خياراتُ صنعاء ومخرجاتُ لقاء مجلس الدفاع الوطني
عبدالقوي السباعي
لقد استطاعت صنعاء، في ثاني اختبارٍ لها منذ تنفيذ الهُدنة الأممية الهشة والركيكة في الثاني من أبريل الماضي، بعد الاختبار الأول المتمثل باتّفاقية ستوكهولم، والتي اجتازت صنعاء عن جدارة فيهما ومن خلالهما كُـلّ العراقيل والصعاب، وتجاوزت كافة التعجيزات ومختلف الخروقات، وأبدت فيها حسن النوايا ومارست ضبط النفس بأُسلُـوب استثنائي نابع عن رؤية وطنية خالصة لتغليب مصلحة اليمن أرضاً وإنساناً، وأسقطت معها كُـلّ الافتراءات والأباطيل والادِّعاءات الزائفة التي كانت وما زالت تروج لها أبواق ومطابخ تحالف العدوان وأوراقه وأدواته، وأجهضت في طريقها كُـلّ مشاريع وأجندات هذا التحالف أصيله ووكيله، وقطعت دابر حججهم ومبرّراتهم، التي لا يتقبلها عقل ولا يستسيغُها منطق.
ومما لا شك فيه أن الإدارة الأممية ومن ورائها قوى الهيمنة الأمريكية الأُورُوبية تسعى اليوم إلى إخماد ومعالجة أية عودة لصراعات ومواجهات محتملة أَو حروب محدودة في هذا الجزء من العالم، أَو على الأقل توقيفها مؤقتاً، وذلك لانشغالها في المواجهات الروسية الأوكرانية التي باتت تدق ناقوس الخطر على الأبواب الشرقية من أُورُوبا، لهذا وفي اعتقاد شخصي، فمصير الهُدنة الأممية في اليمن سيمضي إلى التمديد أكثر فأكثر، أولاً لضمان توجيه بوصلة “الضرع” الخليجي إلى مسار آخر، وتالياً لخروج السعوديّة والإمارات تدريجيًّا بماء الوجه، على قاعدة “لا خاسر ولا منتصر”.
لقد ظلت صنعاء حتى الآن في مستوى التحدي واستطاعت برمزيتها وقيادتها، وبانسجام تام مع دورها التاريخي أن تصبح الساحة الفاعلة لليمن وللمنطقة جمعاء، والتي يتحَرّك فيها الفعل العسكري والسياسي التوافقي بقدر كبير من الإرادَة لبناء المواقف الإيجابية في مختلف القضايا المصيرية، بصورة تنم عن وعي كبير بالمخاطر التي تنتصب أمام الجميع، والتصدي من ثم للقضايا الأُخرى التي يتوقف على حلها توفير الشروط الضرورية للانعتاق من التبعية والهيمنة والمضي نحو الحرية والاستقلال، وليست تلك الشروط التي تبقيها رهينة لإرادَة النظام العالمي.
في هذا السياق، لا متناهي المسؤولية، تمكّنت صنعاء من الاحتفاظ بمكانتها السياسية والتاريخية رغم بشاعة العدوان الذي تعرضت له، ورغم الجراح التي لحقت بها، ورغم كُـلّ المؤامرات التي هدفت إلى تمزيقها وتركيعها.
في المقابل وفي إطار السعي لإنجاح المفاوضات الجارية في عمّان، هل تستطيع صنعاء في هذه الجولة فرض شروطها على الأطراف الأُخرى فوق طاولة المفاوضات؟ أم أنها ستضطر إلى أن تفرضها عسكريًّا وميدانياً؟ إذَا ما تعثرت جهود الحوار السياسي في الولوج الجاد لصناعة السلام الحقيقي، إذ أن جميع المؤشرات والاحتمالات تؤكّـد إمْكَانية صنعاء تحقيق ذلك في كلا الحالتين، غير أنها تركت الخيار مفتوح للطرف الآخر، علّهُ يتذكر أَو يخشى.
في الظاهر، وبينما “هُدنة إبريل” تشارف على الانتهاء، يودِّعُها رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط، بإدانته لممارسات دول العدوان بإرسال “طائرات تجسسية إلى أجواء العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات”، معتبرًا ذلك “خرقاً سافراً للهُدنة وعملاً عدوانياً يتناقض كليًّا مع ادِّعاءاتها بالحرص على السلام”.
وأكّـد “ضرورة التزام دول العدوان بما تضمنته الهُدنة وتنفيذ كافة بنودها بما يؤدي إلى المزيد من المعالجات الإنسانية والاقتصادية لتخفيف معاناة الشعب اليمني”، مُشيراً إلى أنه “في حالة لم تفِ دول العدوان بالتزامها بالهُدنة الأممية المعلنة، فَـإنَّ القوات المسلحة والأمن وبالاستعانة بالله جاهزة للقيام بواجبها”.
هذا التصريح حمل رسالة واضحة لقوى العدوان ورعاته الدو