الأسباب الحقيقية وراء سحب منظومات الدفاع الجوي الأمريكية من السعودية
فاطمة عواد الجبوري*
بعد الإخفاق والهزيمة المدّوية للولايات المتحدة في أفغانستان، أصدرت الولايات المتحدة قرارها بسحب منظومة الدفاع الجوي “باتريوت” من السعودية. ولم تصغي الولايات المتحدة لنداءات وزير الاستخبارات السعودي الأسبق تركي الفيصل والتي دعا فيها واشنطن إلى إبقاء المعدات الحربية في السعودية والوفاء بالتزاماتها تجاه السعودية.
في سياق تاريخي، نشرت الولايات المتحدة عدة آلاف من المقاتلين في قاعدة الأمير سلطان الجوية والتي تقع على بعد 115 كيلومتر جنوب شرق الرياض.
كما نشرت الولايات المتحدة بأمر من الرئيس السابق ترامب، منظومة دفاع جوي باتريوت ومنظومة ثاد القادرة على استهداف الصواريخ الباليستية. جاء قرار الولايات المتحدة بنشر القوات العسكرية والمنظومات الصاروخية بعد هجمات الحوثي أنصار الله ضد منشآت النفط السعودية آرامكو، والتي تسببت بتعطيل انتاج النفط السعودي لأسابيع. الملفت في الأمر هو أن الرئيس الأمريكي نشر هذه القوات في العام 2019، بعد أن أكدت السعودية أنها ستتحمل تكلفة هذا التواجد العسكري، والذي من الممكن أن يكون قد ضاعفه ترامب إلى عشرات الأضعاف.
هذه المنظومات الصاروخية الأمريكية والتي تصفها السعودية وغيرها من الدول “بالمتطورة”، هل كانت قادرة بحق على تحييد الهجمات الصاروخية والهجمات بالطائرات بدون طيار التي شنها الحوثي ضد السعودية؟ وما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء قرار سحب الولايات المتحدة لمنظوماتها من السعودية؟
للإجابة على هذه الأسئلة المهمة، يجب القول أولاً بأنه لم يمر أسبوع واحد إلا وقرأنا عن استهداف الحوثيين للأراضي السعودية وفشل منظومات الدفاع الجوي السعودية والأمريكية بتحييد هذه الصواريخ. ففي العام 2019 و2020 و 2021 زادت نسبة هجمات الحوثيين ضد الأراضي السعودية بنسبة كبيرة للغاية. ولم تعد تقتصر هذه الهجمات على الصواريخ الباليستية، وإنما تم تطوير طائرات بدون طيار تعمل بطريقة انتحارية، وقد أثبتت هذه الطائرات فاعليتها وتأثيرها القوي في العمليات الهجومية.
على الناحية الأخرى، فولي العهد السعودي الذي توهم بأن حرب اليمن لن تستغرق أكثر من أسبوعين، واعتبرها بانها نزهة سريعة للقوات السعودية، فشل وفشلت قواته بانتزاع منطقة واحدة من الحوثيين. لا بل يبدو بأن جماعة الحوثي استطاعت في بعض الأحيان التوغل في الأراضي السعودية لتحقيق تكتيكات استراتيجية. كما فشلت السعودية بدعم قوى محلية فاعلة في الأراضي اليمنية وجاء ذلك بسبب التنافس بين الإمارات والسعودية. فالإمارات شكلت لنفسها قوى المجلس الانتقالي الجنوبي بينما دعمت السعودية قوات هادي (الذي لا يفارق السعودية أبدا). وعليه فقد تصارعت هذه القوى فيما بينها، وتشهد مناطق سيطرتهم توترات دائمة بين الأطراف المتنازعة. بينما استطاع الحوثي تقوية دولته الشرعية في صنعاء واستطاع كسب المزيد من الأراضي والعمل على مزيد من الاستقرار، ولعل سيطرة الجماعة على مركز مديرية الصومعة في محافظة البيضاء، وسط اليمن خلال الأيام الماضية خير دليل على قدرتهم العسكرية والاستراتيجية التي تتطور يوما بعد يوم.
أما عن الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة إلى الانسحاب من السعودية، فالأمريكيون يبررون ذلك بأنهم يريدون معاقبة السعودية، كما أنهم يتحدثون عن علاقة جديدة مع السعودية أكثر صرامة. ولكن السبب الحقيقي هو أبعد من ذلك بكثير. لطالما تغنّت الدول التي ترحب بالقوات الأمريكية على أراضيها بفاعلية الأسلحة الأمريكية وأنفقت هذه الدول بلايين الدولارات في سبيل شراء هذه الأسلحة، ولعل أهم مستورد للأسحلة الأمريكية في المنطقة كانوا السعوديون أنفسهم. والصفقات بين ترامب والسعوديين بقيمة 400 مليار دولار خير دليل على ذلك. إلا أنّ هذه الخرافات ذهبت أدراج الرياح أمام الأسلحة البسيطة التي هاجم فيها الحوثيون من اعتدى على أرضهم. لقد فشلت منظومة الباتريوت ومنظومة ثاد بتحييد الصواريخ الحوثية، مما شكل فضيحة مدوية للولايات المتحدة على مستوى العالم. لقد سحبت الولايات المتحدة منظوماتها الصاروخية خوفا من استمرار الفضيحة.
العجيب هو ردة الفعل السعودية، حيث قررت السعودية استقدام منظومة دفاع جوي “باتريوت” من اليونان!!!
إلى هذه اللحظة لم تدرك السعودية بأنّ الشعوب المقهورة والشعوب المظلومة هزمت كل الأسلحة المتطورة حول العالم من القبة الحديدية في إسرائيل من قبل فصائل المقاومة إلى الباتريوت الأمريكي من قبل الحوثيين.
* المصدر : رأي اليوم