النظام السعودي وحقوق الإنسان المنتهكة
عبدالفتاح البنوس
إجرام وتوحش نظام آل سعود بات مضرب المثل في المنطقة؛ فالنزعة العدائية التي عليها هذا النظام تفوق الوصف، سمعنا وقرأنا عن المثل القائل “يقتل القتيل ويمشي في جنازته”، وأكاد أجزم باستنكار واستقباح السواد الأعظم من البشر لهذا الصنف من القتلة المجرمين، ولم نكن نعلم أننا سنصل إلى زمن نشاهد فيه من هم أكثر قبحًا وقذارةً وإجرامًا وتوحشًا منهم؛ بالأمس كان القاتل الخسيس يقتل القتيل ويمشي في جنازته للتمويه والتغطية على جريمته، بغية حرف الأنظار عنه وعدم إدراجه ضمن قائمة المتهمين، ولكننا اليوم أمام الإجرام السعودي المتوحش، الذي يقتل القتيل ويعمل على تقطيع جسده بالمنشار وإخفاء جثته وإنكار أي صلة له بمقتله، وفوق ذلك يجبر قادة هذا النظام المجرم أولاد القتيل على الحضور إلى قصورهم ليقوموا بواجب العزاء في فقيدهم الراحل، ويعلنون وقوفهم إلى جانبهم في هذه المحنة، هكذا بكل برود وقلة حياء ووقاحة على مرأى ومسمع العالم أجمع.
جريمة خاشقجي التي أخذت بعدًا دوليًّا سرعان ما تم السكوت عنها من قبل الإعلام الأمريكي، الذي كان خاشقجي أحد المحسوبين عليه من خلال عمله في صحيفة الواشنطن بوست، المال السعودي نجح بامتياز في تغيير مواقف القيادة الأمريكية السابقة واللاحقة تجاه جريمة خاشقجي وملف الانتهاكات السعودية السافرة لحقوق الإنسان، كما نجح في شراء ذمم وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية وحتى العربية وفي مقدمتها قناة الجزيرة التي أغلقت هذا الملف نهائيًّا، ويبدو أن ذلك كان ضمن الشروط السعودية التي تقدمت بها من أجل تطبيع العلاقات مع قطر وإنهاء الحصار والقطيعة بينهما، والمشكلة اليوم أن النظام السعودي لم يكتف بجريمة خاشقجي فحسب، بل مضى في مسلسل التصفيات الجسدية والاعتقالات للأمراء ورجال المال والأعمال والدعاة والناشطين والناشطات والحقوقيين والحقوقيات المعارضين لسياسة محمد بن سلمان الانفتاحية على الصهاينة والأمريكان، والمنغلقة والناقمة على المعارضين.
محاكمات شكلية صورية لشباب من أتباع الطائفة الشيعية تم اعتقالهم والزج بهم في السجون وتعذيبهم لسنوات قبل أن تصدر في حقهم أحكام بالإعدام، قرابة ٣٤معتقلًا بينهم عدد من الشباب الذين اعتقلوا وهم دون سن الرشد، يواجهون خطر الإعدام في أي لحظة حسب مزاج النظام السعودي، وسبقتها سلسلة من جرائم الإعدامات الجماعية والفردية التي ترتكب في حق أبرياء دونما ذنب اقترفوه أو جريمة ارتكبوها، في الوقت الذي تعج فيه المعتقلات والسجون السعودية بالمعتقلين الذين يتعرضون لصنوف وأشكال التعذيب لإجبارهم على الاعتراف بالجرائم التي يتم تلفيقها لهم لتبرير قرار إعدامهم .
العصا الأمريكية الغليظة التي يتكئ عليها النظام السعودي وسياسة شراء الذمم وكسب الولاءات التي نجح من خلالها في إجبار الأمم المتحدة على شطب اسمه من قائمة قتلة الأطفال في اليمن (قائمة العار)، هي ذاتها التي نجح من خلالها في غض الطرف الأممي والدولي تجاه جرائم الإعدامات والتصفيات الجسدية والاعتقالات القسرية ومصادرة الحقوق والممتلكات الخاصة وتقييد الحريات الشخصية وممارسة كافة أشكال الانتهاكات لكافة القوانين والمواثيق الدولية، وعدم الاكتراث بالمناشدات الإنسانية والمطالبات الحقوقية المستمرة بوضع حدٍ للمجازر المتواصلة التي يرتكبها بحق المعتقلين قسريًّا في سجونه التي لا تخضع لأي زيارات من قبل المنظمات والهيئات الحقوقية والإنسانية الدولية، والتي عادةً ما تستخدم ملف الانتهاكات السعودي للحقوق والحريات كورقة ضغط على النظام السعودية لإجباره على ضخ الأموال مقابل الصمت تجاه جرائمه وانتهاكاته.