الخيواني.. شهيد الحرية والكرامة
عبدالفتاح علي البنوس
صحفي لامع، وكاتب مخضرم، وسياسي بارع، كتاباته ومقالاته الصحفية صواريخ بالستية عابرة للقارات، ومواقفه الثابتة المتزنة جعلت منه علامة فارقة في المشهد السياسي والإعلامي اليمني، عرف عنه فراسته الإعلامية وحسه الصحفي المرهف الذي جعل منه فارسا من فرسان صاحبة الجلالة، عرف طيلة مشواره الصحفي ومسيرته المهنية بالشجاعة والجرأة في الطرح والنقد البناء، يحضر اسمه كلما تحدثنا عن الحرية والكرامة، فقد كان مدافعا عن الحرية بكافة صورها وأشكالها، وظل متسلحا بالكرامة التي ناضل من أجلها وقدم التضحيات في سبيل الحفاظ عليها، لم يداهن أو يجامل، ولم يخنع أو يخضع، وظل على مواقفه رغم كل المغريات التي قدمت له والمخاطر التي تعرض لها.
فتح الكثير من الملفات المحظورة، وتناولها بجرأة وشجاعة، غير مكترث بتداعيات وردود الأفعال المترتبة على ذلك، فتح ملف توريث السلطة في اليمن وتفرغ للكتابة عنه بأسلوب رائع، في الوقت الذي أحجمت صحف المعارضة وكتَّابها عن الخوض في هذا الملف أو حتى الإشارة إليه، إلى حين قيام شهيد الحرية والكرامة والاستقلال والسيادة، الحائز على وسام الشجاعة
فيلسوف الصحافة اليمنية الأستاذ عبدالكريم الخيواني بكسر حاجز الخوف، والتطرق إلى ذلكم الملف البالغ الحساسية، حيث استطاع من خلال كتاباته وتحقيقاته التي كان ينشرها في صحيفة الشورى تشكيل رأي عام مناهض للتوريث، وخلال فترة وجيزة شكَّل الشهيد الخيواني جبهة وطنية رافضة لخيار التوريث الذي كان مطروحا بكل قوة، وبدأ النظام السابق يشتغل عليه ويسعى لتهيئة الأرضية والمناخ المناسب من أجل تمكين أحمد علي عبدالله صالح من خلافة والده في الرئاسة.
روحه الثورية التواقة للحرية والعدالة والمساواة جعلت منه يتصدَّر المشهد الإعلامي الثوري خلال ثورة 21سبتمبر، وهو ما جعله في صدارة قائمة الصحفيين والإعلاميين المستهدفين من قبل أعداء الحياة، ولكنه لم يأبه لتخرصاتهم وتهديداتهم وظل متسلحا بالإيمان والثقة بالله، ولأنه كان مسالما وسلميا لم يكن يحمل السلاح ولا يسير بمرافقين، فكان سلاحه قلمه الذي واجه به خصوم الوطن والشعب الذين كانوا بالنسبة له خصوما له، وشاءت المشيئة الإلهية أن يرتقي الصحفي المخضرم الأستاذ عبدالكريم الخيواني شهيدا في 18مارس 2015م قبل أيام قلائل على بدء العدوان الأمريكي السعودي على بلادنا، في جريمة اغتيال غادرة على مقربة من منزله مخلدا اسمه في سفر الشهداء الخالدين العظماء الأحياء عند ربهم يرزقون.
ست سنوات مرت على استشهاد فارس الكلمة الصادقة ولسان حال الحرية والكرامة ولا تزال روحه الطاهرة محلقة في الأجواء، ولا تزال حاضرة معنا ونحن على أعتاب العام السابع من العدوان والحصار، أرادوا باغتياله إسكات صوته وكسر قلمه، قبل أن يقدموا على شن العدوان، لأنهم يدركون القيمة السامية التي يمثلها، والمكانة التي يحتلها، والملكات الإبداعية التي يمتلكها، والتي ستزعجهم وتفضحهم وتكشف زيفهم وخداعهم وقبحهم وإجرامهم، ولكنهم لم يدركوا أن مدرسة الشهيد الخيواني أنجبت الكثير من فرسان الصحافة والإعلام الذين تتلمذوا على يديه، ونهلوا من فيض إبداعه الصحفي والإعلامي، وعقدوا العزم على مواصلة المسار الذي سار فيه، وفاءً له ولتاريخه ومواقفه الوطنية النضالية المشهودة التي ستظل مفخرة للأجيال المتعاقبة.
بالمختصر المفيد، في ذكرى استشهاده السادسة يظل الشهيد عبدالكريم الخيواني أيقونة الشموخ والعظمة، والنضال والمقاومة، والحرية والكرامة، منه نستلهم الشجاعة والجرأة في مقارعة الباطل وأدواته والوقوف ضدهم والتصدي لكافة المؤامرات التي تحاك ضد الوطن وسيادته وأمنه واستقراره، والشعب ومقدراته واقتصاده ومعيشته وأمنه وكل ما يتهدد وجوده ويحول دون أن يعيش حياة كريمة هانئة، ونعاهده بالوفاء للقيم والمبادئ التي ناضل من أجلها، وقدم روحه الطاهرة في سبيل الله مدافعا عنها.
رحم الله شهيد الحرية والكرامة، شهيد الوطن الكبير الأستاذ عبدالكريم الخيواني رحمة الأبرار، وطيَّب الله ثراه، وجعل الجنة سكناه.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.