مستقبلُ الهُدنة.. بتوقيع صنعاء
سند الصيادي
يسوِّقُ المبعوثُ الأممي إلى اليمن لما أسماه مخرجاتِ الهُدنة السابقة على الوضع الإنساني والعسكري، ويوَصِّفُ مسارَها كانتصارات ينبغي الحفاظُ عليها، متجاوزاً نتائجَها الضعيفة والمعدومة على واقع المعاناة الإنسانية، مزيِّفاً واقعَ التزام تحالف العدوان بمقرّراتها، وَمزوِّراً أرقام الرحلات والسفن التي سمح لها بالدخول، فيما يهوّن من أرقام الضحايا الذين سقطوا خلال الهُدنة، وَحجم الخروقات التي حدثت ولا تزال.
على هذه القاعدة جاءت مضامينُ بيانه الصحفي الأخير، وَفيها استمرَّ كعادته في حرثِ الماء، من خلال تقديم المزيد من الوعود وفرش الطريق بالورود، وَبالمقابل تتعرضُ صنعاءُ لضغوطات وَوساطات؛ لدفعها إلى الموافقة والقبول مجدّدًا بتمديد إضافي ومفتوح للهُدنة، بلا أفق لما بعد هذه الهُدنة، وبلا ضمانات حقيقية لتنفيذ بنودها.
تأتي هذه الحملةُ الدعائيةُ بعد أَيَّـام من استعراضِ صنعاء -عبر رئيس وفدها المفاوض- لكل تفاصيل الهُدنة وما حملته من فوائدَ ضئيلةٍ وما حفلت به من تجاوزات كبيرة، وبالتزامن مع كُـلّ ما سبق لا تزال تتوالى الأنباءُ من صنعاء عن استمرار أعمال القرصنة على سفن المشتقات النفطية، وَالالتفاف على الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء، وَاستمرار الخروقات العسكرية داخلياً وَفي جبهات الحدود، إلى جانب عرقلة مِلف الأسرى والطرق، وكل المقتضيات التي أُبرمت لأجلها الهُدنة.
واقعٌ يتحدَّثُ عن نفسه، وَسلوكياتٌ تناقضُ نفسها، تكشفُ عن رغبة مشتركةٍ لتحالف العدوان وَالأمم المتحدة في إبقاء معاناة اليمنيين قائمةً شرطَ بقاء الهُدنة، وبقاء الأزمة السياسية مفتوحةً للمزيد من التدخلات الخارجية والمؤامرات الخبيثة، وهو بالمجمل واقعٌ يكشفُ حجمَ الانحياز المفرِط لدول العدوان على اليمن الذي يظهرُ به الموقفُ الأممي، وَيلخِّصُ ملامحَ الوجه القبيح للسياسة الغربية وَالأجندة الصهيوأمريكية في اليمن والمنطقة.
غير أن الانسياقَ مع هذا المسار بات من الماضي في الحالة اليمنية، وَالوعي المتنامي وَالقدرات المتصاعدة التي تتموضع عليها صنعاءُ اليومَ باتت قادرةً على قلب الطاولة على هذه المخطّطات والأجندة، مستعينةً بالله في مواجهة هذه المكائد، وتحديد مصير هذه التحَرّكات، وَبشعبٍ كان بالأمس أبرزَ دوافعها للقبول بالهُدنة، وبات اليوم هذا الشعب وَبعد كُـلّ ما حدث من خيبة أمل، أبرزَ الضاغطين لرفضها.