اتفاق الهدنة إحياء ميت أو إعلان وفاة؟
عبدالحميد الغرباني
اليمن في صياغة موقفه العام من تجديد الهدنة يبلغ ذروته وفد عماني يصل صنعاء.. بماذا جاء الوفد العماني رفقة رئيس الوفد الوطني؟ وهل ما تزال فرص تجديد الهدنة قائمة؟ وبأي صيغة يمكن إعادة إحيائها وفق تجربة أربعة شهور منها؟
منذ جولة جو بايدن في المنطقة تصرفت الولايات المتحدة كما لو كان تجديد الهدنة في اليمن ناجزا، و بقدر ما أثار ذلك حفيظة النخبة السياسية اليمنية إلا إنه عكس مأزق الخيارات الأمريكية في هذه البقعة الجغرافية الإستراتيجية وشديدة الحساسية في ظل المتغيرات الدولية، لكن ذلك لم يعنِ أبداً تقدم خيار تجديد الهدنة، يُحاذر الأمريكيون نعيا يمنيا مفاجئا للهدنة لكنهم يواجهون ذلك بدبلوماسية في وقت حرج يطلب من واشنطن الواقعية ومغادرة مربع ابتزاز اليمن في الشأن الإنساني ذلك أن كل التطورات لحساب اليمن ولصالح خدمة هذا الملف بشكل مُستدام لا متقطع ،ظروف عالم السياسة سائلة غير مستقرة وهي في المرحلة الراهنة لا توافق تماما رغبات الأنظمة المُستكبرة والنافذة أيضا، بل حقوق الشعوب الثائرة.. فبأي الأمرين يرتبط وصول الوفد العماني صنعاء اليوم؟
ما لا يعرفه كثيرون هو أن هذا الوفد وصل بعد رفض الرئيس مهدي المشاط استقبال المبعوث الأممي هانس غروندبرغ وبمعزل عن ذلك، وصول الوفد على بُعد يوم من نهاية زمن الهدنة وبعد لقاءات ومشاورات متقطعة في عمان بخصوص تجديد الهدنة، يعني أن المقترحات المقدمة لمعالجة الملفات الإنسانية والاقتصادية وصلت درجة تستحق العرض المباشر على متخذ القرار أو قل قائد الثورة هذا هو السيناريو الأول، والسيناريو الثاني هو أن المفاوضات ما تزال عالقة بين صيغة جديدة لتجديد الهدنة أو تجديدها على أساس صيغة الاتفاق السابق ويتوقع هنا إن وفد عُمان وصل وسيطا محرَجا – لضغوط خليجية غربية – بمهمة إحراج القيادة لتمديد الهدنة بصيغتها القديمة ولكن دون أن يعني ذلك رضوخ الأشقاء في مسقط لتلك الضغوط بعيدا عن مراعاة الواقع الإنساني لأكثر من خمسة و عشرين مليون إنسان في اليمن، إنما بوصف دور السلطنة ضمينا وضامنا لتنفيذ قوى العدوان مجتمعة التزاماتها المختلفة المنصوص عليها في الاتفاق وتعويض تنفيذ ما تنصلت عنه تلك القوى في الأربعة الشهور الماضية، السيناريو الثاني لا يُلبي تطلعات اليمن ولا يعالج وضعه و يتعارض كليا مع كل مواقف اليمن المعلنة سابقا وفي ضوء ذلك يعني أن الوفد العماني سيحمل رسائل يمنية مزعجة لرباعية العدوان وأن الظرف يفرض اتفاقا أفضل للجميع وأن وقف الاستعلاء تجاه حقوق اليمن واستحقاقاته ليست تنازلات أمريكية ولا خليجية، بل هي الرافعة لإحياء الهدنة ومد عمرا جديدا لها و أطول من عمرها السابق ولكن عبر صيغة اتفاق جديدة وحيّة تتكئ على أرضية صلبة، وبين السيناريوهات والاحتمالات والخيارات يبقى الثابت أن أي القرارات المتخذة يمنيا مضبوطة بحكمة السيد القائد وهذا ما يعطيها الاطمئنان بالنسبة لليمن ويكسبها الرضا الشعبي أيضا من واقع التسليم وتجاربه ونتائجه وحتى نرى إلى أين ستذهب الأمور يطوي سؤال ماذا قرر السيد عبد الملك الحوثي؟ سؤال ماذا حققت جولة بايدن في المنطقة؟ وأيا كانت ردود الفعل على السؤال الأول فما ستفرزه الرياض وأبو ظبي وواشنطن ليست ذات قيمة.