لماذا صنفت أمريكا أنصارَ الله في قائمة الإرهاب؟!
أحمد عبدالله الرازحي
كُنت أذكُرُ ولا زلتُ لليوم أتذكَّرُ بدايةَ ونشأةَ هذا الفكر والذي تجسّد على لسان ومحاضرات السيد/ حسين الحوثي رحمه الله لطلاب العلم وتعامله معهم قبل بداية الحرب الأولى التي شُنت عليهم في 2002م.
كان الواضح والملاحظ أن السيدَ وجماعةَ أنصار الله الحوثيين ككل كانوا يمتلكون خياراً واحداً فقط، وهو نشرُ الفكر بطريقة سلمية وثقافية بعيدًا عن أية طريقة عسكرية، أَو طريقة ترغيب فهو في الأَسَاس لا يجد ما يرغب به الأتباع وكانت مجالس تلاوة القرآن وكان الهدوء يعم أرجاء صعدة ومران خُصُوصاً، وليس كمثله هدوء في أية منطقة!! بساطة ونور قائد ومنهج قرآني يجمع الناس ويوحدهم..
بحكم الجغرافيا فمنطقتنا بجوار منطقة السيد والمجاهدين، سنوات لم يشُن السيد وجماعته هجوماً ولا حتى مباغتةً على مواقع الحكومة آنذاك أَو حتى شبهة تجعل الحكومة تستعديهم حينها، حركة ثقافية فقط!! والسبب أن الفكر الذي ينشره السيد الحوثي فكر لا يستدعي القتال وهم أَيْـضاً لم يكونوا يمتلكون أسلحة عسكرية، والقليل كان يمتلك سلاحاً شخصياً كما يمتلك أي مواطن في اليمن.
وأجزمُ أن لولا الحروب التي شنها نظام عفاش بالتعاون وبأوامر من الإدارة الأمريكية على السيد الحوثي وفكره وجماعته وعلى صعدة بشكل عام بداية بالحرب الأولى في عام 2002م والحملات العسكرية ضد هذا السيد والفكر الذي يثقف به طلاب العلم في المنطقة التي يقطن فيها بمران فاضطر السيد وأتباعه إلى الدفاع عن أنفسهم والبحث عن خيار ثانٍ وهو الدفاع ولو بسلاح بسيط وَلا يُقارَن بما يُشن ضدهم، ولكن كانت لديهم قناعة تامة بالفكر والقضية الذي ينتمون إليها، وهذا ما جعلهم ينتصرون في الحروب الست حينها والحروب التي تُشن ضدهم حتى اللحظة!!
لديهم فكر ومنهج وثقافة وقناعة تامة بما هم عليه من أحقية، وهذا السر في قوتهم وصمودهم..!
نأتِي للتصنيف بالإرهابيين!
لماذا يُصنفون اليوم جماعة إرهابيّة وهم أكثر من يتسامحون مع خصومهم؟ لماذا وهم من يسيطرون على غالبية المناطق اليمنية ويوجد في هذه المناطق أكثرُ السكان وتنوعٌ في الانتماءات والطوائف بكل تعددها واختلاف الآراء!! ولم يختلفوا مع أحد
بل وَيمتلكون السلاح وتحت سيطرتهم من ينتقدهم ويخالفهم الرأي والتوجّـه ومع ذلك لم يُرغبوا أَو يرهبوا أحداً؛ لكي يتبعهم أَو يقف في صفهم!! بينما نلاحظ العكس في الأحزاب الأُخرى والمناطق الأُخرى!! فلا يتقبلون أحداً ولا يتعايشون مع أحد كما في جنوب اليمن الذي يرزح تحت سيطرة الإمارات والسعودية والإصلاح والانتقالي و… إلخ!!
ففي الجنوب يطردون المواطنَ الشمالي؛ لأَنَّ مشكلتَه أنه وُلد في منطقة شمالية وليس في الجنوب!! قمة العنصرية يجسدها هؤلاء المصنفون أمريكياً بالشرعيين!!
وبينما يعيش الجنوبيون في مناطق سيطرة الحوثيين في الشمال والوسط اليمني بكل أريحية وتعايش واحترام وبدون أية مؤشرات عنصرية تمارس ضد أي جنوبي يسكن الشمال!!!
لماذا يتعامل الحوثيين هكذا!! فيتعايشون مع الجميع وَأَيْـضاً مع من يقاتلهم ومع من يخالفهم الرأي والقناعات والتوجّـه ويستقبلون من قاتلهم لسنوات ليعيش تحت حمايتهم وفي مناطق سيطرتهم!!! فهؤلاء من تصنفهم أمريكا اليوم بالإرهابيين!!
وأيضاً فقد جسد أنصار الله الحوثيين قمة التسامح والتعايش في تعاملهم وعفوهم عمن يقاتلهم لسنوات، ولا أشبه تعاملهم وتسامحهم هذا إلا بموقف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، بل وأعتبرهُ مِن أعظمِ ما قيل في التسامح عندما قال (اذهبوا فأنتم الطلقاء) متى؟ وبعد ماذا؟
بعد 23 سنة قاتله فيها أقربُ الناس إليه ثم لما تمكّن منهم قال (اذهبوا فأنتم الطلقاء).. فلا نستغرب من تعاملهم مع خصومهم، فهُم أتباع هذا الرجل العظيم الذي غيّر التاريخ وواقع الأمم..
فمتى كان للتصنيف الأمريكي جدوائيةٌ وأحقيةٌ؟ ومتى كان تصنيفهم معياراً تقاسُ به الحركاتُ والثورات، وأمريكا أَسَاساً من قتلت ملايين البشر بقنابلها النووية في اليابان ودمّـرت الشعوب تحت ذريعة الإرهاب الوهمي لقتل روح الشعوب وقتل من يقول لا لمشاريعهم الاستعمارية والتدميرية!! فليست معياراً وتصنيفها لا يجدي ولا يُصدق!!
وهنا نصل للخلاصة: لماذا يُصنف أنصار الله بالإرهابيين من قبل الإدارة الأمريكية؟!!
لأن لديهم فكراً ومشروعاً قرآنياً وقضية عادلة يقاتلون مِن أجلِها ويستميتون في القتال على هذه القضية!!
لأنهم ليسوا كغيرهم يقتلون مَن يخالفهم ومَن لا يريد الالتحاق بصفهم!!
لأنهم لا يملكون سجوناً سرية تتم فيها تصفية خصومهم واغتصابهم، كما تفعل الإمارات في سجونها السرية جنوب اليمن وحتى في إفريقيا!!
لأنهم يتمسكون بالقدس العربية وقضية المسلمين جميعاً في حين يبيعها أشباهُ العرب ويتهافتون للتطبيع من حكام الخليج وأذنابهم وغيرهم!!
لأنهم الحرية في زمن العبودية ولأنهم من تجرّأ وقال للمشروع الأمريكي الصهيوني لا، وقاتلوا على موقفهم الرافض للهيمنة على فلسطين واستعمار الشعوب!!
لأنهم من هتف بالموتِ لأمريكا في حين يتسابق حكامُ الخليج للارتماء في أحضان الأمريكيين!!
ومهما تحدثنا عنهم فلن نوفيَهم حقهم!!
حقاً هم الرجالُ في زمن كَثُرَ فيه أشباهُ الرجال!! وهم النورُ في زمن عمت فيه الظلمات.
لأنهم رجالٌ وقادةُ النضال الحاضر والمستقبلي والأبطال، وَغيرُهم من ملوك وعاهات منبطِحون للصهاينة!!.
لأنهم مَن ردُّوا الاعتبارَ للأُمَّـة؛ ولأنهم قادة التحرير والاستقلال القادم.