التنميةُ في فكر قائد الثورة
يمانيون ـــ كتابات
منير الشامي
تعد التنميةُ والنهوض بالقطاعات الإنتاجية من أهم المحاور التي أخذت مساحة واسعة من اهتمام قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله ويرعاه- ولعل المتتبع لخطاباته وتوجيهاته والمتأمل لدروسه ومحاضراته يجد أنه-يحفظه الله ويرعاه- يسقط آيات القرآن على الواقع ويبين الارتباطَ الوثيقَ بين الإيمان والعمل المثمر الذي يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع في مختلف المجالات.
ومعلومٌ أن العملَ هو الركن الأَسَاسي للتنمية الشاملة والنهوض في القطاعات الإنتاجية بمختلف أنواعها في أي مجتمع، وكذلك هو الحال في خطابات السيد القائد، حَيثُ تمثل التنمية المحور الرئيسي من محاور اهتمامه وتركيزه، فلا يوجد له خطاب واحد تقريبًا إلا ولهذا المحور مساحة كبيره فيه من حديثه يوضح فيها على ضرورة الانطلاق لتحريك عجلة التنمية الزراعية والحيوانية والحرفية والصناعية وعلى كُـلّ المستويات، الفردي والجماعي والخاص والعام ويدعو الجميع إلى الاهتمام بذلك وإلى التحَرّك الجاد، ويوجه المجتمع والدولة ويشدّد على الجهات المختصة بالدولة بتحمل مسؤوليتها والقيام بدورها في التنمية كلاً بحسب تخصصها ومجال عملها.
كما أن السيد القائد -يحفظه الله ويرعاه- أصدر توجيهاتٍ كثيرةً في خطاباته إلى الجهات الحكومية المختصة كوزارة الزراعة والري ووزارة الصناعة والتجارة وغيرها بتدوير عجلة التنمية الزراعية والتنمية الحيوانية، وتربية النحل ودعم المزارعين وتشجيعهم ومنحهم قروض حسنة واعفاء مستلزمات التنمية الزراعية والصناعية من الرسوم الجمركية واستيعاب منتجاتهم من الحبوب والفواكه والخضروات وفق آلية تدفعهم إلى توسيع منتجاتهم وتشجعهم على الاستمرار في الإنتاج إلى ذلك من توجيهاته السديدة والحكيمة بهذا الخصوص.
واهتمامه الكبير في هذا المجال وتركيزه عليه نابعٌ من أُسُسِ المشروع القرآني الذي يقود مسيرته المباركة وفي إطار سعيه إلى تحقيق أهداف الثورة المباركة التي قاد تحَرّكها ورسم مسارها الثوري من أول خطوة لها وحتى هذه اللحظة، ونظرا؛ لأَنَّ أول هدف حقّقته هذه الثورة المباركة كان اجتثاث أركان العمالة والخيانة من جذورها في 21 سبتمبر 2014م، فقد تحَرّك أعداؤها سريعاً بشن العدوان الإجرامي؛ بهَدفِ وأد تلك الثورة وهي لا زالت في مهدها، في محاولة يائسة لإبقاء اليمن تحت وصاية أعدائه، فلم تكاد تمر ستة أشهر من عمرها إلا وفاجأها أعداء الوطن بعدوان لتحالف إجرامي ضم أقوى وأغنى أنظمة العالم وهو الأمر الذي أجبر قيادتنا الثورية في بداية الأمر على توجيه مسار الثورة من مسار المضي في تحقيق أهداف الثورة كلها بنفس الوقت إلى مسار الدفاع عن الوطن والحفاظ على أول هدف حقّقته والمتمثل بحرية الوطن واستقلاله وانتزاعه من بين فكي الوصاية الخارجية عليه.
ولم تمضِ سوى فترةٍ وجيزة، نجح قائد الثورة خلالها في تنظيم خطوط الدفاع والمواجهة لتحالف العدوان بمختلف جبهات المواجهة من خلال قيامه ببناء جيش وطني قوي وقادر على الدفاع عن الوطن أرضاً وشعباً وعلى حماية ثورة 21 من سبتمبر وحماية مكاسبها وحقّق بذلك هدفاً من أهدافها الرئيسية، وعاد بروحيته الثورية والجهادية وبحكمته وبصيرته إلى الدفع بعجلة التنمية الشاملة غير آبه بالصعوبات والتحديات التي فرضها العدوان بحربه العسكرية وحصاره المشدّد براً وبحراً وجواً وحربه الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والسياسية.
لقد كان قائد الثورة -يحفظه الله- حريصاً على تحريك عجلة التنمية في لحظة اللا ممكن ونجح فعلاً في ذلك بثقته بالله وتوكله عليه ولذلك دعا المجتمع من لحظات العدوان الأولى إلى التحَرّك الجاد والسعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال استصلاح الأراضي الزراعية واستغلال مواسم الأمطار لزراعتها، كما أنه وضع خططاً وبرامجَ للدولة والمجتمع للسير عليها، أبرزها إعلانه لبرنامج تنموي شامل للحكومة مطلع العام 2017م يواكب المرحلة التي يمر بها الوطن تضمن اثنتي عشرةَ نقطةً تهدفُ إلى النهوض والارتقاء بمسار مواجهة العدوان عسكريًّا واقتصاديًّا وتنمويا، وقد ترجمه الرئيس الشهيد صالح الصماد -رضوان الله عليه- بإعلان مشروعه التنموي “يدٌ تبني ويدٌ تحمي” في الذكرى الثانية للصمود في وجه العدوان، وكان من أهم ثماره الخروج بمشروع الرؤية الوطنية لبناء مؤسّسات الدولة وفق برامج تنموية واقعية تتناسب فيها عملية الدفع بعجلة التنمية مع الإمْكَانيات المتاحة لكل مؤسّسة حكومية وفق خطط سليمة متكاملة.
وخلاصة القول أن ما تحقَّقَ في مجالات التنمية خلال سنوات العدوان يعكس نجاحاً كَبيراً إذَا ما قورن بالظروف الصعبة المفروضة على الوطن خلال هذه السنوات وبالتحديات الصعبة التي أوجدها العدوان من حرب اقتصادية شاملة وممنهجة في ظل حصار محكم على الوطن واستيلاء على موارده السيادية والاقتصادية وثرواته النفطية ومقدراته الإيرادية، وكل ذلك ما كان ليتحقّق لولا جهود قائد الثورة ومتابعته واهتمامه.