“كول”.. المبرر الأمريكي للتدخل العسكري الأمريكي في اليمن
يمانيون- في محاولةٍ لإعادة تسويق المبرّرات القديمة للتدخل العسكري الأمريكي في اليمن، لجأت الولاياتُ المتحدة خلالَ الأيّام الماضية، لاستذكار حادثة “المدمّـرة كول” واستخدامها كغطاء لشرعنة تواجد القوات الأمريكية داخل البلاد، الأمر الذي يكشفُ عن أطماعٍ جديدة لواشنطن بتوسيع دورها المباشر في العدوان على اليمن.
وقالت “القيادة المركزية الأمريكية” قبل أَيَّـام: إن طاقم الأسطول الأمريكي الخامس من المقرّر أن ينفذ الاثنين (أمس) وقفةَ حداد في عدن المحتلّة، بمناسبة الذكرى العشرين لحادثة المدمّـرة الأمريكية يو إس إس كول.
وتعتبر حادثةُ المدمّـرة “كول” التي تعرّضت لهجوم عام 2000 قُبالةَ سواحل عدن، أحد أبرز المحاولات الأمريكية المبكرة للتدخل العسكري في اليمن، حَيثُ استخدمت واشنطن هذه الحادثةَ كـ”شماعة” لتبرير إرسال قواتها إلى البلاد؛ بحجّـة “مكافحة الإرهاب”، إذ زعمت أن تنظيم ما يسمى “القاعدة” هو من استهدف المدمّـرة.
وتشير مختلفُ المعلومات إلى أن الولايات المتحدة دبرت هذا الحادث؛ مِن أجلِ استخدامه لتبرير التدخل في اليمن، والضغط على النظام السابق، الذي تشير المعلوماتُ إلى أن رئيسه “صالح” كان له دورٌ في العملية.
وفي هذا السياق، كانت ضابطةُ الاستخبارات الأمريكية سوزان لينداور قد أكّـدت في لقاءٍ سابقٍ على (قناة روسيا) حقيقةَ حادثة تفجير المدمّـرة كول بقولها: (في الليلة التي سبقت تفجير (USS Cole) سحب الأمريكيون الحراسة عند هذه السفينة أي أنهم تركوا السفينةَ بدون حماية، هذا رغم أنهم علموا مسبقًا بالإعداد لتنفيذ عمل إرهابي في ميناء عدن وكانوا على علم بأن الهدفَ هو مدمّـرةٌ عسكرية أمريكية، وبالطبع كانت (USS Cole) هي الهدف رقم (1) كما تقول فقد بلّغت (السي آي أيه) ووكالة الأمن القومي الوحدات الأمريكية في اليمن بالهجوم المرتقب، فقام هؤلاء بسحب الحراسة؛ لأَنَّهم -أي الأمريكيين- كانوا يريدون إرسالَ قواتهم إلى السواحل اليمنية فهم يحتاجون إلى ذريعة الولايات المتحدة؛ لذا فقد سمحوا بأن يتم تفجير (USS Cole).
وهذه هي المرة الأولى التي تعلنُ الولاياتُ المتحدة عن “إحياء” ذكرى هذه الحادثة، الأمر الذي يشير إلى محاولة لاستعادة الدعايات القديمة؛ لتبرير التواجد العسكري في اليمن، خَاصَّةً وأن الإعلان تضمن تأكيداً على وجود قوات الأسطول الخامس في عدن.
ويشير هذا بدوره إلى مساعٍ أمريكيةٍ لتوسيع دور واشنطن ووجودها العسكري المباشر في اليمن؛ بحُجَّـة “مكافحة الإرهاب” بعد أن أخفقت في تحقيق مخطّطاتها من خلال تحالف العدوان الذي تقوده.
وكان “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” المرتبط بالاستخبارات الأمريكية قد تحدث مؤخّراً عن أن الموقع الاستراتيجي لليمن والممرات البحرية التي يشرف عليها، من أهم الأسباب التي أَدَّت إلى الحرب عليه، في إشارة إلى المطامع الأمريكية والغربية في اليمن والتي لم تُخفِ الولاياتُ المتحدة السعيَ وراءها من خلال العدوان الذي تديره.
إحياءُ ذكرى تفجير المدمّـرة كول يعيدُ للأذهان مراحلَ التخطيط الأمريكي للتواجد العسكري في اليمن والتي بدأت قبلَ أكثرَ من عشرين عاماً، كانت الفوضى تعنوِنُ الحالةَ الأمنية السائدة، وخَاصَّةً بعد حادثة اختطاف وَقتل السياح التي نفذها ما يسمى بجيش عدن أبين بقيادة المدعو أبو الحسن المحضار، كما شهد مطلع العام 2000م وصولاً وتوافداً مكثّـفاً لما يسمى بالأفغان العرب من اليمنيين المنتمين للمناطق الجنوبية والشرقية (صحيفة الأُمَّــة العدد 136 بتاريخ 27 يناير 2000م)، ويبدو أن تكثيفَ التواجد التكفيري حينها كان متطلباً أمريكياً لتدعيم مبرّرات للتدخل الأمريكي بتواجد عناصر تم ترميزها على أَسَاس أنها معادية للأمريكان وسيتم استخدامها أَيْـضاً في افتعال حوادث استهداف للقوات والمصالح الأمريكية في اليمن والمنطقة كمسرحية استهداف يو إس إس كول وليمبرج في عدن وحضرموت وغيرها.
وفي مطلع عام 2000 أَيْـضاً، تنامى تواجُدُ الفِرَقِ والمجموعات العسكرية الأمريكية في اليمن بشكل ملحوظ، ومن ذلك وصول فريق عسكري أمريكي إلى عدن قادماً من القاعدة الأمريكية بالبحرين، وتحَرّك هذا الفريق بشكل واسع في المناطق الجنوبية والشرقية تحتَ ستار مساعدة اليمن في جهود نزع الألغام ضمن مشروع نزع الألغام المدعوم أصلاً من الولايات المتحدة الأمريكية، وكان ذلك الفريق قد وصل في أواخر شهر إبريل 2000م، بعد أَيَّـام من زيارة علي عبدالله صالح لواشنطن وتأكيده للمسؤولين هناك على ضرورة تعزيز أوجه التعاون العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية (146 الأُمَّــة 20 إبريل2000م).
وفي السياق أَيْـضاً ثمة أنباءٌ وردت آنذاك وتحدثت عن عقدِ اتّفاقيات أمنية وعسكرية يمنية إسرائيلية مرتبطة بتوفير معدات وتجهيزات مراقبة وقواعد صاروخية في باب المندب؛ بهَدفِ تأمين الملاحة البح رية مع إجراء عدد من الزيارات المتبادلة والعمليات المشتركة، مع أنباء تؤكّـد أن إسرا
ئيل كانت قد زودت السلطة الحاكمة في صنعاء بمادة السي فور (c4) المستخدمة في تفجير يو إس إس كول خلال الفترة التالية للقاءات التي جمعت مسؤولاً يمنياً كَبيراً في القصر الجمهوري بمسؤول إسرائيلي يدعى “شلومو أهاروني”، وهو مسؤول مكتب تونس في الخارجية الإسرائيلية، ولم تؤكّـد السلطة أَو تنفي آنذاك ما ورد في الوثيقة المصدرية، وهي وثيقة أمريكية صادرة عن لجنة تقصِّي الحقائق بشأن استهدافِ كول مذيّلة باسم “باري مون” نائب رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي ورئيس لجنة تقصّي الحقائق بتاريخ 26 أكتوبر2000م، حَيثُ أشارت إلى أن المسؤولَ اليمني هو نجل أحد كبار المسؤولين وقام بزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلّة واللقاء بالإسرائيليين قبل 3 أشهر من تاريخه، بتنسيقٍ سابقٍ من رئيس كوريا الجنوبية، كيم داو جونج، وأحد الملوك العرب، ليتم الاتّفاقُ على مجملِ ما سبق، إضافةً إلى بعضِ الإجراءات والعملياتِ المشتركةِ في البحر الأحمر وخليج عدن (146 الأمة 20 إبريل2000م)، (1647 الثوري 30 نوفمبر2000م).
المصدر : المسيرة