الثقافة الدينية والوطنية وحضورها في المؤسّسات التعليمية
يمانيون ــ
مطهر يحيى شرف الدين
ونحن أمام عدوان ظالم عبثي على بلادنا وشعبنا، يستهدفُ في المقام الأول الدين الإسلامي والهُــوِيَّة الإيمَانية لا يسعني في هذا المقام إلا أن أتناول بإيجاز جانب مهم في شؤون مجتمعنا اليمني الأصيل وبيئتنا المصبوغة بالإيمَان الذي ارتبط بنا وارتبطنا به قولاً وعملاً واعتقاداً.
فنحن كما قال نبينا وحبيبنا محمد صلوات الله عليه وعلى آله: يمن الإيمَان والحكمة.. ونحن من يأتي من قِبلنا نَفَسُ الرحمن ونحن بكل فخر عماد جيش رسول الله وأنصار الله وأنصار رسوله من آووه ونصروه وعزروه وتبوأوا الدار والإيمَان وابتهجوا واستبشروا برسول الله مولداً وظهوراً ونبوءةً وبعثةً.
نعم هي الحكمة إذَا تتحقّق في الموقف والتوجّـه وسداد الرأي والبصيرة والرؤية إزاء ما يحيكه أعداء الأُمَّــة الإسلامية ضد الدين الإسلامي بمبادئه وأحكامه وضد الهُــوِيَّة الإيمَانية بقيمِها وآثارها.
وما نلحظه اليوم ومنذ عدة عقود من هجمة شرسة ليس على أبناء يمن الإيمَان فحسب وإنما على جميع أبناء الأُمَّــة الإسلامية الذين أضحى السواد الأعظم منهم متأثراً بالقيم الغربية الدخيلة وبالثقافات الغريبة الساقطة التي طغت على أمزجة وعقول أبناء المجتمع الإسلامي في حربٍ تسمى بالناعمة وأحياناً بالصامتة أَو الهادئة والتي تعتبر أشد خطراً وتدميراً في مضمونها وأهدافها من الحرب العسكرية؛ لأَنَّها تدخل إلى كُـلّ بيت وتطغى على العقول وتعمل على طمس الهُــوِيَّة وتنال من الدين الإسلامي وتقتل في الإنسان الغيرة والحمية على الأرض والعِرض والوطن.
ورضي الله عن سماحة السيد علي الخامنئي حين لقائه بمجموعة من طلاب الجامعات الإيرانية في العام 2009م متحدثاً عن الحرب الناعمة بأنها بمثابة غزوٍ ثقافي بل إغارةٌ وإبادةٌ ثقافية عامة وأنها عبارة عن هجوم على الحدود الإيمَانية العقائدية والثقافية، وهي جعل الآخرين يريدون ما تريد واتباع سياسة وثقافة معينة.
ولذلك فَـإنَّ العدوَّ المستكبر المفسِدَ على هذه الأرض يسعى جاهداً للنفوذ إلى داخل المنظومة القيمية والفكرية المتخلقة أَسَاساً في داخل كُـلّ إنسان محاولاً التأثير على الفطرة السليمة المتمسكة بالمبدأ وَبالقضية الدينية في كُـلّ زمانٍ وَمكان مستغلاً بذلك أدواته العصرية وعملائه المنافقين الذين اتخذوا الكافرين أولياء من دون الله ورسوله وَالمؤمنين.
ولذلك تعمد قوى الاستكبار وعلى رأسها الصهيوأمريكية عبر عملائها الذين انسلخوا عن القيم الإيمَانية إلى التأثير على أبناء المجتمع الإسلامي والعمل بشتى الوسائل والأساليب إلى تشويه المفاهيم السائدة وبث الشعارات البراقة المضللة والترويج للنموذج الغربي على أنه الأُسوة والمثال في شؤون الحياة الاجتماعية.
كما يسعى العدوّ أَيْـضاً إلى التأثير على المزاج العربي وجعله متبلد الأحاسيس فاقداً للشعور بالقضية والهُــوِيَّة متماهياً مع قضايا سطحية وأحداث عادية والعمل على الهائه عن القضايا الجوهرية المتمثلة في “قضية وحدة الأُمَّــة الإسلامية، وقائع وشخصيات ثائرة حرة، قضايا المجتمع الذي ينشد الفضيلة، قضايا مصيرية تحقّق العزة والكرامة” امتثالاً لقوله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ).
ولذلك فَـإنَّ من الواجبات والمسؤوليات إزاء الأخطار والتحديات التي تواجه مجتمعنا في كافة المجالات أن يكون هناك حضورٌ وتأثيرٌ للجانب الإعلامي وَالثقافي على الساحة والميدان بضرورة نشر الوعي الثقافي الديني المناهض للقيم الغربية والوهَّـابية الدخيلة في الوسط المجتمعي وفي كافة مؤسّسات الدولة وبالذات المؤسّسات التعليمية المعنية برعاية وتعليم الأجيال ومراقبة سلوكياتهم وثقافتهم.
ولا يخفى على أحد كيف كان النهجُ الثقافي الدخيل على المجتمع اليمني مسيطِراً على المناهج التعليمية وكيف غُيبت قضايا ووقائعُ تاريخية وَدينية جوهرية من صفحات ومضمون المنهج التعليمي الذي اُغتيل بفعل أداوتٍ تخدم مخطّطاتٍ خارجية تسعى لتزييف الحقائق وتزوير التاريخ وتهميش الشخصيات والنماذج الحرة الثائرة على الطغيان والاستكبار.
ولذلك فَـإنَّ الوعيَ الثقافيَّ والديني لا بد أن يستهدفَ النشءَ والأجيالَ تربيةً وتعليماً وتثقيفاً لتعرف وتعِي خطورة تغييب وتهميش القضايا والوقائع من المنهج الدراسي التعليمي.
فمسألة الوعي بتلك القضايا بلا شك مهمة جِـدًّا في حياة أبناء الشعب اليمني بكافة شرائحه المجتمعية لترسيخ الولاء الديني والوطني الذي يكشف ويشرح الأحداث التي كانت مغيَّبة باستعراض صورها المشرِّفة والتي تعتبر محطاتٍ تاريخيةً هامةً في حياة الأُمَّــة وَتوضح الأهداف السامية لرسالات الأنبياء والمرسلين.
وماذا يعني إحياءَ ذكرى مولد سيد البشرية خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله الطاهرين وتكشف دوافع وأسباب ثورة الإمام الحسين والإمام زيد عليهما السلام وما هي نتائج وأبعاد ثورتهما في وجه الظلم والطغيان، وكذلك معرفة لماذا شُنت الحروب الست العبثية على الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه ولماذا قامت ثورة ال 21 من سبتمبر 2014م وَما هي أسباب وعوامل الثورة التي قامت؛ مِن أجلِ تحرير البلاد والعباد من الوصاية والتبعية للأجنبي المستكبر الطامع.