البُعدُ الديني لاتّفاق الهُدنة
د. شعفل علي عمير
من مقتضيات الإيمَـان بالله -سُبحانَه- وكتابه الالتزام بما يأمُرُنا الله والنهي عَمَّا نهانا عنه، وفي واقعنا نجدُ من يفصلُ دينَه عن دنياه في سلوكه التي يجب أن يكونَ ضمن التوجيه الرباني ويجب أن يحاكيَ ذلك السلوكُ أُسلُـوبَ الحياة التي أمرنا الله -سبحانَه وتعالى- بها في محكم آياته قال تعالى: (الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُـلّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ).
يغفلُ الكثيرُ أهميّةَ أن يلتزمَ الإنسان بتعاليم الله له والتي أكّـد عليها -سُبحانَه وتعالى- في كثيرٍ من الآيات فينقضون العهودَ والمواثيقَ دون أن يقيسوا تصرفاتِهم هذه على أحكام الدين، فهم لا يعيرون اهتماماً للجانب الديني عندما تقتضي مصالحُهم هذا كما يعتقدون.
ولو فهموا مقاصد الدين لعرفوا أنها هي من تحقّق لهم مصالحهم الدينية وأهدافهم الدنيوية عندما تكون هذه الأهداف تنسجم وتعاليم ديننا الحنيف هذا إذَا كانوا فعلاً ينتمون قلباً وقالباً لملة الإسلام غير ذلك فَـإنَّ تصرفاتهم لا تخدمهم بقدر ما تُبعِدُهم أكثرَ عن دينهم.
في كُـلِّ الاتّفاقيات والهُدن التي تم الاتّفاقُ عليها نلاحظ عدمَ التزام دول العدوان ومرتزِقتهم بما تم الاتّفاقُ عليه وتستمرُّ خروقاتهم على مدار الساعة، في نقض واضح ومخالفة صريحة لمبادئ العهود والمواثيق المتعارف عليها، وهذا ناتجٌ عن الفجوة التي تفصلهم عن مبادئ شعبهم وقيمِه وتعاليم دينهم، تلك الفجوة التي تتسعُ بقدر بُعدِهم عن مبادئ الدين الحنيف، فكلما ازدادت خروقاتُهم ونكثُهم للاتّفاق كلما كان ذلك مؤشراً على مخالفتهم وانحرافهم عن مبادئ الدين الحقيقية.
وفي مقابلِ كُـلِّ خروقاتهم وعدمِ التزامهم بالعهود والمواثيق يكونُ طرفُ أنصار الله ملتزماً قولاً وعملاً بما تم الاتّفاقُ عليه؛ ذلك لأَنَّهم طبقوا تعاليم الله وأوامره سبحانه في سلوكهم فأصبحوا أقرب إلى الله وأقرب إلى دينهم، فهم لم يخونوا العهودَ ولم ينقضوا المواثيقَ، الأمر الذي يعكسُ مدى إيمَـانهم بوعود الله الذي يقولُ في محكم آياته: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا الله مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
وهنا الفارِقُ العملي بين سلوك المؤمن والمنافق، وحتماً إن خيانتَهم سوف تكونُ سبباً في النصر والتمكين منهم، فهذا وعدُ الله الذي نؤمنُ به ونصدِّقُه وننتظرُه.