مارتن غريفث يطوي أيامه في اليمن!
يمانيون – تقرير – ابراهيم الوادعي
فجر رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام مفاجئة في تصريحات صحافية أدلى بها لصحيفة 26 سبتمبر الناطقة باسم الجيش أشارت بوضوح إلى أن أيام المبعوث الاممي الحالي إلى اليمن مارتن غريفث تطوى. تصريحات تعيد إلى الأذهان الأيام والساعات الأخيرة في مهمة المبعوث الاممي السابق سيء الصيت إسماعيل ولد الشيخ والذي كان مطية بيد الرياض وناقلا لما تريده إلى الطرف الوطني، قبل ان يجري تغييره رغما عن السعودية نتيجة شلل مهمته بعد أن أمتنعت صنعاء عن التعامل معه .
أزمة المشتقات النفطية التي تشهدها المناطق الحرة نتيجة منع تحالف العدوان سفن النفط من تفريغ حمولتها في ميناء الحديدة ، كانت بمثابة المسمار الأخير في نعش مهمة غريفث، منع التحالف لسفن النفط يجري هذه المره بشماعة أممية يتورط بها مكتب المبعوث الاممي مارتن غريفث ، حيث جرى الاتفاق في وقت سابق على ان يلعب مكتبه دورا في تسهيل ادخال شحنات النفط، لكنه وبدلا من تسهيل دخولها عمل مكتب غريفث على أن يكون معرقلا جديدا وشماعة تغطي سوءة التحالف الذي افتقد المبررات لمنع دخول سفن المشتقات النفطية وفق ما أكده مسئولون في وزارة النفط .
وبحسب مصادر مطلعة فإن غريفث انضم إلى صف التحالف وأبدى امتعاضه واعتراضه على منح موظفي الدولة نصف راتب قام المجلس السياسي بصرفه قبيل شهر رمضان ونصف اخر قبيل عيد الفطر، وبدلا من ان يقف المبعوث الاممي الى جانب الموظفين المسحوقين بقطع رواتبهم منذ 3 أعوام ونصف، وبدلا من ان ينفذ وعوده والشق الاقتصادي من اتفاق السويد بصرف رواتب موظفي الدولة، وبما يعنيه ذلك من تخفيف كبير جدا للأزمة الإنسانية الحادة في اليمن أختار أن يكون في الضفة الأخرى مغادرا موقعه الحيادي، وخالعا ثوب الأمم المتحدة الإنساني.
ووفقا لمصادر مطلعه فإن المجلس السياسي الأعلى تلقى عرضا بالامتناع عن صرف نصف راتب قبيل عيد الأضحى مقابل الافراج عن جميع سفن النفط المحتجزة وهو ما رفضه المجلس السياسي الأعلى جملة وتفصيلا، ويعتقد متابعون ان العرض قدم من مكتب المبعوث الأممي نيابة عن التحالف وهو ربما يكون قد أطلق رصاصة الرحمة على مهمة غريفث كوسيط دولي ومبعوث اممي.
وبحسب رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين عبد الله صبري، فإن الخطة التي أرادها غريفث وربما تورطت فيها الأمم المتحدة هي تحويل حساب مبادرة المرتبات في فرع البنك المركزي بالحديدة إلى حساب مجمد لا يستفيد منه موظفو الدولة، وبالتالي تتصعب الظروف الاقتصادية على حكومة صنعاء، وقيام صنعاء بصرف نصف راتب ثم نصف راتب آخر من هذا الحساب المتفق عليه مع الأمم المتحدة عطل هذا الخطة، وهذا الأمر يؤكده العرض الذي تلقته صنعاء بعدم صرف نصف راتب آخر قبيل عيد الأضحى مقابل الافراج عن سفن النفط .
وأضاف صبري: كان المتوقع عقب نقل البنك المركزي أن ينهار الاقتصاد في المناطق الحرة وأن يحصل التحالف على الاستسلام من صنعاء وهو الذي لم يحققه بالحرب، إلا أن ذلك تبخر وصمدت صنعاء رغم كل تلك الحرب الاقتصادية التي تورطت فيها الأمم المتحدة ما بعد نقل البنك المركزي ومقابله حيث كانت ضامنا لحيادية البنك المركزي وصرف الرواتب لجميع موظفي الدولة وهو ما كان والتزمت به السلطات في صنعاء حتى نقل البنك الى عدن ، ومنذ ذلك الحين انقطعت الرواتب وتنصلت الأمم المتحدة عن وعودها والتزاماتها ومكتب المبعوث الاممي في الصدارة ويتجمل المسئولية الأكبر .
وأشار رئيس اتحاد الاعلاميين اليمنيين إلى أن أزمة كورونا وعدم تقديم الأمم المتحدة للمساعدات كشف عن الدور الذي اختارت الأمم المتحدة أن تلعبه إلى جانب التحالف وليس إلى جانب الشعب المعتدى عليه ناهيك عن البقاء وسيطا نزيها محايدا .
حالة الطلاق بين صنعاء وغريفث وفقا لمتابعين بدأها غريفث أولا مع مهمته كوسيط دولي محايد، ومع صنعاء خلال زيارته إلى مأرب معقل حلفاء التحالف عقب عملية البنيان المرصوص والتي هددت معقل مرتزقة العدوان هناك، غريفث التقى هناك قيادة المرتزقة ومارس بوضوح دور الخصم متجاوزا مهمته كوسيط دولي ومحايد، ورغم أن صنعاء الممتعضة آنذاك، تغاضت عن ذلك إلا أن غريفث مضى في لعب دور هو أقرب مواقف بريطانيا التي أخذت في الآونة الأخيرة تدخل يدها عميقا في الحرب اليمنية، وتعمل على تغطية جرائم التحالف في مأرب والجوف وحجة فيما يعمل غريفث ذو الجنسية البريطانية على تغطية مواقف التحالف في ملفات النفط والأسرى والمرتبات المرتبطة بتشديد الحصار وتضييق الخناق على حكومة صنعاء.
وبالعودة إلى فبراير 2018م فإن غريفث سجل فشلا ذريعا خلال مهمته على مدى عامين ونصف، ولم يف بأي من وعوده لجهة إعادة إطلاق المرتبات لموظفي الدولة وفق كشوفات 2014م والتي وافقت عليها صنعاء تسهيلا للحل، أو لجهة ملف الأسرى الذي يشهد بفشل أممي ذريع، أو لجهة فتح مطار صنعاء وهو أول وعود غريفث عند أول زيارة له إلى العاصمة صنعاء عقب تعيينه مبعوثا أمميا ووسيطا دوليا ولقاءه الرئيس الشهيد صالح الصماد.
وفي ما يخص وقف إطلاق النار في الحديدة واصل غريفث غض الطرف عن انتهاك قوى العدوان اليومية، وعدم التزامها ببنود الاتفاق وتنفيذ الانسحابات المقرة وفقا للاتفاق، وبدلا من ذلك كانت الضغوطات من مكتبه تتوجه للطرف الوطني لتقديم تنازلات، وتمكين الطرف الاخر من الإمساك بالأرض.
– دور انساني سيء
مارتن غريفث لعب دورا سيئا على المستوى الإنساني ايضا حيث عمل على تبييض وجه السعودية كقائدة للتحالف في مؤتمر الرياض الأخير الذي اعترفت منظمات اممية بفشله، وان لم يكن سوى فرقعة إعلامية لم تحقق شيئا، وبدلا من ذلك واصل غريفث كيل المديح للتحالف وتسويق المعلومات الخاطئة لمجلس الامن خلال إحاطته الدورية ليتسنى له صرف 18 مليون دولار هي اعتماد مكتبه.
وفي ظل ولايته كمبعوث اممي واصلت منظمات الأمم المتحدة التلاعب بالمساعدات الإنسانية المقدمة لليمن، وساهم ذلك في تعميق الازمة إنسانية واستفحالها بدلا من تخفيفها، حيث يقف اليمن وفق بيانات اممية على شفا المجاعة.
كما مارس غريفث دورا اكثر سلبية أمام مأساة الدريهمي المحاصرة منذ ميزيد عن العامين والمعزولة عن العالم كلية، ويعيش سكانها ظروفا إنسانية صعبة للغاية نتيجة منع قوى العدوان الغذاء والدواء وتمير طيران التحالف للمستشفى الوحيد في المدينة.
من هو غريفث؟
عين مارتن غريفث مبعوثا امميا في فبراير 2018م بديلا للمبعوث الاممي السابق سيء الصيت إسماعيل ولد الشيخ.
شغل غريفث منصب المدير التنفيذي للمعهد الأوروبي للسلام في بروكسل، ومدير مؤسسا لمركز الحوار الإنساني في جنيف، خلال الاعوام من 1999 إلى عام 2010. كما عمل في السلك الدبلوماسي البريطاني ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) والمنظمة الخيرية (أنقذوا الأطفال).
عُين مديراً للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في جنيف في عام 1994 وأصبح منسق الإغاثة الطارئة لها في نيويورك عام 1998.
– فرصة أم إقفال؟
تلميح المفاوض اليمني الى دور روسي او دولي قد يشير الى هوية الوسيط الذي قد تقبله صنعاء ممن لا يحمل جنسية مشاركة في العدوان على اليمن ، وبعد 6 سنوات من الصمود وتغيير المعادلات ميدانيا يمكن القول ان صوت صنعاء بات حاسما في تعيين الوسيط الجديد .
يضاف الى ذلك بان البحث عن حلول خارج سياق المنظمة الدولية يشير بشكل جلي الى حاجة المنظمة الأممية الى اصلاح عاجل وفوري، وان النظام الذي ولدت من رحمه المنظمة الدولية عقب الحرب العالمية الثانية يتداعى وهناك قوى جديدة في العالم تستطيع خلق فرص السلام والاستقرار في العالم غير الولايات المتحدة او اطرها
ثمة أمر لا يغفله مراقبون بان تصريحات محمد عبد السلام رئيس الوفد الوطني قد تكون بمثابة الفرصة الأخيرة ليصلح غريفث مواقفه ويعيد الاتزان الى مهمته الأممية التي يتقاضى عنها 18 مليون دولار سنويا ، والأيام القادمة كفيلة بإيضاح كامل الصورة ما إذا كان البريطاني مارتن غريفث قادر على الانفصال عن حسابات بلده كوسيط دولي نزيه ، أم أنه خسر مهمته الأممية وأضحى خارج حسابات صنعاء وعملية السلام في اليمن.