الانتخابات الأمريكية .. ووهم التغيرات في السياسة الأمريكية
يمانيون../
التغيرات الأساسية في الانتخابات الأمريكية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي اللذين يخوضان الانتخابات على مر التاريخ تتعلق بأمور داخلية لا أقل ولا أكثر تترّكز حول الخدمات الصحية والنظام الضريبي والخدمات الاجتماعية.
أما ما دون ذلك من السياسة الخارجية والدفاعية والعمل الدبلوماسي والاستخبارات والتحالفات، تحكمها إستراتيجية رٌسمت منذ وقت بعيد ويتم تحديثها دوريا والخلاف الجوهري بين رئيس ورئيس أمريكي يكمن بالتكتيك المتبع لتنفيذ هذه السياسة.
وعليه لا يجب أن نسهب كعرب في التوقعات بحدوث تغيرات جوهرية في السياسة الأمريكية، فأمريكا وغيرها من الدول الاستعمارية الكبيرة تركّز على جملة من المسلّمات الأساسية في تعاملها السياسي والدبلوماسي والأمني والعسكري وتقيم تحالفاتها وفقا لذلك.
جوهر السياسة الأمريكية الخارجية والدفاعية والأمنية والمالية، يتمثل في مصالح أمريكا تلزم الدول الحليفة لها وغير الحليفة على تكييف قوانينها بما يتوافق مع القانون الأمريكي ومصالح الولايات المتحدة.
العالم كله حلفاء وأعداء أمريكا ذاقوا منها الأمرين، إن كنت صديقاً لا أمريكا فرضت عليك التزامات تفوق قدراتك وإمكانياتك، وإن كنت عدواً لها جندّت كل إمكانياتها ودول العالم ضدك .. دولة صداقتها مرّة وعداوتها أكثر مرارة.
الغريب في الأمر، أن العالم خاصة العالم العربي يصدّق السجال الانتخابي الأمريكي ويجزم أن انتخاب الرئيس الفلاني سيحدث تغيرات جوهرية في السياسية الخارجية الأمريكية ويتكرر هذا التمني دورة بعد أخرى.
في كل دورة انتخابية أمريكية، العرب لا يأخذون من عبر الأمس أساساً لبناء مواقف وتحالفات اليوم، يُخدعون في كل مرة وفلسطين وإسرائيل مثال حيُ على ذلك .. لا أحد من رؤساء أمريكا خرج عن منطق ضمان أمن إسرائيل وتفوّقها العسكري والعرب يتمنون ولا يتعظون وغير ذلك في أمور كثيرة.
الشيء الذي يمكنك الإعجاب به في السياسية الانتخابية الأمريكية، هو أن جميع الرؤساء يتصارعون انتخابياً لخدمة مصالح أمريكا عبر برامج انتخابية تم إعدادها لذلك وهو ما يٌعد أحد المرتكزات الأساسية للتطور والتقدم الأمريكي.
في المنطقة العربية، نتلقى الضربات الموجعة من أمريكا ورؤسائها وبرامجهم الانتخابية ولا نتعظ ولا نأخذ عبر ودروس من ذلك، وكأن تعلق الحكام العرب بأمريكا هو سر بقائهم في السلطة يخطبون ودها ويشترون رضاها بمليارات الدولارات لأنها تمثل بالنسبة لهم مظلة حماية أمنية لأنظمتهم الملكية التي يتسم أدائها بدكتاتوريات عفا عليها الزمن.
والمشكلة أننا نظل نترقب بقلق كبير من الفائز في الانتخابات الأمريكية وكأن من راهنا عليه سيأتي ليعدّل موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط ويدافع عن الحقوق والمصالح العربية والفلسطينية ويوقف إسرائيل عند حدها كدولة محتلة ومغتصبة لفلسطين.
لقد تحمل العرب، أكثر من غيرهم من السياسة الأمريكية الرعناء فها نحن نرى ما حل بالمنطقة العربية من تدمير على يد القوى العسكرية الأمريكية.
الجمهورية اليمنية أحد الدول العربية التي اكتوت بنيران القوة العسكرية الأمريكية والتدمير الذي حصل في اليمن وقتل الآلاف من المدنيين بالسلاح الأمريكي وبمشاركة فعلية من قواتها وما السعودية والإمارات إلا أدوات بيد أمريكا تضرب بهما متى ما تريد وأينما تشاء.
خلاصة القول، لا شيء يرجى من الانتخابات الأمريكية غير كونها مسرحية تتكرر كل أربع سنوات بنفس الخطوات والأسلوب والمسلّمات.