رفض إبن سلمان التحدث لبايدن مناكفات مؤقتة لن تدوم طويلا..
يمانيون – متابعات
يقال ان البعض ممن لهم باع قصير النظر في السياسة الدولية والاقليمية وسياسة المحاور في العالم، يرون ان هناك تغييرا سياسيا كبيرا طرأ على دول عربية منها تحديدا المملكة السعودية ودولة الامارات بعد رفض وليي عهديهما التحدث للرئيس الاميركي جوبايدن.
وفي خبر انتشر يوم امس الاربعاء، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال الأمريكية”، أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد رفضا مكالمات هاتفية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في ضوء الأزمة الأوكرانية.
الحقيقة ان لا سيادة كاملة يستطيع ان يفتخر بها اي مواطن عربي في عموم الدول والممالك العربية التي جاءت في اغلبها بضوء اخضر من المستعمر البريطاني القديم او الاميركي الجديد لتمرير مصالح هاتين الدولتين في المنطقة التي يحكمها أصحاب التخويل الفعليين للحكام، وعلى سبيل المثال اذا ما اخل احد الحكام بالشروط المفروضة سرعان ما تتم غربلته وكنسه الى مزابل التاريخ ولنا في ذلك الحاكم السابق للعراق الذي تجاوز الحدود بالاعتداء على دولة جارة له هي (الكويت) فتمت تصفيته بعد ان احرق بيده ورقته الرابحة (الطاعة المطلقة).
الاهم من ذلك يتوجب على الحكام الاذعان للتوجيهات البريطانية – الاميركية بضرورة التقارب مع كيان الاحتلال والتطبيع معه.. إن كان تحت الطاولة كما هو حال السعودية حاليا ومن ذلك اعلان ابن سلمان الاخير (إنّ المملكة لا تنظر الى “إسرائيل” كـ”عدو” بل “كحليف محتمل” في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها) او تقتضي الظروف الاعلان التطبيعي علنا جهرا نهارا كما هو حال الامارات والبحرين والسودان والمغرب ومن قبلهم الاردن وقبل الجميع مصر.
قد تطرأ مناكفات آنية ظرفية محددة لكن الاطار العام لا يستطيع اي حاكم رفض الاوامر العليا للدول الاستكبارية ذات المصالح في المحميات المسيطرة عليها.. كما يحاول حكام السعودية الايحاء حاليا (بعد العزلة الدولية والمنبوذية التي احاطت بهم اثر افتضاح وكشف جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 في تركيا)، ان بمقدورهم الوقوف بوجه اميركا التي لازالت تحلب المملكة حتى يومنا هذا.
ومن ذلك قول ولي العهد السعودي (الذي يُنظر اليه على نطاق واسع على أنه القائد الفعلي للمملكة) قوله بداية الشهر آذار/مارس الجاري وخلال مقابلة مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأميركية (نشرت نصها وكالة الأنباء السعودية الرسمية باللغتين العربية والانجليزية) قوله: (على واشنطن ألا تتدخل في شؤوننا)، وقوله: انه (ببساطة لا يهتم إذا أساء بايدن فهم مقصوده ويتعين على الرئيس الاميركي التركيز على مصالح أمريكا)، وانه (يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك).
الذي يحصل حاليا ان الولايات المتحدة الاميركية تريد زيادة انتاج حجم وكمية النفط لتخفيض سعره العالمي (ضمن قانون العرض والطلب) مع الاخذ بنظر الاعتبار التطورات الميدانية في شرق اوروبا (أزمة اوكرانيا) التي قد يصل معها سعر البرميل الواحد لاكثر من 300 دولار، الامر الذي دفع واشنطن للتفاوض مع كاراكاس (اكبر احتياطي للنفط في العالم).
والحال ان السعودية تريد من اميركا دعما مضاعفا لعدوانها الدموي المتواصل على جارتها الجنوبية اليمن خصوصا بعد سحب واشنطن بطاريات صواريخ “باتريوت” من المملكة ما جعلها في وضع لا يحسدها عليه احد، في وقت تغير ميزان القوة لصالح اليمن الذي تمكن من تعزيز قدراته الدفاعية الصاروخية البالستية منها والطائرات المسيرة التي تدك يوميا عقر دار المعتدي السعودي بشكل شبه يومي.
وفوق ذلك تريد السعودية من اميركا حصانة قانونية لولي العهد بايقاف تداعيات القضاء الاميركي المطالب بمحاكمته ومنعه دخول الولايات المتحدة وملاحقته قضائيا اثر افتضاح جريمة قتله خاشقجي.
لا يخفى انه ومنذ تولي بايدن السلطة في كانون الثاني/يناير أواخر العام الماضي، تعرضت العلاقة الاستراتيجية القائمة منذ فترة طويلة بين السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، وواشنطن لضغوط أميركية داخلية بسبب سجل الرياض المتعلق بحقوق الإنسان خاصة فيما يتعلق بقتل خاشقجي.
وكانت إدارة بايدن قد نشرت تقريرا للمخابرات الأمريكية يفيد بتورط ولي العهد في قتل خاشقجي، كما تضغط واشنطن على الرياض من أجل الإفراج عن سجناء سياسيين “معتقلي الرأي”.
من ذلك ما طالبت به واشنطن الرياض برفع حظر السفر والقيود الأخرى المفروضة على ناشطات حقوق المرأة المفرج عنهن كما جاء في كلمة سفيرة الولايات المتحدة لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الثلاثاء الماضي “ميشيل تايلور”، في مقر المجلس بجنيف، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الامر الذي فاقم من شدة التوتر (النادر) للعلاقات بين البلدين.
ومع ذلك فالامور لن تصل (كما اسلفنا) الى حدود التعنت وعدم تنفيذ الاوامر خصوصا الاميركية، كما أسلفنا في بداية التقرير انه “ربما تطرأ مناكفات طارئة” سرعان ما تزول لحاجة المملكة والمحمية الاماراتية للإبقاء على مسندي الحكم فيهما ويفضلان عدم ضياعه كما اضاعه من سبقهما في العراق 2003، وذلك ما اشار اليه متحدث باسم وزارة الخارجية الإماراتية الذي رد على طلب من (CNN) للتعليق على تقرير) وول ستريت جورنال) قائلا: إن “الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية على تواصل للعمل على جدولة وقت للمكالمة”.