ميلاد سيد المخلوقات.. عام استثنائي فلنجعل منها مناسبة استثنائية
جمال/ الظاهري
من أحيا سنتي فقد أحياني ، و من أحياني كان معي في الجنة صلوات ربي وسلامة عليك يا سيدي يا رسول الله.
الحمد لله على ما قضى وعلى ما اعلن واخفى .. الحمد لله الذي اصطفى من خلقة هادينا ونبينا واصطفاه لتبليغ رسالته تكريما له ولنا واعلاء لشأن أمة محمد الخاتم صلى الله عليه وعلى اله وسلم ..
الحمد لله الذي أنزل إلينا شرعة و منهاجاً ، و أخرجنا من الظلمات إلى النور ، و أمرنا بالإقتداء بهدي النبي الاعظم محمد ابن عبدالله (صلى الله عليه واله وسلم) فإنه أفضل الهدي ، والإستنان بسنته فإنها أهدى السنن.
ليس خاف على احد في هذه الايام ان الكثير من السنن قد اختفت أو تم تغييبها بقصد وبدون قصد, والكثير منها هجرت بفعل السياسة, وتنفيذا لإملاءات احلاف واطراف لا علاقة لها بالدين الاسلامي .. بل وبعضها عدوا تاريخي لا يخفي عداوته للأمة المحمدية ويسعى بكل السبل لطمس وتحريف الكثير من هدي نبينا عليه افضل الصلاة والسلام بعد ان عجز عن تحريف كلام الله الذي تكفل الخالق بحفظة, فكانت السنة والتفسير هي اهم المنافذ التي امكنه من خلالها خلق الشقاق والاختلاف والصراع بين الامة الواحة.
كثيرٌ من سنن رسول الله أصبحت مهجورةً، بل أكثر المسلمين استبدلها بما هو أدنى منها ، قال سبحانه ( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير )/البقرة آية 61 ، و قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله و الرسول و تخونوا أمانتكم و أنتم تعلمون ) / الأنفال آية 27 ، و يكاد من طلب السنن و الآداب و المستحبات لا يجدها إلا في أمهات الكتب ومصادر محدودة ، و فيها ما هو صعب على كثير من الناس ، في مفرداته وجمله و مقاصده ، فكان لا بد من اختيار بعض ما تيسر ، مع شئ من التوضيح ، مع محاولة خجولة لتجربة أولى ، نأمل أن تتبع بأخواتها ، إحياء لسنة الحبيب المصطفى (ص) : ” من أحيا سنتي فقد أحياني ، و من أحياني كان معي في الجنة “/ عوارف المعارف صفحة 45
و لا بد لمن أراد الهجرة إلى ربه تعالى ، أن يتخلق بأخلاق الله و رسوله و سنن النبيين و الصالحين تحصيلا للرضى من العلي القدير واستزادة في الاجر والثواب باتباع نهج سيد الخلق ( و من يخرج من بيته مهاجراً إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ) النساء آية 100.
تهل علينا مناسبة المولد النبوي الشريف لهذا العام في وضع استثنائي نعيشه نحن ابناء اليمن وعدد من شعوب الأمة العربية المبتلية بجهلها وبتركها للكثير من هدي نبينا وتعاليم ديننا القرءانية.. بسبب تولينا اليهود والنصارى والمشركين واختلافنا في أمورنا الحياتية والدينية كأمة مسلمة.
مناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف احدى اهم المناسبات التي يفترض ان تجمع وتلملم شتات الأمة عمل الاعداء وعن طريق بعضنا كمسلمين على جعلها مناسبة للفرقة والشتات.
هذه المناسبة الغالية والعزيزة على كل مسلم لارتباطها بمن طلب منا خالقنا أن نكرمة ونعلي من قدره ونباهي به, حولوها الى مناسبة للشقاق والنزاع للاسف الشديد, وما يؤلم أكثر أن اشخاصاً محسوبين علينا كعلماء دين ومرجعيات كان لهم الدور الاكبر في هذا الخلاف.
ومع قدوم تاريخ هذه المناسبة يحتفل جزء من الامة بالمناسبة وينبري جزء اخر لينكر عليهم هذا الاحتفال .. بل ويصل الامر بالبعض الى تكفير وقتل من يحيون هذه المناسبة معتبرين الاحتفال وما يجري فيه من مديح وثناء واستغفار وتدارس لسيرة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وعلى اله من الشركيات والعياذ بالله.
جزء من هؤلاء يغمضون اعينهم عن فوائد الاحتفاء بهذه المناسبة ويذهبون لتصيد بعض الاعمال المخالفه عند القلة ليسنوا السنتهم وخناجرهم ويجهزون استشهادييهم من البسطاء لقتل أخوانهم من المسلمين بلا ذنب.
فيما أن الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنه تعبير عن الفرح ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم، التي هي أصل من أصول الدين، التي لم ولا يستطيع احد من أولئك بأنه خارج أو يتصادم مع المعتقد والشرع, في حين أنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده”.
وهنا يطيب لي الاشارة إلى أن دار الافتاء المصرية أوضحت أن علماء المسلمين وأئمتها أجمعوا على استحباب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بموافقتهم جميعا، وأن يكون الاحتفال بما ذكر من تلاوة القرآن الكريم والذكر وإطعام الطعام وألا يتطرق إليه مظاهر مذمومة كالرقص والطبل وغير ذلك، ولا عبرة بمن شذ عن هذا الإجماع العملي للأمة وأقوال هؤلاء الأئمة، وليس ذلك الاحتفال بكثير على النبي صلى الله عليه وسلم.
الاحتفال غير المخل في اصله أمر يحث عليه ديننا على اساس انه يدخل الفرحة والسرور فما بالك باحتفال يحفه الذكر والطاعات, وذكرى مولد سيّد الخلق نبيّنا وسيّدنا محمد عليه أفضل الصلاة واتم التسليم، ذكرى ميلاد أمة.
نحتفل بتاريخ وذكرى ميلاد ابنائنا واقاربنا وبتاريخ تولي عروش لأنظمة وملوك ولا احد وبالاخص من أولئك ينتقد أو يندد بما يتخلل تلك الاحتفالات من منكرات أو بذخ وتبذير بأموال الشعوب, وحين يصل الامر إلى ذكرى كانت فاتحة الهداية للأمة المحمدية تقود الدنيا ولا تقعد .. يا سبحان الله – ذكرى ميلاد أمة بأكملها، وميلاد انسان جاء ليتمم مكارم الاخلاق ويسقط ويحارب الرذائل والافعال المستهجنة والقبيحة والضارة بعواقبها على البشرية.
الميلاد هو البعث الاول للاسلام, ونزول الرسالة والوحي هي البداية التجهيز حامل الرسالة التي ستنتقل من الخاص الى العام, والتبليغ المرحلة الاشمل التي تحتاج للعزم والصبر والمجالدة, فكما نزل قرءاننا على فترات ومجزء كان اعداد نبينا ايضاً على مراحل لكي يحمل الرسالة واعبائها.
بعثه الله عز وجل ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى المعرفة واعمال العقل والاستعانةبالعلم .. من البغض والكره إلى الحب والجمال،فكان خاتماً للأنبياء والمرسلين وحاملاً لخلاصة الهدي الالاهي الذي انزل في كتاب شمل ما سبقه وصحح ما دخل في الكتب السابقة من تحريف,فكانت رسالت سيد الأولين والاخرين أقوم رسالة وتماماً لمكارم الأخلاق ونبينا عليه وعلى اله صلاة الله وسلامه هادياً ومبشراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً وقمراً منيراً.
وكما وضعنا استثنائي في هذا العام الميلادي كانت المناسبة ايضاً استثنائية حيث نحتفل بهذه الذكرى مرتين بسبب قصر السنة الهجرية عن الميلادية, فلله الحمد والمنة.