اليمن: نفط منهوب وجيوب فارغة
علي ظافر
يوماً بعد يوم، نسمع عن وصول ناقلة نفط عملاقة إلى الموانئ اليمنية في محافظات شبوة وحضرموت جنوب اليمن، في عملية استنزاف ونهب منظم لثروة البلاد السيادية، في وقت تزداد حاجة السوق العالمية إلى النفط، وتزداد حاجة اليمنيين إلى الاستفادة من ثروتهم، لعلها تخفف جزءاً من معاناتهم، فضلاً عن فيتو سعودي يمنع أي شركة أجنبية من التنقيب في محافظات تعوم على بحيرات من النفط.
وقد ارتفعت وتيرة النهب المنظم للنفط اليمني الخام بوتيرة مطردة، وعلى نحو غير مسبوق، منذ بدء سريان الهدنة الإنسانية في 2 نيسان/أبريل الماضي، إذ تم نهب قرابة 7.5 مليون برميل بقيمة تتجاوز 900 مليون دولار، كانت كافية لصرف مرتبات الموظفين لمدة 8 أشهر.
وبعيداً من العموميات، سنلج إلى تفاصيل مسلسل النهب المنظم للنفط اليمني الخام خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفق ما علمناه من مصادر رسمية وخبراء نفط، وهي على النحو التالي:
– السفينة “Apoly tares” نقلت من ميناء الشحر في حضرموت 5 مليون برميل من النفط الخام على دفعتين.
– السفينة “Seavalvet” هرّبت مليون برميل من النفط الخام عبر “ميناء النشيمة”؛ أحد موانئ محافظة شبوة شرق اليمن.
– السفينة “غولف إيتوس” هرّبت 400 ألف برميل من النفط الخام عبر “ميناء رضوم” في شبوة.
– السفينة “إيزابيل” هرّبت مليون برميل من النفط الخام من محافظة شبوة.
للتذكير، إن دول العدوان عمدت إلى سرقة النفط اليمني على نحو منظّم منذ سنوات، وتحديداً منذ عام 2018. وهنا، من المفيد التذكير بإحصائية قدمها وزير النفط في حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء مطلع العام، وتحديداً في الذكرى السنوية السابعة للعدوان على اليمن، إذ أكّد أنَّ دول العدوان ومرتزقتها نهبوا التالي:
– 18 مليوناً و80 ألف برميل من النفط الخام خلال عام 2018 .
-29 مليوناً و690 ألف مليون و750 ألف برميل من النفط الخام خلال العام 2019.
– 31 مليوناً و627 ألفاً و250 برميلاً من النفط الخام خلال عام 2020.
– 31 مليوناً و587 ألفاً و500 برميل من النفط الخام خلال عام 2021.
يُضاف إليها ما سبق الإشارة إليه خلال العام الجاري أنَّ عملية النفط قد تشهد تصاعداً ملحوظاً، وبشكل مطرد، خلال هذا العام، في ظل حاجة السوق العالمية لضخ المزيد من النفط الخام، نتيجة الأزمة الغربية الروسية في أوكرانيا.
عدن والمحافظات المحتلّة على سكّة جهنم
المفارقة العجيبة، أن الموظفين في القطاع العام في عموم البلاد محرومون من مرتباتهم منذ 6 سنوات، فيما تعمد دول العدوان إلى نهب النفط اليمني، في ظل إصرار التحالف على مصادرة حقوق الموظفين ورفضه دعوات صنعاء إلى تحييد المرتبات عن الصراع.
والأغرب من ذلك أنَّ سكان المحافظات النفطية وغيرها من المحافظات الواقعة تحت الاحتلال في جنوب الوطن وشرقه يعيشون أسوأ الظروف الإنسانية والمعيشية والاقتصادية والخدمية، ووصلت محافظة عدن وغيرها من المحافظات المحتلة إلى وضع لم يعد يحتمل أو يطاق، في ظلّ انقطاع المرتبات، وانعدام خدمات الماء والكهرباء، وتدهور المعيشة، وهو ما يدفع سكانها بين الحين والآخر إلى الخروج في تظاهرات كبرى في حواضر المدن.
لكن الغضب الشعبي سرعان ما يخمد بعمليات تخديرية ووعود فارغة تأتي من دول العدوان، وهو ما ينذر بالأسوأ، ما لم يتحول الحراك المطلبي الموسمي لسكان المحافظات الجنوبية والشرقية إلى عمل ثوري منظّم لكسر القيود التي تفرضها قوى العدوان مباشرة أو عبر حكومة المرتزقة. وما لم يحصل ذلك، سيبقى الشارع الجنوبي يئنّ ويرزح تحت وطأة الفقر والبطالة والغلاء وسوء المعيشة.
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: أين تذهب عائدات النفط اليمني المنهوب؟ هنا، يزعم فرع البنك المركزي في عدن الذي تحوّل إلى معول هدم بيد قوى العدوان لضرب الاقتصاد الوطني منذ عام 2016، في آخر نشرة صادرة عنه، أن الاحتياطات الأجنبية ارتفعت، في تضليل مكشوف، ذلك أنه يعرض بياناته بالريال اليمني، اعتماداً على سعر صرف مرتفع، فيما الحقيقة أن الاحتياطي الأجنبي تراجع مقارنة بعامي 2015 و2016 من 1.8 مليار دولار في 2015 إلى مليار دولار عام 2016، ثم تراجع بشكل حادٍ إلى 600 مليون دولار عام 2021، فيما انهارت العملة الوطنية أمام الدولار، وبشكل مطرد، منذ آب/أغسطس 2021، بالتزامن مع منحة صندوق النقد الدولي البالغة 660 مليون دولار، وعلى وقع المزايدات والمضاربات.
كل ذلك على حساب الوضع المعيشي للمواطنين، ما يؤكد عدم أهلية القائمين على فرع البنك المركزي في عدن، الذي يظهر فشله من واقع بياناته، ويؤكد صواب ما تطرحه صنعاء بضرورة توريد إيرادات البلاد من النفط وغيرها إلى البنك المركزي في صنعاء أو إلى صندوق سيادي مشترك تحت إشراف الأمم المتحدة، يكون من أبرز مهامه صرف مرتبات الموظفين في القطاع العام.
كما أنَّ ارتفاع المديونية يفرض التساؤل: أين الوديعة السعودية؟ أين الوعود السعودية الإماراتية التي قدمت أثناء تشكيل المجلس الفضيحة الذي جمع المتردية والنطيحة وما أكل السبع؟ الجواب: لم يتغير شيء في وضع المواطن، ولن يتغيّر شيء ما دامت الدول المحتلة تضع يدها على ثروات اليمن، والمرتزقة في بيت الطاعة السعودي والإماراتي، وما دام قرارهم مرهوناً بيد المحتلين.