(القرى اليمنية ) بيوت تعانق السحاب
يمانيون ــ منوعات
عندما ترى صورة للقرى اليمنية للمرة الأولى قد تظن أنها من روايات وأفلام ديزني الخيالية، لكنها صور حقيقية للقرى اليمنية التي يسكن أهلها فوق السحاب، وتجاوزوا بمنازلهم البسيطة أعلى ناطحات السحاب في العالم.
اليمنيون بطبعهم المراسي قهروا التضاريس وطوعوها لصالحهم يتضح ذلك في الحصون التاريخية وناطحات السحاب في اعالي القمم التي تخترق السحاب
اليمن تكاد تكون البلد الوحيد الذي توجد فيه الحدائق والمدن والقرى المعلقة في كل محافظة وجبل في أنحاء اليمن عبر مراحل تاريخه المختلفة.. حيث أن هناك مناطق في اليمن في غاية الروعة والجمال لم تكتشف بعد أو لم يتم الترويج لها إعلامياً وسياحياً.
محافظتا ريمة وإب تزخران بهذه الحدائق المعلقة البديعة، مثلهما مثل غيرهما من المحافظات اليمنية في أريافها المختلفة، وقد أتاحت خدمة التواصل الاجتماعي (فيسبوك) الكثير من الفرص التعريفية لنشر صور تلك المناطق الزاخرة بالحياة.
ففي محافظة تعز مثلاً توجد الكثير من تلك الحدائق البديعة في أعلى قمة جبل صبر من العروس، وقمة جبل سامع في الدمنة، وقمم جبال قدس والصلو وذبحان والمقاطرة ومقبنة وشرعب وذخر (جبل حبشي) من التي استثمرها الإنسان اليمني الأول متخذاً منها مصانع (قلاع) وسلال غذائية وسكناً مرفهاً وآمناً.
كما هو الحال في مناطق بعدان والعود وجبل ربي والعدين ومذيخرة ووراف ووادي الدور وغيرها من مناطق محافظة إب التي تنضح بالحياة وتبهج القلوب وتسلي النفوس وتبهر العقول. حينما يحل فصل الخريف الماطر في اليمن تكتسي هذه القمم الحلة الخضراء من كافة أنواع الأعشاب النباتية المتنوعة والأشجار المثمرة. في قمم محافظة ريمة التي تكاد تعانق النجوم، تمر السحاب والضباب من بين فجواتها فترتسم لوحة بديعة ملونة باللونين الأخضر والأبيض تسر الناظرين.
وهناك مناطق ومدرجات جبلية في محافظة ريمة يعجز الكلام عن الوصف ويتوقف القلم عن الكتابة أمامها؛ كأنها مدارج ومعاريج يعرج من عليها إلى السماء العالية. وهي ترتفع فوق الضباب والسحب وكأن الضباب أرضية سهلة نبتت أوساطها الجبال الشم العوالي تزينها القرى في قللها العالية. ونفس المناظر المنافسة والتي تكاد تكون ثقافة يمنية واحدة متحدة وجدت في أرياف ومدن محافظة إب الخضراء المتعددة.
أجبرت الظروف الطبيعية والتضاريس الوعرة اليمنية الإنسان اليمني القديم أن يبتكر وسائل الحياة المختلفة التي تساعده على التشبث بأرضه ويحييها حياة طبيعية مزدهرة تمكنه من العيش الكريم فيها، فابتكر أنظمة الري المتعددة من السدود والأنهار الصناعية والقنوات المختلفة وأحال قمم الجبال جنات خضراء وحدائق معلقة فاقت بعظمتها الأهرامات المصرية والحضارة المصرية، كما قال بعض علماء التاريخ والآثار من المستشرقين؛ ذلك أن الحضارات المصرية وحضارات ما بين النهرين كان من الطبيعي أن تجعل إنسانها مستقراً متشبثاً بها بما حباه الله من الوسائل الطبيعية للحياة؛ أرض منبسطة وأنهار تجري لم تجعله يعاني ويقاسي ما عانى منه وقاسى الإنسان اليمني، فكانت بلادهم حية بحياة طبيعية.