الأقصى بين حتمية التطهير وجدلية المرجفين
منير الشامي
من المؤسف بل ومن المخزي جدا أن نرى اليوم استمرار انقسام الأمة العربية حول الأقصى والقدس وأستمرار انقسامهم إلى فريقين فريق مؤمن بحق الأمة فيهما ومطالب بتحريرهما وتحرير أرض فلسطين من دنس الصهيونية الوحشية المغتصبة لها ويرى ذلك فرضا واجبا على كل مسلم بأي وسيلة يقدر عليها وهم القلة منها ومن شعوبها وفريق آخر وهم الغالبية العظمى فقدوا هويتهم العربية والإسلامية وتخلوا عن دينهم وقيمه ومبادئه ودانوا بالولاء لأعداء الأمة وأولهم اليهود وأصبح همهم هو البحث عن مبررات وحجج لشرعنة الاحتلال الصهيوني لفلسطين وإعطاءه حق شرعي فيما ليس له حق فيه إطلاقا، ومبيحين ارض عربية لليهود ومهدرين دماء شعب عربي مسلم وعرضه وحقه في سيادته على أرضه ومقدراته ومتنازلين لهم عن مقدسات الأمة العربية والإسلامية ليدنسها شر خلقه وابغضهم إليه وإلى البشرية وأعظمهم وحشية وأكثرهم فسادا وإفسادا في الأرض من لحظة ظهورهم وإلى اليوم.
فما موقف هؤلاء لو أن وعد الحق قد اقترب وانتصرت المقاومة الشعبية الفلسطينية ومحور المقاومة على العدو الصهيوني ؟ خصوصا بعد التطور العظيم في القدرات العسكرية والإمكانيات الحربية للمقاومة الفلسطينية، ولمحور المقاومة !!
فهل سيظل هؤلاء متخاذلين وخاذلين لقضية الأمة المصيرية اﻷولى ومتجاهلين أن الله تبارك وتعالى قد جعل القدس واﻷقصى أمانة في عنق كل مسلم وفرض على المسلمين حمايتهما والحفاظ على طهارتهما من دنس الصهاينة ومن رجس الذين كفروا من أهل الكتاب ومن المشركين ومن غيرهم في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة وأن من يفرط منهم في ذلك أو يتخاذل او يتقاعس فقد خان الأمانة ونكث في عهده لله وفي ميثاقه الذي واثقه اياه، فكيف بهم اليوم وهم يساندون اليهود المغتصبين ويعينوهم ويؤيدوهم جهارا نهارا وبصورة علنية رسميا وشعبيا بعد أن اعلنوا التطبيع معهم، إن تلك الأنظمة التي اخرصت مشايخها ومفتيها وجعلتهم يبتلعوا ألسنتهم امام ما يجري من عدوان صهيوني غاشم ولم نسمع منهم حتى همسا ضده وضد جرائمه بحق الفلسطينيين اطفالا ونساء ورجال قد حددوا موقفهم ومنهم من وقع مع الصهاينة اتفاقيات الدفاع المشترك وشاركهم اليوم بقصف الفلسطينيين بطيرانهم إلى جانب الصهيوني وقدم لهم الدعم المالي والمساندة العسكرية والاعلامية …أيظن هؤلاء أن وعد الله لن يتحقق وأن الأقصى لن يطهر ؟
أم أنهم لا يعرفون أن ذلك ورد في كتاب الله وفي هدي نبيه وأن الله لا يخلف الميعاد؟
ألا يدركون أن ذلك يتجلى في كتاب الله لكل مؤمن تقي يؤمن بالله واليوم الآخر؟
ألم يقرأوا يوما سورة الاسراء ليعلموا أن الله تبارك وتعالى ضمنها توضيح رباني مفصل، وبين فيه أن المسجد الاقصى سيتعرض لفساد اليهود وإفسادهم مرتين وقد تم تطهيره من دنس بني اسرائيل في المرة اﻷولى ثم بسببهم ضعفت امة الاسلام وتشرذمت وانقسمت واختلفت لدرجة أن اصبحت بكثرتها كغثاء سيل ذليلة ضعفيفة مهلهلة أمام اليهود رغم قلتهم وأنهم السبب في بعد اﻷمة عن دينهاوكتابها واعلامها وبسبب توليهم ﻷعداء الله ورسوله والمؤمنين فأصبحوا هم المضروبين بالذلة والمسكنة من الله ومن اعدائهم وصاروا خاضعين لليهود الذين بقلتهم باتوا أقوى منهم واعظم نفيرا وهو ما اشار إليه الشهيد القائد رضوان الله عليه بكل وضوح.
ألم يخبرهم الله في سورة الاسراء أيضا أنه تبارك وتعالى خص هذا المسجد المبارك وكرمه برحلة مقدسة لخاتم رسله وسيد خلقه سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وجمع له فيه أنبيائه ورسله وأمره أن يؤمهم ويصلي بهم ليعلموا بثلاث حقائق جلية هي:
الحقيقة الأولى : أن الله اسرى بعبده إلى المسجد الأقصى لتعلم الأمة أن هذا المسجد حق حصري لها وأنه أمانة في عنقها جيلا بعد جيل الى يوم الدين وأن الدفاع عنه فرض على كل مسلم والدفاع عنه يقتضي الدفاع عن الأرض التي يوجد فيها.
الحقيقة الثانية:أمر الله نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يصلي فيه بالأنبياء ليعلم بنو آدم أن الإسلام هو دين كل الانبياء وأن الله بعث الأنبياء عليهم الصلاة السلام لكل الامم برسالة واحده هي رسالة الإسلام
وهو ما أكده الله سبحانه وتعالى بقوله جل من قائل عليم:
( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْـمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )
وكذلك قوله تعالى:
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
اﻵيتين:(19)،(85) آل عمران
الحقيقة الثالثة :أن وعد الله بتطهير المسجد الأقصى للمرة الثانية قد حان آوانه وأن ما يحدث اليوم من أحداث وتنامي متسارع لمحور المقاومة واطرافها وأولها المقاومة الفلسطينية هي إرهاصات حقيقية على هزيمة اليهود وتطهير الأقصى والقدس وفلسطين من رجسهم.