إبن سلمان والآمال الواهمة في حدوث معجزة للإنتصار في اليمن
يمانيون – متابعات
منذ فترة ومراقبو الحرب اليمنية يفيدون بأن ميزان الحرب قد اختل لمصلحة صنعاء، وأصبحت ساحة المعركة مستنقعاً للمحتلين السعوديين والإماراتيين.
في العام الماضي، أنهت الإمارات بذكاء وجودها العسكري المباشر في اليمن، متوقعةً هزيمةً وشيكةً للتحالف في مستقبل الحرب، قبل دفع تكاليف باهظة، لكن في غضون ذلك يواصل السعوديون عديمو الخبرة، الذين دخلوا مستنقع الحرب اليمنية بحبل الدعم الأمريكي والإسرائيلي المهترئ، مازالوا يرفضون قبول الهزيمة اعتماداً علی هذا الدعم، ويسعون للخروج من هذا المستنقع بعد تكبد تكاليف باهظة وعدم تحقيق أي مکاسب أو إنجازات.
عجز السعوديين أمام هجمات اليمنيين
أفادت وكالات أنباء عالمية، الاثنين، عن انفجار في أحد أهم الموانئ السعودية في “جدة”، وأكد بعده وزير الطاقة السعودي حدوث انفجار في ناقلة نفط في ميناء جدة، وقال في الوقت نفسه إن سبب الانفجار هو قارب مفخخ.
هذا ليس الحادث الأول من نوعه في الأشهر الأخيرة. حيث قالت شركة للأمن البحري في الشهر الماضي إن ناقلةً تستخدمها اليونان قد اصطدمت بلغم في ميناء “الشقيق” بالسعودية.
ويظهر تكرار هذه الحوادث الضعف الأمني الكبير الذي تعاني منه السعودية أمام الهجمات اليمنية، على الرغم من النفقات العسكرية الضخمة، بحيث أصبح السعوديون غير قادرين على التعامل معها ومنعها، ما دفعهم إلی اللجوء إلی الحكومات والشرکات الأمنية الکبری في جميع أنحاء العالم.
وفي العام الماضي، في 14 سبتمبر 2019، وبعد الهجوم الناجح لأنصار الله بالصواريخ والطائرات المسيرة على منشآت النفط التابعة لشركة أرامكو السعودية، والذي أوقف صادرات البلاد لعدة أشهر، أعلن البريطانيون عن نشر قوات لحماية المنشآت الحيوية في السعودية.
لكن قدوم البريطانيين وشراء المزيد من أنظمة الدفاع من أمريكا، قد فشل في إنقاذ الشرايين الاقتصادية للسعودية من هجمات أنصار الله، حيث أطلق اليمنيون صاروخ كروز آخر على جزء آخر من منشأة أرامكو النفطية في جدة، في 25 ديسمبر. وهو ما دفع السعوديين للإعلان أخيراً عن عدم قدرتهم على محاربة اليمنيين، وفي رسالة إلى الأمم المتحدة دعوا المنظمة إلى الضغط على صنعاء لوقف الهجمات.
أصبح الوضع الآن هو بحيث أن أنصار الله، ومن أجل إظهار درجة تفوقها العالية في الحرب، أعلنت في موقف ساخر أنها مستعدة لحماية الموانئ السعودية بعد فشل الأمريكيين والبريطانيين في هذه المهمة.
من جهة أخرى، فإن صنعاء التي أحرزت في الأسابيع الأخيرة تقدماً كبيراً في محافظة مأرب باعتبارها آخر معقل لقوات منصور هادي في شمال ووسط اليمن، وباتت على وشك السيطرة على هذه المحافظة الاستراتيجية في ساحة المعركة، تؤكد الآن وبثقة أكبر من أي وقت مضى، على ضرورة إنهاء الحصار والعدوان بشكل كامل للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع السعودية، لإظهار أن الطرف الأكثر احتياجاً لإنهاء الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات هم السعوديون وليس صنعاء.
وفي هذا الصدد، فإن “محمد علي الحوثي” عضو المجلس السياسي الأعلى اليمني، الذي أعلن في حزيران أن حكومة صنعاء مستعدة للتفاوض، كتب في آخر تغريدة له على تويتر: إن “التحالف السعودي يريد حواراً من أجل الحوار، بينما يستمر العدوان والحصار. لا حوار مع استمرار العدوان والحصار. واليوم نقول لهم بوابة السلام مفتوحة ومفتاح الحوار بأيديكم والمعادلة واضحة”.
آمال ابن سلمان الواهمة
لكن بينما يشير كل شيء إلى وصول الخطط السعودية لليمن إلی طريق مسدود، يبدو أن ولي العهد السعودي عديم الخبرة، الذي يعتبر قبول الهزيمة في اليمن ضربةً كبيرةً لمكانته السياسية وعائلة سلمان بن عبد العزيز في المجتمع السعودي وفي الصراع علی السلطة مع أمراء آل سعود الآخرين، لا يزال يعقد الآمال علی المساعدات الخارجية علَّها تحدث تغييراً في المعادلات.
وفي هذا الصدد، أعلنت قناة “الميادين” الإخبارية، أمس، وصول لواء سوداني قوامه نحو ألفي جندي إلى اليمن، ووفق المصدر فقد تمركزت هذه القوات على جبهتي “ميدي” و”حرض” الحدوديتين الواقعتين على حدود “جيزان” في السعودية و”حجة” في اليمن.
كان السودانيون من أهم المرتزقة الذين استخدمتهم السعودية والإمارات في السنوات الخمس الماضية، بسبب الأزمة الاقتصادية الكبيرة وحاجة السودان إلى الدعم المالي، وكثير من هذه القوات قتلوا أثناء الحرب أو أسروا من قبل الجيش اليمني واللجان الشعبية.
ولذلك، لم يكن لهذه القوى تأثير إيجابي في تغيير معادلات الحرب لمصلحة السعوديين، والإصرار على استمرار الحرب في ظل زيادة القدرات العسكرية لأنصار الله والجيش اليمني رداً على العدوان والاعتداءات، سيؤدي إلى مزيد من الهزيمة العسكرية والسياسية للرياض في الأزمة اليمنية.
من ناحية أخرى، وردت أنباء عن غارات أمريكية بطائرات مسيرة على مواقع أنصار الله في “مأرب” في الأيام الأخيرة. في غضون ذلك، ترددت شائعات بإمکانية درج أنصار الله على القائمة الأمريكية للجماعات الإرهابية، وهذه الأحداث ربما أعطت ابن سلمان الأمل في مزيد من الدعم الأمريكي لاستمرار الحرب علی اليمن.
في هذه الحالة أيضاً، فإن آمال ابن سلمان بالتأكيد ليست أكثر من حلم مضطرب، أولاً، مع خروج ترامب من البيت الأبيض، سينقلب المشهد الدولي والإقليمي بشكل متزايد ضد الإجرام السعودي في اليمن، ولا سيما فيما يتعلق بالحصار اللاإنساني لهذا البلد.
من ناحية أخرى، فإن وضع اسم أنصار الله في قائمة الجماعات الإرهابية من قبل البيت الأبيض أو حتى الغرب، لن يحظى بدعم دولي كبير، لأن قاعدة أنصار الله الشعبية وشرعيتها قد تجاوزت الآن شمال البلاد وانتشرت في جميع أنحاء اليمن، لأنها تواجه المعتدين وتدافع عن استقلال اليمن ووحدة أراضيه.
* المصدر : الوقت التحليلي