من وحي الوَلاية والتولِّي
محمد أمين عزالدين الحميري*
اللهُ وليُّ الذين آمنوا، والذين كفروا ومن دار في فلكهم وليهم الطاغوت، بكل مسمياته وأشكاله.
اللهُ يحُثُّنا أن نتولاه ونتولى رسولَه ونتولى المؤمنين، وهؤلاء المؤمنون لهم مواصفاتُهم العالية، فهم متمسكون بالقرآن مقتدون برسوله محمد -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-.
في ذات الوقت يرشدُنا إلى مواجهة الطاغوت وأعوانه، ويبيّن لنا أن عاقبةَ التولي السليم هو النصر (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، وعاقبةُ تولي الكفار هي الهزيمةُ والخسران، وعاقبةُ من يتولاهم من المنافقين والعملاء هو الندامة والتحسر.
ومن هذا المنطلق، وبعيدًا عن التفاصيل:
لا يسعُ كُـلَّ مسلم عاقل متجرد من العقد الطائفية إلا أن يعلنَ تولِّيَه لله ورسوله وتوليَه للمؤمنين الصالحين المتقين.
وبكل بساطة فمن هؤلاء المؤمنين، الإمام علي -رضي الله عنه-، وهو من هو في العظمة والسمو والمتحلي بأرقى صفات أهل الإيمَـان، باتّفاق كُـلّ المسلمين الصالحين في القديم والحاضر.
كيف وقد نال الشرفَ وحاز الفضل بتأكيد رسول الله، في خطابه الشهير: (من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه وعاد من عاده، وانصر من نصره، واخذل من خذله) في حادثة غدير خُم، التي مع الأسف لا يزال الكثير من المسلمين يتعامل معها أنها حادثة عادية، وما أعلن عنه الرسولُ في ذلك الجمع الكبير من أصحابه بعد حجّـة الوداع، لا يعدو أن يكون بياناً في فضل علي وَإظهار منزلته، دون أي اعتبار لأبعاد ذلك النص النبوي الشريف، المتواتر والمجمع عليه في مختلف الكتب الحديثية سنة وشيعة، وهناك من الشواهد الحديثية في فضل علي ومكانته ما يجعله نصاً ذا قيمة نظرية، ورؤية عملية مُستمرّة.
إن مناسبةَ الوَلاية مناسبةٌ تعنينا كمسلمين بكل توجّـهاتنا، وليست مناسبة خَاصَّة بالشيعة فقط، كما أن علياً وآل بيته الأطهار، هم رموز للأُمَّـة كلها: (أذكركم اللهَ في أهل بيتي، أذكركم اللهَ في أهل بيتي…) حديث صحيح.
وتبعاً لذلك:
فحُبُّ علي وتوليه من الإيمَـان: “يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق” حديث صحيح.
– والتولي لعلي لا يجوز بأية حال أن يكون باعثاً للانتقاص من صحابة رسول الله الأخيار.
– كما أنه لا يصح أن يكون سبباً في تفريق المسلمين.
– بل لا بُـدَّ أن يكونَ على العكس من ذلك، فهو يعني المحبة لكل مؤمن صالح وفي مقدمتهم صحابة رسول الله الأخيار رضي الله عنهم، ويعني الذهاب لتوحيد صف الأُمَّــة واجتماع كلمتها في الحق والخير.
– ويعني البراءة من أعداء الله ورسوله والمؤمنين، وخَاصَّة في ظل ما تمر به أمتنا من تخبط وتيه، وسعي الحكام المجرمين فينا، من تنصيب لأُولئك الأعداء كمهيمنين على الأُمَّــة، ولهم يبيعون كُـلّ غال ونفيس.
– بعيدًا عن غلو متشدّدي الشيعة وتطرفهم، وبعيدًا عن جفاء حمقى السنة ودورانهم في فلك المطبعيين اليوم، ندعو إلى التحلي بالوعي والبصيرة، في سلوك الطريق المستقيم، وعدم التحريف للنصوص والتزييف للحقائق، وخَاصَّة في هذه المسألة الشائكة والخطيرة.
وهنا، نحذر من سوق أمتنا كالقطيع في نفق مظلم، نهايته سقوط الأُمَّــة وارتكاستها، ونعتبرُ أن النجاةَ من ذلك يكون بتولي الأخيار، وفي الصدارة الإمام علي -رضي الله عنه-، وتولي عليٍّ هو ارتباطٌ بمنهج وهذا المنهج هو القرآن، وارتباط بقيادة وهذه القيادة هي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الارتباطُ بعلي هو ارتباطٌ بمشروع متكامل، يؤسس لوحدة صف المسلمين، وتوجيه العداء لأعدائهم الحقيقيين، مشروعٌ يؤسس للصحوة والنهوض على كُـلّ المستويات وُصُـولاً إلى تحقيق العدالة والاستقلالية والرخاء، والاكتفاء والتنمية والرقي الدائم.
ومن يرى غير هذا نقول له: مَـا هو البديل؟!
أليس البديل في ظل غياب الهدف والمشروع من واقعكم هو الهرولة وراء اليهود وعملائهم في المنطقة والتصفيق والمباركة لهم، وهذا هو ما نراه بأم أعيننا؟!
هذه هي الحقيقة التي مع الأسف لا تريدون أن تعترفوا بها!
وعليه: فلسنا مستعدين أن نداهن أَو نجامل على حساب ما نقتنع به، فبحمد الله وفضله نفهم جيِّدًا ماذا يعني التولي في القرآن والسنة، وما أكّـدته وتؤكّـده سنن الله على الدوام دافعاً قوياً إلى أن نذهبَ للتصحيح وإماطة اللثام عن كُـلّ انحراف واعوجاج، ونوالي كُـلّ من يوالي الله ورسوله ويوالي علياً ويسير في دربه، كما نلتزم الالتزام، الذي؛ بسَببِه بإذن الله يرضى الله عنا.
ولسان حالنا ومقالنا: “رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ”.
* كاتب وداعية سلفي- صنعاء