بعد 70 شهراً من قطع العدوان لها .. لا هدنة إلا بصرف مرتبات موظفي الدولة من إيرادات النفط المنهوب
تقرير _ محمد الروحاني :
سبعون شهراً من المعاناة عاشها موظفو الدولة بعد انقطاع مرتباتهم نتيجة نقل حكومة المرتزقة للبنك المركزي من العاصمة صنعاء الى فرعه في عدن بناء على قرار اتخذ بإيعاز سعودي أمريكي وبرعاية أممية في إطار حرب التجويع التي ترافقت مع عدوان عسكري بري وبحري وجوي على اليمن.
منذ قرار نقل البنك لم تف حكومة المرتزقة بالتزاماتها بصرف مرتبات جميع موظفي الدولة في جميع المناطق اليمنية وفق كشوفات 2014م، وقطعت المرتبات عن موظفي الدولة وخصوصاً الموظفين الواقعين ضمن المناطق التي تخضع لسيطرة المجلس السياسي الاعلى وحكومة الإنقاذ الوطني والذين يمثلون 75 % من موظفي الدولة .
تفاهمات السويد
في ديسمبر 2018م، تفاءل موظفو الدولة بالتفاهمات التي أفضت اليها مباحثات السويد بين الطرف الوطني وطرف المرتزقة والتي نصت على إيداع إيرادات موانئ الحديدة في البنك المركزي اليمني، من خلال فرعه الموجود في المحافظة، للمساهمة في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في جميع أنحاء اليمن، على أن تتولى حكومة المرتزقة تغطية العجز في مبلغ الرواتب من إيرادات الثروات النفطية والغازية التي تخضع لسيطرتها .
حكومة المرتزقة تنقلب على الاتفاق
بعد ثمانية أشهر من اتفاق ستوكهولم، قامت حكومة الإنقاذ الوطني ومن طرف واحد وبتوجيهات من رئيس المجلس السياسي الأعلى، بفتح حساب في فرع البنك المركزي بالحديدة وذلك في شهر أغسطس ٢٠١٩م، إلا ان حكومة المرتزقة لم تفي بالتزاماتها ورفضت توريد أي مبلغ الى ذلك الحساب مختلقة اشتراطات جديدة لا علاقة لها بما تم التوافق عليه، ومنها صرف المبالغ المجمّعة من إيرادات الموانئ لموظفي الدولة في محافظة الحديدة فقط، وحرمان موظفي المحافظات الأخرى منها، وهو ما رفضه الطرف الوطني كون المعاناة تشمل كل موظفي الدولة ولا تمثل محافظة الحديدة لوحدها لتستمر معاناة 75 % من موظفي الدولة .
شراكة الأمم المتحدة الواضحة
تعنت طرف التحالف وانقلابه على الاتفاقات التي تم التوصل إليها، دفع الطرف الوطني الى العودة لصرف نصف الراتب الذي كانت تصرفه للموظفين كل شهرين.
قرار سلطات صنعاء باستئناف صرف النصف الراتب كشف وقتها حقيقة الامم المتحدة وموقفها المتحيز لدول العدوان وعدم اكتراثها بمعاناة اليمنيين من خلال تلويحها بمعاقبة صنعاء إن استمرت في الصرف بالآلية نفسها .
فتزامناً مع عودة صنعاء لصرف نصف الراتب، ارتفعت حدة احتجاز سفن النفط من قبل تحالف العدوان ومن خلال تواصلات الطرف الوطني مع الامم المتحدة اشترطت الاخيرة على عدم إيداع عائدات ميناء الحديدة المالية من دخول السفن إليه، في الحساب المخصص بفرع البنك المركزي في المحافظة لصرف رواتب الموظفين ، وهو ما اعتبره مراقبون وقتها دليلاً على وقوفها خلف عمليات القرصنة على سفن المشتقات النفطية ومنعها من دخول ميناء الحديدة لتفريغ حمولاتها.
وأكد المراقبون أن الأمم المتحدة تستخدم القرصنة على السفن التجارية وسيلة للضغط على القوى الوطنية في صنعاء لتنفيذ توجهاتها، خدمة لأجندة دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي .
مبادرات صنعاء تصطدم بتعنت مرتزقة العدوان
لم تقف محاولات الطرف الوطني للدفع بإجراءات صرف المرتبات الى الامام فقد قدم العديد من المبادرات ومنها الاستعداد لتفويض أحد مكونات المجتمع المدني لإدارة والإشراف على حساب المرتبات في البنك المركزي بالحديدة، في حال قيام الطرف الآخر بتغطية العجز لصرف المرتبات لموظفي الخدمة المدنية وفق كشوفات ٢٠١٤م، كتعبير حقيقي عن مدى جديته وحرصه على تنفيذ الاتفاق لكن هذه المبادرة لم تلق استجابة من طرف العدوان لتستمر معاناة موظفي الدولة .
صرف المرتبات على رأس أولويات الهدنة
في مارس 2022م توسطت الامم المتحدة من أجل إبرام هدنة عسكرية وانسانية في اليمن والدخول في مفاوضات سلام شاملة.
وفي الـ 2 من ابريل دخلت الهدنة الإنسانية والعسكرية حيز التنفيذ، لكن معاناة اليمنيين استمرت، فطرف العدوان لم يف بالتزاماته التي نصت عليها بنود الهدنة ، إضافة الى ان النقاشات في العاصمة الاردنية “عمَّان” ظلت تراوح مكانها ولم يتم الانتقال الى الملفات الأكثر أهمية ومنها الملف الاقتصادي الذي يتضمن صرف المرتبات ، والذي جعل من هذه الهدنة تفقد أثرها، الأمر الذي دفع بالطرف الوطني الى المطالبة بتوسيع بنود الهدنة وتضمين بند صرف المرتبات ضمن بنود الهدنة خصوصاً مع طلب الامم المتحدة والمجتمع الدولي المتكرر بتمديديها .
صنعاء تضع المرتبات ضمن أولويات الهدنة
لم يغب ملف صرف المرتبات عن طاولة النقاشات التي جرت بين وفد الطرف الوطني مع المبعوث الاممي الى اليمن ” غروندبرغ” منذ بداية الهدنة .
وطرح الوفد الوطني أهمية صرف مرتبات الموظفين في عموم محافظات الجمهورية اليمنية ، وسبل توحيد عمليات البنك المركزي لما يعيده لدوره الوطني في تغطية المرتبات والاحتياجات، حيث أدى نقل عملياته وقرصنة السويفت من قبل العدوان ومرتزقته إلى توقف المرتبات وعجز البنك المركزي عن تغطية الواردات.
كذلك أكدت حكومة الإنقاذ الوطني وعلى لسان نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير المالية الدكتور رشيد عبود أبو لحوم، استعدادها لتخصيص إيرادات السفن النفطية بميناء الحديدة لدفع مرتبات كل موظفي الدولة في حال التزم الطرف الآخر بتغطية فجوة العجز في مبلغ المرتبات، وفقاً لاتفاق ستوكهولم .
فقدان الهدنة لأثرها وعدم تحقيقها أهدافها في تخفيف معاناة الشعب اليمني، جعل من هذه الهدنة بلا فائدة، وهو ما أكده الطرف الوطني في صنعاء الذي اشترط لتمديد الهدنة إرجاع الخدمات التي قطعها تحالف العدوان بهدف تجويع الشعب اليمني ومنها صرف المرتبات.
فخلال اجتماع للمجلس السياسي الاعلى مؤخراً، أكد المجلس أن تمديد الهدنة يقتضي الالتزام بصرف مرتبات كافة الموظفين وبقية الخدمات التي قطعها العدوان ليضاعف معاناة أبناء الشعب اليمني .. مشيراً الى أنه بادر إلى فتح حساب خاص في فرع البنك المركزي بالحديدة وتم توريد إيرادات ميناء الحديدة إليه للإسهام في صرف المرتبات لكافة موظفي الدولة، فيما لم يلتزم الطرف الآخر والأمم المتحدة بسد الفجوة لصرف المرتبات .
مصداقية الأمم المتحدة على المحك
الممثل الأممي ” هانس غرودنبرغ ” قال في إحاطته الاخيرة لمجلس الامن: إنه سيستمر في البحث بشأن إمكانية تمديد اتفاق الهدنة وتوسيع نطاقه لتوفير الوقت والفرصة لبدء مناقشات جادة حول المسارات الاقتصادية والأمنية، للبدء في معالجة القضايا ذات الأولوية مثل الإيرادات ودفع الرواتب، وبدء عملية التحرك نحو وقف شامل لإطلاق النار، فهل سيفي الممثل الأممي بكلامه ويدفع نحو التقدم في إجراءات صرف المرتبات وإنهاء معاناة موظفي الدولة ؟؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة .