التفاصيل الكاملة من هو القاتل وكيف لاحق الموظفين إلى المحلات خلال قيامهم بمهامهم؟
يمانيون – متابعات
مدير مديرية صنعاء القديمة الشيخ أحمد الصماط في رده على تساؤل لـ “الثورة” عن الإجراءات التي تتخذها المديرية مع البسطات قال: “هؤلاء مواطنون يبحثون عن لقمة عيش، ومن واجبنا تنظيم وإدارة السوق بما يتناسب مع تلبية احتياجات الناس للشارع كمارة
ولهؤلاء كسوق، صحيح نحن بين نارين، إن جاز التعبير، نار حاجة هؤلاء الباعة للسوق وما يدره عليهم هذا الموقع من دخل يساعدهم على إعالة أسرهم وحاجة السكان لقضاء الاحتياجات كإسعاف مريض في ساعة الذروة أو إدخال وايت ماء للضرورة في هذا الوقت أو أي مناسبة تضطرنا إلى التدخل لرفع بعض البساطين لإفساح المجال أمام هذه الضروريات..
المسألة فيها صعوبات “وعصلجه” من البعض، لكن هذا بفعل الظروف المعيشية الصعبة التي فرضها علينا العدوان الغاشم والهمجي والحصار غير الإنساني الذي يمارسه تحالف العدوان ومرتزقته..
وعما تطرحه بعض وسائل إعلام العدوان ومرتزقته من أن السلطات المحلية تفرض إتاوات باهظة على هؤلاء الباعة يقول مدير مديرية شعوب الشيخ أحمد الصماط: لو كانت القوافل تخاف النباح ما عبرت قافلة، ولو خوفنا “الرباح” ما زرعنا لبنة..
هذه أبواق مأجورة وأقلام غبية لا نهتم بما يقولون.. نحن يهمنا هذا المواطن ونسهر على راحته وتأمين أمنه واستقراره والتوفيق بين مصالحه ورأي هذا المواطن عندك في السوق انزل واستطلعه بنفسك.. فإن وجدت ما يعيب فاكتبه في صحيفة الثورة بالبنط العريض، وإن وجدت ما يسرك فلا تكتبه لأننا لا نعمل من أجل أن يقال عنا أننا نعمل وإنما لأن هذا واجبنا.
وحول ما إذا كانت هذه القضية ستدفع السلطات المحلية إلى اتخاذ إجراءات ربما تكون من نتائجها تغيير النظرة نحو باعة البسطات أكد الصماط أن هذه الجريمة لها خصوصيتها ومرتكبوها معروفون وتم القبض عليهم وستتم إحالتهم بعد التحقيق معهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم وفق محاكمة عادلة، مؤكدا أن الأعراف والقوانين اليمنية والأخلاق لا تسمح بأن تعلق الشاة برجل غيرها، فكل نفس مساءلة بذنبها، وهويتنا الإيمانية صريحة وواضحة “لا تزر وازرة وزر أخرى” و “كل نفس بما كسبت رهينة”..
علاوة على أن هذه المدينة تاريخية وهذه سمتها الحضارية في التسوق وهذا ما لا يمكن الاعتداء عليه ولن يكون هناك من إجراءات أكثر مما هو متبع وفق مصفوفة التعليمات الواردة إلينا من القيادة السياسية ووفقا للقوانين واللوائح النافذة.
في قبضة العدالة
إلى ذلك أكد مصدر أمني أنه تم ضبط الجاني وهو حاليا في قسم اللقية للتحقيق معه، وهو شاب عشريني العمر يدعى يونس عبدالعزيز الشريفي ولديه سجل سابق من قضايا البلطجة والاعتداء والشروع في القتل ويعد نفسه الحامي والحارس للبسطة التي يملكها والده وإخوته ولا يعمل فيها مطلقا..
وأفاد المصدر بأن البداية كانت عندما طلب موظفو البلدية والأشغال من صاحب البسطة إفساح مسافة متر بين طريق بوابة باب اليمن والساحة المجاورة بعد أن قام بإغلاقها حديثاً، لكنه رفض وبعد أسبوع من إبلاغه أشعروه بأنه إذا لم يتجاوب سيتم إزالة البسطة نهائياً فكان الرد من القاتل بلغة الرصاص الحي حيث أطلق الرصاص باحتراف فائق مستهدفاً مسؤولي الحملة مباشرة وبدم بارد وبعد ارتكاب الجريمة فر هاربا باتجاه محافظة ذمار، فتم التعرف عليه في نقطة عيشان وعندها أخرج القاتل مسدسه ووضعه في جبين الجندي وأطلق النار ليرديه قتيلا، ثم واصل هروبه ليختبئ في “جربة قات ” وعندها تنكر رجال الأمن ومتطوعون بزي ” المقاوتة والمبزغين” ودخلوا الجربة وقاموا بتكتيفه من الخلف والقبض عليه.. وأضاف المصدر الأمني أن القاتل اعترف بأنه ارتكب جريمته بكل قناعة”.
القصاص من الجاني
مدير عمليات مديرية صنعاء القديمة عبدالعزيز الأكوع أوضح “تم خروجنا لتنفيذ المصفوفات العشر وتنفيذ توجيهات القيادة السياسية وأمانة العاصمة، فخرجنا لتنظيم الأسواق وإزالة البسطات العشوائية فتم الاعتداء علينا من قبل أحد الأشخاص الذي أطلق علينا الرصاص الحي بشكل مباشر ما تسبب في مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين اثنان منهم حالتهما خطيرة أثناء أدائهم واجبهم الوطني ونتمنى من القضاء سرعة القصاص من الجاني، ولنتمكن أيضا من أداء عملنا وواجبنا، خصوصا أن الجاني كان يحمل السلاح باستمرار وكان يتربص بالمجني عليهم دون حدوث أي مشكلة أو خلاف سابق بينهم”.
خطوط صفراء
عضو المجلس المحلي وعاقل سوق الزمر وباب شعوب محمد العديني بدوره علق “أصبح لموضوع البسطات ضرر كبير، فعلى مستوى النساء تحدث مضايقات لا أخلاقية وسرقات وفي حالة المرض لا تستطيع إسعاف المرضى وقد تم الرفع مرارا بمشاكل أخرى عديدة وللأسف لا تجاوب من الجهات المعنية، وقد تم سابقا محاولة تنظيمهم وتحديد خطوط صفراء لا يتجاوزونها، لكن البعض يخالف هذه التعليمات ويخرج عن المكان المحدد له حتى يضيق الطريق على المارة، فأصبح التفكير بإزالتهم جزءاً من رفع الأذى عن الطريق بمسماه الحقيقي ومن المفترض ألا يتم التعاطف مع المخالفين منهم، لأنهم يتسببون في مشاكل كبيرة فالتعاطف مع المخالفين يسبب الأذى للساكنين في الأحياء المجاورة الذين تنشب بينهم مشاكل باستمرار..
وهناك حالة لامرأة مسنة تم إسعافها عبر عربية من الزمر وما وصلت باب شعوب إلا وقد فارقت الحياة، ومع ذلك يتم التعاطف مع البساطين الذي لديهم الأرض كلها يعملون فيها ونتناسى أهل الحي الذين لا يستطيعون إدخال وايت ماء أو دخول أحدهم بسيارته إلى بيته، ومن السلبيات التي نتجت عن البساطين أنه عندما تحدث مشكلة بين أحد البساطين والمواطنين يخرج بعض البساطين بالعصي والأسلحة، فتحدث المشاكل الكبيرة، وقد تم تخصيص أسواق لهم عدة مرات لكنهم سرعان ما يعودون، أما فيما يخص حادثة باب اليمن الأليمة فالقضية منظورة أمام الجهات ذات الصلة، ولا بد أنه سيحاكم الجاني محاكمة عادلة وسينال عقوبته وفق ما ينص عليه الشرع والقانون
فليس من الأخلاق اليمنية على مر التاريخ أن يقوم موظف في الأشغال أو غيرها من الجهات بعمله باحترام دون النية في أذية أحد فيكون جزاؤه أن يقوم المنفذ عليه بالاتصال بأبنائه أو بعصابته الذين يتكفلون بقتل الأبرياء وأن يكون القاتل محترفا فيصيب المجني عليه في الرأس في جريمة شنعاء وليتكم شاهدتم أسر الضحايا وهم يبكون أطفالاً ونساء على عائل أسرهم”.
أسلوب محترف
من جهته قال محمد حجر – المشرف الاجتماعي لصنعاء القديمة ” في إطار عمل الأشغال في تنظيم البسطات وإزالة المخالفين وأصحاب البسطات العشوائية كان النزول يوم الأربعاء الماضي واستمر حتى الخميس وتوقف الجمعة واستؤنف يوم السبت
اليوم الذي حصلت فيه الجريمة، والجناة على ما يبدو أنهم كانوا متربصين ومبيتي النية لعمل أجرامي وهم أولاد عبدالعزيز الشريفي، والحمد لله تم القبض عليهم بعد ساعات فقط من تنفيذ الجريمة وعادت الحياة إلى طبيعتها ولم تتعرقل أرزاق الناس أما عن دافع القتل فقد لا يكون خاصا بالبسطات، قد يكون عرضيا لكن المجرم هو مجرم فمهما كان الفعل الذي قام به موظفو الأشغال لا تكون ردة الفعل بهذه الجريمة البشعة أما معرفة الدوافع فذلك يخص التحقيقات، كون القاتل محترف فلم يفقد حواسه أو توازنه وكان تركيزه عاليا جدا يعرف من يريد أن يقتل وطاردهم دون أن يرتبك في دلالة على أنه قاتل محترف والتحقيقات سوف توضح كل شيء”.
يوم الحادث
شاهد عيان من أصحاب البسطات في موقع الحادث أخبرنا بأن القاتل كان لا يأتي إلى البسطة إلا أحيانا لزيارة والده وإخوانه، وفي يوم الحادث سمع القاتل وهو يصرخ بصوت عال مخاطبا البلدية ” من الذي قال انه عيزيل البسطة” فرد عليه أحد الموظفين ” إحنا عنزيلها” ثم قام القاتل مباشرة بإطلاق النار على الثلاثة الذين كانوا أمامه فسقط منهما اثنان أمام البسطة وفر الثالث إلى الاتجاه المقابل للبسطة فقام بإصابته في قدمه وعندما سقط على الأرض خلف البسطات توجه إليه وأجهز عليه وهو على الأرض، وفي الوقت ذاته أصابت إحدى الرصاصات أحد عمال النظافة رغم تواجده بعيدا عن مكان الواقعة وبعد الحادثة بربع ساعة اكتشف المتواجدون حينها ضحية جديدة كان مسنا أصابته رصاصة أمام محله ثم هرب القتلة وحضرت الشرطة ولا تزال البسطة كما ترون مفتوحة بهذا الشكل منذ الحادثة.
دوريات تنظيم
كما استطلعت “الثورة” آراء مجموعة من أصحاب البسطات في باب اليمن والزمر- طلبوا عدم ذكر أسمائهم- والذين بدورهم أكدوا عدم وجود أي إشكالية مع الأشغال أكثر من الروتين اليومي المتعلق بمسائل تنظيم البسطات بما يتلاءم وحركة السير ويلبي احتياجات المارة وسكان المدينة، مؤكدين أن هذه المسائل محل أخذ ورد بين البساطين ورجال الدوريات اليومية أو الدورية، وكل حدث له حديث ويدور حوله اللغط والتصويب والمهاترات أحيانا..
بعضهم قال “البساطون أحيانا يسدون الطريق تماما، وهذا يستدعي حضور الدورية للتنظيم وإفساح المجال أمام الناس ليمروا بأمان”.. وأفاد الكثير من أصحاب البسطات أن فترة ما قبل شهر شعبان الماضي كانت مليئة بالتعسفات التي تصل إلى حد مصادرة البضائع والحبس والغرامة التي لا بد منها، لكن بعد التعليمات الأخيرة الصادرة عن أمانة العاصمة بمنع التعسفات ومعاقبة من يقوم بها من أي جهة كانت..
الحقيقة تقال: لم نعد نرى إلا كل أدب وأخلاق وتقدير في التعامل معنا من قبل موظفي الأشغال، ولم يعد يحصل لنا أي تعسف من قبل أي شخص.. الآن، كل ما يحدث هم دوريات تنظيم السوق وفق الخطوط الصفراء المرسومة من قبل أمانة العاصمة والتي تحدد أي الأماكن المسموح للبساطين بمزاولة مهنتهم فيها، ومن يخالف يحضر المندوب ويأمره بالعودة إلى ما وراء الخط، وغالبا ما يتم ذلك بمجرد علم الباعة بمرور المندوب، وأحيانا لا يحتاج إلى أن يكلم أحدا، ولكن بمجرد أن يخرج من السوق يعود البعض إلى وضعه السابق.
وتأسف بعض الباعة ” نحن نعرف أن هذا طريق عام وأنه لا يحق لنا أن نجلس فيه إلا وفق اتباع آداب وتعاليم تلزمنا بها هويتنا الإيمانية، وما نتوارثه عن الأجداد من أعراف وأخلاقيات إعطاء الطريق حقه”، مؤكدين أنه ليس هناك أصعب من احتياج الإنسان لطلب لقمة عيشه، متسائلين: إلى أين نذهب؟ هل من فرص عمل؟ نحن مستعدون لترك هذه المهنة والالتحاق بالعمل في أي مجال يضمن لنا توفير لقمة عيشنا ومن نعول من الأسر.
وعلل البعض بأن الناس اعتادوا أن يأتوا لشراء حاجياتهم من هذا المكان.. وأغلب الناس أصبح التسوق إلى باب اليمن أو باب الزمر أو باب السبح أو القاع أو غيرها من الأماكن التاريخية شبيها بالعقيدة أن حاجته غير موجودة إلا في هذا المكان، والبعض من الناس يجد في هذه الأماكن نوعا من الارتباط بالتاريخ..
وقد حاولنا مرات عديدة ووفروا لنا أسواقاً خاصة، لكن أحدا لم يأت إلينا في تلك الأسواق البديلة وساءت حالتنا المعيشية، فاضطررنا إلى العودة مجبرين لا مخيرين.
ردود أفعال غالبية الباعة تجاه ما يشكو منه البعض من أخلاقيات غير سوية يمارسها بعض البساطين اتسمت بالاستنكار الشديد، حيث أكدوا أن الأعراف اليمنية تأبى إلا تأنيب أمثال هؤلاء، وتأديبهم، لأن التصرف غير المخلق يعكس صورة سلبية عن صاحبه، إن لم يعرضه للتأديب والتوبيخ والإهانة الجميع..
وأضافوا “نحن مزعجون، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نسمح بأن يكون بيننا من لا أخلاق له، فالمسيء يجب ألا يكون له مكان.. هذا سوق وهذه طبيعته والناس متأقلمون منذ زمن طويل”.
السوق تاريخي
مواطنون أوضحوا أن مدينة صنعاء القديمة مدينة سلام، وأن ما حدث هو جريمة شنعاء وسابقة خطيرة، مؤكدين أن السوق تاريخي وقائم منذ الأزل بهذه السمات ومن الصعب تغييرها.. إذ أن هذه السمة هي الشيء المرغوب والدافع لزيارتها من قبل الكثير من الناس الذين يعتبرون المجيء إلى هذه الرحاب اليمنية ذات العبق التاريخي دورة سياحية من باب الترفيه والاستمتاع والتسوق، وهي الظاهرة الأكثر جاذبية لما لها من روائع وتنوع لا نهائي.. إنها لحظات رائعة وممتعة لما تتسم به من حركة وأصوات البائعين والمشترين والمصلحين والمنظمين، لكنها على كل حال لا تستمر على مدار الساعة، فلها ذروة محدودة خاصة سويعات الظهيرة، وتعود قليلا في بداية المساء وسرعان ما تتلاشى في الحالتين كل مظاهر التسوق وتسكن المدينة..
أهل المدينة ألفوا هذه الأجواء التي أصبحت جزءا من الروتين اليومي المألوف.. نحن لسنا ضد طالبين الله لتوفير لقمة عيشهم ولن يكون لنا موقف يطالب بإزالتهم، لكن يجب أن يلتزم الجميع بالقيم الأخلاقية واحترام آداب الطريق وقيم أخلاقياتنا كيمنيين في سائر المعاملات والتعاملات العامة..
الجميع لا بد أن يتولد لديهم شعور بالحقوق المتبادلة وأن تصبح هذه الحقوق واجبات يلتزم بها الجميع، فالمؤمن أخو المؤمن لا يخذله ولا يسيء التصرف معه، ولا يؤذيه في لقمة عيشه، ولا في حقه في الانتفاع بالطريق العام وأن يكون لهذا الطريق أو ذاك السوق حرمته فلا يؤذى فيه طفل ولا امرأة…إلخ.