التصنيف الأمريكي.. بين الإقرار والإلغاء
عبدالفتاح علي البنوس
رغم أن قرار الخارجية الأمريكية الترامبية -الذي نص على تصنيف أنصار الله جماعة إرهابية حسب المفهوم والمصطلح الأمريكي للإرهاب- مردود على الإدارة الأمريكية السابقة التي اتخذت القرار إرضاء للكيان السعودي الإجرامي وطمعا في الحصول على ما تبقى من حليب في ضروع البقرة الحلوب، فإن ذلك لا يعنينا في اليمن لا من قريب ولا من بعيد، فقد سبق أن عبَّرت القيادة الثورية والسياسية ومعها أبناء الشعب اليمني عن الموقف اليمني تجاهه وأعلنت ردها عليه بالطريقة المناسبة التي كان لها أبلغ الأثر لدى الإدارة الأمريكية الجديدة التي أعلنت إلغاء قرار التصنيف ورفع أنصار الله من قائمة الإرهاب الأمريكية والذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من الثلاثاء الماضي..
قرار الإلغاء الذي اتخذ لم يأت من فراغ، ولم يصدر عن قناعة من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة، وإنما جاء ثمرة لتلكم المواقف الشعبية الرافضة للقرار، حيث خرج اليمنيون واليمنيات في مسيرات غضب جماهيرية عارمة ليعلنوا الموقف اليمني القوي الذي دفع بالإدارة الأمريكية الجديدة إلى إلغاء القرار، في محاولة منها لامتصاص غضب الشارع اليمني تجاهها وإظهار حالة من التغيير في السياسة الأمريكية تجاه اليمن من أجل الحصول على المزيد من التعاطف اليمني خاصة والعالمي عامة، ومن جهة أخرى تسعى لممارسة سياسة الابتزاز والاستغلال على السعودية بهدف إجبارها على تقديم قرابين الولاء والطاعة، من خلال ضخ الأموال لها على غرار ما قدمته لإدارة ترامب، وما تعيين أمريكا لمبعوث لها إلى اليمن إلا تأكيد على هذه السياسة التي تسير عليها إدارة بايدن فيما يتعلق بملف العدوان السعودي على اليمن..
أمريكا تريد أن تجني المزيد من الأرباح والحصول على المزيد من المكاسب من السعودية ( البقرة الحلوب ) وتصريحات مبعوثها المزعوم إلى اليمن تعزز هذا التوجه، وتظهر حقيقة أمريكا ومواقفها إزاء اليمن، وتعري مزاعمها بالسعي في إحلال السلام في اليمن، فالجدية في الدعوة والتصريحات الأمريكية لتحقيق السلام في اليمن تبدأ عمليا بإيقاف العدوان ورفع الحصار وإيقاف كافة أشكال الدعم والإسناد الأمريكي للسعودية والإمارات وتحالفهم العدواني على اليمن، لا بإيقاف معركة تحرير مارب التي يخوضها أبطال الجيش واللجان الشعبية ضد مليشيات العمالة والخيانة والارتزاق، فاليمن ليست “مأرب” فحسب، والقضية اليمنية لا تخص ولا تعنى بمارب
بل تخص اليمن – كل اليمن، من سقطرى والمهرة إلى صعدة والجوف، ومن صحراء الربع الخالي إلى البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ومن يريد الحل في اليمن عليه أن يسعى لإيقاف كافة العمليات العسكرية كليا، بما في ذلك الغارات الجوية، ولا يمكن الانتقاء حسب الرغبات والأمزجة خدمة لقوى العدوان ومرتزقتهم.
بالمختصر المفيد: دخول قرار رفع أنصار الله من قائمة الإرهاب الأمريكية ودخوله حيز التنفيذ من قبل وزارة الخزانة الأمريكية انتصار حقيقي لليمن واليمنيين، وتأكيد عملي على ضرورة التحلي بالجرأة والقوة في المواقف، والعمل على التخندق والاصطفاف خلف الثوابت وعدم التفريط أو المساس بها
فالموقف الصلب الذي تحلت به القيادة الثورية والسياسية والذي جسده الشارع اليمني أجبر بايدن وإدارته على التراجع عن قرار التصنيف، ومع ذلك وبرغم كل ما سبق الحديث عنه أو الإشارة إليه، إلا أن قرار الإلغاء يمثل خطوة إيجابية من شأن تعزيزها إحداث تغيير جذري في المواقف الأمريكية تجاه اليمن وإقناعنا بحصول تغيير فعلي ملموس في سلطة القرار داخل البيت الأبيض، والأيام المقبلة ستظهر مدى جدية أمريكا ورغبتها في تحقيق السلام في اليمن من عدمه..
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم، وعاشق النبي يصلي عليه وآله.