جرائم العدوان في حجز المشتقات النفطية
بقلم : المهندس/ عمار صالح الأضرعي اليمنية
بعد مرور عام على بدء العدوان وفشله في تحقيق أهدافه, حاولت قوى العدوان توفير غطاء سياسي أممي لتبرير استمرارها في القرصنة البحرية التي كان طابعها عسكرياً بحتاً ولذلك تم البدء في العام 2016م بتطبيق آلية التحقق والتفتيش الأممية في جيبوتي (اليونفيم) على السفن الواردة إلى موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومثلت هذه الآلية آنذاك الغطاء السياسي المبدئي لاستمرار الحصار الظالم وتكثيف إجراءات التضييق على معيشة وأقوات المواطنين بهدف كسر إرادتهم , لأنه وكما هو معلوم للجميع فان الحصار بدأ قبل صدور قرار مجلس الأمن رقم 2216 وهو القرار الذي استندت اليه قوى العدوان -إعلاميا- كمبرر لحصارها التعسفي واحتجاز السفن على الرغم من أن ذلك القرار بحسب الرأي القانوني المهني لم يكن يخولها اطلاقا بحصار سفن المشتقات وغيرها من السفن المحملة بالمواد الضرورية والأساسية ولذلك لجأت قوى العدوان للآلية المذكورة التي أضافت أعباءً جديدة ومزيدا من القيود على حركة سفن الواردات وتأخيراً إضافيا من خلال سلسلة إجراءات طويلة ومعقدة وقائمة متطلبات متعددة وبعد انتهاء كل تلك المعاملات والمراسلات مع فريق التحقق والتفتيش الأممي لرسو السفينة في ميناء جيبوتي حيث يوجد مقر “اليونيفم” لتبدأ عملية الفحص والتحقق من الحمولة وإصدار تقرير يؤكد مطابقة الشحنة فعلياً لشهادة المنشأ وغيرها من البيانات الرسمية المرسلة سابقا إلى فريق الفحص والتفتيش الذي يصدر بموجب ذلك التأكيد تصريح عبور السفينة ووصولها إلى وجهتها بعد انقضاء عشرين يوما لعملية الشحن والإبحار والفحص والتفتيش في جيبوتي , وبالطبع فـهذا التصريح الأممي لا يقدم ولا يؤخر فهو بالدرجة الأولى يخدم قوى العدوان , حيث تقوم بوارج العدوان اقتياد السفينة إلى منطقة الحجز القسري ,قبالة ميناء جيزان بعد خروجها من جيبوتي الى المياه الدولية مباشرة وعقب منحها تصاريح بعثة التحقق والتفتيش الأممية , ثم وبعد مرور فترة زمنية لم تعد هذه الإجراءات الروتينية المعقدة كافية لتبرير فترات الحجز التعسفي الذي تقوم به البوارج المعادية.
توجه العدوان نحو تعزيز الغطاء السياسي الأممي باستخدام الأدوات المحلية من سماسرته المستأجرين الذين كلفهم بالقيام بأدوار جديدة خدمة لمخططات الحرب الاقتصادية التي تستهدف الشعب اليمني العظيم بالدرجة الأولى ويتمثل ذلك الدور بإيجاد المزيد من العراقيل والصعوبات بهدف تشديد وتكثيف الحصار وضمان استمراريته بواسطة ما تسمى باللجنة الاقتصادية العميلة ومقرها الافتراضي عدن ,على أن تقوم تلك اللجنة بتبني وتنفيذ الاملاءات العدوانية بما يزيد من الإجراءات التعسفية المتصاعدة والتضييق على المستوردين باستخدام الكثير من الأساليب والحيل والمغالطات والشروط التعجيزية والصعوبات الفنية والمالية سواء كانت إجراءات ما قبل الشحن وحصر استيراد المشتقات على بلد واحد فقط بل وجعل الشحن حصريا ضمن ميناء معين في ذلك البلد ” الامارات ” , إضافة الى ضرورة الحصول على تصريح هزيل من قبل هذه اللجنة التي يقبع أعضاءها في الأردن وتصاريحها أيضاً لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به , وفي الواقع فقد انهمك أعضاء هذه اللجنة في جني الأرباح والابتزاز التجاري كسماسرة ووسطاء انتهازيين ما بين التجار المستوردين وتحالف العدوان وتحديدا غرفة العمليات العسكرية التابعة لتحالف العدوان والتي تسمى “خلية البوارج” وهي التي تتولى إصدار التصاريح المعترف بها من قبل بحرية العدوان وتسمح فعليا بالإفراج عن السفن المحتجزة.
ومؤخرا صار مكتب المبعوث هو من يتولى التنسيق لإصدار التصريح النهائي (تصريح ثالث) وهذا الأمر في الحقيقة أضاف عبئا جديدا فوق الأعباء والعراقيل السابقة ولم يعمل على التخفيف منها كما كان البعض يؤمل وعلى كل حال لم يشكل دخول مكتب المبعوث أي إضافة إيجابية بل على العكس تضاعفت فترات الاحتجاز 200% إذ كانت أطول فترات الاحتجاز سابقا لاتتجاوز 76 يوما فيما وصلت بعد دخول مكتب المبعوث الأممي على الخط إلى 145 يوما , وبالنسبة للواقع الراهن فهو في جوهره عقاب جماعي يستهدف كافة أبناء هذا الشعب العظيم فبعد أن تم حرمانه من الاستفادة من الانخفاض العالمي لأسعار النفط تمادت قوى العدوان مجددا لترفع من وتيرة الحصار الاجرامي ليخلو بموجبها ميناء الحديدة من سفن المشتقات منذ ما يقارب 35 يوما في الوقت الذي بلغت فترات احتجاز بعض تلك السفن إلى مايزيد على ثلاثة أشهر وهذا وضع فادح للغاية أوصل الشركة إلى استنفاد كامل مخزوناتها في منشآتي الحديدة والصباحة من مادتي البنزين والديزل والآن نقوم بشفط الرصيد الميت باستخدام وسائل لاتتناسب نوعا ما مع معايير الأمن والسلامة وذلك بهدف تأمين ماتيسر من المواد البترولية لتشغيل محطات الشركة لتوفير ما أمكن من الوقود للأخوة المواطنين .
الشركة اتخذت إجراءات لتخفيف الأزمة مع ظهور أولى مؤشراتها تمثلت بعدد من الإجراءات الاحتياطية والتدابير التموينية الواسعة المرتبطة بآلية توزيع المواد البترولية أو تخزينها وتم تنفيذ تلك التدابير التموينية الواسعة قبل الإعلان عن البدء بتطبيق نظام الترقيم وخطة الطوارئ بعدة أسابيع وكانت الإجراءات الاحترازية من جائحة كورونا من العوامل التي ساعدت في انجاز ذلك من خلال مراعاة الإرشادات الصحية الوقائية خلال عملية إدارة المزيج التسويقي للمواد النفطية في تلك الآونة وبفضل الله ساهمت تلك الإجراءات في تكوين مخزون جيد جدا من المشتقات في محطات العاصمة والمدن الرئيسة وهو ما انعكس بصورة جيدة على قدرتنا على امتصاص موجات من الهلع التمويني الذي يدفع بعض المواطنين باتجاه المحطات للتزود بالوقود بمجرد البدء بتداول أي شائعة تشير إلى حدوث أزمة وهو ماحدث في العاصمة وبعض المحافظات بشكل استباقي غير بريء ولكن بعون الله كان يتم ضخ الكميات البترولية بشكل مدروس يضمن إعادة الاستقرار التمويني بسرعة وفاعلية ومن ناحية أخرى تم إيجاد عدة بدائل تنفيذية تعمل على كسب الوقت وتمديد فترة الاستقرار التمويني لأطول فترة ممكنة.
المدير العام التنفيذي لشركة النفطية