أهداف وآثار تشكيل قوة عسكرية أمريكية جديدة في اليمن
يمانيون – متابعات
نقلت وكالة “رويترز” مؤخرًا عن نائب قائد الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، المتمركز في الخليج ، قوله إن البحرية الأمريكية كانت تخطط لإنشاء قوة جديدة متعددة الجنسيات في المنطقة بهدف مكافحة تهريب الأسلحة في مياه البحر الأحمر. وسيتم إنشاء هذه القوة لمراقبة منطقة مضيق المندب وخليج عدن حول اليمن. كما ادعى المسؤول الكبير في البحرية الأمريكية أن إطلاق القوة الجديدة سيؤثر على قدرة “أنصار الله” على حيازة الأسلحة اللازمة لمهاجمة السعودية والإمارات.
كما كتبت “رويترز” عن تفاصيل هذه القوة التي ستضم من 2 إلى 8 سفن حربية، كما ستعمل ثلاث مجموعات منفصلة في المياه القريبة من اليمن لمكافحة عمليات نقل الأسلحة والقرصنة. لكن بعد هذه الإعلان، أفاد موقع “الخبر اليمني” بأن مصادر أمنية في عدن أفادت بأن مجموعة من القوات الأمريكية دخلت عدن يوم السبت الماضي وتمركزت في قصر المعاشيق مقر إقامة المسؤولين الجدد.
وحسب هذه المصادر، فقد نشرت هذه القوات بالفعل مرتزقة من المنطقة الغربية في مواقع ومناطق استراتيجية وفي الوسط ومحيط عدن لضمان عودة حكومة رئيس الوزراء اليمني “معين عبد الملك”. وفي هذا السياق، لا بد من ملاحظة أن حكومة “بايدن”، انطلاقا من شعار متابعة حماية حقوق الإنسان في السياسة الخارجية الأمريكية خلال الانتخابات الرئاسية 2020، وعدت بالضغط على السعوديين لوقف 7 سنوات من الجرائم ضد اليمنيين، ويبدو أنه أكد على عقد محادثات سلام بين الرياض وصنعاء ودعم وقف إطلاق النار لمدة شهرين.
صفقة النفط والدم
وحسب وكالة “رويترز”، تحدث مسؤول أمريكي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن المياه الاقليمية بين الصومال وجيبوتي في إفريقيا واليمن كانت قنوات تهريب أسلحة للقوات اليمنية، وأن الجيش الجديد سيحذو خطة لمنع هذا الامر. وفي غضون ذلك، من الضروري الانتباه إلى حقيقة أنه في السنوات السبع الماضية، وبعد أي ضربة عسكرية كبيرة من قبل اليمن على الدول المعتدية، ولا سيما المراكز النفطية السعودية، تطفو قضية تهريب الأسلحة إلى اليمن إلى الواجهة من قبل تحالف العدوان والحكومة الأمريكية. وعقب جميع الإجراءات التي تم اتخاذها خلال هذه السنوات، وتكثيف الحصار البحري والجوي والبري غير المشروع على اليمن وزيادة الدوريات البحرية ومساعدة الأسطول العسكري للدول الغربية وتشكيله تحالفا بحريا في الخليج الفارسي، ليس فقط لم يوقف موجة الهجمات اليمنية، بل زادت من حدتها أيضا. بل الحقيقة أن الدول الغربية وتحالف “المعتدين” يعرفون أكثر من غيرهم أن قضية تهريب الأسلحة على نطاق واسع إلى اليمن قد تم القضاء عليها في ظل الحصار الحالي، حيث يصعب استيراد الأدوية والوقود، وأن اليمنيين تمكنوا من صناعة اسلحتهم بأنفسهم وصناعة أسلحة استراتيجية مثل الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار الانتحارية وتشكيل قوة جديدة لها تأثير حقيقي على استهداف المراكز الاقتصادية الحيوية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وبناءً على ذلك، يجب أن يكون الهدف الأساسي للقوة الجديدة هو الإعلان عن التدخل العسكري الأمريكي المباشر في الحرب في اليمن دعماً للتحالف السعودي الفاشل، والذي يتم تنفيذه حاليًا لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وفي الأشهر الأخيرة، كان برود العلاقات بين واشنطن والرياض ملحوظًا للغاية، حيث أشارت بعض التقارير إلى أن محمد بن سلمان لم يرد على مكالمات جو بايدن الهاتفية. ومع ذلك، بعد بدء الحرب في أوكرانيا وتحرك الغرب لمقاطعة صادرات النفط والغاز الروسية، ارتفعت أسعار الطاقة في الأسواق العالمية بشكل كبير، ولقد دفع ارتفاع أسعار الوقود الحكومات الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، إلى السعي وراء خفض انتاج النفط والاعتماد على الدول المصدرة مثل المملكة العربية السعودية.
وفي مثل هذه الحالة، يبدو أن السعوديين إضافة إلى معارضة زيادة إنتاجهم (بسبب هبوط الأسعار)، سوف يحصلون على تنازلات من أمريكا والغرب للمشاركة في معادلات الحرب اليمنية بعد جولة “أنصار الله” الأخيرة وتوجيههم ضربات صاروخية وباستخدام الطائرات المسيرة على منشآت نفط “أرامكو” في منتصف مارس الماضي، ولهذا سوف يتم تشكيل قوة عسكرية جديدة لتقديم دعم عسكري أمريكي مباشر لمصلحة التحالف السعودي الفاشل. اللواء البحري “براد كوبر” الذي يشرف على الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية في الشرق الأوسط، قال خلال مؤتمر صحفي إن هذه المنطقة تغذي العالم بالمعنى الحرفي والمجازي، وهي شاسعة لدرجة أن امريكا لا تستطيع القيام بالدوريات بمفردها، لذلك قامت بلاده بتشكيل قوات مشتركة، معربا عن أمله في أن تستهدف فرق العمل المكونة من سفينتين إلى ثماني سفن في وقت واحد، أولئك الذين يهربون الفحم والمخدرات والأسلحة والأشخاص بحسب تعبيره.
واشارت البحرية الامريكية إلى أن القوات المشتركة ستشهد انضمام سفينة يو إس إس ماونت ويتني التي كانت في السابق جزءا من الأسطول السادس للبحرية الأفريقية والأوروبية. وتتكون قيادة القوات البحرية المشتركة من اربع وثلاثين دولة، ويشرف عليها اللواء كوبر من قاعدة في البحرين ويرى مراقبون ان واشنطن تسعى من خلال هذه القوة إلى اعطاء الكيان الاسرائيلي دوراً كبيراً وحضوراً منظماً في البحر الاحمر وبحر عمان والخليج الفارسي. الى ذلك تساءلت اوساط يمنية عن سر اعلان تشكيل هذه القوة في ظل وجود هدنة اممية في اليمن واعلان واشنطن دعم هذه الهدنة وشككت الاوساط اليمنية في نوايا واشنطن وحلفائها معتبرة ان الهدف من تشكيل هذه القوات هو تشديد الحصار على الشعب اليمني وشرعنة وجود قوات الاحتلال الاسرائيلي في المياه الاقليمية لليمن وتواجدهم في البحر الاحمر وباب المندب. ودانت شخصيات سياسية يمنية هذا التحرك وقال محمد عبدالسلام رئيس الوفد المفاوض اليمني ان التحرك الأمريكي في البحر الأحمر في ظل هدنة إنسانية وعسكرية في اليمن يناقض مزاعم واشنطن حول دعمها للهدنة مضيفا ان واشنطن تسعى لتكريس حالة العدوان والحصار على الشعب اليمني.
فرض مفاوضات أحادية الجانب على “أنصار الله”
من ناحية أخرى، بالتزامن مع تشكيل قوة عسكرية جديدة في المياه اليمنية مع تحركات سعودية جديدة لتغيير الشخصيات السياسية في حكومة “منصور هادي” المستقيلة والهاربة من خلال تشكيل المجلس الرئاسي والحكومة الجديدة ومع وجود قوات جنوبية تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، قرأ “أنصار الله” بذكاء اللعبة السياسية الجديدة للسعوديين، والتي تقوم على الالتفاف على شروط صنعاء الرئيسية لقبول المحادثات – بما في ذلك الوقف الكامل للغارات الجوية ورفع الحصار بشكل كامل، ويبدو أن إعلان تدخل الولايات المتحدة في الحرب لإضعاف إرادة المقاومة اليمنية وإجبارها على قبول سلام مفروض، لن يجدي نفعاً.
تأثير دخول الولايات المتحدة في المعركة
إن الإعلان عن تورط الجيش الأمريكي في حرب اليمن ليس بأي حال من الأحوال ظاهرة جديدة في تطورات الحرب اليمنية، لأن قادة “أنصار الله” اعتقدوا منذ بداية العدوان عام 2015 أن الولايات المتحدة كانت المدير والداعم الرئيسي للحرب وأن السعوديين لم يستطيعوا أن يستمروا في هذه الحرب لولا هذه الدعم الامريكي. وبالنظر إلى هذه الحقيقة، فضلًا عن عدم فاعلية صعوبة استيراد الأسلحة على القدرات العسكرية الاستراتيجية لـ”أنصار الله” في تحقيق أهداف عمليات الردع المستقبلية، فإن نتائج تشكيل هذه القوة على حقائق ساحة المعركة لن تكون كبيرة.
* المصدر :الوقت التحليلي