الساعات الأخيرة من الوقت المستقطع للهدنة
عبد القوي السباعي
إنَّ إصرارَ القيادة الثورية السياسية والعسكرية في صنعاءَ على جعل عزةِ وكرامةِ واستقلالِ وسيادةِ الشعب اليمني وحقِّه في العيش الكريم كبقية شعوب العالم، والعمل على إنهاء معاناته ومعالجة كافة الآثار بدءًا بالمرتبات وفتح الموانئ والمطارات، في أعلى سُلّم الأولويات لأي تمديد ثانٍ للهُدنة، من شأنه أن يُفضِيَ إلى سلامٍ حقيقي، عادل وشامل ودائم، جعلها محورَ اهتمام ومقام تقدير واحترام كُـلّ الشرفاء والأحرار في الداخل والخارج، فيما يُنظَرُ إلى أدوات ومرتزِقةِ تحالف العدوان على النقيض.
كما أن إصرارَ هذه القيادة على اعتبارِ السعوديّة والإمارات قوًى معتديةً وغازيةً ومحتلّةً لأجزاء من الجغرافيا اليمنية، يفتح باب التساؤلات أَيْـضاً عن استمرار قادة وأنظمة هذه الدول في تبنّي العدوان على اليمن، وتصدرهم للمشهد قرابة ثمان سنوات، نيابةً عن قوى الهيمنة العالمية التي تقفُ مستترةَ خلف المشهد تارةً، وتظهر إمّا داعمةً وإمّا داعية لوقف هذه الحرب تارةً أُخرى.
هذه الحماقةُ والاستمرار فيها بلا شك يضعُ نظامَي ابن سعود وابن زايد وبلدانهم واقتصادهم ومستقبلَ بقائهم كنظام ودولة، في مهبِّ المغامرات “الإسرائيلية” الأمريكية الشيطانية، والمجرَّبة مع أكثر من بلد، وفي أزمنة ليست عنّا ببعيدة، تجسدت فيها قاعدة “إني بريءٌ منك”.
لقد بات من المؤكَّـد أن خلاصةَ التصريحات الأمريكية والصهيونية بخصوص دعم السعوديّة والإمارات إنما تعني دفعها نحو الاستمرار في عدوانها وحربها، ليستمر الاستنزاف لها ويستمر “الحَلْب” -كما قال ترامب- وتستمرُّ صفقات الأسلحة والمعدات واستقطاب الخبرات وشراء المواقف، التي ما زادتها إلّا خسراناً وإذلالاً.
فمن يتأمل المشهدَ اليوم يدركُ أن لا أمريكا ولا غيرها تستطيعُ حماية السعوديّة والإمارات، بل هي من تدفعُهما للغرق أكثر فأكثرَ، وبالتالي لن يسلم أمنَها ولا اقتصادَها، لا من ضربات الجيش اليمني، سواءً الجوية والبرية أَو البحرية التي تطرح بقوة على واجهة أكثر الاحتمالات في مواجهات ما بعد انتهاء هُدنة الأربعة أشهر، كما أنها لن تسلَمَ من التكاليف الباهظة لصفقات الأسلحة والمعدات والتقنيات العالمية، ولا من تدفق نفقاتها وميزانياتها الدعائية المعدة لتبييض سجلاتها الإجرامية أمام العالم، والمنظمات والدوائر الأممية.
وبذلك، فَـإنَّ استمرارَ حالة التيه والوهم التي يعيشها قادة السعوديّة والإمارات وهم يمضون في المكابرة باستمرارهم بغباء، مراهنين على الدعم الأمريكي والصهيوني في حمايتهم من الضربة القادمة التي ستودي بهم حتماً إلى الهاوية، في ظل استجابتهم لما يورطهم فيه الأمريكي و”الإسرائيلي”، الذي يبيعُ الوَهْمَ لهم للمواصلة رغم الوجع الكبير والخوف الشديد الذي يشعرون به من المصيرِ القادِمِ على أنظمتهم الهشة.
بالمختصر المفيد ودون الخوض في تفاصيل ليست من التوقعات، أَو من قبيل التكهنات، بل هي حقائق تاريخية مفادها: إذَا لم يرضخِ المعتدي الأصيل والوكيلُ للمطالب والشروط العادلة، فَـإنَّ اليمنيين قادمون في سباقٍ مع الزمن، ومع انتهاء الساعات الأخيرة من عمر الهُدنة على عملياتٍ عسكرية جوية وبرية وبحرية كبرى ومؤلمة إلى حَــدّ الوجع الكبير إلى الأشد منه إيلاماً.
وعليه، إن كان لأمريكا استراتيجيات تعمل على نقل بؤر الصراع الملتهب من شمال العالم إلى وسطه أَو العكس، لتحويل الانظار عن أوكرانيا مثلاً، فَـإنَّ لليمنيين استراتيجيتهم لخلطها وبعثرتها، بل وتجييرها لصالحهم، وهذا ما يجب على نظامي العمالة والانبطاح السعوديّ والإماراتي إدراكه واستيعابه جيِّدًا، وأن يكونوا على قناعةٍ تامة بأن العملياتِ القادمة إذَا ما اشتعلت شرارتها لن تتوقفَ حتى تسقط عروشهم المتهالكة، وقد أثبتت التجارب والأحداث، أن القيادةَ اليمنية الحرة إن قالت فعلت، وعلى الباغي تدورُ الدوائر.