خصروف والمنشطات.. أين الخلل؟
حسن الوريث
بصراحة كان إعلان الاتحاد الدولي للجودو بإيقاف بطل اليمن والعرب علي خصروف لمدة عامين وحرمانه من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية القادمة المقررة في طوكيو لانتهاكه قواعد وقوانين مكافحة المنشطات، -بحسب حيثيات القرار -مفاجئاً على اعتبار أن الجميع كان يعتبر أن اللاعبين اليمنيين بشكل عام أبعد ما يكون عن قضايا المنشطات، لكن بالنسبة لي فإن وقوع لاعب يمني ضحية المنشطات كان متوقعاً ليس لأن اللاعب اليمني سيء النية ولكن بسبب نقص الوعي ولا مبالاة الاتحادات والأندية ووجود قصور كبير في هذا الجانب..
وقع اللاعب علي خصروف ضحية لتنصل الاتحاد العام للعبة عن مسؤوليته، فقد ترك اللاعب يواجه كل الضغوط النفسية دون أدنى مساعدة بأي شكل من الأشكال، وربما ينسحب هذا الأمر على لاعبين آخرين سواء في الجودو وأو غيرها من الألعاب لأن هناك فجوة كبيرة جدا نتيجة الهروب والتهرب من المسؤولية من قبل الاتحادات والأندية الرياضية وترك اللاعبين يواجهون مصيرهم بأنفسهم، وبالتأكيد أن ما حصل يعتبر جرس إنذار لبقية الاتحادات والأندية واللاعبين بضرورة استيعاب الدرس ووضع المعالجات اللازمة كي لا تتكرر هذه المأساة وتصبح سمعة اللاعب اليمني والرياضة اليمنية على المحك إذا لم تتنبه الأجهزة المعنية لهذا الأمر..
من وجهة نظري أن الاتحاد العام للجودو يتحمل كامل المسؤولية عما حدث للكابتن علي خصروف، إذ كيف يترك الاتحاد أحد نجومه الكبار يسافر للمشاركة في هذه البطولة دون أن يكون معه فريق فني وطبي لتقديم كل ما يحتاجه اللاعب من دعم واستشارات فنية ومهنية وكذا طبية وغيرها والإشراف على مشاركته بشكل كامل من الألف إلى الياء؟
وكيف لم يقم الاتحاد بتوعية اللاعبين بعدم أخذ أي أدوية إلا بموافقة طبيب الاتحاد؟ وإذا لم يكن لدى الاتحاد طبيب -رغم أنها كارثة ومشكلة- لكن يتم تنبيه اللاعبين أيضاً بأنه في حالة الاضطرار لعرض الحالة المرضية لأي لاعب على طبيب بأن يبلغه بأنه رياضي لتجنب وصف أي دواء يدخل في قائمة الأدوية الممنوعة والمدرجة في قوائم اللجنة الدولية لمكافحة المنشطات باعتبارها من المنشطات والتشديد في هذا الأمر هذا إذا لم يكن الطبيب مرافقاً للاعبين في مشاركاتهم بشكل دائم، وهذا العجز لدى الأندية والاتحادات من أسباب الخلل الحاصل، حيث أن معظمها تعتبر الطب الرياضي عبارة عن ثلج وبخاخ فقط ليس إلا ومهمة طبيب النادي أو الاتحاد إن وجد تكون بإعطاء اللاعبين جرعة تخدير إما بالبخاخ أو بالثلج ونقلهم إلى المستشفى في أحسن الحالات..
بالعودة إلى ما حدث للنجم الكابتن علي خصروف بثبوت تعاطيه مادة منشطة وإعلان الاتحاد الدولي إيقافه عن المشاركات والبطولات وحتى من دخول الملاعب وصالات التدريب ومنعه من المشاركة في أولمبياد طوكيو وشطب جميع نتائجه في بطولة آسيا المفتوحة التي أقيمت في هونغ كونغ 2019م التي توج فيها بالميدالية الفضية وسحبها منه، فإن هذا الأمر لا يجب أن يمر مرور الكرام من الجميع ابتداء بوزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية اليمنية والاتحادات والأندية واللجنة اليمنية لمكافحة المنشطات وحتى الإعلام الرياضي
إذ يجب تحمل المسؤولية كاملة لسد الفجوة ومعالجة أسباب الخلل الذي حدث وتلافيه مستقبلا، وقد سبق أن تحدثنا عن هذا الأمر قبل أسابيع قليلة وفي هذه الزاوية من صحيفة الثورة وقلنا إن هناك مشكلة تتعلق بغياب الوعي لدى الرياضيين بخطورة التساهل في موضوع المنشطات التي قد تؤدي ليس إلى حرمان اللاعب من مزاولة الرياضة بل ربما تؤدي إلى إيقاف الاتحادات اليمنية من أي مشاركات، والأمر بسيط لكن التساهل هو الكارثة إذ يتعين على الرياضي فهم جميع سياسات وقواعد مكافحة المنشطات المعمول بها في المدونة الدولية لمكافحة المنشطات والامتثال لها
كما أن عليه تحمل مسؤولية ما يتناول أو ما يأكل أو يشرب وأي شيء ممكن دخوله إلى جسمه، ويجب عليه فهم لائحة المواد والوسائل المحظورة والسعي للحصول على المعلومات المناسبة بنفسه قبل المشاركة في المنافسات، كما يجب عليه تحمل المسؤولية الصارمة تجاه ما يتناوله، وأيضا تقع على الأندية والاتحادات والطواقم الطبية مسؤولية كبيرة في هذا الجانب، ومن هنا يتضح أن المسؤولية جماعية تتوزع بين كافة أطراف المنظومة الرياضية وعلى الجميع تحملها باقتدار
وربما أن هناك نقطة مهمة تتمثل في ضرورة إصدار قرارات من وزارة الشباب والرياضة بإلزام الاتحادات والأندية بالقيام بمسؤولياتها كما بقية الاتحادات والأندية في دول العالم وتعيين طبيب مختص في الطب الرياضي، ولا مانع من إقامة دورات وبرامج تدريبية لهم ورفدهم بكل جديد في لوائح اللجنة الدولية لمكافحة المنشطات، فهذا سيخفف من وقوع اللاعبين ضحية للمنشطات..
مما لاشك فيه أن غياب الوعي وتنصل الاتحادات والأندية عن مسؤولياتها في هذا الجانب يمثل إحدى نقاط الخلل، ولا بد أيضا من استمرار دور اللجنة الأولمبية اليمنية واللجنة اليمنية لمكافحة المنشطات والإعلام الرياضي في القيام بدورهم في عملية نشر الوعي بخطورة المنشطات وآثارها الكارثية بتنظيم لقاءات توعوية مستمرة لكافة الإعلاميين الرياضيين وإشراكهم في أنشطة وبرامج اللجنة مع كافة الأجهزة والجهات المعنية بمكافحة المنشطات واستمرار اللجنة في تنفيذ برامج تدريبية وتوعوية كجزء من مهمتها وصولا إلى رياضة يمنية بلا منشطات..
ختاماً.. أعلن من هنا تعاطفي الكامل وتضامني مع الكابتن علي خصروف الذي أعلن بكل شجاعة تحمله المسؤولية الكاملة رغم أنه وقع ضحية اتحاده الهارب والغائب مثله مثل كافة الاتحادات والأندية اليمنية، وكما قلت لعلها فرصة لنا كي نتنبه ونعيد ترتيب الأولويات والأوراق لتجنب ما قد يحدث من وقوع لاعبين آخرين في فخ المنشطات سواء بحسن نية كما حصل للكابتن علي خصروف أو بسوء نية ربما يخطط لها البعض، كما لا ننسى أن نشيد بجهود اللجنة اليمنية لمكافحة المنشطات ودعم اللجنة الأولمبية اليمنية لها
وبالتأكيد أننا نطلب المزيد من الجهد والعمل والتعاون من قبل الجميع لنصل إلى رياضة يمنية خالية من المنشطات، وهذا الأمر يمكن تحقيقه إذا ما قام كل منا بعمله ومهامه على الوجه المطلوب، ما لم فإن الخلل سيبقى وسنشهد مستقبلا تساقط المزيد من الرياضيين في فخ المنشطات، وهذا ما لا نتمناه.