام سيطرة طغاة بني أمية عليها، واتِّخاذهم دين الله دَغَلا، وعباده خَوَلا، وماله دُوَلا.
الطُّغيانُ الأموي انتهك كُـلَّ الحرمات، وتجاوز كُـلّ الخطوط الحمر، واستباح المقدسات، واستهتر بالدين الإسلامي، واستعد الأُمَّــة وأذلها، وبلغ الذروة في ذلك، وصل إلى درجة الاستباحة لكل المقدسات، ما فعله طغاة بني أمية في مكة بإحراقهم للكعبة لمرتين، واستباحتها، والاستباحة لمدينة النبي “صلوات الله عليه وعلى آله”، وقتل سكانها، والاستباحة لذرية وعترة رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، والسعي لإبادتهم، والاستباحة للأُمَّـة بشكلٍ عام، للأُمَّـة الإسلامية، واعتبار الأُمَّــة عبيداً وخولاً لهم، واستهتارهم بالدين الإسلامي، وسعيهم لتحريف مفاهيمه، والتلعُّب به، واستئثارهم بثروة الأُمَّــة، واستغلالها لشراء الذمم والولاءات، والاضطهاد للأُمَّـة من خلال ما مَكَّنوا به أنفسهم، استئثارهم بإمْكَانات الأُمَّــة، وبناء قوة عسكرية تخدمهم لتنفيذ أهدافهم ومصالحهم فيما يضر بالأمة، وُصُـولاً إلى الاستهتار بالقرآن الكريم، طغاة بني أمية كانوا يستهترون ويستخفون حتى بالقرآن الكريم، نظرتهم إلى القرآن وتعاملهم معه بالاستخفاف، والاستهتار، والسخرية، والاستهزاء، والسعي لتحريف معانيه، والسعي أَيْـضاً لتغيير مفاهيمه، بالافتراء والتزوير، وكذلك الاستخفاف بالرسول “صلوات الله عليه وعلى آله وسلم”، والإساءة إليه، واختلاق الكثير من المرويات التي تشوِّه رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، وتسيء إليه أبلغ الإساءة، وهذا حدث كَثيراً في تاريخهم، وقائلهم يزيد الذي قال:
تلعَّب بالبرية هاشميٌّ بلا وحيٍ أتاه ولا كتاب
فما فعله بنو أمية بالأمة، وما وصلوا إليه من الظلم لها، والاستعباد لها، والإذلال لها، جعل الأُمَّــة في وضعية صعبة جِـدًّا، وفي تلك المرحلة التي نهض فيها الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ”، كانت وضعية الأُمَّــة قاسية جِـدًّا؛ لأَنَّ السيطرة الأموية كانت قد استحكمت قبضتها على الأُمَّــة من جديد، كانت ثورة الإمام الحسين ونهضة الإمام الحسين “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ” ضد الانقلاب الأموي على الإسلام، أحدثت تأثيراً كَبيراً في واقع الأُمَّــة، واهتزازاً كَبيراً لطغيان بني أمية، ثم أتت نهضة الإمام الشهيد زيد بن علي حفيد الحسين “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ”، أتت؛ باعتبَارها امتداداً لنهضة جده الإمام الحسين “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ”، وباعتبارها أَيْـضاً من منطلق القرآن الكريم، والمبادئ الإسلامية، فهي ضرورة دينية، وهي كذلك نهضةٌ تمثل الامتداد للإسلام المحمدي الأصيل، فهي بكل هذه الاعتبارات تقدِّم لنا النموذج، القُدوة والأسوة الذي نقتدي به، ونتأسى به، وهي أعطت أَيْـضاً للحق حيويةً في واقع الأُمَّــة، وامتداداً واستمراراً في مستقبل أجيالها، وهي أسهمت بشكلٍ كبير في إسقاط الكيان الأُموي الطاغوتي فيما بعدُ؛ ولذلك لها أهميتُها الكبيرة، ولها علاقتها بنا وبواقعنا، وهي غنية بالدروس والعبر، التي نستلهمها ونستفيدُها منها.
بمثل ما وصف التاريخ من مختلف كتب الأُمَّــة، باختلاف أطيافها، وليس من وجهة نظرٍ أَو روايةٍ تخص طيفاً من أطياف الأُمَّــة، أَو جهةً من أبناء الأُمَّــة، بل بمصادرها بشكلٍ عام، بمختلف أبنائها، واتّجاهاتهم، وأطيافهم، ما وصفوه من طغيان بني أمية، من طغيان طغاة بني أمية، وظلمهم، وإفسادهم، واضطهادهم للأُمَّـة، وإذلالهم للأُمَّـة، ووحشيتهم في ارتكاب أبشع الجرائم بحق الأُمَّــة، وقتلهم لمئات الآلاف من أبناء الأُمَّــة، ولاستباحتهم مقدسات هذه الأُمَّــة، واستخفافهم برسالتها، ودينها، وقرآنها، ونبيها، وصف الإمام زيدٌ “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ” كُـلّ ذلك الواقع في رسائله للأُمَّـة، وهو يذكِّرها بما هي فيه من واقع، ويذكِّرها بمسؤوليتها تجاه ذلك الواقع، وهذا فيه دروسٌ مهمٌّ جِـدًّا لنا في هذا الزمن.
من أبرز كُتُبِه (كتب الإمام الشهيد “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ”) إلى أبناء الأُمَّــة، يصفُ فيه الواقع، ويستنهض الأُمَّــة، قال فيه: ((وقد عرفتم حالكم التي أنتم عليها))، وهذه مسألة مهمّة؛ لأَنَّ على الأُمَّــة أن تستوعب الواقع الذي هي فيه، وأن تمتلك المعايير الصحيحة في تقييم ذلك الواقع، وأن تحدّد مسؤوليتها بشكلٍ صحيح تجاه ذلك، وتتحَرّك بناءً على ذلك، ((وقد عرفتم حالكم التي أنتم عليها، من الفتنة في دينكم))، فبنو أمية طغاتهم عملوا على أن يتخذوا دين الله دَغَلا، أن يفسدوا على الأُمَّــة علاقتها بدين الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، من خلال تحريف المفاهيم الدينية، واختلاق مفاهيم زائفة، تقدَّم على أنها تمثل مفاهيم الإسلام ومعارف الإسلام، وهي تدجِّن الأُمَّــة لهم، وتخضع الأُمَّــة لهم، وتفقد الأُمَّــة قيمة دينها في واقع حياتها، وهذه مسألة خطيرة جِـدًّا، يعتبر هذا أكبر وأخطر وأسوأ أشكال الاستهداف للأُمَّـة؛ لأَنَّ الأُمَّــة إذَا ابتعدت وفصلت عن دينها في شكله الصحيح، في حقيقته وحقائقه، في مبادئه الأصيلة؛ فهذه الحالة من الانحراف تمكّن الطغاة من أن تستحكم سيطرتهم على الأُمَّــة، وقد سيطروا هم على مفاهيمها، مبادئها، ثقافتها، تصوراتها، ووفق ما يريدونه هم، ووفق ما يخدمهم.
((من الفتنة في دينكم، والبلاء في عيشكم))، كان لذلك التحريف في مفاهيم الدين تأثير سلبي في واقع الحياة، وهذا من أهم ما يجب أن تستوعبه الأُمَّــة، لا يمكن أبداً أن تُضرَب هذه الأُمَّــة وتفصل عن دينها في حقيقته، في مفاهيمه الصحيحة، ويبقى واقعها مع ذلك صالحاً، وحياتها مستقرةً ومستقيمةً، خسارة هذه الأُمَّــة لدينها ومبادئها الصحيحة والأصيلة، يبنى عليه واقع الحياة، يبنى عليه تغيير المفاهيم وبناء الواقع على أَسَاسها، وهي مفاهيم تخدم الطغاة والمجرمين، ولهذا يقول: ((والبلاء في عيشكم، من سفك دمائكم، والاستئثار بفيئكم عليكم))، فالأمة كانت مستباحة حتى في الدماء، يرتكب بحقها كُـلّ أنواع الجرائم، ولا يتحرج طغاة بني أمية من قتل مئات الآلاف من المسلمين، فعلوا هذا، ولا من قتل أحد من أبناء الأُمَّــة بكل بساطة، حتى على الشك، والتهمة، والظنِّة، ولأبسط وأتفه الأسباب، يحكي التاريخ وقائع كثيرة، وقصصاً كثيرة، وأحداثاً كثيرة فيما يتعلق بهذا الجانب.
وكذلك: ((والاستئثارُ بفَيئكم عليكم)): الإفقار للأُمَّـة ونهب ثرواتها ومقدراتها وإمْكَاناتها، ((فهذا ما أنتم عليه مقيمون في زمانكم، وبهذا العمل اليوم ولاتكم فيكم))، السياسة المعتمدة في السيرة في الأُمَّــة على هذا النحو.
((وبهذا اليوم ولاتكم فيكم وبعد اليوم يعملون، ثم الذي إليه مفزعكم زعمتم وولي عهدكم))، يعني: الملك الأموي الذي قد يرجعون إليه، يفزعون إليه ليخلصهم مما يفعله الولاة، ((قد بلغكم واستفاض فيكم خبره أنه على غير دينكم وما جاء به نبيكم “صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ” من ضرب المؤمنين وأذاهم، وتغيير كتاب الله تعالى، وشرب الخمور، واتِّخاذ المعازف، وتعطيل الحدود))، من هو في هرم السلطة، من هو في موقع السلطة، من يمكن أن يرجعوا إليه، أَو يعوِّلوا عليه ليفك عنهم ما فيه، هو بذلك المستوى من السوء، الذي بلغكم واستفاض فيكم خبره، أنه يخالف بشكلٍ تام دين الله تعالى، ومنهجية نبيه “صلوات الله عليه وعلى آله” في تعامله حتى مع المؤمنين، ((من ضرب المؤمنين وأذاهم))، وفي سعيه لتحريف مفاهيم كتاب الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وتغيير كتاب الله تعالى، ((وشرب الخمور، واتِّخاذ المعازف)): ارتكاب المحرمات، ((وتعطيل الحدود، وهل يكون بلاءٌ على أُمَّـة أشد مما أصبحتم عليه اليوم لو تعقلون))، يقول: أنتم في أسوأ وضعية، خسرتم فيها دينكم ودنياكم، وضعية خطيرة بكل ما تعنيه الكلمة، ((فماذا تنظرون بعده؟))؛ لأَنَّ عليكم مسؤولية تجاه واقعكم هذا.
((فاللهَ اللهَ عبادَ الله أن تحبَطَ أعمالُكم وأنتم لا تشعرون، وأن تستوجبوا من الله السخطَ وأنتم لا تعلمون))، في مقابل مسؤوليتكم الكبيرة لتغيير ذلك الواقع، إذَا فرطتم في هذه المسؤولية، وتنصلتم عنها؛ سيسبب لكم هذا السخط الكبير من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، والعقوبات العاجلة، والنقمات من جانب الله، أمر خطير؛ لأَنَّ عليكم بانتمائكم للإسلام والإيمَـان التزامات إيمَـانية وأخلاقية تجاه ذلك.
((وأنتم لا تعلمون، فيحل بكم من نقماته وبأسه ما حَـلّ بمن كان قبلكم من أهل المعاصي، والتولي عن أمره، فَـإنَّه قال في كتابه عزَّ من قائل: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرض فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دمّـر اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا}[محمد: الآية10]))، إلى أن قال في ذلك الكتاب: ((فراجعوا الحق عباد الله))، يعني: ارجعوا عمليًّا في موقفكم، في تحَرّككم إلى الحق، فالتزموا به، تحَرّكوا على أَسَاسه، انطلقوا على أَسَاسه، قفوا موقفه، ((فراجعوا الحق عباد الله، وأجيبوا أهله، وكونوا عوناً لهم، فَـإنَّا ندعوكم إلى كتاب الله تعالى، وسنة نبيه “صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ”، ومعالم دينكم التي أصبحتم تعلمون أنه لو عمل بها فيكم عاملٌ استقام لكم دينكم، وكشف البلاء عنكم، ووسعتكم دنياكم، وما أفاء الله عليكم من عدوكم))، فدعوة الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ” هي إلى كتاب الله، إلى منهجية رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، إلى معالم الدين المهمَّة، التي تستقيم بها الحياة، تحيا بها الأُمَّــة، يقام بها العدل، يتحقّق بها الخير للأُمَّـة، تستعيد بها الأُمَّــة عزها، ومجدها، وقوتها، ومنعتها، تتحرّر بها الأُمَّــة من العبودية للطواغيت والمجرمين، المعالم المهمَّة التي إذَا طبِّقت في واقع الأُمَّــة؛ استقام بها الدين بكله بشكلٍ عام، وكشفت عن الأُمَّــة المظالم، والكوارث، والمعاناة، وصلحت بها دنيا الأُمَّــة، وحياة الأُمَّــة، والوضع الاقتصادي للأُمَّـة، وتعطيلها هو الذي يؤثر على الأُمَّــة، والطغاة يحاولون دائماً السعي لاستهداف تلك المعالم المهمَّة من الدين، وحتى يبقى جوانب شكلية وطقوس معينة مفصولةً عن الجوانب الأُخرى ذات الأهميّة الكبيرة في واقع الأُمَّــة لدينها ودنياها.
((وأَنَا واللهِ لو أعلم أمراً هو أبلغ من هذا في رضاء الله عنا وعنكم، لكنا إليه ندعوكم، وبه نأمركم))، هو من واقع انتمائه الإيمَـاني، ووعيه الكبير، وإيمَـانه العظيم، وارتباطه بالله وبهديه، يقول: ((لو أعلم أمراً هو أبلغ من هذا في رضاء الله عنا وعنكم، لكنا إليه ندعوكم، وبه نأمركم))، ولكن هذا أهم الأولويات التي ينبغي التركيز عليها في التحَرّك بين أوساط الأُمَّــة؛ لأَنَّ البعض قد يحدّد له أولويات ثانوية، أَو جزئيات من بعض التفاصيل، على حساب الأمور الجذرية والكبرى والمهمَّة التي ينبغي التركيز عليها، وهكذا كانت نهضته في الأُمَّــة وهو يتحَرّك بين أوساط الأُمَّــة بكل ما يستطيع، في نشر هذه الدعوة، في إيصال صوت الحق إلى مختلف أوطان الأُمَّــة، إلى مختلف البلدان، التي كانت آنذاك بشكلٍ عام بكلها تحت السيطرة الأموية في تلك المرحلة.
وهناك في حركته ونهضته عناوين مهمَّة، وأسس ذات أهميّة كبيرة للأُمَّـة في هذا الزمن وفي كُـلّ عصر، في مقدمتها: التمحور حول كتاب الله، حول القرآن، كما هذا واضحٌ في دعوته: فَـإنَّنا ندعوكم، أول عنوان هو إلى كتاب الله تعالى، وهو الذي عُرف بحليف القرآن؛ نتيجة تلك الصلة الوثيقة بالقرآن الكريم، على المستوى المعرفي والثقافي، على المستوى الروحية والأثر في السلوك والأخلاق، على مستوى الموقف، على مستوى تحديد الأولويات والنهوض بالمسؤولية، على كافة المستويات، في تحديده الموقف، في تحَرّكه ونهضته، كان يقول: ((واللهِ ما يدعني كتابُ الله أن أسكُت))، ((والله ما يدعني كتاب الله أن أكف يدي))، يقول: ((كيف أسكُتُ وقد خُولف كتابُ الله، وتُحوكِمَ إلى الجِبْتِ والطاغوت))، وهذا ما يجب أن تأخذه الأُمَّــة بعين الاعتبار، أن تعزز من ارتباطها بكتاب الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، على مستوى الاهتداء، والوعي، والبصيرة، والإتِّباع، والتمسك، والعمل، وعلى مستوى تحديد الموقف، وتحديد الأولويات، والتحَرّك بناءً على ذلك، والثبات على ذلك، هذه مسألة أَسَاسية في الانتماء الإيمَـاني.
كان من العناوين التي يُنادِي بها بين أوساط الأُمَّــة في كلمتِه الشهيرة: ((عبادَ الله البصيرةَ البصيرةَ))، كان يرى واقعَ الأُمَّــة أن من أهمِّ ما تحتاجُ إليه لإصلاح واقعها، وتصحيح وضعها، هو: الوعيُ، الوعي والبصيرة، والفهم الصحيح، في مقابل حالة التضليل الرهيبة، وحملات الإضلال الواسعة، التي تستهدف الأُمَّــة تجاه كُـلّ شيء: في نظرتها إلى الدين، في نظرتها إلى الحياة، في تعاملها مع القضايا، فيما تحمله من مفاهيم ورؤى وتصورات، وفعلاً على مدى التاريخ وإلى اليوم في مقدمة ما تحتاج إليه الأُمَّــة كحاجة ضرورية وملحة ومهمَّة هو الوعي، هو البصيرة، بل إن من أهمِّ ما نستفيدُه من القرآن الكريم هو البصيرة والوعي، قال الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” عن القرآن الكريم: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}[الأنعام: من الآية104]، فنشاهد في هذا العصر، في هذا الزمن، كيف تكون توجّـهات ومواقف من يفقدون البصيرة، من لا يمتلكون الوعي، كيف تصوراتهم، كيف هي أولوياتهم، كيف هي مواقفهم؟ كلها خاطئة، منحرفة، بعيدة، وفي اتّجاه خاطئ.
كان من العناوين المهمَّة، والأُسُسِ البارزة في نهضته “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ”: الدعوةُ إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحياء هذه الفريضة المهمَّة في الإسلام؛ باعتبَارها ضرورةً حتى لتصحيح واقع الأُمَّــة بشكلٍ عام، بدءاً من تصحيح واقعها الكبير، فيما يتعلق بموقع إدارة شؤون الأُمَّــة، كيف تدار شؤون الأُمَّــة، على أي أَسَاس تدار شؤون الأُمَّــة، والمظالم الكبرى التي تعاني منها الأُمَّــة، وكان نداؤه لإحياء هذه الفريضة بشكلٍ مركز وبشكلٍ كبير ومتكرّر، وهو بارزٌ في خطاباته، في رسائله، في كتبه، في مختلف أنشطته في نهضته، قال “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ” عن هذه الفريضة المهمَّة: ((واعلموا أنَّ فريضة الله تعالى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذَا أقيمت له، استقامت الفرائض بأسرها، هينها وشديدها))، يعني: تمثل أهميّة كبيرة في أن تستقيم كُـلّ الفرائض، في أن يكون للدين الإسلامي بما بقي من برامجه، من أنشطته، من المسؤوليات والواجبات فيه، من الأخلاقيات والعبادات وغيرها، أن يكون لها ثمرة، أن يكون لها قيمة، أن يكون لها أثر في حياة الناس، في واقع الناس، في استقامة الدين واستقامة الحياة، وهذه مسألة مهمَّة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم المسؤوليات في الدين، أكّـد عليه القرآن الكريم كَثيراً، من مثل قول الله “تبارك وتعالى”: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّـة يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران: الآية104]، بل كان من أهم ومن أبرز ما ذم الله عليه انحراف بني إسرائيل، وما سبب لهم السخط الكبير، ما قاله الله بشأنهم: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المائدة: من الآية79]، هذا سبَّب لهم حتى سخط الله وسخط أنبياء الله عليهم، {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسرائيل عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ}[المائدة: 78-79]، فكانت حالة خطيرة جِـدًّا.
بل إنَّ الإمامَ الشهيدَ زيدَ بنِ عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ” حينما خفقت رايات الجهاد قال “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ”: ((الحمد لله الذي أكمل لي ديني))، اعتبر نهضته وتحَرّكه وجهاده، وخروجه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أمراً ضرورياً لكمال الدين، وإلا يبقى الدين ناقصاً، وليس نقصاً عادياً، ليس نقصاً في أمور هامشية، أَو عادية بسيطة؛ إنما هو نقصٌ جوهريٌّ يؤثر على ما بقي من الدين، يفقده قيمته وأثره في واقع الحياة.
((لقد كنت استحيي من جدي رسول الله “صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ” أن أَرِدَ عليه يومَ القيامة ولم آمُرْ في أمته بمعروف، ولم أنهَ عن منكر))، سعى أَيْـضاً في عناوين نهضته لإنقاذ الأُمَّــة من حالة الذل، والهوان، والاستسلام، والخنوع، والخضوع للطغاة الجبارين الظالمين المستكبرين المفسدين، وهي حالة خطيرة كانت الأُمَّــة قد وصلت إليها، وأصبحت مكبلةً بقيود الخوف، الخوف الذي يجعلها تستسلم وتخنع، وتبقى في حالة الذل، والاضطهاد، والظلم الشديد، من جانب أُولئك الطغاة الجبارين الظالمين، فعندما قال كلمته الشهيرة: ((ما كره قومٌ قطُّ حرَّ السيوف إلَّا ذلوا))، هو يسعى إلى إنقاذ الأُمَّــة، إلى أن ينقذ الأُمَّــة ويفك عنها قيود الخوف، ويجعلها تتجاوز تلك الحالة، وفعلاً كان لنهضته وتضحياته ومظلوميته الأثر الكبير في ذلك.
في سعيه لإنقاذ الأُمَّــة من استبعاد طُغاة بني أمية قال “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ” في أحدِ خطاباته: ((عباد الله))، وفي رسائله، ((فأعينونا على من استعبد أمتنا، وأخرب أمانتنا، وعطَّل كتابنا))، فكان العنوان الأول قوله: ((على من استعبد أمتنا))، الحالة التي كان عليها طغاة بني أمية في ممارساتهم، وسياساتهم، واستحكام سيطرتهم على الأُمَّــة، هي: حالة استبعاد للأُمَّـة بكل ما تعنيه الكلمة، إخضاع للأُمَّـة بشكلٍ تام، وفق أهداف بني أمية، ومزاجهم، ورغباتهم، وأهوائهم، بعيدًا عن منهج الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”.
كان من العناوين البارزة والمواقف الواضحة في نهضته “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ”: اهتمامه الكبير بأمر المسلمين، وألمه على واقعهم، وحزنه الشديد على وضعهم، وسعيه للتغيير تجاه ذلك، وهو الذي قال كلمته الشهيرة: ((لوددت أنَّ يدي ملصقةٌ بالثريا)): تلك مجموعةُ النجوم التي في عِنان السماء، ((لوددت أنَّ يدي ملصقةٌ بالثريا، فأقع إلى الأرض أَو، حَيثُ أقع، فأتقطع قطعةً قطعة، وأنَّ الله أصلح بي أمر أُمَّـة محمد “صلى الله وسلم عليه وعلى آله”)).
في ثباتِه على موقفه بالرغم من الواقع المأساوي آنذاك في قلة المستجيبين، في تأثر الكثير من أبناء الأُمَّــة بالظروف التي كانت قائمة، وتكبيلهم بقيود الخوف، والرعب، والاستسلام، والخنوع، إلَّا أنه كان مصمِّماً وعازماً على النهضة تلك، بعد أن رأى ما قد وصل الوضع إليه إلى درجة الاستهتار والاستهانة بكل شيءٍ من الإسلام، حتى بمقدساته، حتى برسوله “صلوات الله عليه وعلى آله”، وقد حضر يوماً بعد استدعائه الإجباري من قبل السُّلطان والملك الأموي، وعندما وصل إلى مجلسه، كان في محضر الملك الأموي هشام أحد اليهود، يهودياً بحضرته، فكان يسب رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، والملك الأموي يسمع ولا يغضب من ذلك، ولا يستاء من ذلك، فغضب الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ”، وانتهر ذلك اليهودي وزجره، وقال: ((لئن أمكنني الله منك لاختطفنَّ روحك))، فغضب الملك الأموي هشام، وقال: [مه، لا تؤذ جلسينا يا زيد]، فهو يقف إلى جانب اليهودي الذي يسُبُّ رسولَ الله “صلواتُ الله عليه وعلى آله”، ويغضبُ من زيدٍ “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ”؛ لأَنَّه نهى عن ذلك المنكر، عن ذلك الباطل، عن تلك الإساءة إلى أعظم رمزٍ للأُمَّـة وللبشرية، إلى سيد الرسل وخاتم الأنبياء رسول الله محمد “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”.
فالإمامُ الشهيدُ زيدٌ “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ” قال: ((واللهِ لو لم يخرج إلا أنا وابني يحيى لَخرجتُ وقاتلتهم))؛ لأَنَّه رأى الأمور قد وصلت إلى أسوأ ما يمكن أن يتصوره الإنسان، انقلاب على مبادئ الإسلام، على مقدساته، استهتار شامل بالدين، وبالأمة… وبكل شيء.
ولذلك حينما نهض، استمر تحَرّكه في السعي لجمع الأنصار، واستنهاض الأُمَّــة، بعد نشاط واسع على المستوى التوعوي والتثقيفي والتعليمي، وحركة واسعة في واقع الأُمَّــة، إلَّا أنَّ تحَرُّكَه في سياق الثورة والنهضة العسكرية كان على مدى بضعة عشر شهراً، بنشاط مكثّـف، وبطريقة حكيمة وأمنية ومدروسة، ولكن في الأخير واجه حالة التخاذل عندما تحَرّك في الكوفة، التخاذل الكبير من الناس، مع أنَّ الكثير كانوا قد أعلنوا أَو عاهدوا، كانوا قد عاهدوه بأن يقفوا إلى جانبه، بأن ينهضوا معه، بأن ينصروه، الآلاف كانوا قد عاهدوه على ذلك، ولكنهم تخاذلوا، فلم يتراجع عن مواقفه نتيجةً لما رآه من تخاذل الناس، صمم على الثبات على موقفه المبدئي، الموقف الإيمَـاني بكل ما تعنيه الكلمة، حتى استشهد، بعد أن ترك أثراً كَبيراً جِـدًّا، حتى الملحمة القتالية التي خاضها كانت ملحمةً عظيمة، استبسل فيها، وقدَّم فيها نموذجاً مميزاً في الاستبسال، والتفاني، والصبر، والتضحية، والفاعلية في موقف الحق، مع القلة القليلة من الأنصار، والإمْكَانيات المتواضعة على مستوى العدة.
الإمامُ الشهيدُ زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ” عندما أُصيب وهو يقاتل في تلك المعركة، وأتاه سهمٌ إلى جبينه، إلى يسار جبينه (جبهته)، في صدغه الأيسر، قال كلمته الشهيرة التي استقبل بها الشهادة: ((الشهادةَ الشهادةَ، الحمدُ لله الذي رزقنيها))، وما أشبه مقامه ذلك بمقام جده أمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ” حين قال عندما أُصيب وأتته الشهادة: ((فزت وربِّ الكعبة))، فالإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ” عندما أُصيب، استقبل الشهادة بهذا الاستبشار، بهذا الاطمئنان، بهذه السعادة، فهو يعتبر نفسه فائزاً، وتحقّق له إحدى الحسنيين، وهو يطمئن إلى أنَّ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” سيبارك جهوده وتضحياته، فيكون لها الأثر المُستمرّ في واقع الأُمَّــة وإن استشهد هو، وكان تاريخ استشهاده “عَلَيْـهِ السَّـلَامُ” عشية الجمعة، لخمسٍ بقين من المحرم في سنة مئةٍ واثنين وعشرين للهجرة النبوية.
الدروسُ في هذه النهضة المباركة دروسٌ كثيرة، بالعودةِ إلى كتب التاريخ، وما كتب عن الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ”، هناك الكثير الكثير مما يفيد هذه الأُمَّــة، وأهميتها للأُمَّـة اليوم فيما تواجهه من تحديات بما تصنعه من وعي، بما ترسِّخه من الاستشعار العالي للمسؤولية والقُدوة، بما -كذلك- تهيئ الإنسان عليه من الاستعداد للتضحية في سبيل الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، والصبر، والاستبسال، والتفاني.
نحنُ في هذه المرحلة كأمة بشكلٍ عام، وشعبنا اليمني العزيز فيما يواجهه من تحديات، نرى أنفسنا معنيين بأن نواجه ما واجهه الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عَلَيْـهِمَا السَّـلَامُ” في ذلك العصر في مواجهة طغيان عصرنا، الطاغوت في هذا العصر المتمثل بأمريكا وإسرائيل، ومن يدور في فلكهم، ومن يتحَرّك معهم، من يتحالف معهم في الاستهداف لهذه الأُمَّــة، لضرب شعوب هذه الأُمَّــة، لظلم هذه الأُمَّــة، نحن كشعبٍ يمنيٍّ من واقع انتمائنا للإيمَـان، من واقع ما ناله هذا الشعب من وسام شرفٍ كبير، عندما قال عنه رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”: ((الإيمَـانُ يمانٍ، والحكمةُ يمانية))، معنيون بأن نتحَرَّكَ، بأن نتصدَّى لأعدائنا، الذين يستهدفوننا بمثل ما كان المجتمع المسلم مستهدفاً به في ذلك العصر، وفي تلك المرحلة من الزمن، ما تسعى إليه أمريكا وإسرائيل وعملاؤهم هو الاستعباد لهذه الأُمَّــة، الإذلال لهذه الأُمَّــة، النهب لثروات هذه الأُمَّــة، ما يفعلونه بهذه الأُمَّــة من ظلم، من جبروت، ما يرتكبونه بحقها من جرائم في اليمن، في فلسطين… في بلدان كثيرة، هو بتلك الوحشية التي كانت في ذروة الظلم والطغيان الأُموي، بل أكثر من ذلك بكثير، في هذا العصر وهذا الزمن الذي تطورت فيه الوسائل والإمْكَانات؛ ولذلك نحن معنيون بأن يكون لنا الموقف الواعي، والتحَرّك الجاد، والاستعداد العالي للتضحية، وإدراك ضرورة التحَرّك على المستوى الإيمَـاني، وعلى المستوى الأخلاقي، وعلى مستوى إنقاذ الأُمَّــة؛ لأَنَّها نهضة إنقاذية للأُمَّـة.
وأبرزُ وأكبرُ تهديد لهذه الأُمَّــة بشكلٍ عام، هو: سعيُ الأعداء لإخضاعها للتبعية والخنوع والاستسلام لأمريكا وإسرائيل، وحلفاء أمريكا وإسرائيل، هذا تهديد على دين الأُمَّــة، تهديد يؤثر عليها في علاقتها بكتاب الله تعالى، بنهج نبيه “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، تهديد لهذه الأُمَّــة في مبادئها وأخلاقها وقيمها، تهديد يؤثر على هذه الأُمَّــة ويخضعها خضوع الاستعباد والإذلال والقهر والاضطهاد لطاغوت العصر، الذي لا يمتلك لا رحمةً، ولا إنسانيةً، لا يبالي بالشعوب، لا يريد لها الخير، ممارساته إجرامية، وحشية، ظالمة، يشهد لها الواقع في اليمن، والعراق، وفلسطين… وفي مختلف البلدان.
المؤامراتُ أَيْـضاً التي يتحَرّك بها الأعداء لاستهداف هذه الأُمَّــة بالفتن في واقعها الداخلي، وفي وضعها الداخلي تحت مختلف العناوين، كذلك هي جزءٌ من المعركة التي تستهدف بها هذه الأُمَّــة من قبل أعدائها أُولئك، المخطّطات التي هي لتجزئة هذه الأُمَّــة، وتقطيع أوصالها، وتقطيع أوصال كُـلّ بلدٍ على حدة، وزرع حالة التباين إلى أقصى حَــدٍّ بين أبناء هذه الأُمَّــة، الظلم لهذه الأُمَّــة والاستهداف لها في نهب ثرواتها وخيراتها… إلى غير ذلك من أشكال الاستهداف، الحملات الرهيبة الساعية لإضلال أبناء هذه الأُمَّــة على المستوى الثقافي والفكري، والنشاط الدعائي الإعلامي الواسع، والذي يستفيد في هذا العصر من وسائل الإعلام المتنوعة، والتي منها: مواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية… وغيرها، حالة الاستهداف الشاملة لهذه الأُمَّــة، والظلم الكبير لهذه الأُمَّــة، يتوجب مع ذلك كله أن نعي مسؤوليتنا أمام الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وما فيه الخير لنا، وما يمثل إنقاذاً لنا، وما يكون سبباً لأن نحظى من الله بمعونته، ونصره، وتأييده، وهو أن نتحَرّك وفقاً لمسؤولياتنا في التصدي لكل تلك المؤامرات، ولكل مساعي الأعداء في ذلك.
الدورُ الذي يلعبُه النظامُ السعوديّ والنظامُ الإماراتي تحت عنوانِ التطبيع، تحت عنوان التحالف مع أمريكا لاستهداف هذه الأُمَّــة بمختلف المؤامرات، وَأَيْـضاً بالاعتداء على شعوب هذه الأُمَّــة، ومنها: شعبنا اليمني العزيز، الذي استهدف بشكلٍ كبير، وعانى من العدوان الذي نحن اليوم في العام الثامن منذ بداية ذلك العدوان والحصار الظالم على هذا الشعب، كُـلّ ذلك هو في هذا السياق، الذي يهدف الأعداء من خلاله إلى إخضاع شعوب هذه الأُمَّــة لأعدائها، تمكين أعدائها من السيطرة عليها، ونهب ثرواتها ومقدراتها، والاستغلال لها في كُـلّ شيء، وهو ظلمٌ كبير، وخطرٌ كبير، الأولوية بالاعتبار الإيمَـاني والأخلاقي والإنساني، وباعتبار النظرة الصحيحة والحكمة، هي في التصدي لهذا الخطر، وبذل كُـلّ جهد في العمل على مواجهته في كُـلّ المجالات، والتصدي له في كُـلّ المجالات، هذه هي الأولوية الصحيحة لكل إنسان يمتلك البصيرة والوعي، ولديه إحساس بالمسؤولية، ويتحَرّك بناءً على استشعار مسؤوليته أمام الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”.
في ظل هذا الوضع الراهن فأولوياتُنا في بلدنا وشعبنا هي في ثلاثِ نقاط أَسَاسية:
أولها: التصدِّي للعدوان؛ لأَنَّه عدوانٌ وراءه أمريكا، ووراءه إسرائيل، وعدوانٌ ظالم، عدوان متوحش، ارتكب أبشع الجرائم بحق شعبنا، ارتكب جرائم الإبادة الجماعية للناس، قتل الأطفال والنساء، قتل الصغار والكبار، استباح المحرمات، حاصر هذا الشعب وجوَّعه، نهب ثرواته، وسيطر على ثرواته النفطية والغازية، حاصره براً وجواً وبحراً، تآمر عليه بكل أشكال المؤامرات، فالتصدي للعدوان ومؤامراته المتنوعة هو أول هذه الأولويات، وأكبر هذه الأولويات، وهو يمثل ضرورةً للحفاظ على بلدنا، للحفاظ على حريتنا، على استقلالنا، على كرامتنا، على ديننا، على قيمنا وأخلاقنا، مسألة في غاية الأهميّة، من لا يعتبر هذه أولوية، ولا ينظر إلى هذا الموضوع، فعنده خلل كبير، خلل إنساني، وفطري، وقيمي، وأخلاقي، ومبدئي، وهو إمَّا يتعامى عن حجم هذا العدوان، وما فيه من ظلمٍ رهيب، وطغيانٍ كبير، وما يحمله من أهداف، أهداف خطيرة جِـدًّا، أهداف ينتج عنها لو تحقّقت في الواقع، ولو نجح العدوان في استكمال أهدافه، لكانت النتيجة أن يخسر بلدنا وشعبنا حريته، وكرامته، وعزته، واستقلاله، وأن يستعبد، وأن يستذل، وأن يُقهرَ، وأن يهان، فلا يبقى له حرية، ولا كرامة، ولا عزة، ولا دين، ولا دنيا، ولا مبادئ، ولا قيم، ولا أخلاق… ولا أي شيء، ويندرج في إطار هذا العدوان الكثير من المؤامرات والأساليب التي تستهدف أبناء هذا البلد، ومن الواجب ومن المسؤولية الدينية والأخلاقية والقيمية التصدي لها.
في ظل الوضع الراهن ونحن في هُـدنة يجبُ أن نكونَ على درجة عالية من الوعي، واليقظة، والانتباه، والجهوزية، والاستعداد، وألَّا نغفل، وألَّا نتصور أنَّ الأمور قد انتهت، والحرب قد انتهت، وننصرف بكل اهتماماتنا إلى مشاكل أُخرى، إلى مطالب أُخرى، إلى انشغال بأشياء أُخرى، ونغفل عن هذه المسألة المهمَّة بكل الاعتبار، أي إنسان واعٍ مستبصرٍ وناصحٍ وصادقٍ وجادٍ سيدرك أهميّة هذه المسألة وخطورتها، وستبقى بالنسبة له هي الأولوية فوق كُـلّ الأولويات، في ظل الهُـدنة المؤقتة يجب أن نكون على درجة عالية من الوعي، من الجهوزية، من النشاط التعبوي الواسع، من الاهتمام المُستمرّ، من الانتباه تجاه كُـلّ المخطّطات والمؤامرات التي يتحَرّك بها الأعداء.
الأولويةُ الثانية: هي السعيُ للحفاظ على الاستقرار الداخلي، والحفاظ على الجبهة الداخلية؛ لأَنَّ جزءاً كَبيراً من مؤامرات الأعداء يتجه إلى استهداف الجبهة الداخلية في البلد، والتركيز على زعزعة الاستقرار الداخلي تحت كُـلّ العناوين: المشاكل الاجتماعية، العناوين السياسية، العناوين المطلبية، تحويلها بكلها إلى إشكالات كبيرة، إلى حالة تدفع الناس باتّجاه الفوضى والانفلات، إلى حالة تفكك الوضع الداخلي، وتصرف الناس عن الاهتمامات الرئيسية، وهذا ما يجب الانتباه له، وملاحظته، وأخذه بعين الاعتبار، والتفاصيل التي تندرج تحت هذا العنوان هي كثيرة.
والأولوية الثالثة: هي السعيُ لتصحيح وضع مؤسّسات الدولة، وضع مؤسّسات الدولة وضع مُزرٍ ومؤسف، والتركة فيه هي تركة الماضي، يعني: ليس وضعاً جديدًا، هو نتاج لمراحل طويلة أثَّرت عليه حتى وصل إلى ما وصل إليه، وفي ظل وضعٍ صعب، في ظل وضع حصارٍ شديد خانق، وتعقيدات في الوضع الداخلي متعددة ومتنوعة، ولذلك البعض من الناس يستعجلون، يتصور أنَّ بالإمْكَان إصلاحَ كُـلّ شيء دفعة واحدة، وتحويل كُـلّ مؤسّسات الدولة بكل منتسبيها وموظفيها إلى وضعٍ صحيح، وواقعٍ صحيح، وأداء سليم في لحظةٍ واحدة، أَو في وقتٍ وجيزٍ جِـدًّا، ويتجاهل البعض أَيْـضاً الحالة القائمة من الحصار الشديد، مثلاً: البعض يرفع السقف للطلبات وما يفترضه، وما يفترضه، ويتجاهل أن معظم هذا الوطن -وبالذات المناطق التي فيها الثروات والمنشآت النفطية والغازية- تحتَ الاحتلال، ومنهوبة وبشكلٍ كبير، كُـلّ عائدات النفط والغاز هي منهوبة، في الماضي كانت تصرف المرتبات من عائدات النفط والغاز، كُـلّ عائدات النفط والغاز هي منهوبة الآن، ينهبها تحالف العدوان، يسرقها اللصوص والمحتلّون، جزءٌ منها يسير يأكُلُه الخونة، خونة أبناء هذا الوطن، الذين وقفوا في صف المعتدي الأجنبي، في صف تحالف العدوان، والباقي يذهب إلى البنوك، إلى البنك الأهلي السعوديّ وغيره مما هو في إطار سيطرة الأعداء.
المواردُ التي تُؤخذ، الإيرادات التي تنهب، هي ما كان يمكن أن يستفاد منه بشكلٍ كبير في الاهتمام بالمرتبات، في توفير احتياجات ضرورية وأَسَاسية لهذا الشعب، في تمويل المجالات الأَسَاسية على المستوى الخدمي؛ ولذلك مسألة العمل على إيجاد بدائل حتى تحرير تلك المنشآت ليس أمراً بسيطاً، يمكن حله في مرحلة وجيزة مع الحصار الشديد الخانق، هذا يحتاج إلى جهد، إلى برامج عمل، إلى تحريك عملية الإنتاج في مجالات وقطاعات وموارد، حتى نعود إلى مستوى جيد، وحتى نتمكّن -بإذن الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”- من استعادة ذلك الحق الذي هو حقٌّ للشعب اليمني بشكلٍ عام، وهو حقٌّ منهوب، وحقٌ يسيطر عليه الأعداء ويسرقونه وينهبونه، فالسعي لتصحيح وضع مؤسّسات الدولة هو مسؤولية نحن نسعى لها، ونعمل على أَسَاسها، هو من أولوياتنا، من واجباتنا، ولكنه يحتاجُ إلى جُهدٍ، يحتاج إلى اهتمام، يحتاج إلى برامج، يحتاج إلى أنشطة، يحتاج إلى تصحيح في مجالات كبيرة جِـدًّا، له تعقيداته، له مشاكله، ولذلك فهو يظل أولوية، ولكن ليس وفق ما يتصوره البعض، ممن قد يتصور المسألة في نطاق محدود، أَو يضع لها في مجملها وفي كُـلّ تفاصيلها وقتاً صغيراً يتوقع فيه إصلاح كُـلّ شيء، وينسى الواقع في نفس الوقت بكل ما فيه من تعقيدات وظروف، فستظل من أولوياتنا التي نعمل لإصلاحها بشكلٍ كبير إن شاء الله، ونعطيها جزءاً كَبيراً من اهتمامنا.
من أولوياتنا فيما يتعلق بواقع أمتنا: الثبات على موقفنا المبدئي تجاه القضية الفلسطينية، في مواجهة التطبيع، وما يتجه إليه من يسمون أنفسهم بالمطبعين، وَأَيْـضاً في العلاقة مع أحرار الأُمَّــة، وفي الاهتمام بقضايا الأُمَّــة في مختلف بلدانها، هذه مسألة تعنينا، وموقفنا فيها هو موقفٌ مبدئي.
في آخر الكلمة، أقدم أولاً نصيحةً لتحالف العدوان: أن يستفيدوا من هذه الهُـدنة للخروج من عدوانهم، لإنهاء عدوانهم على هذا البلد، ولإنهاء حصارهم على هذا البلد، استمرارهم في العدوان والتآمر على بلدنا وشعبنا، والاستهداف لشعبنا وبلدنا، معناه: أن يستمروا هم في التورط في مشكلة كبيرة، لها آثارها السيئة عليهم، وعواقبها الوخيمة عليهم؛ لأَنَّ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” هو ملك السماوات والأرض، هو المنتقم من الظالمين والطغاة المستكبرين، حجم الظلم الذي يلحقونه بهذا البلد وبأبناء هذا الشعب حجم رهيب وكبير جِـدًّا، وظلم شامل، وعواقبه عليهم وخيمة.
وندائي أَيْـضاً لشعبِنا العزيز في أن يظلَّ متمسكاً، وأن يستمرَّ في تمسكه بثباته على موقفه، باهتمامه بقضاياه الكبرى، في مسألة الاستقلال، والحريَّة، واستعادة ما احتل من هذا الوطن، وفي الوصول إلى الأهداف الكبيرة، التي نؤكّـد عليها دائماً كأهدافٍ مبدئيةٍ لهذا البلد ولهذا الشعب.
فيما يتعلق أَيْـضاً بما مَنَّ اللهُ به علينا في هذه الأسابيع من نعمة الغيث والأمطار، وهي نعمة عظيمة جاءت بعد جدبٍ طويلٍ وشديد، يجب أن نشكر الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” على هذه النعمة العظيمة، وأن نسعى لاستثمار هذه النعمة، وفي نفس الوقت أن تتعاون الجهات الرسمية والشعبيّة في معالجة أضرار السيول، ويجب أن يعُمَّ الوعي فيما يتعلق بالتخطيط العُمراني وبناء المساكن؛ لأَنَّ من أكبر الأسباب التي تسبب الضحايا والأضرار: أن البعضَ يذهبُ ليبنيَ له منزلاً في مجرى السيل، عندما تأتي السيول يتضررون، وهذه قضية يجب أن ينتشر الوعي عنها؛ حتى لا تتكرّر المآسي الكبيرة الناتجة عن العشوائية في عملية البناء للمساكن والمنازل، والعمل العشوائي في ذلك، استثمار هذه النعمة في عمل الكثير من الحواجز، وما يساعد على الاستفادة من هذه المياه، مسألة مهمَّة، وتحتاج إلى تعاون رسمي وشعبي، وهو مهمٌّ جِـدًّا، مع الشكر لله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”.
نكتفي بهذا المقدار.
وَنَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يوفِّقَنا وإيَّاكُمْ لِمَا يُرْضِيْهِ عَنَّا، وَأَنْ يرحَمَ شهداءَنا الأبرارَ، وَأَنْ يشفيَ جرحانا، وَأَنْ يفرِّجَ عن أسرانا، وَأَنْ ينصُرَنا بنصره، إِنَّهُ سَمِيْعُ الدُّعَاءِ.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.