احذروا المبادرة الملغومة وغدر الأعراب
وليد أحمد الحدي
تُدرك السعودية في وقت متأخر جدا، استحالة تحقيق أهدافها التي رسمتها منذ اللحظة الأولى للعدوان بإيعاز أمريكي وباتت على قناعة أنها تورطت في حرب استنزفت خزينتها مئات المليارات من الدولارات ووضعتها في خانة الأنظمة المتورطة بجرائم ضد الإنسانية، كما أنها بتلك الحرب- التي شنتها على ما تعتبره (حديقتها الخلفية)- جعلت منها مصدر خطر للصواريخ والطائرات المُسيّرة التي باتت تستهدف منشآتها الحيوية وتُقْلق سكينتها بشكل مستمر.
يوم أمس أعلنت الخارجية السعودية للعالم مبادرة تناولتها وسائل الإعلام وسارعت بتزكيتها الدول المشاركة في تحالف العدوان كأمريكا وبريطانيا، بالإضافة إلى الأمم المتحدة, ظاهر هذه المبادرة الرحمة لكن في باطنها الكثير من الألغام والمغالطات التي تحفظ مصالح المعتدي وتُومِّن أراضيه وتُحقق له ما لم يستطع نيله خلال ست سنوات من حرب، كان يُراهن على حسمها خلال أسبوعين والقضاء على ما سماه بجماعة الحوثيين , تضمنت هذه المبادرة الكثير من المغالطات والهروب من استحقاقات كثيرة،
وهي:
أولاً: لم تتضمّن المبادرة بنصوص صريحة التزام السعودية بفك الحصار على الموانيء والسفن التي تحمل المشتقات البترولية والغذائية وإعادة فتح مطار صنعاء وبقية المطارات .
ثانياً: لم تتضمّن المبادرة التزام السعودية بوقف الغارات التي تستهدف المدن والبنى التحتية في جميع محافظات الجمهورية .
ثالثاً: المبادرة عزّزت وصاية السعودية على اليمن من خلال التأكيد على المرجعيات الثلاث، والتي هي محل خلاف باستثناء مخرجات مؤتمر الحوار التي لا غبار عليها، عدا تفاصيل مشروع الأقاليم، والقرار 2216 الذي شرعن العدوان على اليمن والمبادرة الخليجية التي تعيد المصير اليمني تحت وصاية بني سعود .
رابعاً: قدمت السعودية نفسها من خلال هذه المبادرة كوسيط (محترم) وحمامة سلام لا علاقة لها بما لحق باليمن من دمار وقتل، رغم إدراك العالم أنها السبب الرئيس في ذلك وعامل أساسي في خلاف اليمنيين الذين كانوا على وشك توقيع اتفاق تاريخي قبل بدء العدوان، كما صرح بذلك المبعوث الأممي السابق في اليمن جمال بنعمر.
خامساً: المبادرة تهرّبت من التزام السعودية راعية تحالف العدوان بجبر الضرر والتعويضات المادية والمعنوية والنفسية في الأرواح والممتلكات .
سادساً: لم تلتزم المبادرة بطرد أي تواجد أجنبي سعودي أو أمريكي أو إماراتي أو سوداني أو من أي جنسية أخرى في أي شبر من أراضي الجمهورية اليمنية بجزرها ووممراتها المائية .
سابعاً: لم تتضمن المبادرة عدم تدخل نظام بني سعود في الشأن اليمني (السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري) مستقبلاً، وأن لا تقدم نفسها كوصي على اليمنيين .
ما ينبغي على المفاوض اليمني ألا يكتفي برفض هذه المبادرة الملغومة التي تم طباختها بمشاورة الأمريكان والبريطانيين لإنقاذ أداتهم في المنطقة، وعلى القيادة السياسية أن تغادر المربع الذي يصورها أمام العالم كجماعة رافضة للحلول السياسية أو أنها غير مكترثة بالجانب الإنساني؛ والرد بأسرع وقت ممكن بمبادرة سياسية تتضمن حلولاً شاملة وتأخذ ما ذكر أعلاه من نقاط بعين الاعتبار بضمانات دولية
و تدعو المجتمع الدولي إلى دعمها والدفع بالعملية السياسية ما بين الفرقاء اليمنيين للوصول إلى حلول، وبالتوازي مع ذلك تُكثّف الجهود على جميع الجبهات لاستعادة مدينة مارب التي كانت الدافع الأساسي لمبادرة تحالف البعران في هذا التوقيت الهام، لمحاولة إيقاف التقدم نحو مدينة مارب بعد أن أصبح الجيش واللجان الشعبية قاب قوسين أو أدنى من التحرير والتي تُعدْ (الرياض الصغرى) بالنسبة لنظام بني سعود, ولإدراكهم أن سقوطها يعني القضاء على آخر أحلام التحالف في اليمن.