في ذكرى الحسين الشهيد
سند الصيادي
من نقطةِ الانطلاقِ لمشروعه القرآني الثائر، مُرورًا بما أحدثه هذا المشروعُ من تحوُّلات وَما واجه من تحديات، حتى لحظةِ استشهاده وَارتقاءِ روحه إلى بارئها، تعرض منهجُ وَسيرةُ وَمشروعُ السيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي للتعتيم وَالتَليل والتشويه، وَصَعُبَ على عامة الشعب اليمني أن يقرأوه أَو يدركوه كما هو من مصادره، باستثناء دائرةِ المجتمع المصغرة التي عايشت الشهيدَ عن قُربٍ وَتثقفت من خطبه وَدروسه.
أحكم النظامُ آنذاك قبضتَه الأمنية على كُـلّ محاولات التداول والانتشار للملازم وَالوسائط الإعلامية المسجلة للشهيد، وَتم الزجُّ بكل من يتداولُها في غياهِب المعتقلات والسجون، ومثلما أُحيط مشروعُه بالعزلة بقوة السلاح، بقي الشعب محاطاً تحت سطوة الترهيب برواية التضليل أُحادية الجانب التي كانت تصدر عن السلطة ومنابرها الدينية والإعلامية، قبل أن ينقشعَ الغيمُ وَيصحوَ الشعبُ ذات صباح على سيرة عظيمة لقامة إنسانية وَوطنية وَدينية تعرضت لأكبر آلة استهداف ضخمة دولية وإقليمية وَمحلية، تم تجنيدُها ضده عسكريًّا وَأمنيًّا وَإعلاميًّا وَدينيًّا.
مكروا وَاستماتوا في إطفاء هذا النور، وَأبى اللهُ إلا أن يتمَّه ويتيحَ للشعب أن يقرأَ الجزءَ الحقيقي من القصة، فتجلت أمامَه عظمةُ الشخصية وأهميّةُ المشروع، وَلقي التفسيراتِ لما كان يقوم به النظام والعالم من خلفه، وَالأسباب والدوافع التي حركت حروبه الست بتوجيه ودعم الخارج.
وبقدر ما حال ذلك الواقعُ المأساوي دون أن يعايشَ الشهيد في حياته الوعود التي بشر بها باتساع نطاق “المكبرين” وَحجم الاصطفاف والحضور الشعبي لمشروعه القرآني، فَـإنَّ الحشودَ المليونية التي حضرت التشييعَ التاريخي لجثمانه الطاهر كانت أولى ردود الفعل الشعبيّة بعد انكشاف الغطاء، وَأولى ثمار الأثر الذي أحدثه في العقول والقلوب، لينطلقَ الشعبُ بعزمِ السير على ذات المسير الذي أعاد الشهيدُ المؤسّسُ رسمَ خطوطه العريضة نحو الارتقاء الديني وَالدنيوي.
اليوم ونحن وعلى أعتاب ذكرى جديدةٍ تحل علينا، وفي حضرةِ صاحبِ المقامِ لا مجالَ للحديث عن ما تحقّق من منجزات متزاحمة ومتسارعة، غير القول إن ثمة بشائرَ إضافيةً تقر بها عينُ السيد الشهيد عند ربه، وتزيد بها نفسه المطمئنة اطمئناناً، وفي ظل قيادة خير خلَفٍ وَأعظم منهج أفاق الشعب من غيبوبته وَاستعاد بالاستعانة بالله وَبإيمانه كينونتَه وَناصيةَ قراره.