“إسرائيل” والأزمة في أوكرانيا: التحديات والتبعات
فبراير 12-2022
يتابع المسؤولون الإسرائيليون بقلق واهتمام تطورات الأزمة في أوكرانيا، ويقدرون أن التداعيات العالمية للتصعيد لا تقتصر على أوروبا، بل ستؤثر على كل العالم، ولا سيما على الشرق الأوسط.
الأوساط السياسية والأمنية والعسكرية الإسرائيلية تتابع باهتمام وقلق التطورات بين روسيا وأوكرانيا، بما في ذلك احتمال حصول صراع عسكري سيؤدي بالضرورة إلى تفاقم كبير في النزاع بين موسكو وواشنطن، في ظل تقدير كبير بأن التداعيات العالمية للتصعيد لا تقتصر بالتأكيد على أوروبا، بل ستؤثر على كل العالم، ولا سيما على الشرق الأوسط، وسط اعتقاد إسرائيلي بأن أي معركة عسكرية قد تصبح حدثاً ضخماً له تداعيات استراتيجية كبيرة على “إسرائيل” أيضاً.
معلق الشؤون السياسية في صحيفة “معاريف” بن كسبيت، تحدث عن قلق في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من تغيير ممكن في السياسة الروسية في الشرق الأوسط، وعن أن تأثير دراماتيكي للنزاع الروسي-الأميركي من شأنه أن يتجسّد بكل ما يتّصل بالمصالح الإسرائيلية أمام إيران، ذلك أنه إذا كانوا في “إسرائيل” يشعرون بخيبة الأمل اليوم إزاء الأجندة المتدنية نسبياً التي تقدمها الإدارة الأميركية حيال القضية الإيرانية ومواضيع أُخرى في الشرق الأوسط، فإن أي تعقيد إضافي في المشهد في أوكرانيا من المتوقّع أن يفاقم هذا الاتجاه ويبعد المسألة الإيرانية إلى مكان بعيد جداً، وهو ما يثق المسؤولون الإسرائيليون من أن الإيرانيين سيستغلّونه لصالحهم.
الخبير في مجال تخطيط السياسات في جامعة رايخمن، العقيد احتياط اودي أفنتال، يعتقد، في مقال له على موقع “القناة 12” الإسرائيلية، أنه على المستوى الاستراتيجي، يتوقع أن تؤدي الأزمة بين موسكو وواشنطن، إلى تراجع إضافي في الاهتمام الذي توليه الولايات المتحدة الأميركية لتحديات الشرق الأوسط، وعليه فإن أي مس جديد بهيبة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وأي تراجع في حضورها وتأثيرها، يُعد خبراً سيئاً لـ “إسرائيل”، ومن شأن هذا الواقع الجديد أن ينعكس سلباً على استقرار المنطقة، وعلى المساعي المبذولة لكبح تمدد إيران، كما ستكون له تبعات سلبية على استقرار “إسرائيل” وعلى ردعها في المنطقة.
تحديات كبيرة لـ “إسرائيل”
رئيس هيئة الأمن القومي السابق، مئير بن شبات، حذّر في مقال له في صحيفة “إسرائيل هيوم”، من أن التوترات في أوكرانيا تشكل تحديات كبيرة لـ “إسرائيل”، ورأى أنه إذا تحقق “التوقع التشاؤمي، فإن العالم سيبدو مختلفاً. المعركة في أوكرانيا ستحتل مكاناً أساسيا في جدول الأعمال العالمي، والبيت الأبيض سيضطر إلى وضع روسيا في مقدمة اهتماماته، وستتجاوز أصداء الحرب الحدود الأوروبية وتؤثر على السياسة الخارجية والصراعات والأزمات في أجزاء أخرى من العالم، والاقتصاد والطاقة والعديد من المجالات الأخرى”.
التحدي الإسرائيلي الأول، بحسب بن شبات، يتمثل في الموقف الذي سيتعين على “إسرائيل” اتخاذه إذا حصل أي تطور عسكري في شرق أوروبا، حيث ستجد “إسرائيل” نفسها محرجة جداً بين موسكو وواشنطن، لا سيما وأنه من المتوقع أن تطلب واشنطن من الحكومة الإسرائيلية اتخاذ موقف واضح إلى جانبها، ولذلك، “عليها أن تسعى جاهدة للحفاظ على العلاقات الجيدة التي تربطها بجميع الأطراف المتورطة في الأزمة – وصياغة موقفها وفقاً لذلك”.
التحدي الثاني لـ “إسرائيل” يتعلق بالقضية النووية، حيث القلق الإسرائيلي مزدوج : “على إسرائيل التأكد أن لا يستغل الإيرانيون صرف الاهتمام عن مواضيعهم في هذا الوقت للإسراع نحو القنبلة، وفي الوقت نفسه، يجب أن تكون يقظة حتى لا ترى الولايات المتحدة في الأزمة مع روسيا مبرراً للتسويات في المفاوضات مع إيران”، بحسب بن شبات.
التأثير في سوريا
رئيس شعبة الاستخبارات سابقاً، اللواء احتياط عاموس يادلين، يضيف تحدياً ثالثاً تضعه الأزمة في أوكرانيا أمام “إسرائيل”، يرتبط بالساحة السورية، حيث من الممكن أن يتغير الواقع نحو الأسوأ بالنسبة لـ “إسرائيل”، حال أراد الروس أن يبعثوا برسائل إلى الولايات المتحدة على حساب “إسرائيل”، بطريقة من شأنها أن “تهدد حرية عمل الجيش الإسرائيلي”.
العقيد احتياط أفنتال، يتفق مع بن شبات بشأن تأثير على الأزمة على الملف النووي الإيراني، ويصف ذلك بأنها المشكلة الاستراتيجية الأكثر إلحاحاً اليوم في الشرق الأوسط، ويقدّر بأن الأزمة الأوكرانية من شأنها تعزيز موقف طهران التي تسعى لكسب الوقت في المفاوضات في فيينا بغية تحصيل أكبر قدر ممكن من التنازلات الأميركية.
ويرى افينتال أنه في ظروف مواجهة مع الولايات المتحدة، من شأن موسكو أن تؤيد بقوة أكبر مواقف إيران، والتي تمثل معها وزناً مضاداً للهيمنة الأميركية في المنطقة. من جهة ثانية، يضيف افنتال، فإن الإدارة الأميركية، التي سبق أن منحت إيران سلسلة إنجازات في إطار المفاوضات في فيينا، قد اقترحت تقديم تنازلات إضافية بهدف “إعادة إيران إلى الصندوق” بكل ثمن، والتفرغ للمواجهة الكبرى.