مواجهة حرب الغذاء، وسياسات إسترقاق الشعوب (1)
بقلم / منير إسماعيل الشامي
تعتبر حرب الغذاء من أهم مؤامرات دول الاستكبار العالمي التي استهدفت بها الشعوب العربية والإسلامية بوجه خاص وشعوب العالم الثالث بوجه عام.
تبنت أنظمة الاستكبار العالمي هذه الحرب وبدأت بتنفيذ هذه المؤامرة عقب الحرب العالمية الثانية، واعتمدت عليها في السيطرة على الشعوب بدلا عن الاحتلال العسكري بعد أن أيقنت من ارتفاع كلفة الخيار العسكري، ومن حقيقة عدم جدوى محاولاتهم لاخضاع الشعوب بشتى الوسائل والطرق، وفشله في تحقيق ذلك بعد أن تجرعت الدول الاستعمارية العلقم وأمر الكؤوس نتيجة المقاومة الشرسة للشعوب المحتلة، ومناهضتها المتصاعدة للوجود العسكري الاجنبي على أراضيها، وتكبد الاخير خسائر فادحة.
لهذه اﻷسباب اتجهت الدول الاستعمارية متوغلة بفرض سيطرتها على شعوب العالم منها العربية باتباع طرق وأساليب أكثر شراسة، وأعظم تأثيرا، وأقل كلفة، وأسرع نتائجا عبر مؤامرات عدوانية متنوعة ركزت على هدم بنية المجتمعات من داخلها اقتصاديا، وفكريا، ودينيا…. الخ.
حرب الغذاء هي واحد من أهم تلك المؤامرات والسياسات العدوانية لاستهداف اليمن وسائر دول العالم الثالث.
لقد عرف أن اليمن كانت من أشهر الدول المكتفية ذاتيا في غذائها، وكانت تحقق فائض عن حاجتها من مختلف المحاصيل الزراعية، وتحولت بفعل مؤامرة حرب الغذاء حتى أصبحت اليوم من أولى دول العالم استيرادا لمحاصيل الحبوب بمختلف انواعها وفي مقدمتها “القمح” وهو ما سنتحدث عنه.
بدأت خطوات هذه المؤامرة من خلال تقديم منح مجانية كبيرة من مادة القمح للدول المستهدفة. حظت اليمن بأول دفعة قدمها النظام الأمريكي عام 1959م مقدارها 14 ألف طن من مصول القمح. فكانت هي الخطوة الأولى لتحويل اليمن من بلد منتج للقمح ومكتفي ذاتيا منه إلى بلد مستهلك له، وسوق مفتوحة للمنتجات الزراعية الخارجية بمختلف انواعها.
كما لعب سعرها المنخفض جدا دورا كبيرا هو الأخر في حرف بوصلة زراعة اليمنيين للقمح وغيره نحو شراءه من الاسواق، والاعتماد على المستورد بسبب الفارق الكبير بين كلفة انتاج كمية من القمح المحلي وسعر شراء ذات الكمية من واردات القمح، ما أدى الى تدني انحداري لكميات الإنتاج المحلي من القمح وتصاعد متضاعف كميات القمح المستورد، وكذلك كان الحال لبقية المحاصيل الزراعية.
اليوم وبعد (61)عاما من منحة القمح الامريكية لليمن يظهر لكل ذي لب أن تلك المنحة كانت وما زالت تمثل قنبلة موقوته ذات إنفجار تسلسلي لم يتوقف حتى اللحظة، يجني اعداء اليمن ثماره المتضاعفة، مقابل ان يتجرع اليمنيون ويلاته المتلاحقة وعذابه المتصاعد والمتمثل في.
– القضاء على زراعة القمح المحلي بنسبة قد تزيد عن نسبة98% .
– تعطيل أراضي زراعة القمح.
– اغلاق الباب امام عشرات الآف من الأيدي العاملة التي كان من الممكن أن تشتغل في زراعته.
– استنزاف مبالغ مهولة من العملة الصعبة سنويا.
كما زادت من اعباء فاتورة الاستيراد، وانعكس ذلك بؤسا وتعاسة بحق الشعب، في حين تجني أنظمة الإستكبار ثمارا طيبة خالصة، ناهيك عن حالة الإذلال والقهر للشعب نتيجة السيطرة على لقمة عيشه، وامساكه لها بيده الاجرامية .
ومن كل ما سبق يتضح للعامة الاسباب الحقيقية الكامنة وراء حرص قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي يحفظه الله، واهتمامه الكبير بالقطاع الزراعي، من خلال دعواته المستمرة للشعب في كل مناسبة إلى الإهتمام بالزراعة، والعودة إليها والتحرك للاعتماد على الذات، والسعي لبلوغ الاكتفاء الذاتي كهدف هام يتوجب بلوغه بتظافر الجميع وتفاعل مختلف الجهات الرسمية بتنفيذ توجيهاته الرامية الى تحقيق تنمية زراعية واقعية، ونهضة انتاجية حقيقية، في طريق تلك الاهداف المنشودة وتحقيق الامن الغذائي.
ينبغي في السياق التفاف التجار وأصحاب رؤوس الاموال حول دعوة السيد عبدالملك الحوثي المتكررة لإستثمار اموالهم في المجال الزراعي وهو موضوع حديثنا القادم- مواجهة حرب الغذاء إن شاء الله تعالى.
المصدر: الإعلام الزراعي والسمكي