السعودية و”إسرائيل” خارج القائمة السوداء .. إفشاء وثيقة الأمم المتحدة السوداء بحق الأطفال الفلسطينيين واليمنيين
نشرت الأمم المتحدة مؤخراً تقريرها السنوي عن أوضاع الأطفال في النزاعات والأزمات الدولية. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في هذا التقرير أن مسؤولي الأمم المتحدة سيحققون في مقتل وجرح أطفال في أوكرانيا وإثيوبيا وموزمبيق، ما يشير إلى مقتل 2515 طفلاً وإصابة 5555 آخرين في النزاعات العالمية في عام 2021.
كما أكد تقرير الأطفال والنزاع المسلح السنوي، الذي صدر يوم الاثنين الماضي، تجنيد واستخدام 6310 أطفال في النزاعات في جميع أنحاء العالم في عام 2021. ووجد التقرير أن أعلى عدد من الانتهاكات المؤكدة بحق الأطفال في عام 2021 كان في اليمن وسوريا وأفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال والأراضي الفلسطينية. وقالت المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، فيرجينيا غامبا، إن اثنين من أكثر الانتهاكات إثارة للقلق الناجم عن الصراع في أوكرانيا هما قتل الأطفال وتشويههم والهجمات على المدارس والمستشفيات.
وقال ميشيل باشيليت المفوض العام لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إنه حتى 3 يوليو / تموز، قُتل نحو 4889 مدنيا، بينهم 335 طفلا، في أوكرانيا ، مشددا على أن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير. ويتضمن تقرير الأطفال والنزاع المسلح قائمة سوداء تهدف إلى فضح أطراف النزاع على أمل إجبارهم على تنفيذ تدابير لحماية الأطفال.
وبالنظر إلى أن الحرب في أوكرانيا بدأت منذ 5 أشهر فقط، فإن الأمم المتحدة تركز على روسيا، بينما تحدث أعمال قتل وحشية في أجزاء كثيرة من العالم، مخفية عن أعين الأمم المتحدة، ومسؤولي هذا المنظمات الدولية يغضون الطرف عمليا عن تلك الجرائم.
مكان فارغ للصهاينة
لطالما كان تقرير الأمم المتحدة السنوي مثيرًا للجدل، ويقول دبلوماسيون إن المملكة العربية السعودية والنظام الصهيوني كانا يضغطان في السنوات الأخيرة لإلغاء وضع اسميهما في القائمة السوداء للأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن التقرير الجديد لمنظمة الأمم المتحدة يعتبر اليمن وفلسطين من بين أكثر الدول التي وقع فيها جرائم قتل الأطفال في عام 2021 ، إلا أنه ليس هناك أخبار عن مرتكبي هذه الجرائم.
وعلى الرغم من أن النظام الصهيوني قد قتل آلاف الأطفال الفلسطينيين خلال السبعين عامًا الماضية، إلا أنه لم يتم إدراجه مطلقًا في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال، ويظهر أن اللوبي الصهيوني قوي جدًا لدرجة أنه لا يسمح بإضافة اسم هذا النظام وإدراجه في القائمة السوداء. هذا فيما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن قلقه من الجرائم الوحشية وقتل الأطفال في الأراضي المحتلة، ولكن بسبب الضغط الذي يمارسه الغرب والصهاينة على الأمم المتحدة، لم يستطع قادة المنظمات الدولية إضافة ا سم تل أبيب في هذه القائمة.
وأعلن مركز الإحصاء الفلسطيني، في تقريره الأخير الذي نشر قبل شهرين، عن استشهاد 78 طفلاً فلسطينياً على يد جنود إسرائيليين خلال العام الماضي، وحسب تقارير إعلامية، فقد زاد النظام الإسرائيلي منذ بداية عام 2022 من قتل الفلسطينيين خمس مرات ونصف للأطفال والنساء. وحسب التقرير الفلسطيني، فإن 160 طفلاً فلسطينياً يقبعون في سجون النظام الصهيوني ويعيشون في ظروف مخالفة للقوانين الدولية واتفاقية حقوق الطفل.
إضافة إلى هذه الجرائم، يجب أن نضيف أيضًا حصيلة قتلى الحروب المتكررة التي يشنها النظام الصهيوني على قطاع غزة، والتي فقد خلالها مئات الأطفال الفلسطينيين أرواحهم في هذه الحروب. وإذا استعرضنا إحصائيات الجرائم منذ إنشاء النظام الصهيوني المزيف، يمكننا أن نرى قائمة طويلة من الجرائم ضد الأطفال التي أهملها العالم، وصمت الأمم المتحدة والغرب جعل هذا النظام أكثر وقاحة في قتل المزيد من الفلسطينيين. ومع ذلك، فقد ذكر الأمين العام للأمم المتحدة على ما يبدو أنه إذا تكرر الوضع في عام 2022، دون تحسن كبير، فإنه يجب أن تكون إسرائيل على القائمة. وعلى الرغم من أن إحصائيات الجرائم التي يرتكبها هذا النظام تظهر تزايدا، إلا أن اللوبي الصهيوني لن يسمح بإدراج اسم إسرائيل في هذه القائمة.
لا توجد أخبار أن المملكة العربية السعودية في القائمة
على الرغم أن المملكة العربية السعودية انضمت إلى مجلس مجرمي الحرب في العالم في السنوات الثماني الماضية، إلا أن مكان هذا النظام فارغ في القائمة السوداء، تمامًا مثل إسرائيل. ولم يتم إدارج السعودية في هذه القائمة منذ بداية الحرب في اليمن وقتلها آلاف الأطفال اليمنيين.
وحسب إحصائية نشرتها وزارة الصحة اليمنية، فإن أكثر من 300 طفل دون سن الخامسة يموتون كل يوم نتيجة الحرب والجوع والمرض والحصار. وحسب هذا التقرير، فإن 43٪ من الأطفال حديثي الولادة المشوهين لا يبقون على قيد الحياة بسبب نقص المرافق والمعدات الطبية. كذلك وحسب السلطات اليمنية يموت طفل يمني كل 10 دقائق وكل هذا يحدث في ظل انتشار جرائم السعوديين.
على الرغم من كل هذه الجرائم التي تشبه الإبادة الجماعية، فقد استخدم السعوديون أيضًا نفوذهم المالي في الأمم المتحدة ولم يسمحوا بإدراج أسمائهم في هذه القائمة. ورغم أن الأمم المتحدة حاولت وضع اسم التحالف السعودي في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الطفل والمرأة في العام الأول من الحرب في اليمن، إلا أنها اضطرت في النهاية إلى إزالة اسم السعودية منه.
وقال الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بان كي مون، في عام 2016 ، إن قرار إزالة اسم التحالف السعودي من القائمة السوداء قرار صعب ومؤلم. وقال إن سبب شطب التحالف السعودي من القائمة السوداء للأمم المتحدة هو تهديد بعض الدول بقطع مساعداتها عن بعض برامج هذه المؤسسة. لذلك فإن الأمم المتحدة التي كان من المفترض أن تكون مؤسسة إحلال السلام في العالم وداعمة للدول الضعيفة، أصبحت الآن أداة للدول التي ترتكب أي جريمة في العالم.
وفيما يتعلق بوضع أسماء الدول في قائمتها السوداء، فقد تبنت الأمم المتحدة معايير مزدوجة، وبناءً على اعتبارات سياسية تحدد الدول المدرجة في القائمة وغير المدرجة، لكن هذه المنظمة، التي تخضع لسيطرة الولايات المتحدة، تبكي على قتل الأطفال الأوكرانيين وكأنها كانت مأساة القرن.
وبينما أشارت منظمات حقوقية تابعة للأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا إلى الأزمة في اليمن على أنها كارثة القرن في السنوات الثماني الماضية ودعت إلى تقديم مساعدات عالمية لوقف الحرب، لكن سلطات الأمم المتحدة لم تستمع إلى هذه التحذيرات. لذلك، فإن إزالة اسمي إسرائيل والمملكة العربية السعودية من القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال وصمة عار على جبين الأمم المتحدة ستبقى في الذاكرة إلى الأبد في التاريخ.
وفي الختام، يمكن القول إن حكومة صنعاء لا يمكنها أن تعول ابداً على الأمم المتحدة في تحقيق اي تقدم نحو السلام العادل ولن تعول عليها في أي أمر في ظل الهيمنة الأمريكية والمال السعودي عليها والذي اخرجها تماما عن دائرة الاستقلال . وما استمرار قيادة صنعاء في مجاراة الأمم المتحدة إلا من باب التأكيد على حسن نواياها وعلى رغبتها الحقيقية في الوصول إلى السلام العادل والمشرف، وهو في ذات الوقت تأكيد على أن المواجهة والصمود هو خيارها الوحيد من دون السلام العادل وأن على تحالف العدوان والامم المتحدة أن يعلموا أن الاستسلام غير وارد ولا وجود له في كل قواميسها أياً كانت النتائج التي تتمخض عن هذا الموقف الاساسي والمبدئي لليمنيين قيادة وشعباً.
المصدر: الوقت التحليلي